الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العالم على "صفيح ساخن"

العالم على "صفيح ساخن"
31 مايو 2007 22:47
ملف من إعداد - عدنان عضيمة: في عقد الخمسينات من القرن الماضي، أصدر الكاتب والفيلسوف البريطاني كولن ويلسون كتابه الشهير ''سقوط الحضارة'' الذي عرض فيه لدراسات مفصلة مبنية على الكثير من الحجج التاريخية التي تفيد بأن كل الحضارات التي سادت الأرض كتب لها أن تباد بعد ذلك لأنها كانت تحمل في صلب دوراتها التطورية بذور فنائها· وقُدّر لبعض هذه الحضارات أن تفنى بسبب الحروب كحضارة التتار والاسبارطيين والرومان وغيرهم، أو بسبب الكوارث الطبيعية كالحضارية المينوية التي سادت جزيرة كريت اليونانية ابتداء من عام 2600 قبل الميلاد ثم أبيدت بعد 1400 سنة بسبب ثورة عارمة لبركان سانتوريني الذي غطت حممه الجزيرة وقضت على سكانها وإنجازاتها العمرانية· وتوقع ويلسون في كتابه الشهير أن تلقى الحضارة الصناعية الحديثة نفس المصير بسبب السباق إلى امتلاك الأسلحة الخطيرة والصراعات المتفاقمة على المصالح ومراكز النفوذ· ورغم أن توقعات ويلسون ما زالت قائمة إلى يومنا هذا، وتتجلى بترسانات الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية التي تهدد الأرض بالدمار الكامل إذا ما نشبت حرب عالمية ثالثة، فإن الظروف أثبتت بعد ذلك أن الخطر الأكبر الذي يتهدد الحضارة الحديثة يأتي من مصدر لم يتوقعه ويلسون أبداً ·· وهو تزايد نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يهدد الآن بإفساد بيئة الأرض وتحويلها إلى ما يشبه بيئة سطح المريخ التي لا تصلح لعيش الأحياء على الإطلاق· ويمكن اعتبار ثاني أوكسيد الكربون وفقاً لمصطلحات وتعابير ويلسون، البذرة القاتلة التي كانت تترافق في نموها مع نمو الحضارة الصناعية التي قامت أصلاً على استهلاك الطاقة بالاعتماد على حرق المواد العضوية الذي يؤدي إلى الإخلال بالدورة الغازية الجوية وارتفاع درجة حرارة جو الأرض· وغاز ثاني أوكسيد الكربون ضروري لإتمام الدورات الحياتية لكل الأحياء التي تستوطن الأرض· ووجوده في الجوّ وفق النسبة الطبيعية التي كانت تسود الأرض قبل انطلاق النشاطات الصناعية البشرية، يعد عنصراً أساسياً لتخزين الطاقة الشمسية في النباتات من خلال التفاعل مع الماء في الأوراق النباتية الخضراء وبوجود مادة اليخضور (الكلوروفيل)· ويؤدي هذا التفاعل إلى إنتاج سكر العنب وإطلاق غاز الأوكسيجين· ويمثل سكر العنب 6H21O 6 في هذا التفاعل الحيوي المادة الغذائية الأولية بالنسبة لمعظم الأحياء؛ وهي التي تتحول ضمن النباتات إلى أشكال مختلفة من المواد الغذائية التي تتناولها الحيوانات العاشبة وتحولها إلى بروتينات ودهنيات وغيرها من المواد الضرورية لاستمرار الحياة· ولولا تدخل الإنسان، لبقيت نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو كافية لاستمرار الدورة الحياتية والإبقاء على معدل ثابت لدرجة حرارة الأرض، إلا أن حرق الكميات الهائلة من الوقود العضوي من خلال النشاطات البشرية المختلفة، هو الذي قوّض هذا النظام الذي يتميز بالحساسية والهشاشة برمته· ولا بد من الإشارة هنا إلى أن احتراق أي وقود عضوي يمكن أن يعد تفاعلاً معاكساً لتفاعل التمثيل الضوئي في النباتات لأنه يؤدي إلى إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون وبخار الماء· وبهذا يمكن تلخيص النشاطات البشرية في أنها أفعال معاكسة للدورة الأحيائية الطبيعية وضارّة بها· وتعد النباتات الخضراء التي تستوطن الأرض، النظام الوحيد الذي يمتص كل يوم كميات ضخمة من غاز ثاني أوكسيد الكربون ويطلق مثلها من غاز الأوكسيجين الضروري لتنفس الأحياء· إلا أن تراجع المسطحات النباتية واقتطاع المساحات الهائلة من الأشجار والحرائق المتكررة التي أصبحت تشهدها الغابات، كانت من العوامل التي أسهمت في تقويض النظام وزيادة معدل غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو لدرجة تنذر بالخطر· ولم يتنبه الخبراء وأصحاب القرار السياسي في العالم إلى هذا الخطر الذي يحدّق ببيئة الأرض إلا بعد فوات الأوان· وسجّلت أولى المحاولات الفاشلة لتدارك الأمر في شهر ديسمبر من عام 1997 عندما اجتمع قادة الدول الكبرى في مدينة كيوتو اليابانية لإبرام معاهدة تضمن التحكم بالنشاطات التي تؤدي إلى إطلاق ما يسمى (غازات البيت الأخضر) أو التي تسبب تسخّين الأرض وعلى رأسها غاز ثاني أوكسيد الكربون· واشتقت هذه التسمية من اسم البيوت الزجاجية التي تستخدم لزراعة المحاصيل والنباتات الصيفية في الشتاء وحيث يكون للزجاج مفعول مشابه لمفعول غاز ثاني أوكسيد الكربون من حيث السماح للإشعاع الشمسي بالدخول إلى البيوت ومنع الحرارة الناتجة عنه من الارتداد إلى الخارج· ولم يتم الاتفاق على الأطر الرئيسية للمعاهدة بسبب تردد بعض الدول الصناعية بالالتزام بإجراءات مقترحة من شأنها أن تعيق طموحاتها التنموية، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التوقيع على الاتفاقية برمتها بدعوى أن الاحتفاظ بموقع الريادة العالمية في المجالات الاقتصادية يحظى بالأولوية المطلقة على الاعتبارات البيئية· الصناعة والبيئة ومع التطور السريع الذي شهدته التطبيقات العملية والعلمية للكمبيوتر أواخر القرن الماضي، تمكن العلماء من ابتداع أول نظام لنمذجة المناخ climate modeling. ويتضمن هذا النظام كافة المعلومات والبيانات التي تتعلق بالظواهر التي تسبب زيادة درجة حرارة الأرض؛ وسمح بوضع التوقعات الدقيقة لمعدلات تسخّن الأرض خلال السنوات المقبلة، وأوضح أن نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو كانت تتزايد وفق معدل ثابت منذ انطلاق الثورة الصناعية وحتى الآن· وتوقع النموذج أن يستمر هذا التزايد في المستقبل ما لم يتم اتخاذ إجراءات عملية جماعية في هذا الصدد على مستوى شعوب الأرض كافة· ويقول تقرير بحثي صادر عن الإدارة الوطنية للمحيطات والبحوث الجوية NOAA في الولايات المتحدة أن مجموعة ضخمة من الدلائل والقرائن تجمعت لدى علمائها لتؤيد الاعتقاد السائد بأن البشر هم المسؤولون عن معظم الزيادة الطارئة على نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو· ولخّص التقرير البحثي الدور السلبي للبشر في هذه الظاهرة بأنه تركز على استخراج المركبات الكربونية العضوية المختزنة تحت طبقات الأرض كالنفط والغاز الطبيعي والفحم الحجري، وحرقها بكميات كبيرة لتحرير الطاقة من دون أي اعتبار للعواقب الناتجة عما تخلفه من غازات ضارة بالجوّ وعلى رأسها غاز ثاني أوكسيد الكربون·وتكمن مشكلة هذا الغاز كمادة ضارة بالبيئة في ثباته الكيميائي العالي· ومعنى ذلك أنه غير نشيط كيميائياً ويحافظ على تركيبه مهما تغيرت الشروط والظروف الطبيعية· ولو كان هذا الغاز نشيطاً كيميائياً (كغاز الكلور مثلاً) لما أمكنه الصمود على حالته لمدة طويلة، ولتخلص منه جو الأرض مثلما يتخلص من الكثير من الغازات الضارة الأخرى· وهذا يفسّر الصعوبة الكبيرة التي تنطوي عليها فكرة التقاط هذا الغاز من الجوّ· وفي 31 مارس من عام 2005 توصل علماء الإدارة الوطنية للمحيطات والبحوث الجوية إلى نتيجة مفاجئة تفيد بأن التزايد في نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي أضيف إلى جو الأرض بين عامي 2001 و2003 بدا وكأنه ظاهرة مؤقتة، وهو لا يوحي بأي حال بتسارع معدلات تزايد نسبة الغاز في الجوّ· ويكمن سر اهتمام العلماء بغاز ثاني أوكسيد الكربون إلى قدرته الكبيرة على اختزان الحرارة الأرضية ومنعها من العودة إلى الفضاء· واتضح من تحليل عينات الهواء التي تم التقاطها من أكثر من 60 موقعاً مختلفاً في العالم أن نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجوّ زادت بمعدل 5 أجزاء بالمليون بين عامي 2001 و·2203 وبلغت الزيادة في عام 2002 وحده 2,43 جزء بالمليون، ثم انخفضت في عام 2003 إلى 2,30 جزء بالمليون· وهذا يعني بكلمة أخرى أن جزيئين من غاز ثاني أوكسيد الكربون كانا يضافان إلى كل مليون من جزيئات الهواء سنوياً خلال تلك الفترة· قوانين وتوصيات جديدة مع تصاعد موجة الخوف العالمي من التغيرات العميقة التي تشهدها بيئة الأرض بسبب تزايد نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون، أصبح الكثيرون من مستهلكي السلع والمواد المختلفة عبر العالم أجمع أكثر ميلاً للتأكد من مدى الأضرار التي تلحقها صناعة هذه السلع بالبيئة، أو العواقب التي تترتب على تشغيلها واستخدامها من خلال ما تستهله من طاقة تقليدية· وهذا ما يفسر ظاهرة الإكثار من وصف هذه السلع والأجهزة بأنها (نظيفة) أو (صديقة للبيئة)· وربما كانت صناعة السيارات من أكثر النشاطات البشرية تأثراً بهذه العاصفة· ومنذ انعقاد مؤتمر كيوتو حول تغير المناخ في شهر ديسمبر من عام ،1997 وافقت الدول الصناعية الكبرى على توصيات تستهدف العمل الفوري على تخفيض معدلات انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون استجابة للتحذيرات المتكررة التي صدرت عن العلماء في ذلك الوقت· وبعد ذلك، وفي شهر يوليو من عام ،1998 توصلت لجنة مختلطة تضم خبراء من المفوضية الأوروبية والرابطة الأوروبية لصناعة السيارات، إلى اتفاقية تقضي بإلزام مصانع السيارات الأوروبية على العمل على تخفيض معدل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون من محركات سيارات نقل الركاب الجديدة بنسبة 25 بالمئة إلى 140 جراماً في كل كيلوجرام بحلول بداية عام ·2008 ووصفت المرجعيات العالمية المهتمة بمشكلة التغيرات البيئية هذا القانون بأنه واحد من أهم الاتفاقيات العملية في مجال تخفيض معدلات إطلاق غاز البيت الأخضر في تاريخ الصناعة الحديثة، وأن في الإمكان اعتباره نواة لإصدار المزيد من القوانين الجديدة المتعلقة بزيادة فعالية محركات السيارات والعربات في حرق الوقود· وتكلل هذا القانون مؤخراً بمجموعة من البحوث الناجحة التي تقودها شركات صناعة السيارات اليابانية والكورية· وفي المملكة المتحدة تبنّت الحكومة توصيات ملزمة تقضي بإعطاء الأولوية في استيراد العربات والسيارات لأكثرها فعالية في حرق الوقود وأقلها تحريراً لغاز ثاني أوكسيد الكربون· وأوصت أيضاً بتسهيل منح السيارات النظيفة إجازة السماح بالحركة في الطرق· وهذا الإجراء يختلف عن القوانين التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي والتي ستلتزم المملكة المتحدة بتنفيذها منذ بداية العام المقبل· وفي شهر مارس من عام ،2001 أعلن في بريطانيا عن تخفيض الرسوم الضريبية المفروضة على السيارات التجارية الخفيفة الخاصة بنقل البضائع، والتي تقل سعة محركاتها عن 1549 سنتمترا مكعبا· وفي عام 2006 تمت إضافة توصية جديدة ألغيت بموجبها الرسوم المفروضة على السيارات ذات المستويات المتدنية جداً من بعث غاز ثاني أوكسيد الكربون، وتم في مقابل ذلك مضاعفة الرسوم المفروضة على السيارات ذات المستويات العالية في معدل إطلاق هذا الغاز· السيارات أكبر ملوث نظرا لكون السيارات تمثل الآن أكبر مصدر على الإطلاق لغاز ثاني أوكسيد الكربون، فلقد أولاها الباحثون البيئيون الكثير من الاهتمام· واتضح بشكل عام أن الأمر يتعلق أيضاً وبشكل كبير بنوع الوقود المستخدم· ولكل واحد من أنواع الوقود تأثيره الخاص على البيئة من الناحيتين النوعية والكمية؛ وأصبح من المعروف أن زيت الديزل (المازوت) يطلق كمية أقل من غاز ثاني أوكسيد الكربون بالمقارنة مع البنزين (الجازولين) بمقياس المسافة المقطوعة بالكيلومتر؛ وبالتالي يمكن القول إن التأثير الضار على البيئة للمازوت أقل من تأثير البنزين· إلا أن القصة لا تنتهي عند هذا الحد؛ لأن احتراق المازوت يؤدي إلى إطلاق كمية أكبر من أكاسيد الآزوت خدٍّ والجزيئات الضارة الأخرى كحبيبات الفحم (السخام) وأكاسيد الكبريت التي يكون لها أكبر الضرر على الصحة العامة في الأماكن المزدحمة بالسكان· وبشكل عام، إما أن تكون السيارات المدفوعة بالمحركات التي تحرق (غاز البترول المسال) جذا أو (الغاز الطبيعي المضغوط) خا مصنوعة لهذه الغاية، أو معدلة عن سيارات تعمل بالبنزين، وهي تطلق نسبة أقل من ثاني أوكسيد الكربون· وتجمع السيارات الهجينة بين محرك انفجار داخلي تقليدي وآخر كهربائي؛ وهي تعد وسيلة عملية لتخفيض استهلاك الوقود في المدن، إلا أنها لا تخفض بشكل عام من نسبة انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو إلا بمعدل ضئيل· ولا يمكن أن تؤدي هذه التطورات التي تطرأ على صناعة السيارات النظيفة على النتائج المرجوّة في تخفيض معدلات انبعاث ثاني أوكسيد الكربون إلا بعد اقتناع عامة الناس بضرورة ترشيد استخدام السيارات بشكل عام· ففي فرنسا مثلاً، وحتى قبل تصاعد موجة التحذير من الأخطار المحدقة بالبيئة، كان أصحاب السيارات يفضلون استخدام خطوط المترو في تنقلاتهم لأنها أرخص تكلفة من استخدام سياراتهم· ويمكن لهذا السلوك أن يؤدي إلى نتائج جيدة لأن أنظمة المترو هناك تستخدم الطاقة الكهربائية النظيفة المستمدة من محطات الطاقة النووية· وفي ألمانيا، أعلن خبراء من نادي السيارات ''في سي دي'' في برلين أن السائقين الذين يتجنبون استخدام السيارات في الرحلات القصيرة وغير الضرورية يمكن أن يقلصوا تكاليف الوقود ويساهموا في حماية المناخ في نفس الوقت· وأشارت أرقام إحصائية صدرت عن النادي إلى أن أكثر من نصف رحلات السيارات في ألمانيا، التي يمكن اعتبارها نموذجاً لدول غربي أوروبا، حيث يوجد بها معدل مرتفع لمالكي السيارات الخاصة، تكون لمسافة أقل من ستة كيلومترات· وذكرت تقارير النادي أن خمسة بالمئة من الرحلات تكون لمسافة أقل من كيلومتر واحد· ويقول التقرير الصادر عن النادي إن كفاءة الوقود تكون عند أدنى مستوى لها في تلك الرحلات القصيرة نظراً لأن محرك المركبة لا يصل إلى درجة حرارة تشغيله المثلى، بالإضافة إلى أن النظام المخصص للحفز الكيميائي والذي يعمل على تقليص الانبعاثات الغازية من محركات السيارات لا يعمل بفعاليته القصوى إلا بعد أن تقطع السيارة مسافة طويلة· وقال هيرمان جوزيف المتحدث باسم النادي: ''فوجئت بأن استهلاك وقود السيارة يكون عند أعلى مستوياته في تلك الرحلات القصيرة؛ نظراً لأن محرك السيارة لا يكون قد بلغ درجة الحرارة المناسبة لتحقيق الأداء الأمثل''· وأضاف أنه من خلال السير أو ركوب الدراجة أو وسائل النقل العامة في الرحلات القصيرة يمكن لسائقي السيارات أن يحموا المناخ من ربع كيلوجرام من غاز ثاني أوكسيد الكربون المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري عند استخدام تلك الوسائل في قطع كل كيلومتر واحد· وأوصت رابطة حماية الطبيعة في ألمانيا ومقرها ريجنسبورج، بأن من بين سبل معرفة ما إذا كانت الرحلات القصيرة بالسيارة ضرورية حقا هو إعداد سجل للمسافة التي تقطعها السيارة خلال تلك الرحلات القصيرة، وبعد بضعة أسابيع سيتضح ما إذا كان من الأفضل التخلي عن استخدام السيارة واستبدالها بوسائل نقل أخرى كالدراجة الهوائية أو النارية أو وسائل النقل العمومية· أخبار الساعة تطالب بتحرك دولي لمواجهة التغيرات المناخية طالبت نشرة ''أخبار الساعة'' بتحرك دولي جماعي من أجل التعامل بالجدية المطلوبة مع المخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية· وحذرت النشرة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في افتتاحيتها أمس تحت عنوان ''التغيرات المناخية·· تحركات دولية مطلوبة'' من خطورة هذه التغيرات المناخية التي تعادل أشد المخاطر الحالية التي يعانيها المجتمع الدولي· وأشارت الى ان رئيسة ''الأكاديمية البريطانية للعلوم'' رويال سوسايتي اعتبرت عواقب ارتفاع سخونة الأرض تعادل عواقب أسلحة الدمار الشامل· وأوضحت ان من بين هذه المخاطر أن ارتفاع درجات الحرارة يدفع الى تراجع في قدرة الأرض والمحيطات على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون مما يزيد تاليا من تركز الانبعاثات في الأجواء الأمر الذي سينجم عنه تغيرات بيئية جوهرية في العالم بشكله الحالي· منوهة أيضا الى تقرير نشرته منظمة ''كريشتيان آيد'' البريطانية أكد أن ما لا يقل عن مليار شخص سينزحون بحلول عام 2050 بسبب ارتفاع حرارة الأرض وهو سيؤدي الى تفاقم النزاعات والكوارث الطبيعية الحالية وسيتسبب في نزاعات وكوارث جديدة الأمر الذي سينطوي بالتالي على إيجاد مصادر جديدة لتهديد الأمن والسلم الدوليين· ووصفت النشرة ''ميثاق كيوتو'' بأنه كان خطوة مهمة على طريق التعاون الدولي بهذا الشأن وذلك حين وافقت نحو 40 دولة غنية على خفض انبعاثات الغازات بنسبة 2ر5 بالمائة دون مستوياته في عام 1990 في الأعوام ما بين 2008 و 2010 ولكنه خطوة محدودة بسبب عدم التوصل إلى إجماع دولي تام حول الميثاق· معربة عن أملها في ان تتوصل الدول كافة إلى حلول توافقية تضمن مواجهة هذه الأزمة الخطيرة·''وام'' تلوث البيئة وصل إلى نقطة اللاعودة مطالبة بإنشاء الصندوق العالمي للكربون جاء في تقرير كتبه المحللان جون براون ونيك بوتلير ونشرته الفاينانشيال تايمز مؤخراً أن العالم بات في أمس الحاجة لتبنّي خطوات جريئة ومدروسة للتصدي لظاهرة تزايد غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو؛ وخاصة بعد أن تجمع من الدلائل ما يبرر التأكد تماماً من عصر الانهيار البيئي الحقيقي قد أزف بالفعل· ويشير التقرير إلى ما أكدته البحوث من أن 23 من أصل 24 رقم قياسي للسنوات الأكثر سخونة لجو الأرض والمسجلة منذ عام 1850 وحتى الآن، سجلت خلال السنوات السبع والعشرين التي تمتد من عام 1980 وحتى الآن· ويعد هذا من المؤشرات الخطيرة التي تؤكد أن عودة التوازن الحراري الطبيعي للأرض أصبح من الأمور المستحيلة· وفي السنوات العشر التي تمتد بين عامي 1993 و2003 رافق هذا التطور المحبط لظاهرة تسخّن الأرض ارتفاع تدريجي في مستوى سطح البحار بلغ معدّله 3,1 ميليمتر كل عام؛ وهو يعادل ضعف معدّل القيمة المسجلة منذ بدأ التاريخ المدوّن· وكان من الطبيعي أن تؤثر هذه الظاهرة على اقتصادات معظم الأمم والشعوب من خلال تزايد معدلات حدوث العواصف والأعاصير والسيول ومواسم الجفاف وحرائق الغابات· كما تركت هذه الظاهرة أبلغ الأثر على الدورة الجوية نفسها بعد أن زادت من سرعة الرياح القصوى أثناء حدوث الأعاصير ورفعت معدلات الرطوبة الجوية في أماكن كثيرة من الأرض وخفضتها في أماكن أخرى· ويضيف التقرير قوله إن الشيء المؤكد الآن يكمن في أن سرعة إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون ما زالت تتزايد باضطراد· وبلغت نسبة هذا الغاز في الجو الآن 380 جزءاً بالمليون؛ وكانت هذه النسبة تزداد بمعدل 1,9 جزء بالمليون كل عام خلال السنوات العشر الماضية· ويشير التقرير إلى نقطة مهمة وهي أنه لا توجد الآن نسبة معينة ومؤكدة لهذا الغاز في جو الأرض والتي لا يمكن اعتبارها من النواحي العلمية الدقيقة ''نقطة اللاعودة بالنسبة لمناخ الأرض''· ويضع العلماء في هذا الصدد حكماً افتراضياً لتحديد المستوى الآمن لنسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو بين 400 و550 جزءاً بالمليون· وأطلقت عدة دول مبادرات تهدف إلى عقد معاهدات عالمية للعمل على وقف هذا التدهور البيئي· ومن ذلك أن المملكة المتحدة تتعاون الآن مع المفوضية الأوروبية على وضع أسس اتفاقية تضمن تخفيض انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون بمعدل 20 بالمئة بحلول عام ·2020 وبالرغم من أن هذه الدعوة لقيت الكثير من الترحيب على المستوى الشعبي والرسمي في أوروبا إلا أنها تبدو غير كافية على الإطلاق لعدة أسباب من أهمها أن مثل هذه الاتفاقيات يجب أن تتصف بطابع العالمية لأن انهيار البيئة لا يحدث في أوروبا وحدها بل على المستوى العالمي؛ ويكمن ثاني هذه الأسباب في أن الاتفاقية المقترحة تتحدث عن خفض معدل الزيادة في إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون، وليس عن تخفيض نسبة وجود الغاز في الجو· ويرى المحللان أن نجاح هذه المبادرة يتطلب قبل اي شيء آخر موافقة الولايات المتحدة والصين لأنهما تمثلان أول وثاني مصدر لإطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون من بين دول العالم· ولا يمكن أن ترقى مثل هذه الحلول والمبادرات إلى مستوى التحديات البيئية الحقيقية ما لم تلقى عهدتها على هيئات مؤسساتية عالمية جادّة؛ وبشرط أن تتمتع هذه المؤسسات بقوة تأثير كافية على الأسواق التي ستجد نفسها ملزمة بالبحث عن الحلول الفعّالة لهذه المشكلة المعقدة· ويقترح واضعا التقرير إنشاء ما يسمى الصندوق العالمي للكربون يهدف إلى حثّ الكثير من الفرقاء الفاعلين على الإسهام في حل المشكلة· ويمكن لهذا الصندوق أن يبدأ نشاطاته بوضع هدف قابل للتحقيق يحدد معدل التخفيض الواجب اعتماده في نسبة الانبعاثات الجديدة من غاز ثاني أكسيد الكربون والتي تضمن الابقاء على تركيز الغاز في الجو تحت سقف الخطر المحدد الذي يتم الاتفاق عليه، كأن يكون في حدود 450 جزءاً بالمليون مثلاً· وهذا يعني أن الصندوق سيضمن تحقيق الشروط الملائمة لعدم ارتفاع تركيز غاز البيت الأخضر فوق هذه النسبة مهما تطلب الأمر من إجراءات صارمة تطبق على المؤسسات الصناعية والتجارية عبر العالم أجمع·وتتركز المهمة الثانية للصندوق على توزيع العمل والمسؤوليات على البلدان المشاركة فيه في إطار السعي الحثيث لتنفيذ المهمة الأولى· ولن يتم ذلك بطريقة المفاوضات السياسية العقيمة، بل بطريقة فعالة ترتكز على مسعى اكتشاف الصيغ العملية لتحقيق الخفض المطلوب في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون· ويكون من الضرورة بمكان أن يعمد الصندوق إلى نشر تقارير دورية عن الإنجازات التي يتم تحقيقها في هذا المجال على المستوى التطبيقي والعلمي· وتنطوي المهمة الثالثة للصندوق على تأسيس نظام فعّال للمراقبة والتحقق من صحّة وفعالية الإجراءات والنشاطات التي تتبناها كل واحدة من الدول المشاركة فيه في مجال تخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون· البيت الأخضر يقصد بمصطلح ''مفعول البيت الأخضر'' greenhouse effect تأثير غاز ثاني أوكسيد الكربون في منع الإشعاعات الحرارية الشمسية التي تستقبلها الأرض من العودة إلى الفضاء بسبب التركيبة الكيميائية الخاصة لهذا الغاز· وهي الظاهرة التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة جو الأرض بمرور الزمن· وقبل انطلاق النشاطات الصناعية البشرية، كان معدل غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يقدّر بنحو 240 جزءا بالمليون من مجمل الجزيئات الغازية التي تشكل جو الأرض، كافياً تماماً لاحتفاظ الجو بمعدل ثابت لدرجة الحرارة على مدار السنة؛ إلا أنه ارتفع في عام 1960 (حين بدأ العلماء لأول مرة بقياسه باستخدام الوسائل الدقيقة) إلى 315 جزء بالمليون· وارتفع هذا المعدل إلى 326 جزءا بالمليون عام ،1970 وإلى 338 جزءا بالمليون عام 1980 وإلى 352 جزءا بالمليون عام 1990 وإلى 370 جزءا بالمليون عام ·2000 وهو يزداد الآن وفق وتيرة متسارعة بسبب تزايد النشاط الصناعي خلال السنوات الأخيرة والذي يعود للمعدل العالي للنمو الاقتصادي والصناعي الذي يشهده العالم· والطفرة الكبيرة في أعداد السيارات والمركبات التي تطلق كميات هائلة من هذا الغاز كل يوم· صنّاع الطقس يقول تيم فلانيري في كتاب أصدره حديثاً تحت عنوان ''صنّاع الطقس'' أن البشر هم الذين ابتدعوا خدما من طراز خاص لتسهيل مهماتهم والقيام بدلاً عنهم في إنجاز الأعمال الشاقة أو ذات الصفة المتكررة· ويتمثل هؤلاء الخدم بمليارات المحركات التي بنيناها على أساس أن تعمل بإحراق الوقود الأحفوري (البترول والغاز الطبيعي والفحم الحجري)؛ ولم يكن في وسعهم تقدير الخطر الكامن وراء هذا الاختيار إلا بعد مضي نحو ثلاثة قرون من انطلاق الثورة الصناعية· وهذا الخطر يكمن في أن هذه الآلات تتنفس بعمق حتى تحرر لنا الطاقة ولكنها في مقابل ذلك تطلق كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعدّ السبب الأساسي ،وليس الوحيد، لتسخن الأرض· ولعل من أخطر مصادر غاز البيت الأخضر على الإطلاق هي محطات إنتاج الطاقة الكهربائية التي تعمل بحرق الفحم الحجري· ويتألف الفحم من 92 بالمئة من عنصر الكربون الصافي· ويؤدي حرق طن واحد من الفحم الحجري في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية إلى تشكل 4 أطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون· ويشير فلانيري إلى أن بعض المحطات النشيطة لتوليد الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة تستهلك 550 طناً من الفحم الأسود في الساعة الواحدة؛ وهي تعمل من دون انقطاع· ولعل الاسوأ من كل ذلك أن الغالبية العظمى من هذه المحطات ذات تصاميم قديمة ويصعب تطويرها، وتتميز بانخفاض فعاليتها في حرق الوقود للدرجة التي تجعل مردودها من الطاقة الصافية في حدود 33 بالمئة بمعنى أن ثلثي الطاقة التي تولّدها تصرف هباء على تسخين الهواء· ويقول فلانيري إن المشكلة الكبرى تكمن في أن هذه المحطات بعيدة كل البعد عن أن يراها عامة الناس، ولا يعلم إلا القليل جداً من الناس أن معظم هذه المحطات تعمل بتكنولوجيا القرن التاسع عشر لتشغيل آلات ومخترعات القرن الواحد والعشرين· 30 نوعاً من الغازات وبالرغم من أن ثاني أكسيد الكربون هو المسبب الأساسي لظاهرة مفعول البيت الأخضر في جو الأرض، إلا أنه ليس الوحيد· وهناك نحو 30 من أنواع الغازات الأخرى التي تسهم في تفعيل هذه الظاهرة الجوية الخطيرة؛ وكلها تنتشر في الجو بنسب ضئيلة للغاية· ويلعب كل واحد من هذه الغازات دور النافذة الزجاجية التي تمتص حرارة الإشعاعات الشمسية وتحتجزها في جو الأرض دون أن تسمح لها بالانفلات إلى الفضاء مرة أخرى·ومن بين أهم غازات البيت الأخضر الأخرى (الميثان) CH4 الذي يشكل 1,5 جزء بالمليون من الغازات التي يتألف منها جوّ الأرض· ولقد أثبتت البحوث أن تركيزه في الجو تضاعف خلال الـ 300 سنة الماضية· وتكمن خطورة الميثان في أن قدرته على احتجاز أشعة الشمس تفوق بست مرات قدرة غاز ثاني أكسيد الكربون وبالتالي فإن أغلب علماء البيئة يعتقدون أن التأثير الخطير لهذا الغاز يجب أن يحظى باهتمام أكبر من أصحاب القرار السياسي عندما يتعرضون لمشكلة التغيرات المناخية· ولحسن الحظ، فإن الميثان مركب متوسط الثبات من الناحية الكيميائية، فهو يتأكسد بأوكسيجين الهواء خلال بضع سنوات من انطلاقه إلى جو الأرض· ولا يمكن أن تعدّ ظاهرة تزايد نسبة غاز الميثان في جو الأرض من فعل البشر، بل ينشأ كنتيجة للنشاط الحيوي للجراثيم والبكتيريات والطحالب والفطور غير الهوائية التي تملأ المستنقعات وجداول الأنهار·وهناك أيضاً أوكسيد النتروجين خد أو (الغاز الضاحك)، وهو أكثر قدرة على امتصاص واحتجاز الحرارة الكامنة في الإشعاعات الشمسية من ثاني أكسيد الكربون بنحو 270 مرة· وبالرغم من أنه أكثر ندرة في جو الأرض من الميثان، إلا أنه يتفوق عليه في ثباته الكيميائي حيث يمكنه الاحتفاظ بتركيبه وهو هائم في الهواء لنحو 150 سنة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©