السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

التطوع.. عمل اختياري «مرغوب» بنص القرآن والسنة

15 فبراير 2018 23:15
القاهرة (الاتحاد) شدَّد علماء الدين، على أهمية العمل التطوعي في النهوض بالمجتمع المسلم، مؤكدين أن الإسلام الحنيف حثّ عليه، وجعل له منزلة جليلة، حيث تتحقق به المنفعة لغالبية أفراد المجتمع، ويحصل المتطوعون على الثواب العظيم من الله تعالى. وأكد العلماء أن العمل التطوعي ليس واجباً أو مفروضاً، بل هو عمل اختياري، ولا يتحقق إلا من الأتقياء والأنقياء من الناس الذين يرون سعادتهم في إسعاد الآخرين، مشيرين إلى أن جذوره راسخة وعميقة ومؤكدة في نصوص القرآن والسنة. مجالات متعددة بين الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن هناك جوانب متعددة للعمل التطوعي، حيث يشتمل على الكثير من المعاملات، مثل الحفاظ على عناصر البيئة والموارد المهدرة، وتحقيق الأمن المادي أو المعنوي للناس، ومساعدة ذوي الحاجة، وإسعاف من هم في حاجة إليه، وإرشاد الناس وتبصيرهم بخطر محدق بهم، وتعليمهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وقد اعتبر الشارع العمل الذي يتطوع المرء بأدائه سبباً في قربه من الله تعالى ومحبته. وقال إدريس: «الأعمال التطوعية هي من قبيل النوافل، التي بين الحق سبحانه وتعالى الجزاء العظيم على فعلها، يضاف إلى هذا أن الشارع رتب على كل عمل يتطوع المرء بأدائه جزاء خاصاً غير ما سبق، فمثلاً مما ورد في الحفاظ على البيئة وإماطة الأذى عن عناصرها، ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله»، ومما ورد في معاونة من هو في حاجة إلى معونة، ومساعدة ذوي الحاجة، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله عباداً خلقهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون يوم القيامة»، وقال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة». فهذه النصوص وغيرها تدل على أن ما يتطوع به المرء من أعمال صالحة، سواء كانت عبادة أو معاملة يجزى عليها الجزاء الحسن، وليس هناك عمل صالح يؤديه المرء في الإسلام ولا يجزى عليه، لأن نظام العمل في الإسلامي يقوم على أساس الإثابة على العمل الصالح، والعقاب على نقيضه . المنفعة العامة من جانبه، أوضح الدكتور السيد محمد الديب، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن العمل التطوعي، سواء من فرد أو جماعة، يعود أثره إلى المجتمع، وتتحقق به المنفعة للكثيرين، ويحصل المتطوعون على الثواب العظيم من الله تعالى، وأمثلة ذلك كثيرة، مثل بناء مسجد يهتدي الناس به إلى صحيح الإيمان، أو بناء مستشفى للعلاج وما يستتبعه من التوسع في الرعاية الصحية ومكافحة التدخين، أو إقامة دار للعمل النافع المفيد مثل تحفيظ القرآن الكريم، أو تمهيد طريق لحل مشكلات السير والحركة، وما شابه ذلك مثل الإنفاق على دور الأيتام ودور المسنين، وأكثر ما يكون التطوع إلى عمل الخير خلال الكوارث والنكبات، مؤكداً أن العمل التطوعي على كل أشكاله يضاعف من قدرة الإنسان على التفاعل والتجاوب مع الآخرين، وفي هذا الشأن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». وأشار الديب إلى أن العمل التطوعي ليس واجباً أو مفروضاً، بل هو عمل اختياري، ولا يتحقق إلا من الأتقياء من الناس، وإذا كان نشاطاً اجتماعياً اختيارياً دون إلزام أو فرض، فإن جذوره راسخة وعميقة وممتدة ومؤكدة في نصوص القرآن والسنة، ويأتي الإحسان بمعنى الفضل والزيادة في عمل الواجب، فأداء الواجب عدل والزيادة عنه إحسان لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...)، «سورة النحل: الآية 90». وقال الديب: «لقد تعددت مجالات التطوع إلى عمل الخير في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بحيث لا يقتصر العمل التطوعي على نقاط محدودة حسية أو معنوية، بما لا ينتبه إليها الكثيرون، ولا تدخل في تقديراتهم إلى مجال العمل التطوعي، ومن ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه- ولو شاء أن يمضيه أمضاه- ملأ قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل،. منزلة عظيمة أما الدكتور منصور مندور، من علماء وزارة الأوقاف المصرية، فقال: «العمل التطوعي له منزلة جليلة في الإسلام، وقد دعا القرآن الكريم إلى العمل التطوعي والتعاون والتشارك في الخير والبر، فقال تعالى: (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى? وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ...)، «سورة المائدة: الآية 2»، وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في فعل الخير والأعمال التطوعية قبل البعثة وبعدها، وهو ما يتضح من قول السيدة خديجة فيه لما نزل عليه الوحي وجاء يرجف فؤاده: كلا والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتُقري الضيف، وتعين على نوائب الحق».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©