الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تطبيق معايير «بازل 3» على البنوك المصرية خلال أسابيع

تطبيق معايير «بازل 3» على البنوك المصرية خلال أسابيع
15 ديسمبر 2013 21:46
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ يبدأ البنك المركزي المصري خلال الأسابيع القليلة القادمة، تطبيق خطة توفيق أوضاع البنوك المصرية مع المعايير المصرفية العالمية الجديدة المعروفة باسم معايير “بازل 3”. ورغم أن هذه المعايير تمثل تحدياً كبيراً للبنوك المصرية في الظروف الراهنة، على خلفية واقع اقتصادي مرتبك ويتعرض لضغوط هائلة، فإن البنك المركزي اتخذ خلال اجتماعه الأخير هذا القرار استعداداً لمرحلة ما بعد بازل، والتي من شأنها أن تحدث تغييرا جذريا في طبيعة النشاط المصرفي في العالم. وتشمل المعايير الجديدة “بازل 3” مجموعة من المحددات المتعلقة بآليات الرقابة الداخلية بالبنوك وشفافية حركة الأموال سواء عبر التحويلات الداخلية والخارجية أو عبر عمليات السحب والإيداع اليومية إلى جانب معايير اكثر تشدداً فيما يتعلق بقواعد الحوكمة والإفصاح وإعداد القوائم المالية للبنوك وفق أسس محاسبية جديدة تعزز معدلات الاحتياطي وكفاية رأس المال والمخصصات وغيرها من البنود المالية التي تؤدي إلى تحديد الأرباح الحقيقية للبنوك مقارنة بما كان يحدث من قبل حيث كانت الأرباح لا تعبر بالضرورة عن واقع وحقيقة المراكز المالية للبنوك. ومن المنتظر أن يبدأ تطبيق المعايير الجديدة عبر تجربة اختبارات التحمل والتي تعني وضع البنوك تحت ضغوط رقابية شديدة لمعرفة قدرتها على التعامل مع هذه الضغوط وطبيعة الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها نتيجة تعرضها لهذه الضغوط. استثمارات أجنبية وأكد محمود عبداللطيف الرئيس السابق لبنك الإسكندرية - سان باولو أن السوق المصرفية المصرية تمثل عنصر جذب أمام الاستثمارات الأجنبية قياسا إلى أوضاع السوق، وهناك فرص هائلة أمام البنوك لاجتذاب عملاء جدد، أي يمكن مضاعفة عدد العملاء مرة واحدة على الأقل خلال عشر سنوات، الأمر الذي يعني أن السوق في حاجة إلى ضعف الخدمات المالية المتاحة الآن. وأشار عبداللطيف إلى التوسعات العمرانية الهائلة التي تشهدها البلاد في المدن الجديدة والمناطق الصناعية والمواني ومشروع تنمية منطقة خليج السويس، موضحا أن ذلك يعني فرصا هائله للتوسع الجغرافي أمام البنوك وافتتاح فروع جديدة. وقال “إذا كان لدينا الآن اقل من خمسة آلاف فرع، فإن السوق في حاجة إلى ضعفي هذا العدد من الفروع، لاسيما أن البنية التحتية للقطاع المصرفي تسمح بمثل هذا التوسع على مستوى الإقليم، بل للمنافسة على المستوى العالمي. ويستند البنك المركزي المصري في قراره لبدء تطبيق معايير “بازل 3” على البنوك العاملة في مصر في هذه المرحلة إلى مجموعة من المؤشرات النقدية التي تبرهن على متانة أوضاع هذه البنوك وقدرتها الكبيرة على تحمل الضغوط التي تعرضت لها على مدار العامين الماضيين، ليس ذلك فحسب، بل مساندة الاقتصاد الكلي، عبر توفير السيولة اللازمة وعدم التوقف عن ضخ الائتمان في أصعب الأوقات، سواء كانت ائتمان موجها للشركات أو للأفراد، الأمر الذي ساعد الاقتصاد الكلي على تجاوز مصاعب المرحلة الماضية. كما يراهن البنك المركزي على تطبيق معايير “بازل 3” في القطاع المصرفي في مصر لتأهيل قطاع الخدمات المالية بصفة عامة لممارسة دور أكثر تأثيراً في رسم المسار المستقبلي للاقتصاد الكلي والمساعدة على اجتذاب استثمارات أجنبية جديدة للسوق، حيث تلعب الخدمات المالية ومدى تطورها في أي بلد دورا في قرار الشركات المتعددة الجنسية على وجه الخصوص في دخول سوق هذه البلد أو العزوف عنها. تطبيق المعايير وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن الخطوة التالية لعملية تطبيق المعايير هي إلزام كافة البنوك العاملة في السوق المصرية بزيادة رؤوس أموالها لتحقيق مبدأ كفاية رأس المال، حيث من المنتظر أن يصدر قرار برفع الحد الأدنى لرؤس أموال البنوك إلى مليار جنيه، بدلا من 5 ملايين، مثلما هو حادث حاليا، الأمر الذي يضع مساهمي البنوك الصغيرة أمام اختيارين لا ثالث لهما، يتمثل الأول في ضرورة الالتزام أو خفض نسبة مساهماتهم في هيكل الملكية وإفساح الطريق أمام دخول مساهمين جدد، خاصة أن البنك المركزي لا يمنح تراخيص لإنشاء بنوك جديدة ويدفع المؤسسات المالية العربية والأجنبية الراغبة في الدخول إلى السوق المصرية إلى شراء كيانات وبنوك قائمة بالفعل، بدلا من إنشاء بنوك جديدة، وهو ما حدث مع العديد من البنوك العربية التي دخلت السوق المصرية مؤخراً، حيث قامت بشراء وحدات مصرفية قائمة بالفعل. أما الخيار الثاني أمام هؤلاء المساهمين في البنوك الصغيرة، فيتمثل في اندماج اكثر من بنك في كيان مصرفي كبير، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي بمرور الوقت إلى تغيرات جذرية في خريطة البنوك المصرية. وحسب هذه المعلومات أيضا، فإن عملية زيادة رؤوس أموال البنوك المصرية سوف تتم على مرحلتين الأولى الوصول بالحد الأدنى من رأس المال إلى مليار جنيه، بينما تستهدف المرحلة الثانية أن يكون الحد الأدنى هو ملياري جنيه – بما يوازي 3 ملايين دولار، علما بأن مقررات بازل تطالب بأن يكون الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك الخاضعة لهذه المعايير هو نصف مليار دولار، مع إعطاء مهله زمنية تمتد لنحو 5 سنوات، للوصول إلى هذا المعدل، بما يعزز من القاعدة الرأسمالية للبنوك، وبالتالي خفض معدلات المخاطر في العمليات الخارجية لهذه البنوك، لاسيما على صعيد تمويل حركة الصادرات والواردات للدول الموجودة فيها مع العالم الخارجي. تعافي الاقتصاد وتأتي خطة البنك المركزي المصري لتطبيق هذه المعايير الجديدة في وقت تبدو فيه مؤشرات عديدة لتعافي الاقتصاد المصري تتمثل في العودة التدريجية للنشاط السياحي وبدء تدفق موجة من الاستثمارات العربية وبعض الصناديق السيادية الكبرى في العالم، وفي مقدمتها الصندوق السيادي الروسي، الذي أعلن مسؤولية إمكانية استثمار نحو 10 مليارات دولار في قطاع الطاقة والبتروكيماويات المصري في المرحلة القادمة. كما تشمل هذه المؤشرات حدوث تقدم طفيف في معدل النمو الذي حققه الاقتصاد المصري خلال الربع الأول من العام المالي 2013-2014 وهي الفترة من يوليو إلى سبتمبر- والتي تخللتها اضطرابات سياسية – حيث كسر معدل النمو حاجز 2? لأول مرة منذ انتفاضة 25 يناير 2011، وبلغ المعدل المبدئي 2.6? ، الأمر الذي يعزز آمال الحكومة بإمكانية وصول معدل النمو إلى 3? مع نهاية العام المالي في يوليو 2014 ويؤكد قرار البنك المركزي بتطبيق المعايير المصرفية العالمية الجديدة إمكانية حدوث تحسن مضطرد في أوضاع الاقتصاد المصري خلال الشهور القليلة الماضية، حيث إن تكلفة تطبيق هذه المعايير بالنسبة للبنوك سوف تكون مرتفعة، وبالتالي كان لابد من التأكد من قدرة البنوك على تحمل فاتورة هذه المعايير المتشددة، الأمر الذي يرى معه خبراء مصرفيون ورؤساء بنوك أن القرار في حد ذاته يبعث برسالة ثقة حول مستقبل الاقتصاد المصري وأنه قادر على تجاوز آثار العامين الماضين بسرعه كبيرة. وقال هؤلاء المصرفيون إن تطبيق معايير “بازل 3” على البنوك المصرية باعتبارها أول بنوك عربية تخضع لهذه المعايير من شأنه أن يعزز من متانة أوضاع هذه البنوك ويؤكد قدرتها العالية على التحمل وفتح آفاق جديده للصناعة المصرفية، حيث إن تطبيق هذه المعايير في سوق ما يعني إمكانية انفتاحه واندماجه مع السوق المصرفية العالمية، وبالتالي يمكن أن تكون هذه الخطوة مقدمة لدخول بنوك أجنبية جديدة في مصر لاسيما في ظل الفرص الهائلة التي تتيحها هذه السوق لمثل هذه البنوك في المستقبل القريب على أصعدة التشغيل والاستثمار والربحية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©