الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكريسماس.. ومفاجأة هافانا لكاراكاس!

26 ديسمبر 2014 22:39
أعلن الرئيس الكوبي راؤول كاسترو في بيان هذا الأسبوع من العاصمة هافانا بداية حقبة جديدة من التقارب مع الولايات المتحدة. وافتقرت كلمة كاسترو للخطابة الرنانة المعتادة ضد الإمبريالية. وشكر كاسترو بكياسة الرئيس أوباما والفاتيكان وكندا لأدوارهم في حدوث هذه الانفراجة. وانتهز راؤول الفرصة ليعلن أيضاً أن شقيقه فيدل كان قد عبر في أحيان كثيرة علناً وسراً عن رغبته في توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة. وقد أثارت الأنباء حماس كثير من الكوبيين. ولكن الإعلان نزل كدلو ماء بارد على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الداعم المالي لفترة طويلة للحكومة الكوبية والمناهض العتيد للإمبريالية. وعلى رغم العلاقات الدبلوماسية الوثيقة بين البلدين، بل والصلة القوية بين المخابرات في هافانا وكاراكاس، يبدو أن الخبر فاجأ مادورو فعلاً. ومع أن انباء صفقة كاسترو مع أوباما انتشرت بالفعل حول العالم صباح الأربعاء الماضي، فقد تجاهلت أجهزة الإعلام بكراكاس التي تخضع لسيطرة مشددة من طرف الحكومة الفنزويلية الخبر لعدة ساعات منتظرة إشارة من مادورو بدلًا من المغامرة بنشر قصة دون موافقة تحريرية مسبقة. ثم تحدث الرئيس الفنزويلي نفسه في قمة إقليمية في الأرجنتين أخيراً وركز كلية على الإفراج عن السجناء الكوبيين ولم يشر ولو بكلمة واحدة إلى إصلاح العلاقات أو احتمال تخفيف الحظر على كوبا القائم منذ 64 عاماً. وبعد فترة قصيرة بدأت التقارير عن التحول في العلاقات الأميركية الكوبية تظهر في وسائل الإعلام الفنزويلية، ولكن الأمر اقتصر على تبادل الأسرى، ولم تتناول الجوانب الدبلوماسية إلا في المساء، وبحذر. وهذه لحظة حرجة بشكل خاص لمادورو حيث يقيم أقرب حليف إقليمي لبلاده علاقة طيبة مع أكبر خصم لبلاده وهو «الإمبراطورية الشمالية» التي تحظى عادة بكثير من نقده وقدحه. وقد وصلت علاقات مادورو مع واشنطن في الآونة الأخيرة إلى مستوى متردٍّ جسده قرار الكونجرس في الأسبوع الماضي بإقرار عقوبات تستهدف مسؤولين فنزويليين ضالعين في «أعمال عنف كبيرة أو انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان» أثناء الاحتجاجات التي انتشرت على امتداد البلاد في وقت مبكر من العام الجاري. وبدوره ألقى مادورو الأسبوع الماضي خطباً ملتهبة ضد «عجرفة اليانكي». ونظمت في كاراكاس مسيرة برعاية الدولة ضد الإمبريالية. وكل هذا يتناقض مع رغبة كوبا في إقامة علاقات دبلوماسية مع واشنطن. وعلى رغم سنوات من الخطاب الاشتراكي الفخم والوعود المتبادلة وأكثر من عقد من الصداقة الشخصية بين شافيز وفيدل فقد أدرك النظام في هافانا بوضوح أنه قد حان الوقت للتكيف مع هذا العالم المتغير. فقد بوغتت كوبا التي ظلت تعتمد اقتصادياً على سخاء حلفائها الأيديولوجيين لعقود بالانهيار المفاجئ للاتحاد السوفييتي. وأدى هذا الخطأ إلى سنوات من النقص المروع في السلع الأساسية والفقر واسع النطاق مع فترات من المجاعة الفعلية حتى ظهر شافيز كراع جديد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ومنذ ذاك الوقت تلقت كوبا عطايا مالية كبيرة قدرت بنحو خمسة مليارات دولار سنوياً. وفي السنوات القليلة الماضية أعادت هافانا بيع فائض ما تتلقاه من نفط فنزويلا ليصبح مصدرها الحيوي للعملة الأجنبية. وفي المقابل، قدمت كوبا مصداقية ثورية وصداقة قومية وأطباء ليحلوا محل الطبقة المهنية الهاربة من فنزويلا، وخدمات «المستشارين» لتدريب قوات الأمن والمخابرات العسكرية. وكانت هذه صفقة ممتازة للنظام الكوبي ولكن توقيت صفقة أسرة كاسترو الجديدة مع الولايات المتحدة صادف أيضاً دخول فنزويلا مرحلة من تراجع العائدات. وقلصت كاراكاس بشدة دعمها لبرنامج «نفط الكاريبي» (بتروكاريبي) الذي تعطي فنزويلا بموجبه النفط مدعوم السعر إلى أصدقائها في المنطقة. وصرح أحد الأشخاص من داخل النظام لكاتب هذه السطور في الآونة الأخيرة بأن فنزويلا قلصت دعمها لكوبا بنحو 20 في المئة في الشهور القليلة الماضية. وتستطيع أموال السياحة الأميركية في المستقبل وزيادة تحويلات المغتربين وإمكانية دخول الأسواق الأجنبية أن تحل محل إعادة بيع النفط الفنزويلي. وقد اتضح أن زعماء كوبا أقل استعداداً لترك بلادهم نهباً لتقلبات العائدات الفنزويلية. وكانت الولايات المتحدة وكوبا بدأتا فيما يبدو محادثاتهما السرية في يونيو عام 2013 بعد أسابيع فحسب من وفاة شافيز وتنصيب مادورو رئيساً. ومن الواضح أن قلة من المراقبين يعتقدون أن مادورو قادر على التكيف مع انهيار فنزويلا الاقتصادي في ظل انخفاض أسعار النفط في العالم إلى أقل من60 دولاراً للبرميل وفي عالم قد يصبح لهافانا فيه سفير في واشنطن قريباً دون أن يكون لكاراكاس سفير هناك. دانيال لانسبيرج - رودريجيث ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» *كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©