الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البُدناء النشيطون يعيشون أطول من النحفاء الخاملين

البُدناء النشيطون يعيشون أطول من النحفاء الخاملين
5 ديسمبر 2012
يعتقد بعض الناس ممن يتمتعون بوزن مناسب رغم أنهم يأكلون ما يشاؤون، ولا يمارسون أي نشاط رياضي أنهم محظوظون، وفي مأمن من كل المخاطر الصحية التي يخشاها البدناء وأصحاب الوزن الزائد. لكن دراسة جديدة تُحذر من مغبة هذا الاعتقاد الخاطئ، وتُشير إلى أن مؤشر الكتلة الجسمية الجيد لا يعني بالضرورة أن الشخص سيعيش حياة خالية من المشاكل الصحية المرتبطة بقلة الحركة وزيادة الوزن. وهم يرون بالمقابل أن الشخص الذي يعاني زيادة الوزن، أو البدانة، لكنه يواظب على ممارسة الرياضة دون أن يأبه بما إذا كان ذلك يساعده على إنقاص الوزن من عدمه، يتمتع بلياقة صحية أفضل، ويُسهم في تمديد عمره وتطويل أمد حياته من ثلاث إلى عشر سنوات. أظهرت دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «بلوس» الطبية أن المواظبة على ممارسة الرياضة تُطيل أمد حياة الإنسان بمعدل يتراوح ما بين 3,5 سنة و4,2 سنة، وذلك حسب وتيرة التمرن ونوع النشاط البدني الممارَس. ويُشير الباحثون إلى أن هذه الدراسة لا تعني أصحاب الأوزان المثالية فقط، بل تشمل زائدي الوزن والمصابين بالبدانة. فحتى إن كان مؤشر الكتلة الجسمية للشخص يصل إلى 35، وكان يواظب على ممارسة تمارين بدنية معتدلة مدة ساعتين ونصف أسبوعياً، أو يقوم بتداريب مكثفة مدة 75 دقيقة كل أسبوع، فإنه يزيد حظوظه بعيش حياة أطول، ووقاية نفسه من الأمراض المزمنة وعلل الشيخوخة التي تُقصر حياة الإنسان، وأنه يُصبح أفضل حالاً من الشخص الرشيق الخامل، ولو كان غير بدين، ولا زائد في وزنه. وليس مفاجئاً بالطبع كون الرياضة مفيدة لكل إنسان على مستوى وقايته من الأمراض وتطويل أمد حياته. لكن الجديد في هذه الدراسة هو تنبيه الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم في مأمن من الأمراض بسبب تمتعهم بوزن صحي يُشجعهم على مواصلة عيش نمط حياة ساكن، وقضاء أوقات طويلة أمام شاشات التلفاز أو الحاسوب بدعوى أن أوزانهم تظل جيدة بالرغم من عدم التزامهم بأي نظام غذائي أو برنامج رياضي. فهذه الدراسة هي في الواقع إنذار مبكر لمثل هؤلاء الناس الذين قد ينخدعون بمؤشرات كتلتهم الجسمية وقواماتهم الجسدية. تمديد العمر يقول الباحثون إن الدراسة تعني الجميع، بمن فيهم الأشخاص الذين يتمتعون بمؤشرات كتلة جسمية تتراوح بين 20 و25، لكنهم يعيشون حياة خمول. فهؤلاء معرضون للوفاة قبل أقرانهم من البدناء أو زائدي الوزن النشيطين. وتوصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد إجرائهم دراسة شملت 431479 شخصاً تفوق أعمارهم 40 سنة. إذ وجدوا أن الأشخاص الخاملين معرضون لمخاطر الوفاة المبكرة بنسبة تُضاعف تلك التي سجلها أقرانهم من النشيطين، حتى لو كانوا بدناء أو زائدي الوزن. ويفيد الباحثون أن هذه النتيجة قد تقنع الأشخاص غير النشيطين حالياً بممارسة نشاط رياضي معين، من أجل عدم عدم تفويت جني المنافع البدنية والصحية على المديين المتوسط والبعيد. ويضيف الباحثون أنه على الشخص أن ينتظم في ممارسة الرياضة حتى عند فشله في إنقاص وزنه أو التحكم فيه. وتقدم نتائج الدراسة دليلاً واضحاً على أن الرياضة يمكن أن تعوض الشخص ما يفقده من عمره افتراضياً، بسبب التدخين أو إصابته بأمراض مزمنة كالسرطان أو القلب. فأمد الحياة يزيد لدى المدخنين بنحو 2,5 سنة، وبنحو 5,3 سنة لدى المصابين بالسرطان، أي أنهم يستعيدون ما بين سنتين ونصف السنة، إلى خمس سنوات ونصف السنة من عمرهم التي ينتقصها التدخين أو السرطان. ويضيف الباحثون أنه كلما كثف الشخص من ممارسة التمارين الرياضية، زاد أمد حياته وطال عمره بفضل نجاحه من خلال ذلك بتحصين جسمه أكثر فأكثر من الأمراض. وسجل الباحثون أن الأشخاص الأكثر مواظبة على ممارسة التمارين هم أكثر من استفادوا صحياً، بصرف النظر عما إذا كانت تمارينهم معتدلة أم مكثفة، وعما إذا كانوا يتمتعون بأوزان مناسبة أو يتجاوزون مؤشر الكتلة الجسمية المثالي الذي توصي به منظمة الصحة العالمية وهيئات الخدمات الصحية في الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور فرانسيسكو لوبيز خيمينيز، طبيب قلب في عيادات «مايوكلينيك» ومشارك في الدراسة، «إن هذه الدراسة تحظى بقدر كبير من الموثوقية والصدقية والحجية. وذلك بفضل تحليلها بيانات مستمدة من ست تجمعات سكنية مختلفة بلغ عدد أفرادها أكثر من 632 ألف شخص من خلفيات ثقافية وبيئات اجتماعية متنوعة». ويضيف «علينا وضع أولويات عند تعاملنا مع المرضى. فالأولوية الأولى والرئيسة هي نقلهم من نمط العيش الساكن إلى الحياة النشيطة قدر الإمكان، وإقناعهم بعدم الاعتماد على قياس أوزانهم لمعرفة مدى نجاحهم. فأحياناً، نميل إلى التركيز كثيراً على وزن الجسم ومحيط الخصر، ولا نولي أهمية كافية للتمارين الرياضية ومدى مواظبتنا عليها». ويقول الباحثون إن تمديد العمر وأمد الحياة يبدأ عند مشي عشر دقائق يومياً. فتمرين بسيط كهذا يجعل عملية الأيض بالجسم تخدم جميع الأعضاء ووظائف البدن. ويتمكن أولئك الذين يلتزمون بتوصيات ممارسة ساعتين ونصف الساعة من التمارين المعتدلة، أو ساعة وربع من تمارين التحمل أو التداريب المكثفة كل أسبوع، من تمديد أعمارهم بمعدل 3,5 سنة. ويفيد الباحثون أنه في الوقت الذي ينجح فيه الملتزمون بهذه التوصيات في تمديد أعمارهم وتقوية مناعتهم، فإن أولئك الذين تزيد مدد نشاطهم البدني الأسبوعي بشكل يفوق ما تنص عليه التوصيات يجنون فوائد صحية أكبر ويُمددون أعمارهم عشر سنوات إضافية أو أكثر. الرياضة هي الدواء تأتي الدراسة الجديدة لتضفي مزيداً من الحجية إلى الدليل العلمي الراسخ الذي يفيد أن ضرر نمط العيش الساكن يفوق الضرر الذي تسببه السمنة على صحة الإنسان. وفي السنوات الأخيرة الماضية، أشار باحثون في عدد من الدراسات إلى أن الرياضة تفيد الجسم حتى إنْ لم تترافق مع إنقاص الوزن. فهي تقلل مخاطر الإصابة بعدد من الأمراض، من بينها أمراض القلب والسكري من النوع 2. ويُعرب كثير من الباحثين والأطباء السريريين عن عدم ارتياحهم لتلك المعلومة التي تفيد أن الجسم الرشيق هو المثالي، والتي تُتداول على نطاق واسع في أميركا وبقية المجتمعات. وهم يرون أنه يمكن للشخص أن يكون وزنه زائداً أو بديناً، لكن لياقته الصحية قد تكون جيدة بفضل الرياضة. ويقولون إن هذه الصورة النمطية عن الجسم اللائق بدنياً وصحياً لعبت دوراً سلبياً جداً في تثبيط البدناء وزائدي الوزن عن ممارسة الرياضة، أو جعلهم إلى التوقف في منتصف الطريق بسبب ربط غالبية الناس بين الرياضة وإنقاص الوزن، متناسين أن عملية الأيض تختلف من جسم لآخر، علاوة على تباين عمليات التمثيل الغذائي والتعرق من شخص لآخر، ومن بيئة لأخرى. ويقول هؤلاء الباحثون إن هذا النوع من التفكير أدى إلى مفاقمة السمنة وما ينتج عنها من أمراض، وأسهم في تحول السمنة إلى ظاهرة، بعد أن أصبح شخص واحد من كل ثلاثة أميركيين يعاني البدانة. ويقول الدكتور روبرت ساليس، اختصاصي طب رياضي في بلدة فونتانا وصاحب مبادرة «الرياضة هي الدواء» في الكلية الأميركية للطب الرياضي، «ينبغي أن يفهم الناس أنه لا يتعلق الأمر بالوزن فقط. فليس بإمكان كل شخص أن يُنقص وزنه عبر الرياضة. لكن بإمكان كل إنسان أن يتمتع بلياقة صحية». وعلى الرغم من أن الحفاظ على وزن طبيعي وممارسة الرياضة لا يقلان أهمية عن بعضهما، فإن الأطباء ومسؤولي الصحة الحكوميين مدعوون لبذل جهود أكثر لتحسين الصحة العامة عبر التوصية في كل حملاتهم التوعية على ضرورة الانتقال من نمط عيش قليل الحركة إلى نمط عيش نشيط، كما يقول ستيفن مور، قائد الدراسة وعالم وبائيات بالمعهد الوطني للسرطان. فلا يمكنك إنقاص 14 كيلوجراماً غداً، لكن يمكنك بدء ممارسة الرياضة اليوم. هشام أحناش عن «لوس أنجلوس تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©