الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الأطباء والمرضى: الرعاية النفسية ضرورة فور اكتشاف سرطان الثدي

الأطباء والمرضى: الرعاية النفسية ضرورة فور اكتشاف سرطان الثدي
29 ديسمبر 2015 00:53
عندما اكتشفت مليكة سعيد المقيمة بإسبانيا إصابتها بمرض سرطان الثدي وجدت الكثير من المساندة والعناية، ولم يتم إخبارها إلا عن طريق كادر طبي وتمريضي متخصص، ونظراً لتواجدها بعيدة عن أهلها وبلدها، فإن الاختصاصيين الاجتماعيين تكفلوا بالعناية بأسرتها وخاصة أولادها الصغار وشكلوا لهم الحماية اللازمة حتى لا تنعكس مراحل العلاج وغياب الأم عن البيت على الحياة اليومية للأسرة، وتذكر مليكة أن تواجدها في بلد يوازي بين العناية النفسية والعلاج منذ اكتشاف المرض في مراحله المبكرة جعلها تُقبل عليه العلاج بلا تردد. وتوضح مليكة أن الاختصاصيات الاجتماعيات كن يزرنها بالبيت، ويعملن على مساعدتها، وتم تخصيص معلمين لأبنائها الصغار يساعدونهم على إنجاز واجباتهم المدرسية، ولم يتم إغفال الجانب الترفيهي بالنسبة للأطفال، بحيث كان مجموعة من المتطوعين يأخذونهم في نزهات بعيداً عن جو البيت، وكان هناك دائماً من يرافق مليكة إلى المستشفى ويحضر معها حصة العلاج بالكيماوي، ثم يساعدها في الرجوع لبيتها، مليكة اليوم تنعم بصحة جيدة وتعتبر من المحظوظات اللاتي وجدن العناية والمساندة المادية والمعنوية والنفسية حتى تعافت بنسبة 100%، ويطلق على هذا النوع من الرعاية التي تجدها مريضة سرطان الثدي العناية التلطيفية. والرعاية النفسية والتلطيفية أحد مجالات الرعاية الطبية التي تركز على تخفيف ومنع المعاناة عن المرضى، وبخلاف الرعاية في المأوى، فإن الطب التلطيفي يناسب المرضى في كل مراحل المرض، بما في ذلك أولئك الذين يخضعون للعلاج من الأمراض التي يمكن الشفاء منها وأولئك الذين يعانون الأمراض المزمنة، ويعتمد العلاج التلطيفي على عدة تخصصات من أجل الرعاية بالمرضى، منها الأطباء والصيادلة والممرضات ورجال الدين والاختصاصيون الاجتماعيون والأطباء النفسيون وغيرهم من محترفي الصحة الموحدين من أجل وضع خطة رعاية لتخفيف المعاناة في كل مجالات حياة المريض. وهذه الطريقة متعددة التخصصات تسمح لفريق الرعاية التلطيفية بالتعامل مع الأمور الجسدية والعاطفية والروحانية والاجتماعية لتوفير الحياة الكريمة للمريض. ورغم ما تشهده بعض الدول العربية من تقدم الخدمات التخصصية من تطور كبير انعكس على مستويات الأداء قي أقسام العناية المركزة وغرف العمليات الجراحية وأقسام الطوارئ والحوادث وبالنسبة لمرضى السرطان ومريضات سرطان الثدي على الأخص فمن الملاحظ أن الرعاية التلطيفية لا تزال متخلفة عن الركب وتوفر بعض المستشفيات خدمات محدودة للرعاية التلطيفية. حاجة للرعاية التلطيفية حياة عبدالله علمت بإصابتها بسرطان الثدي وهي حامل، انهارت وكانت صدمتها كبيرة خاصة أنها لم تجد من يساندها غير زوجها الذي يعمل في القطاع الخاص، بعد إنجابها لابنتها بدأت العلاج، لكن كان الوقت متأخراً، بحيث انتشر المرض في باقي أعضائها ونصحها الأطباء بعدم الخضوع للعلاج بالكيماوي الذي قد يسرع انتشاراً للمرض، لا تزال حياة عبدالله 29 سنة تواظب على العلاج في مستشفى المفرق، مشيرة إلى أنها تتلقى أفضل معاملة، لكن تؤكد أن هذا المرض أثر على حياتها وحياة أسرتها خاصة أن زوجها هو من يرافقها للعلاج، في حين الابنة الرضيعة لا تجد من يعتني ويهتم بها في ظل غيابها عن البيت، خاصة أن مراحل علاجها تتطلب ساعات طويلة، كما توضح أن انشغال زوجها في مرافقتها أثر على عمله الخاص. برنامج العناية التلطيفية في توام ويقول الدكتور عصام إمام، رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى «توام» بالعين إن المستشفى لديه برنامج للعناية التلطيفية يدار من فرق متعددة التخصصات تشمل الأطباء والممرضين والاختصاصيين الاجتماعيين والعاملين في مجال الصحة النفسية والمتطوعين. وأشار إلى أن المريضة بسرطان الثدي تمر بعدة مراحل عند اكتشاف مرضها تتمثل في الصدمة والذهول والإنكار والغضب والقلق، مؤكداً أن العلاج التلطيفي يجب أن يساعد المريضة منذ بداية اكتشاف إصابتها نظراً للظروف التي تمر بها، موضحاً أن العناية التلطيفية لها مرود عالٍ على نفسية المريضة وتساعدها على تقبل العلاج بما ينعكس على استشفائها بشكل سريع. ويضيف الدكتور: «وبالنسبة لمستشفى توام، فإن المريضة تستفيد من المؤازرة النفسية والاجتماعية في جميع مراحل العلاج، كما أن المستشفى لديه مجموعة من المتطوعين الذين يقومون بالمؤازرة الاجتماعية، كما يقوم مرشد المواعيد بمساعدة المريضات على حجز المواعيد والتواصل معهن. وتستفيد المريضات من جلسات علاج جماعي ومن خدمات العلاج الوظيفي 3 مرات في الأسبوع، كما أن المستشفى لديه فندق «الواحة» للمريضات القادمات من المناطق البعيدة عن العين، وتستفيد المريضات من العديد من الأنشطة الاجتماعية تتمثل في جلسات الطبخ ورحلات للأماكن السياحية في العين، بالإضافة لتنظيف ورشات فنية وأعمال يدوية لشغل وقتهم بما يعود عليهم بالراحة النفسية». مزيد من التلطيف وقالت الدكتورة عالية أحمد علاونة، استشاري طب تلطيفي في قسم الأورام وأمراض الدم مستشفى توام، إن الرعاية التلطيفية في الدول العربية والإمارات تحتاج إلى مزيد من التطوير، موضحة أن هذا التخصص الطبي يعمل على تقديم الرعاية جنباً إلى جنب مع العلاجات الشافية التي يتلقاها المريض المصاب بمرض حاد، للتخفيف من معاناة المرضى والحفاظ على أفضل نوعية ممكنة لحياتهم. وتوضح الدكتورة علياء أن الرعاية التلطيفية لا تقتصر على المريض، بل تتجاوزه إلى أفراد الأسرة لتساعدهم على فهم العلاج وطبيعة المرض وطريقة التعامل مع المريض الذي يعاني من مرض السرطان أو أحد الأمراض المزمنة، موضحة أن الرعاية التلطيفية تتمثل في منهج طبي يركز على تخفيف المعاناة والألم وتحسين نوعية الحياة للأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة. وتدعو إلى اعتماد هذا البرنامج التلطيفي الشمولي منذ اكتشاف مرض السرطان، لما له من دور كبير ومردود إيجابي على العملية الاستشفائية، ونوعية الحياة لدى المريضة بسرطان الثدي مثلاً، بحيث ينعكس ذلك على تقبلها للعلاج خاصة أن هذا البرنامج يركز على عائلة المريضة كالزوج أو الأخ أو الأم ونساعد المريضة لتعود لحياتها الاجتماعية، كما يجب أن نساعد العائلة التي يغيب عنها فرد مهم من أفرادها الذي تكون على عاتقه مهام كبيرة في الحياة، خاصة أن مريضة سرطان الثدي تحتاج إلى عناية وتقبل من طرف الزوج، كما نهدف توسيع هذا البرنامج حتى لا يقتصر على المريضات اللواتي يعانين من المراحل المتقدمة للسرطان، بل في جميع المراحل حتى تتمكن المريضة من متابعة علاجها في أفضل الظروف، ونطمح كذلك إلى جعل الرعاية التلطيفية جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الصحية منذ اكتشاف المرض، بحيث تتم مساعدة المريضة خلال مراحل العلاج بالكيماوي ومرافقتها والاعتناء بأسرتها خاصة بالنسبة لبعض السيدات البعيدات عن بلدانهن ويتوفرن على أطفال صغار حتى لا يفقد أحد أطراف العلاقة عمله نتيجة انشغاله بمساعدة الطرف الآخر ومرافقته أثناء العلاج وانعكاس ذلك بالشكل السلبي على حياة الأسرة بشكل عام. وتضيف: كلما كان العلاج مبكراً حصلنا على نتائج جيدة ونسبة استشفاء عالية، والعلاج التلطيفي في نظري يجب أن يرافق جميع مراحل العلاج لأن جرعات الكيماوي تسبب العديد من الآلام وفي بعض الأحيان بعض المريضات تتوقف عن العلاج بسبب هذه الأوجاع، كما أن هناك من يرفض الاعتراف بالمرض ويمر بحالة إنكار تام حتى يتفاقم المرض، وفي هذه الأحوال، فإن العلاج التلطيفي يساعد وإلى حد كبير في تقبل المرض والإقبال على العلاج في ظل تواجد متخصصين نفسيين واجتماعيين وروحيين. وتوضح علاونة أن العلاج التلطيفي يغيب في أحيان كثيرة عن علاج مريضات سرطان الثدي في بداية اكتشاف المرض ويقتصر على الحالات المتأخرة، مشيرة إلى أن الكادر الطبي يركز على العلاج البدني، وليس التلطيفي، مؤكدة أن العناية التلطيفية يقوم عليها فريق يشمل أطباء وممرضين وصيادلة واختصاصيين اجتماعيين ورجال دين متخصصين وآخرين من ذوي الخلفية الطبية وغيرهم من الأفراد المهنيين ويعتقد البعض أن الحاجة للرعاية التلطيفية تظهر بعد استنفاد كل الجهود المبذولة للعلاج أو السيطرة على مرض ما، إلا أنها في الحقيقة تقَّدم للمريض لتخفيف الآلام وقت ظهور المرض طلباً للراحة العاطفية والنفسية والبدنية، وفي نظري يجب أن تبدأ الرعاية التلطيفية بعد التشخيص بمرض خطير أو أثناء تلقي المريض الرعاية الطبية، وتجاوز المريضة إلى أسرتها والاعتناء بأطفالها الصغار وحمايتهم من المعاناة التي تنجم عن مرض والدتهم، ومن المؤكد أن ذلك سيعود على صحة الأم ويجعلها تقبل على العلاج ولا تتخلف عنه نتيجة بعض العراقيل الأسرية. وتشير إلى أن هناك ثلاثة جوانب رئيسية للرعاية التلطيفية: الرعاية البدنية والنفسية والروحية. والهدف من تلك الرعاية هو العمل على تحسين نوعية الحياة ومساعدة المرضى وعائلاتهم على تحمل ما ألم بهم نتيجة إصابتهم بأمراض خطيرة مثل أمراض القلب المزمنة وأمراض الكلى وغيرها من الأمراض. وحدة العناية التلطيفية بتوام تقول الدكتورة عالية أحمد علاونة إن مستشفى توام لديه وحدة للعناية التلطيفية داخل المستشفى منذ 2007 مجهزة لاستقبل المراحل المتقدمة، تحتوي على 10 أسرة يشرف عليها كادر تمريضي متدرب على كيفية التعامل مع الآلام والأعراض الناجمة عن الأمراض الخطيرة كالتقرحات والجروح لتجنب حدوثها وعلاجها في حالة الإصابة بها، وعلى فريق يتكون من أطباء وممرضين وإخصائيين اجتماعيين ونفسيين وصيدلانيين وعلماء دين والوحدة لديها أيضاً الإخصائية النفسية والاجتماعية التي تتعامل مع المريض وأسرته لتثقيفهم حول كيفية التعامل مع المريض وتتكفل أيضاً بالجانب المادي وإجراءات التأمين كما يقوم مجموعة من المتطوعين بدعم الجانب الروحي وتعزيزه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©