الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سواق الأتوبيس»..فن رصد التحولات

«سواق الأتوبيس»..فن رصد التحولات
25 ديسمبر 2014 22:40
(القاهرة - الاتحاد) «سواق الأتوبيس».. علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية، وأحد أهم الأفلام التي تناولت التفكك الأسري، إزاء التغير المفاجئ في العلاقات الاجتماعية، وقد اختير من بين أهم عشرة أفلام قدمتها السينما على مدى تاريخها الطويل، حيث جاء ترتيبه الثامن في قائمة أفضل 100 فيلم، كما احتل المركز الأول في استفتاء نظمه مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الأخيرة، وشارك فيه 30 ناقداً لاختيار أهم 30 فيلماً أنتجتها السينما، خلال سنوات إقامة المهرجان منذ 1979 وحتى 2013. ودارت أحداث الفيلم، الذي عرض عام 1982، حول الشاب حسن (نور الشريف)، الذي يعمل سائق أتوبيس نقل عام بالنهار، وتاكسي بالليل، وهو الأخ الوحيد لشقيقاته البنات، ويمتلك والده ورشة نجارة، وبسبب إهمال زوج أخته الذي يديرها تحجز الضرائب عليها، وتعرض للبيع في مزاد علني، فيحاول إنقاذ الورشة من البيع لأنها تمثل سمعة والده، فيذهب إلى شقيقاته وأزواجهم، ليساعدوه في سداد الدين وإنقاذ الورشة، لكنهم لا يستجيبون له، ويظهر طمعهم واستغلالهم لحالة الضيق التي يمر بها. وصور الفيلم الحالة الاجتماعية لمجتمع ما بعد حرب أكتوبر 1973، وما حدث من تغيير على الشخصية المصرية، وحالة الأصدقاء الذين انعزلوا بعد عودتهم من ميدان القتال، حيث لم يجنوا ثمار انتصارهم في ميدان الحياة العملية، بعدما اكتشفوا أنهم خاضوا حروباً كثيرة حتى تحقق لهم الانتصار والعبور، في الوقت الذي حصد فيه غيرهم الثمار بأسمائهم. ويكمن سر نجاح الفيلم في تناوله لأشياء عادية يتصور البعض أنها ليست موضوعاً للسينما، رغم أنه تحدث عنها بمرارة ووعي وصدق، من دون الوقوع في المباشرة، ورصد بدقة التطورات والتغيرات الدقيقة في الأخلاقيات والمشاعر والروابط العائلية، والآثار النفسية المترتبة عليها، وتحاشى تقديم مواعظ عن الشرف والأمانة والوطنية، ورغم أن الفيلم ينتقد الخراب الذي حل بالإنسان العادي في عصر الانفتاح، وما أفرزته هذه المرحلة من قيم استهلاكية، إلا أن كلمة «الانفتاح» لم ترد في حوار الفيلم ولو لمرة واحدة. وحقق بطل الأحداث انتصاراً رئيساً في المعركة الاجتماعية التي خاضها، حيث تحول إلى إنسان إيجابي عندما رأى حادثة السرقة في نهاية الفيلم، ولحق بالسارق على عكس الحادثة التي وقعت في بدايته، وتعامل معها بلا مبالاة. كما اكتشف فرسان معسكر الشرفاء متمثلين في شقيقته المتعلمة وزوجها المثقف، وزميله المهذب محصل التذاكر «الكمساري»، وبقية رفاق الحرب القدامى، الذين تشتت كل منهم في مكان باحثاً عن رزقه، وكانوا نموذجاً لجيل من الشباب عاش لحظات البطولة والانكسار، وجمعتهم الرجولة والشهامة. ولم يكن الفيلم إعلاناً عن ميلاد عاطف الطيب كمخرج سينمائي، متمكن من أدواته، ومهموم بقضايا وطنه ومجتمعه فقط، بل كان ميلاد تيار «الواقعية الجديدة». وحصل الفيلم على عديد من الجوائز في مقدمتها جائزة التمثيل الذهبية لنور الشريف في مهرجان نيودلهي السينمائي الدولي. وشارك في بطولة الفيلم الذي كتبه محمد خان وبشير الديك، ميرفت أمين وعماد حمدي وزهرة العلا ونبيلة السيد ووحيد سيف وحسن حسني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©