الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«طالبان» وديمومة الحرب الأفغانية!

28 ديسمبر 2015 23:26
ساعدت سيطرة حركة «طالبان» على مدينة «قندوز» الشمالية لفترة قصيرة خلال فصل الخريف في إقناع أوباما بأن يبقي آلاف الجنود في أفغانستان حتى عام 2017. وبالنسبة للزعماء الغربيين، كان انهيار المدينة لحظة قاسية، تختلف كثيراً عن تلك اللحظة منذ 14 عاماً مضت، بعد أسابيع قليلة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، عندما شاهدت تقدم القوات المناهضة لطالبان، الذين وصلوا إلى بوابات كابول. وحينئذ كنت أنا وعدد من الصحافيين نتجول في نقطة تفتيش تابعة للمتمردين، وركبنا سيارة وتوجهنا صوب تلة لا ندري ما حولها. وعندما وصلنا، وجدنا مئات من الجماهير المحتشدة يتميزون غيظاً أمام «جثة» طالباني ملقاه في الشارع، ويصيحون: «سنقتل بن لادن! وسنهزم طالبان!». وفي ذلك اليوم، عندما دخلنا إلى كابول، بدا الأمر وكأن الهواء قد نضب في المدينة، تاركاً خواءً من التوتر في مناطق صراع تخوض مراحل تحول شاملة. ولعلها كانت فرصة نادرة للأمل، مع وعد بمستقبل أفضل لأفغانستان. وخلال الأسابيع التالية، احتفى الأميركيون بوصولهم مع الأموال والمعدات العسكرية والتفاؤل. ولكن سرعان ما تقاذفت الدولة أمواج أزمات عاتية في ظل مهام مستحيلة سلطت الانتباه على قندوز في سبتمبر الماضي. وتحول الانتباه إلى إقليم هيلمند الجنوبي منذ ذلك الحين، حيث يوجد معقل «طالبان» القريب من باكستان. وضربت الحركة حصاراً على مدينة «سانجين» الاستراتيجية، وأجبرت كابول على إرسال قوات. وفي الحادي والعشرين من ديسمبر الجاري، قتل هجوم انتحاري على دورية لحلف شمال الأطلسي بالقرب من قاعدة «باجرام» الجوية ستة جنود أميركيين، في أعنف هجوم على القوات الدولية منذ أغسطس. وفي أوج الحرب، بلغ عدد القوات الأميركية والأجنبية الموجودة في أفغانستان 130 ألفاً، وتدفقت مئات المليارات من الدولارات لإعادة إعمار الدولة، وإرساء دعائم الديمقراطية وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني. ورغم ذلك، عندما وضعت قيد الاختبار، بعد سنوات التدريب، فرت قوات الأمن الأفغانية من مقاتلي «طالبان»، رغم تفوقهم العددي الذي بلغ 15 جندياً مقابل كل مسلح من الحركة الإرهابية. وبالنسبة للمسؤولين الغربيين، فرضت الهزيمة الواقع، بدرجة اضطرتهم إلى محاولة فهم الحركة بدرجة أفضل، وكذلك إمكانية دمجهم في تسوية سياسية، بعد أن كان ينظر لذلك على أنه هرطقة في الماضي. ولكن بالنسبة لكثير من الأفغان، فإن سقوط قندوز في أيدي «طالبان» دفع إلى المقدمة مشكلة محورية تغذي ما يبدو اعتقاداً بأن الصراع لن ينتهي، فعجز القيادات الأفغانية أو عدم رغبتها في التخلص من الفساد، وغياب الحوكمة، من بين أمور تدفع الشعب إلى فقدان الثقة. ويقول مهندس أفغاني فرّ من قندوز: «إذا كان هذا الإقليم قد سقط أولاً فإن كابول ستسقط في النهاية»، مشيراً إلى حوادث تم الترحيب فيها بمهاجمي «طالبان»، وقدم لهم السكان، المستاؤون من الفساد الذي يعصف بالحكومة المركزية في كابول، الشاي. ويشير ألكسي يوسوبوف، المحلل المتخصص في الشؤون الأفغانية لدى مؤسسة «فريدريش إيبرت» البحثية الألمانية، إلى أن طالبان لا تؤثر في عقول وقلوب الناس، ولكن ذلك يرجع إلى التحرر من أوهام الإصلاح. وأوضح أنه لا يتعين على مقاتلي «طالبان» فعل شيء سوى الانتظار بينما لا تفي الحكومة بوعودها مراراً وتكراراً. والقصة الأفغانية تذخر بدائرة مشابهة من الفجر الكاذب والوعود الفارغة. ففي عام 1979، حاول السوفييت، وأرسلوا بضعة كتائب، قبل أن يصل تعداد قواتهم هناك في غضون عقد إلى أكثر من 110 آلاف جندي. ولكنهم تعرضوا للهزيمة، ونشأت «طالبان» بمساندة الغرب. والآن، بينما تستطلع الولايات المتحدة عودة «طالبان»، وتبحث عن نهاية سريعة، من الواضح أن حكم المؤرخ العسكري الأميركية «روبرت بومان» على الحرب السوفييتية ينطبق بصورة مباشرة على الجهود الأميركية التي استمرت 14 عاماً، إذ وصف نتائج الجهود السوفييتية بأنها: «نجاح تكتيكي لا يضيف إلى المكاسب الاستراتيجية الملموسة». وأعقب الانسحاب السوفييتي في بداية 1989 سنوات من المعارك والانتهاكات بين الميليشيات الأفغانية المتعاقبة، وهو ما مهد الطريق أمام «طالبان»، التي وعدت بإرساء الاستقرار في مقابل فرض معتقداتها، وفي نهاية المطاف رحبت بتنظيم «القاعدة» وزعيمه أسامة بن لادن. وبعد ذلك نسق «القاعدة» الهجمات على برجي التجارة في نيويورك والبنتاجون. وأفضى ذلك إلى أسابيع من الضربات الجوية أجبرت «طالبان» و»القاعدة» على الخروج من العاصمة الأفغانية، وأججت غضب المواطنين ضد الجماعات المتطرفة. *سكوت بيترسون* *محلل سياسي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©