الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سد "النهضة"..تحولات الموقف الإثيوبي وخيارات التصعيد المصرية

سد "النهضة"..تحولات الموقف الإثيوبي وخيارات التصعيد المصرية
28 ديسمبر 2015 21:03

رغم تواصل الاجتماعات واللقاءات الرسمية، بخصوص سد النهضة الإثيوبي، بمشاركة جهات عدّة، وبدء تحويل مجرى نهر النيل وإعادته لمساره الأساسي، بعد عامين من تغيير المسار، لا يزال الغموض يحيط بالقضية كلها.

إثيوبيا حوّلت مجرى النيل الأزرق، حد روافد نهر النيل، بصورة مفاجئة في 28 مايو عام 2013، إيذانا بالبدء الفعلي في بناء السد، ما يشير لنيّتها تشغيله قبل حتى الانتهاء من المفاوضات، ما يضع الطرفين، المصري والسوداني، في مأزق كبير، وتحديدًا مصر، الأكثر تضررًا من السد. إذ ستمر مياه النهر لأول مرة في التاريخ عبر بوابات سد النهضة.

مصر تعتبر جولة المناقشات الجديدة، التي بدأت السبت، نقطة فاصلة في مسار التفاوض، فإما إعادة الثقة بين الأطراف المشاركة فيها، إثر استجابة إثيوبية للشواغل المصرية والسودانية، وتحديدا عمليات البناء، والتحقق من سلامة الإجراءات الهندسية، وسنوات ملء الخزان المائي، وإما التصعيد بجميع أشكاله. فهي نهاية لخارطة الطريق التي وضعها التوافق الثلاثي الذي بلوره إعلان المبادئ بالخرطوم قبل أكثر من عام.

مصادر بوزارة الخارجية أكدت لـ"الاتحاد"، أن وزيري الخارجية والري المصريين، عقدا اجتماعًا مغلقًا بالسفارة المصرية بالخرطوم، لدراسة وتحليل صور الأقمار الصناعية التي رصدت تحويل المجرى، وتحديدا استراتيجية التفاوض المصري وإجراءات ما بعد الجولة، تبعًا للموقف الإثيوبي.

وكانت مصر قد قدمت أكثر من مبادرة لإبداء حسن النية تجاه إثيوبيا، بما فيها الرفض الرسمي لتوظيف الاضطرابات السياسية بإقليم الأورومو -الأكثر اكتظاظا بالسكان وذي الأغلبية المسلمة- ضد سياسات التهجير المفروضة من قبل السلطات الإثيوبية، ومصادرة الأراضي لتوسيع الحيز الجغرافي للعاصمة أديس أبابا، اضطرابات وصلت لتوصيف الانتفاضة الشعبية، وزاد من سخونتها العنف الذي تعاملت به قوات الأمن مع المتظاهرين، وإطلاق النار عليهم بشكل وحشي. واعتبرت الخارجية المصرية أن ما يحدث شأن داخلي، رافضة استغلاله، وهو عكس ما فعلته إثيوبيا حينما استغلت الانشغال المصري بثورة 25 يناير، وأقدمت على بناء السد دون موافقة مصرية.

وهو ما رفضه البعض، وطالبوا بمعاملة إثيوبيا بالمثل، ومن بينهم الخبير المائي، الدكتور نادر نور الدين، الذي خاض الكثير من الصراعات مع وزير الري المصري حسام مغازي بهذا الخصوص، وقال لـ"الاتحاد": "إثيوبيا استغلت انشغال مصر بعد ثورة يناير للإسراع في بناء السد، ومصر جاءتها الفرصة لتتعامل بنفس الآلية وتوظيف تلك الاحتجاجات الداخلية، ولا أحد يمكنه لوم مصر حينها، وليس هناك داعٍ للمثالية الآن، فأمننا القومي فوق كل اعتبار، المقصود هنا ليس حربًا بل التعريض بالنظام العدواني الدموي الحاكم في إثيوبيا ضد شعبه وضد كينيا بإقامة 3 سدود على نهرهما المشترك ثم ضد مصر".  

وفيما يخص الخيارات المصرية، إذا ما فشلت مفاوضات تلك الجولة، أكد الدكتور مفيد شهاب، رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي، أن توقيع مصر على إعلان مبادئ الخرطوم لا يعني أنّها أقرّت بناء السد كما يشاع، وأكد للاتحاد أن الإعلان يمثل إضافة إيجابية لمصر كونه قد وضع أطرا ومبادئ للدول، أكدت عدم الإضرار بمصالح الآخرين المائية، واعتبر أن السبل القانونية والتفاوضية الحل الأمثل حاليًا.

فيما أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، أن تغيير إثيوبيا ملامح ومواصفات السد يدعم الموقف القانوني المصري حيال الأزمة، كون الإثيوبيين عدّلوا السعة التخزينية للسد عقب ثورة 25 يناير، من 16 مليار متر مكعب إلى 74 مليارا، استغلالاً للظروف الداخلية، ومن ثم يجب على المفاوض المصري استغلال هذه النقطة في أي تقاضٍ دولي محتمل.

وأضاف لـ"الاتحاد"، أن استمرار التعسف الإثيوبي يتيح لمصر التصعيد القانوني وتوظيف وجودها في مجلس الأمن، حيث ستشغل مقعدا غير دائم مع بداية شهر يناير 2016، واعتبر أن قصر الموقف المصري على الإجراءات الفنية فقط، عرض موقفها التفاوضي للانكشاف Vulnerable واعتبر أن الآليات القانونية عديدة أمام مصر، سواء أمام محكمة العدل الدولية أو الاتحاد الإفريقي.

وطالب المفاوض المصري بأخذ موقف قوي، كون إنشاء السد يُعد سابقة قانونية تسمح لأي دولة من دول حوض النيل ببناء سدود أخرى على أراضيها، ما سيؤثر على مصر مستقبلاً، مطالبًا بضرورة إنشاء لجنة قومية على غرار لجنة طابا، لمتابعة هذا الملف، على أن تكون تابعة لرئاسة الجمهورية.

فيما اعتبر الدكتور مصطفى الفقي، أن العمل العسكري واستخدام السلاح ليس مطروحا، ولا مجال له الآن، بسبب المخاطر، فلدينا طريقان للتعامل مع السد، الصراع والتعاون، إلا أن مصر اختارت طريق التعاون منذ البداية، فالبيئة الإقليمية أو الدولية لن تسمح لمصر بالعمل العسكري.

واتفق معه البرلماني، وعضو المصريين الأحرار الدكتور أيمن أبو العلا، أنه يجب الضغط على إثيوبيا، ليس عبر التفاوض المباشر فحسب، وإنما أيضًا من خلال التفاوض مع الدول الممولة لمشروع السد، بما لديها من تأثير أكبر على السياسة الإثيوبية. وأضاف أن الخيار العسكري أمر لا ينبغي طرحه في هذا التوقيت، وعلى مصر أن تبادل إثيوبيا في إشكالية سد النهضة بمجموعة من المشروعات العملاقة بين البلدين في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية، وهو ما سيكون له مفعول السحر في إنهاء المشكلة، وفق قوله.

في حين اعتبر البعض أن مجلس النواب يمكن أن يكون خيارًا إضافيًا للمفاوض المصري عبر التهديد بعدم التصديق على إعلان مبادئ الخرطوم، فإن النائب محمد الفيومي عن حزب الحرية، اعتبر رفض البرلمان التصديق على إعلان المبادئ، إجراء انفعاليا، ويضعف من موقف الحكومة المصرية، وأضاف لـ"الاتحاد": "عندما نود تمرير الاتفاقية، سنتمسك بحق مصر في المياه، إلا أن أعضاء البرلمان لديهم حرية حركة أكثر من الحكومة، والخيار المطروح هنا، التصعيد القانوني عبر اللجوء لمجلس الأمن والتحكيم الدولي".

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©