الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغول الاستيطان... بعد تصويت الأمم المتحدة

تغول الاستيطان... بعد تصويت الأمم المتحدة
5 ديسمبر 2012
جويل جرينبرج القدس أعلن مسؤول إسرائيلي نافذ يوم الجمعة الماضي أن نتنياهو رخص لبناء 3 آلاف منزل جديد ويخطط لبناء آلاف أخرى إضافية في مستوطنات الضفة الغربية وفي القدس الشرقية، وذلك بعد يوم على تصويت الأمم المتحدة على رفع وضع فلسطين هناك إلى دولة مراقب. وهذه الخطوة الاستفزازية، التي تعتبر أول رد إسرائيلي على قرار المنظمة الدولية، أثارت تنديدات حادة من المسؤولين الفلسطينيين وانتقادات من واشنطن، التي دعمت إسرائيل في الأمم المتحدة؛ حيث يقول المنتقدون إن مخططات البناء بالقرب من القدس من شأنها أن تقطع الاتصال الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، مما يضر على نحو خطير بآفاق قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. وفي هذا الإطار، قال المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض تومي فيتور: «إن هذه الأعمال تؤدي إلى نتائج عكسية وتزيد من صعوبة استئناف مفاوضات مباشرة أو تحقيق حل الدولتين»، مضيفاً «إننا نعيد التأكيد على موقفنا القديم من النشاط الاستيطاني والبناء في القدس الشرقية والإعلانات عنه». وتابع فيتور يقول: «إن المفاوضات المباشرة تظل هدفنا، ونحن نشجع كل الأطراف على اتخاذ الخطوات التي من شأنها تسهيل تحقيق ذلك الهدف». ومن جانبه، قال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، إن إسرائيل، بموافقتها على مزيد من عمليات البناء في المستوطنات «تتحدى كل المجتمع الدولي وتلح على نسف حل الدولتين». غير أن المسؤول الإسرائيلي المذكور لم يحدد الموقع الذي ستبنى فيه 3 آلاف منزل، ولكنه قال إن المناطق التي ستعرف عمليات «تخطيط ومسح» إضافية من أجل بناء مساكن ستشمل التكتلات الاستيطانية الإسرائيلية الكبيرة في الضفة الغربية، ومن بينها بلدة معالي أدوميم شرق القدس ومنطقة تربطها بالمدينة، تعرف باسم «إي 1». ومن المعروف أن الولايات المتحدة تعارض بشدة البناء الإسرائيلي في تلك المنطقة، إذ تقول إن ربط «معالي أدوميم» بالقدس من شأنه أن يفصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، مما يقلص إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة جغرافياً. والجدير بالذكر في هذا السياق أن إسرائيل كانت قد علقت خطوات للبناء في تلك المنطقة، وإن كانت قامت ببناء مقر شرطتها في الضفة الغربية هناك، إضافة إلى طرق وإنارة وبنية تحتية من أجل إمكانية بناء أحياء سكنية هناك مستقبلاً. وحسب تقارير تناقلتها بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن إدارة أوباما كانت حذرت نتنياهو قبل عملية التصويت في الأمم المتحدة من رد قاس ومن البناء في منطقة «إي 1». وفي هذا السياق، يقول دانييل سيدمان، وهو محام وخبير إسرائيلي في القدس قدم موجزاً للمسؤولين الأميركيين حول الموضوع، إن قراراً بتشجيع البناء في منطقة «إي 1» يمثل «ضربة قاتلة لحل الدولتين لأنه سيقطع أوصال أية دولة فلسطينية ممكنة ويحولها إلى كانتونات، ما يجعلها غير قابلة للحياة، كما أنه سيعزل القدس الشرقية عن محيطها في الضفة الغربية». وأضاف سيدمان قائلًا إن التخطيط للبناء الجديد هناك يمكن أن يستغرق ما بين ستة إلى تسعة أشهر. وللتذكير، فإن الفلسطينيين يسعون إلى إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية، ويرفضون استئناف المفاوضات المعطلة مع إسرائيل طالما هي مستمرة في توسيع المستوطنات. وفي هذا السياق، تقول حنان عشراوي، وهي مسؤولة فلسطينية رفيعة، في معرض تعليقها على آخر مخططات إسرائيل الاستيطانية: «كيف يمكنك أن تتفاوض في وقت يقومون فيه بسرقة الأرض؟». وكان نتنياهو دعا إلى استئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة مجادلًا بأنها ستشمل كل المواضيع الجوهرية المتنازع عليها، ومن ذلك المستوطنات. وبعد التصويت في الأمم المتحدة، اتهم نتنياهو الفلسطينيين بخرق اتفاقيات موقعة بين الجانبين بخصوص التفاوض حول اتفاق سلام، محذراً من أن إسرائيل سترد على ذلك. هذا ومن المتوقع أن تجتمع القيادة الفلسطينية خلال الأسبوع المقبل من أجل بحث ودراسة خطواتها المقبلة بعد القرار الأممي، الذي صوتت فيه أغلبية ساحقة في الجمعية العامة لصالح رفع وضع فلسطين من مراقب إلى دولة مراقب غير عضو. وكانت الولايات المتحدة واحدة من بين ثماني دول صوتت مع إسرائيل ضد القرار مجادلة بأن التصويت يحكم بشكل مسبق على نتيجة المفاوضات. وفي يوم الأحد، وجهت حكومة نتنياهو ضربة مالية قوتها 120 مليون دولار إلى السلطة الفلسطينية المفتقرة إلى السيولة المالية بشكل كبير. فبصفتها الوصية على العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية، تمارس إسرائيل نفوذاً مالياً على السلطة الفلسطينية بفضل اتفاق ملحق باتفاقات أوسلو ويعرف باسم بروتوكول باريس. وتعتبر السلطة الفلسطينية مدينة لإسرائيل بقرابة 800 مليون شيكل (210 ملايين دولار) من فواتير الكهرباء غير المسددة علماً بأنها لم تدفع بعد رواتب نوفمبر. وقد كانت تعول على 460 مليون شيكل (120 مليون دولار) من عائدات نوفمبر الضريبية لصرف رواتب موظفيها. غير أن وزير المالية الإسرائيلي أعلن يوم الأحد أنه بدلاً من تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، فإن إسرائيل ستقتطع ذلك المبلغ كدفعة أولى من فاتورة الكهرباء المتأخرة المستحقة على السلطة الفلسطينية. ولئن كانت إسرائيل قد هددت بالامتناع عن تحويل عائدات الضرائب في حال مضى الفلسطينيون قدماً في التقدم بطلب رفع وضعهم في الأمم المتحدة، إلا أنها عبرت أيضاً عن القلق من أن الأزمة الاقتصادية المزمنة والعميقة في الضفة الغربية يمكن أن تفجر حالة أكبر من الاضطراب -وبالتالي تشكل تهديداً ممكناً لأمن إسرائيل. وبالعودة إلى موضوع الاستيطان، فقد قامت إسرائيل بغزو القدس الشرقية والضفة الغربية في حرب عام 1967 ضد جيرانها العرب. ومنذ ذلك الوقت، احتلت القدس الشرقية وأعلنت القدس عاصمتها الموحدة والأبدية دون أن يعترف العالم بذلك. غير أن الفلسطينيين يعتبرون الضفة الغربية محتلة وأرضاً تعود إليهم، وفي نهاية المطاف، يقول الفلسطينيون، فإن قبول دولة على حدود ما قبل عام 1967 لا يمثل سوى 22 في المئة من فلسطين التاريخية. ولكن حكومة نتنياهو أخذت تصف الأراضي الفلسطينية بـ«المتنازع عليها»، وتقول إن التصويت في الأمم المتحدة إنما يمثل إعلاناً أحادياً بأن الأراضي الفلسطينية تشمل كل شيء داخل حدود ما قبل عام 1967 بدلاً من تسوية مشكلة الأراضي ضمن مفاوضات الوضع النهائي مثلما تنص على ذلك اتفاقات أوسلو عام 1993. غير أن الفلسطينيين يقولون إن انتهاكات إسرائيل المستمرة في القدس الشرقية والضفة الغربية، حيث تضاعف عدد السكان الإسرائيليين تقريباً إلى أكثر من 500 ألف منذ أوسلو، هو سياسة أحادية واضحة. وتقول إسرائيل إنها لم توافق بشكل صريح على وقف بناء المستوطنات في اتفاقات السلام السابقة؛ إلا أن ما يعرف باتفاقية أوسلو 2 لعام 1995، تم الاتفاق فيه على أن «ينظر الجانبان إلى الضفة الغربية وقطاع غزة كوحدة ترابية واحدة، يتم الحفاظ على وحدتها ووضعها خلال الفترة الانتقالية». ويجادل الفلسطينيون وأنصارهم بأن نمو المستوطنات والبنى التحتية المرتبطة بها مثل الطرق، يُضعف وحدة وسلامة أراضي الضفة الغربية -وبالتالي آفاق حل الدولتين. ويقول سيدمان في هذا الصدد: «إنني لا أعتبر النشاط الاستيطاني منسجماً» مع ذلك الجزء من اتفاق أوسلو 2، مضيفاً «بالنسبة لي، الأمر كله يتعلق بوضع مثل حالة البيتزا... إنك تطلب بيتزا، وتأتي البيتزا إليك، وبعد ذلك تتحدث حول الكيفية التي ستقسم تلك البيتزا بها -إلا أن أحد الجانبين يستطيع أكل البيتزا بينما المفاوضات جارية. فهل يبشر ذلك بقسمة عادلة لهذه البيتزا؟». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©