الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الفضائيات تشعل الخلاف بين العلماء

الفضائيات تشعل الخلاف بين العلماء
26 ديسمبر 2014 03:08
حسام محمد (القاهرة) يتعمد كثير من الاعلاميين طرح الخلاف في الشأن الديني بين العلماء على شاشات الفضائيات العربية والإسلامية، ويحلو لتلك القنوات استضافة المختلفين من العلماء والفقهاء وإذكاء نار الشقاق بين ضيوفها بحيث يعلو صوت العلماء وربما تظهر ألفاظ مسيئة وقد يخرج هؤلاء عن وقارهم، وبلا شك فإن ذلك لا يصب في مصلحة العلماء ولا المشاهد الذي تتوه منه الحقيقة، ولا في مصلحة الدين، وهذا يطرح سؤالاً مهما حول ضوابط الخلاف بين العلماء عبر وسائل الإعلام؟ تباين المصطلحات يقول الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق إننا لابد - ونحن نناقش تلك القضية - أن نفرق بين مصطلحين رئيسين وهما الخلاف والاختلاف لأن الاختلاف مطلوب بين العلماء أما الخلاف فهو أمر مذموم، موضحا أنفالاختلاف يعني التنوع في الأفكار أو الأشياء أو المواقف ومنه قد يأتي الإبداع بطرح الجديد من الأفكار والآراء تأكيداً لقوله تعالى: «ولا يزالون مختلفين» أي من أجل الاختلاف المقصود به التنوع والإبداع في الرؤى والمواقف، وليس خلاف التعدد في الفكرة الواحدة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: اختلاف أمتي رحمة، أما الخلاف فقد يكون شراً ولهذا نهى الله سبحانه وتعالى عنه. وفرق العلماء بين الاختلاف والخلاف حيث استعملوا الاختلاف فيما بني على دليل من الأقوال والوجوه، ومن ثم يرجع الاختلاف إلى أصل ويكون لكل رأي مستنده المعتبر، أما الخلاف فيستعمل في ما لا دليل عليه، أو له دليل غير معتبر، وقيل: الخلاف ما يمليه الهوى والتعصب، أما الاختلاف فهو الرغبة في الوصول إلى الحق. ضوابط الاختلاف يقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق: وضع الإسلام عدداً من ضوابط الاختلاف بين العلماء من أهمها احترام كل عالم للآخر عند التحاور فيما بينهما فهذا من الأولويات في التعامل وهي ليست مرتبطة بحالة الاختلاف فقط، وإنما من حقوق المسلم على أخيه وتظهر أهميتها عند الاختلاف ولابد لكل طرف أن يراعي الآخر في هذه الجهة لأن القرآن يؤكد عليها «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم»، كذلك لابد أن تتوفر فضيلة حسن الظن بالآخرين وعدم محاكمة النيات مثلما يحدث على الفضائيات الآن فكل ضيف يسيء الظن بالأخر رغم أن محاكمة النيّات والحكم عليها جزافاً، من أخطر الأمراض التي تسبب الخلاف والتشرذم. سكب الزيت على النار الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري الأسبق عضو مجمع البحوث الإسلامية يقول إن بعض وسائل الإعلام تقوم بإذكاء نيران الخلاف بين العلماء عن طريق استضافة اثنين معروف أنهما مختلفان فيما بينهما حول أمر من الأمور ويأخذ المذيع في استفزاز الضيفين حتى يتوتر الموقف بينهما ويعلو صوتاهما بما لا يليق من العلماء وبالتالي تضيع الفكرة ويضيع المشاهد وتسقط هيبة العلم والعلماء ويضيع بذلك مصطلح مشروعية الاختلاف بين الناس لأن وسائل الإعلام التي قامت بتسويق هذا الاختلاف لم تسقه في إطاره العلمي مثلما تقول الشريعة وإنما ساقته في نطاق السعي وراء الشهرة حتى لو على حساب الدين فالفضائيات شككت بتلك الوسيلة في كثير من الأمور القطعية من الإسلام وجعلتها محل خلاف ورأي وتصويت، والعلماء لا يفطنون في أحيانا لهدف وسائل الإعلام وينساقون وراء ما تريده وأصبح الإعلاميون يطرحون البرامج التي غالبا ما تتحدث عن الثوابت والقطعيات التي لا تقبل رأياَ آخر أو اتجاها معاكساَ، فهذه الثوابت هي من المسلَّمات عند المسلمين. ويضيف: من هذا المنطلق نؤكد أن الاختلاف بين العلماء مطلوب كوسيلة من وسائل التباين التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها ولكن لا يصح جعل الاختلاف على إطلاقه، فيؤدي إلى مخالفة الأحكام الشرعية والتنازل عن المبادئ التي يحملها المسلم. العلماء ورثة الأنبياء ويقول الدكتور طه أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية إن العلماء هم ورثة الانبياء ودائماً في صحبة الملائكة، وهم من جملة المجاهدين في سبيل الله تعالى، لأنهم تخلقوا بخلق الأنبياء، وعليهم أن يشعروا بذلك شعوراً عظيما يلازمهم في كل الأوقات، لأنهم حافظون للقرآن الكريم ومن هذا المنطلق عليهم أن يحرصوا على عدم إذكاء نار الخلاف فيها بينهم ويتبعوا آداب الخلاف كما سنها النبي صلى الله عليه وسلم وسار عليها الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم ولينظر العلماء والفقهاء جميعا لتاريخنا الإسلامي حتى يروا كيف كان لخلاف بين سلف ومن جاء بعدهم من العلماء الراسخين في القضايا الفقهية فقد تعددت وجهات نظر الصحابة والتابعين في فروع المسائل، ومع ذلك استمرت العلاقة طيبة بينهم ولم يشهد التاريخ الإسلامي قطيعة بين عالمين بسبب رؤية فقهية في فروع العلم بل ساد الاحترام والتقدير وعذر بعضهم بعضاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©