الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبد المالك بومليك يرسم فلسفته ونظرته للحياة برموز وأشكال مغربية تراثية

عبد المالك بومليك يرسم فلسفته ونظرته للحياة برموز وأشكال مغربية تراثية
4 ديسمبر 2012
قدم الفنان المغربي عبد المالك بومليك، في معرضه التشكيلي “ذاكرة الأرض” الذي أقيم مؤخرا في العاصمة المغربية الرباط، أحدث لوحاته الفنية التي عُرف بها هذا الفنان الذي عرفته الساحة التشكيلية المغربية والعالمية منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث بصم مشروعه الفني بلمسته الفنية الخالصة التي استوحاها من رؤيته للأشياء وفلسفته في الحياة. وفي الكتيب الخاص بالمعرض، قال الناقد الفنى المغربي شفيق الزكاري إن تجربة الفنان بومليك واستنادا لمراحلها التطوريّة، “كانت ومازالت تستمد كينونتها وقوتها من تجليات الفعل التاريخي والجغرافي لبداية الكون بكل رواسبه الطبيعية بتعريته وحفرياته، استنبطها الفنان من ذاكرته الطفولية المتشبعة بتضاريس انتمائه لأمكنة مازالت تحتفظ بعذريتها، فكانت تجربته نوعية في الاستجابة لهمس المكان، في بعده الوجودي والطبيعي ثم الرمزي، بروحانية بوهيمية، بحثا عن حقيقة غائبة بين ثنايا الحفريات”. وأضاف الفنان وناقد الفن شفيق الزكاري قائلا “من جراء الخدش والحفر الذي أفرزته يد الفنان بفعل الضغط الغائر على السناد، استنتجنا رغبته في إبراز فعل القوة للنفاذ من وراء المساحة بحثا عن معطيات غير ممكنة إلا بفعل مؤثرات التعرية الطبيعية، حيث تم اختزال المسافات الزمنية بطرق تقنية إرادية ومرغوب فيها، إحالة على فضاءات وأزمنة المغارات والكهوف، حيث الفطرة والتلقائية والعفوية في رسم حدود المشاهد اليومية وتأريخها، وقد وفق الفنان بومليك في رصد أغلب هذه المكونات للتحفة الفنية، التي انتزعها من الذاكرة الجماعية، ليضفي عليها بمعرفته البديهية روحا مستقلة، بمرجعيات ذاتية اكتسبها بعصامية من جذور واقعه ومتخيله الفني. وبرأي الناقد شفيق الزكاري فالفنان بومليك “قليل الكلام، وصامت صمت أمكنة مساحاته التشكيلية بنتوءاتها الصارخة في سكون، عمل إيجازي بما يحمله من عناصر مختزلة، ضمن نسق تركيبي تم بناؤه بناء تراتبيا، قسم السناد لمساحات أفقية وأخرى عمودية، انطلاقا من الجزء للكل، بطريقة تنقيبية عن تلاشي الأجزاء لإعادة ترميمها، عمل أركيولوجي شاهد على تحولات المادة بأزمنتها وطبقاتها المتعددة، جمع بين مفاهمية الطرح التشكيلي وسؤال الهوية من مرجعية تاريخية بدلالاتها الموغلة في القدم منذ بداية رسم الكهوف إلى حدود الآن، عمل أيقوني توافر فيه بعدان أساسيان وهما: الطول والعرض، ثم العمق كبعد ثالث. وفي لونه، لم يتجاوز قط حدود الألوان البنية الترابية، ووفي لأرضه بنظرة شاملة تجتمع فيها كل زوايا منظور المشاهدة، فتارة نتأمل العمل بنظرة أفقية أو عمودية، وتارة أخرى نحلق بنظرة فوقية تزيد العمل تألقا، لتعدد دلالاته ولتنوع أسراره، من خلال تقابلات ضوئية تزيد العمل بهاء، تعكسه التدرجات اللونية السائلة لكل من اللون الأحمر والأصفر والبني زيادة على الأسود والأبيض كمكملين داعمين لخلق ظلال الأشياء، كل يسبح في فلك مساحة أعدت لتستقبل الأشكال بتنوعاتها، سواء كانت دائرية أو مربعة أو مستطيلة أو انسيابية.. لصاق، تراب، نتوءات بارزة... تحددها خربشات على شكل ندوب كأنها جراح تم ترميمها، مساحات مفتوحة على كل الإمكانيات التقنية والإبداعية بأدواتها ومعداتها المتنوعة، مشاهد متسلسلة بحبكة لنمط وأسلوب شخصي، ترتب عن بحث مستمر لتطويع المادة، وكأنها لوحات اقتلعت من جدران مهترئة، أو انعكاس لطباعة حفرية بخطوط غائرة تحيلنا على مجرى مياه التعرية كفعل للاإرادي، عمل لم يتعرض لعملية الهدم والبناء كجل عدد من التجارب الفنية الأخرى، بل عمل حافظ على نسقه التركيبي، انطلاقا من عناصر موجودة أصلا في الطبيعة، مع إعادة صياغتها وتوظيفها على شكل فسيفساء، جعل منها الفنان بومليك مطية للتعبير عن أهمية الوجود في علاقته بالجذور”. لوحات بومليك في هذا المعرض مُحاورة ذكية بين المادة والطّيف، لوحات تستنطق الأبعاد الهندسية في تواشج إنسيابية ساحرة. كما عمل الفنان من خلال لوحاته على استدعاء رموز وأشكال من الجذور المغربية الثرية.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©