الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوفاء أشرف الأخلاق وسمة المؤمنين وعلامة الصادقين

الوفاء أشرف الأخلاق وسمة المؤمنين وعلامة الصادقين
15 ديسمبر 2011 20:31
دعا الإسلام إلى مكارم الأخلاق، وحث عليها وأمرنا بالالتزام بها والسير على نهجها، حيث وصف الله نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه صاحب خلق عظيم، فكان، صلى الله عليه وسلم كما وصفته عائشة رضي الله عنها، قرآناً يمشي على الأرض، ومن أشرف الأخلاق الوفاء، فالوفاء سمة المؤمنين وعلامة الصادقين، وهو أفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله وإلى الناس، والوفاء من الأخلاق الكريمة، والأخلاق الحميدة، ومن أعظم الصفات الإنسانية، فمن فُقِد فيه الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته، ولذلك عظَّم الله تعالى الوفاء، وأمر به في كل شيء. فقد أمر الله عز وجل بالوفاء بالعهد ، فقال تعالى«وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً» سورة الإسراء الآية 34،وأمر سبحانه وتعالى أيضاً بالوفاء بالعقود فقال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ» سورة المائدة الآية1، كما وأمر بالوفاء في الكيل والميزان، فقال تعالى «وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ»سورة الأنعام الآية 152. ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان القدوة الحسنة للناس، حيث ضرب أروع الأمثلة في الوفاء، فهو سيد الأوفياء، صلى الله عليه وسلم، فقد كان وفيًّا حتى مع الكفار، فحين رجع من الطائف حزينًا مهمومًا بسبب إعراض أهلها عن دعوته، وما ألحقوه به من أذىً، لم يشأ أن يدخل مكة كما غادرها، إنما فَضَّل أن يدخل في جوار بعض رجالها، فقبل المطعم بن عدي أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جواره، فجمع قبيلته ولبسوا دروعهم وأخذوا سلاحهم، وأعلن المطعم أن محمدًا في جواره، ودخل النبي صلى الله عليه وسلم الحرم وطاف بالكعبة، وصلى ركعتين، ثم هاجر بعد ذلك وكوَّن دولة في المدينة، وهزم المشركين في بدر، ووقع في الأسر عدد لا بأس به من المشركين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم «لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثم كلمني في هؤلاء لتركتهم له»أخرجه البخاري، فانظر إلى الوفاء حتى مع المشركين، والوفاء له مواضعه الكثيرة ومجالاته المتعددة منها: الوفاء مع الله الله هو الذي خلقك بيديه ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته فأنت فرع من أبيك آدم وفضلك على سائر المخلوقات« وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» سورة الإسراء، الآية 70. لقد أكرمك الله بالسمع والبصر والفؤاد وبين لك طريق الخير والشر«أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ، وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ، وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ»، سورة البلد الآيات 8-10. وقد خلقك الله لطاعته وعبادته والسير على هداه «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» سورة الذاريات،الآيات 56-58، وأنت في الدنيا تقابل الإحسان بالإحسان، فمن أحسن إليك وعمل معك عملاً طيباً ترده عليه، ومن وقف معك في مناسبة فأنت تنتظر حدوث مناسبة عنده كي ترد إليه الجميل وتقف معه وقفة خير كما وقف معك، فكيف يا أخي بمن أنعم عليك بنعم لا تعد ولا تحصى، أنعم عليك بالإسلام أولاً، ثم بالعقل والعافية وبالأولاد والأموال لماذا لا تشكره؟ لماذا تقصر في واجباته؟ لماذا لا تؤدي الأركان التي أمرك بها ؟!، إن ربك يناديك قائلاً«اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ» سورة البقرة الآية 40. فضل الله ومما يدل على فضل الله عليك ذلك الحوار الشيق الذي دار بين العالم «سلمة بن دينار» المكنى بأبي حازم والخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك، يوم دخل العالم على الخليفة، فقال الخليفة للعالم:عظني يا أبا حازم، فقال له: كفاك والقرآن موعظة، وعندئذ طلب الخليفة من حاجبه أن يحضر له شربة ماء، فرأى العالم في ذلك فرصة لوعظ الخليفة وتذكيره بفضل الله عليه فقال له: يا أمير المؤمنين لو حُبست عنك شربة الماء أتفديها بملكك أم لا؟ قال: نعم، ثم قال له: لو حُبست فيك شربة الماء أتفديها بملكك أم لا ؟ قال : نعم ، فقال له العالم: لا خير في ملك يباع بشربة وبوله. لذلك فإن المطلوب منك أخي القارئ ضرورة الالتزام بالوفاء مع الله بالعبادة وبالالتزام بالعهود والمواثيق،«وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ» سورة النحل الآية 91. الوفاء بالوعد ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم ذم ذلك الرجل الذي عاهد الله وأخلف وعده، ولم يفِ بشيء مما عاهد عليه فقال:«وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ، فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ، أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ» سورة التوبة الآيات 75-78. لذلك حذر صلى الله عليه وسلم من إخلاف الوعد، وبين أن ذلك من صفات المنافقين لقوله صلى الله عليه وسلم، آية المنافق ثلاث:إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.أخرجه البخاري الوفاء مع عباد الله الإنسان المؤمن يكون وفياً مع عباد الله يحب لهم الخير، ويكره لهم الشر، يساعد الضعيف ويعين المحتاج، والإنسان لا يقطع اليد المحسنة بل يرد إليها الإحسان ويحترمها، فلو أن إنساناً أساء إليك فعليك أن تحسن إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك ولكن الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، أخرجه مسلم. ومن صور الوفاء مع عباد الله: الوفاء مع الرحم: يجب على الإنسان أن يكون وفياً مع رحمه في جميع الأحوال للحديث: أنا الله وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته، أخرجه أبو داود والترمذي، وأخص الرحم الوالدين والأقربين. الوفاء مع الزوجة:يجب على الإنسان أن يكون وفياً مع أهل بيته، ومع رفيقة دربة لقوله صلى الله عليه وسلم:«خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»أخرجه الترمذي، وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يبش في وجوه صديقات زوجته خديجة بعد وفاتها ويحترمهن ويعطف عليهن، فقد ظل النبي صلى الله عليه وسلم وفيّاً لها، ذاكراً لعهدها، فكان يفرح إذا رأى أحداً من أهلها، ويكرم صديقاتها. الوفاء مع الأولاد:وذلك بتعليمهم ورعايتهم وتوجيههم إلى الطريق المستقيم لأنهم سيمسكون بتلابيبك يوم القيامة يسألونك حقوقهم، لذلك يجب عليك أن تأمرهم بطاعة الله وترشدهم إلى طريق الخير، لقوله صلى الله عليه وسلم« مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع« أخرجه الطبراني. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©