صناعة «رسوم الكرتون» تنطلق في العالم العربي

صناعة “رسوم الكرتون”، ذلك العالم المليء بالحركات والأصوات والألوان، وبشقيها ثنائي وثلاثي البعد، لم تعد كما كانت عليه في السابق، فالتنافس في هذا المجال أصبح يجاري التنافس في مجال صناعة “الهواتف الذكية” مثلاً، وشغف الشركات الكبرى لجني المزيد والمزيد من الأرباح من هذه الصناعة، أدى إلا اشتعال سوق المنافسة فيما بينها، وبالتالي أدى إلي ظهور وسطوع نجم شركات جديدة لم تكن ضمن إطار هذه المنافسة. ولكن السؤال الذي يحوم في أفق صناعة “الرسوم المتحركة”، أين الشركات العربية من هذه الصناعة؟ مؤخراً وتزامناً مع احتفالات دولة الإمارات العربية المتحدة باليوم الوطني الـ 40، انطلق في مدينة دبي معرض “دبي كركتر 2012” ، والذي يستقطب سنوياً عشرات الشركات العالمية المتخصصة في صناعة “رسوم الكرتون” من مختلف الدول، وآلاف الزوار المتخصصين، وأصحاب الشركات ورجال الأعمال المهتمين بعالم صناعة رسوم الكرتون. حيث يعتبر هذا المعرض من أكبر المعارض في هذه الصناعة على مستوى العالم العربي، وهو الذي يعقد بشكل سنوي منتظم في هذه الفترة. حيث كانت “الاتحاد” في قلب الحدث، لتطلع على آخر وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في عالم “رسوم الكرتون”. دخول المنافسة خلال فترة تواجدنا في المعرض، شاهدنا عشرات الشركات المتخصصة في صناعة الكرتون على المستوى العربي، وحتى على المستوى الأجنبي والتي توجه إنتاجها للمشاهد العربي ولعل على رأسها كانت شركة “كرتون نتورك”، والتي جاءت إلى المعرض ومعها العديد من المسلسلات والأفلام الموجهة إلى المشاهد العربي، وكان من بين هذه الشركات أيضاً، العديد من الشركات التي جاءت بألعاب إلكترونية موجهة أيضاً للاعب العربي. وخلال تواجدنا في المعرض، قمنا بمقابلة إحدى الشركات العربية الرائدة في مجال صناعة الكرتون، والتي تمكنت، وفي وقت قصير جداً، من لفت الأنظار إليها وإلى أعمالها. وهي شركة “سكيتش إن موشن” ومقرها الأردن، والتي تمكنت وفي فترة وجيزة، من دخول سوق صناعة رسوم الكرتون بقوة، ما أهلها للتعاقد مع أحد أكبر أقطاب قنوات البث العربية، شركة “إم بي سي”، وذلك من خلال المسلسل الكرتوني “مصاقيل”، الذي كان يعرض على القناة رمضان الماضي. والذي لاقى نجاحاً منقطع النظير، تفوق من خلاله على العديد من المسلسلات والبرامج التي كانت تعرض في تلك الفترة، وحاز أعلى المراتب في نسب المشاهدة. حيث قمنا بطرح بعض الأسئلة على المخرج مؤيد زيدان، مخرج وصاحب فكرة المسلسل، للتمكن من معرفة كيف يمكن للشخص العادي أن يصبح رسام كرتون ماهراً؟ وسألناه: ? هل تعتقد أن الشركات العربية بدأت بالمنافسة حقاً في هذا المجال؟ فأجاب: صناعة الكرتون لها أهميتها الكبيرة في مجال صناعة الثقافة والتوعية في عالمنا العربي، فهذه الصناعة ذات أبعاد كبيرة من ناحيتين اقتصادية وثقافية. حيث كنا في السنوات السابقة نستورد هذه الصناعة بشكل كامل من الدول الأجنبية واليابان، وكانت مشبعة بثقافتهم وأفكارهم الخاصة ولكن في السنوات الأخيرة كانت بداية ثورة لهذه الصناعة في الوطن العربي، ومحاولة إنتاج أعمال عربية ذات ثقافة وهوية عربية، فتنوعت الأعمال سنة تلو الأخرى، وذلك لإقبال الناس الشديد على مشاهدتها، فبذلك نستطيع ان نقول إننا دخلنا في خضم المنافسة في هذه الصناعة الكبيرة، ولكن لنكون منطقيين تنحصر هذه المنافسة الآن داخل وطننا العربي فقط، ونحلم أن ندخل ضمن المنافسة العالمية في صناعة الرسوم المتحركة في السنوات القادمة. ? .. وهل بإمكان الشركات العربية الصغيرة الدخول في هذا السوق؟ نحن من الشركات التي بدأت صغيرة من غير تمويل ورأس مال، حيث إن راس مالنا الوحيد هو حبنا لصناعة الرسوم المتحركة. فإذا كان هناك حب لهذا المجال مع وجود موهبة قوية وإرادة، فهناك فرصة قوية للشركات الصغيرة، خصوصا أن هذه الصناعة ما زالت في بدايتها في الوطن العربي. دراسة الرسوم المتحركة ? وكيف كانت بداية مشوارك، وهل تنصح الشباب بتعلم هذه الصناعة؟ بداية مشواري في صناعة الرسوم المتحركة بدأت منذ الصغر، عندما كنت أشاهد مسلسلات الكرتون كباقي الأطفال، ولكن بالنسبة لي عندما يبدأ مسلسل الكرتون كانت تصيبني حالة من الانبهار وأتأمل خطوط الرسم للشخصيات، وأحاول أن أعيد رسمها على دفتر الرسم الخاص بي، وفي نفسي كنت أدرك أن حلمي وهدفي هو أن أعيش في هذا العالم وان أكون جزءا منه. وعندما أنهيت تعليمي الثانوي تمنيت أن أدرس صناعة الرسوم المتحركة ولكن للأسف لم أجد أي معهد أو جامعة في وطننا العربي متخصصة في هذا المجال، بالإضافة إلى أنه لم يكن لدي القدرة المادية للدراسة في الولايات المتحدة أو دول الغرب بشكل عام، فقررت تعليم نفسي أسرار هذه الصناعة والتكنولوجيا المستخدمة فيها، ورغم فقر المصادر التعليمية في تلك الفترة، لكن هاجسي الوحيد كان عشقي لهذه الصناعة. ومن جانبي أنصح جيل الشباب تعلم هذه الصناعة بشقيها الثنائي والثلاثي البعد، لفقر سوقنا العربي بالعاملين في هذا المجال، ولكن عليك أولاً أن تمتلك الموهبة اللازمة لدخولك لهذا المجال وأن تتعلم هذه الصناعة بأسلوب علمي، إما عن طريق التعلم الذاتي أو الانتساب لأحد الجامعات أو المعاهد المتخصصة. مسلسل «المصاقيل» ? ما هي التكنولوجيا التي استخدمتموها في صناعة مسلسل “المصاقيل”؟ العنصر الأول والاهم في صناعة هذا المسلسل كان عنصر الرسم اليدوي والذي نفذه مجموعة من الرسامين العرب الموهوبين، حيث اعتمدنا على تقنية الرسم “رسمة تلو رسمة” لإنتاج الحركة، ثم يدخل العنصر التكنولوجي فيما بعد الرسم حيث استخدمنا تكنولوجيا 2.5 D والتي تقوم على تصميم خلفيات ثلاثية الأبعاد ودمجها مع الشخصيات الثنائية الأبعاد عن طريق طبقات كثيرة لدمج العالمين ببعضهما وهي التقنية المستخدمة في أفلام “والت ديزني”. ? كم من الوقت استغرق إنتاج المسلسل وكم عدد الموظفين الذين شاركوا فيه؟ استغرق إنتاج المسلسل منذ بداية الفكرة لإخراجه بصورته النهائية للبث، ما يقارب السنة، وعدد فريق العمل في مجال التحريك، ما يقارب 14 شخصا. ? هل هنالك دعم مادي ورعاية لمثل شركتكم أو غيرها على المستوى العربي؟ بصراحة بالنسبة لشركتنا لم نتلق الدعم من أي جهة، لكن أتوقع في دول الخليج وخصوصا الإمارات العربية المتحدة هناك دعم كبير من الدولة لهذه الصناعة. ? كم عمر شركتك، وعدد موظفيها؟ عمر شركتنا الآن ما يقارب الخمس سنوات، وعدد موظفينا 16 موظفاً، ونقوم الآن بخطة توسعية للعام القادم. أسلوب وضع الأفكار ? كيف تقومون بوضع الأفكار لمشاريعكم؟ قد نختلف عن غيرنا في أسلوب وضع الأفكار، حيث إننا نبدأ بالشخصيات قبل القصة والسيناريو، حيث نقوم بتخيل الجو العام وطبيعة الشخصيات وأشكالها وطبيعة علاقتها ببعضها البعض، ثم نبدأ برسم كل شخصية على حدة، ثم نقوم بعمل اجتماع للفريق الإبداعي، وبجمع الشخصيات معاً ومناقشة الفكرة العامة للمسلسل واقتراح أفكار لحلقات المسلسل، ووضع عناوين لها ثم تلخص الأفكار وتعطى للكتاب الذين يباشرون بكتابة السيناريو للمسلسل. ? هل هنالك جزء ثان من مسلسل “مصاقيل”؟ بعد نجاح الجزء الأول واحتلاله المركز الأول في نسبة المشاهدة في السوق السعودية، سيكون هناك جزء ثان، وستتضاعف مدة الحلقة الواحدة من 5 دقائق إلى 10 دقائق وستكون هناك مفاجآت وشخصيات جديدة في الجزء الثاني. مسلسل ثلاثي الأبعاد ? هل تنوون الدخول في سوق البعد الثلاثي لرسوم الكرتون؟ نحن الآن نقوم بإنتاج أول مسلسل ثلاثي الأبعاد من إنتاج شركتنا وهو موجه للأطفال وسيكون إنشاء الله بمستوى عال يفتخر به المشاهد العربي. ? ما هي مخططاتكم وأحلامكم للمستقبل؟ طموحنا وأحلامنا كبيرة ومنها كما ذكرنا، صناعة فيلم سينمائي عربي عالمي، وان يكون لنا بصمة في صناعة الرسوم المتحركة في الوطن العربي والعالم، ومن أهم مخططاتنا في 2012، هو صناعة فيلم قصير بمستوى احترافي يشارك في المهرجانات العربية والعالمية.