الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الأميركيون يخلفون عراقاً «مختلاً سياسياً» ومهدداً طائفياً

15 ديسمبر 2011 23:43
بغداد (رويترز)- بعد نحو تسع سنوات من الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للعراق والإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين، تنسحب القوات الأميركية وتترك وراءها بلدا ما زال يواجه مسلحين وتشوشا واختلالا سياسيا وانقسامات طائفية، وسط شكوك ومخاوف تساور العراقيين من الانزلاق إلى حرب طائفية جديدة. وفقد نحو 4500 جندي أميركي ومئات الآلاف من العراقيين أرواحهم في حرب بدأت بحملة “الصدمة والرعب”، في قصف بغداد بالصواريخ والقنابل وتحولت لاحقا إلى صراع طائفي دموي. ورغم الحديث عن انحسار العنف إلا أن انسحاب القوات الأميركية يترك العراق أمام عشرات التحديات، من التمرد المستمر والسياسة الهشة، إلى اقتصاد يعتمد أساسا على النفط ويعاني من انقطاع الكهرباء والفساد. وترقب الدول المجاورة للعراق عن كثب كيف ستواجه بغداد مشكلاتها دون وجود عسكري أميركي يقوم بدور المنطقة العازلة في الوقت الذي تهدد فيه الأزمة في سوريا المجاورة بإحداث هزة في التوازن الطائفي والعرقي بالمنطقة، وأبلغ الرئيس الأميركي بارك أوباما الذي وعد في حملته الانتخابية بإعادة القوات الأميركية إلى وطنها، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن واشنطن ستظل شريكا مخلصا بعد انسحاب آخر جندي أميركي. وقال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا للقوات في قاعدة أميركية بجيبوتي الأسبوع الجاري “كانت المهمة هناك إقامة عراق قادر على حكم وتأمين نفسه بنفسه وتمكنا من ذلك، هذا لا يعني أن الوضع سيكون سهلا”. وترى الحكومة العراقية الانسحاب كبداية جديدة لسيادة البلد لكن الكثير من العراقيين يتساءلون عن الاتجاه الذي ستأخذه البلاد بمجرد مغادرة القوات الأميركية، هل سينشب صراع طائفي أم ستهيمن طائفة على أخرى؟ هل سيعود تنظيم “القاعدة” ليعيث في الأرض خرابا؟ وهل ستمتد النزاعات الحالية بين الأكراد في كردستان العراق إلى صراع مع الحكومة العراقية المركزية في بغداد بسبب الأرض المتنازع عليها؟ وقد انحسر العنف مقارنة بالأيام التي بلغ فيها الصراع الطائفي ذروته وتسببت خلاله تفجيرات انتحارية وفرق إعدام في قتل مئات الضحايا يوميا، في وقت انزلقت فيه البلاد إلى موجة من حوادث القتل الثأرية بين السنة والشيعة. وفي 2006 وحدها قتل أكثر من 17800 من المدنيين وأفراد الجيش العراقي في أعمال العنف، وينظر لقوات الأمن العراقية بصفة عامة باعتبارها قادرة على احتواء ما تبقى من تمرد لجماعات سنية متشددة وميليشيات شيعية يقول مسؤولون أميركيون إنها مدعومة من إيران. وما زالت الأوضاع الأمنية مبعث قلق رئيسيا. وتستهدف الهجمات الآن مكاتب الحكومات المحلية وقوات الأمن في محاولة لإظهار أن السلطات ليست قادرة على السيطرة. وبعد تسع سنوات من الاجتياح ما زال العراق بلدا منقسما مما يثير قلق كثيرين من أن أيام العنف الطائفي لم تنته بعد، وتجعل الانقسامات الطائفية العراق عرضة لتدخل دول مجاورة لاكتساب المزيد من النفوذ. وتخشى القيادة العراقية من أن تؤدي الأزمة في سوريا المجاورة إلى مجيء قيادة متشددة في دمشق مما يزيد من تدهور التوترات الطائفية العراقية. ولعبت القوات الأميركية دور قوات عازلة في قضية أخرى بالعراق هي النزاع بين الأكراد في كردستان العراق والعرب في الحكومة المركزية، ويخشى البعض حدوث اشتباك بين الجانبين بسبب النفط والنزاع على الأرض. وكان من المفترض أن تبقى القوات الأميركية في إطار اتفاق لتدريب القوات المسلحة العراقية، وطلبت واشنطن من العراق بقاء ثلاثة آلاف جندي على الأقل، لكن محادثات تهدف إلى منح الحصانة للقوات الأميركية من المحاكمة انهارت. وما زالت ذكريات الانتهاكات الأميركية والاعتقالات والقتل عالقة بذاكرة الكثير من العراقيين، وتمثل مسألة الحماية القانونية من المحاكمة حساسية بالغة للقيادة السياسية العراقية لدرجة تحول دون طرحها في برلمان يعاني من الانقسام. وتساور العراقيين شكوك ومخاوف متسائلين عما إذا كانت ديمقراطيتهم الهشة ستنزلق مجددا إلى صراع طائفي، ويرى الكثير من العراقيين أن الصور الوحيدة العالقة في الأذهان من هذه السنوات التسع هي مقتل الأبناء والأزواج والإخوة بل وحتى النساء، وطردهم من منازلهم وسقوط البعض الآخر ضحايا التفجيرات. ورأوا أن “لاشيء سيتغير فعلا، ستستمر التفجيرات والاغتيالات ولن تستطيع الحكومة أن تفعل شيئا”. ويثير رحيل الجيش الأميركي مشاعر مختلطة، فالبعض يشعر بنوع من السيادة مشوب بالحزن لفقد أقاربهم وذكريات الانتهاكات الأميركية مثل إساءة معاملة نزلاء في سجن أبو غريب. وتغلي النزعات الطائفية تحت السطح بدءا من الجنوب وانتهاء بالشمال، كما لا يثق كثيرون في قدرة قوات الأمن العراقية على احتواء المتشددين المرتبطين بصلات بتنظيم “القاعدة” والميليشيات المتناحرة من دون مساعدة الولايات المتحدة. ويذكي الاقتصاد الضعيف وانقطاع الكهرباء المتكرر وقلة فرص العمل وعدم الرضا عن الزعماء السياسيين، مشاعر الحيرة بين العراقيين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©