الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خان مرجان: تحفة جمالية هربت من التاريخ واستقرت في دبي

خان مرجان: تحفة جمالية هربت من التاريخ واستقرت في دبي
3 يونيو 2007 00:21
محمود الحضري: تزامن ظهور ''الخان'' في المدن العربية الإسلامية المختلفة في القرن الرابع عشر مع فترة اشتهرت بالعديد من المهارات الحرفية والفنية· وكان ''الخان'' بمثابة ''أتيلييه'' في عصرنا الحالي يتجمّع فيه الفنانون وأصحاب الفنون الحرفية لإحياء فنونهم وصياغتها· ومع مرور السنوات، اختفت الخانات تحت رمال الصحراء العربية، واندثر العديد منها، وكادت تندثر فنون إسلامية بهرت العالم لقرون طويلة، بل أكثر من ذلك اندثرت أنامل فناني هذه العصور، ومن بقي منهم يكاد لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، وحتى هؤلاء توقف الطلب عليهم· إلا أن مبادرة جديدة من دبي، وتحديدا من مدينة وافي، جاءت محاولة جيدة لإحياء السوق القديم ''خان مرجان'' من جديد من خلال مشروع يعتبر بمثابة استكشاف لهذه التحفة الفنية، وإعادة بناء أحد أهم الجواهر الفنية الإسلامية بنفس تفاصيلها المستوحاة من الأندلس وجبال أفغانستان وتركيا والمغرب ومصر وسوريا· صورة طبق الأصل أهم ما يميز هذا المشروع الروح الفنية والحضارية التي تغلب على الفهم التجاري، حيث جرى تجهيز السوق بمختلف أعمال الديكورات للحفاظ على وحدة الموضوع الفني، مع التدقيق في اختيار المستأجرين من أصحاب الحرف اليدوية وتجار التحف دون غيرهم، والبعد عن أي ''عصرنة'' للسلع المباعة، ليعود ''خان مرجان'' من التاريخ بكل تفاصيله ليخاطب العالم من جديد، من خلال تحفة فنية رائعة في تفاصيلها· تحفة ''خان مرجان'' المعمارية تخرج إلى النور في دبي خلال سبتمبر ،2007 قادمة من القرن الربع عشر لتستقر في القرن الحادي والعشرين عبر ''وافي سيتي''، وقد صيغت وفق بناء الخان الإسلامي القديم في مناطقه الأربع، وبكل مكوناته وتفاصيله بما في ذلك البضائع والشبابيك والجدران والأبواب والأرضيات، مما سيجعله واحدا من أهم المزارات الثقافية والفنية والترفيهية التي يتوقع أن تكون إضافة مهمة للمنتج السياحي في دولة الإمارات· عصر النهضة الإسلامي مصمم المشروع الآثاري الدكتور محمود مبروك يقول: ''كل مكونات المشروع تحاكي ما يمكن تسميته بعصر النهضة في العمارة والفنون الإسلامية، فالساحة الرئيسية مستوحاة من طراز الهندسة الأموية، وتضم مطعما في الهواء الطلق، ويضم سقفا يمكن استعماله عند هطول المطر، أو عند هبوب العواصف الرملية· وسيستطيع كل من يرتاد المطعم الاستمتاع بمشاهدة العجلة المائية الضخمة التي تعمل بالطريقة التقليدية وتتبع نفس طريقة أسلافنا في جمع المياه· ويستخدم المطعم الراقي أسلوب الطهي القديم على الحطب والفحم، ويقدم أشهى الأطباق التقليدية، من مختلف البلدان العربية مع الخبز الطازج، ويمتد على طابقين تحت سطح الأرض، يرتبطان بفتحات تضيف نوعاً من الرحابة للمكان· وسيحيي ''خان مرجان'' اساليب التجارة التقليدية من خلال تصاميم مميزة لمختلف المتاجر، وتمتد الفنون لمختلف مكونات المشروع بما في ذلك دورات المياه المشيّدة بأعمدة من الحجر الطبيعي والنحاس، ويعلو الموقع حديقة مزينة بتماثيل أبدعها عدد من الفنانين العرب· سوق تراثي بالكامل ويوضح مبروك بأن العمل في ''خان مرجان'' بدأ قبل عامين تحت سطح الأرض، لعزل المكان عن آثار تسرب المياه، لتبدأ بعد ذلك رحلة الاستكشاف وصياغة تفاصيل المكان فنيا وثقافيا ومعماريا، ليصبح أول مشروع من نوعه يعيد إحياء تراث الأجداد في صيغته الأولى، حيث حرصنا على أن تحاكي مختلف التفاصيل الواقع الفعلي للخان القديم في مواقعه الأربعة التي اخترناها، بما في ذلك النقوش وأعمال الحفر، والحوائط، وقمنا بتصنيع مختلف المواد الخام الخاصة بتشييد السوق في مواقعها، وبلدانها الأصلية، بما في ذلك مواد البناء، وقمنا بتدريب الحرفيين على تصنيع المواد الخام وحفر وصناعة الأبواب والأرضيات والشبابيك· و ''خان مرجان'' سيصبح سوقاً تراثياً إسلامياً متكاملاً في الشكل والمضمون، بما في ذلك الديكورات، والبضائع، فلن نسمح ببيع أي منتج عصري، فكل البضائع المباعة تراثية وحرفية لنحافظ على الخان القديم، ونجعل منه مزارا سياحيا، وتحفة تراثية، قبل أن يكون موقعا تجاريا· عوالم أسطورية ويؤكد مبروك بأن ''خان مرجان'' نسخة تراثية أسطورية ستروي لزوار دبي تاريخ هذا الزمان، وما شهده من طفرة فنية في التصاميم المعمارية الإسلامية والعربية، وهو في الوقت نفسه، إضافة جديدة للطرز المعمارية في دبي المعاصرة، وتعلو ''خان مرجان'' حديقة قديمة تتوسطها ساقية تراثية إسلامية بحجمها الطبيعي تدور على مدار الساعة بنفس تقنيات الماضي· وبعد افتتاح السوق في سبتمبر المقبل يستطيع الزوار الاستمتاع بمشاهدة الفنون الإسلامية التي ترسم تشكيلات فائقة الروعة والجمال على أسطح البلاط والسيراميك، وأن يتنسموا عبق الفن الإسلامي التقليدي في كل زوايا المكان· وتوجد في الخان 240 وحدة مصممة تبعاً لمعايير فنية وجمالية، ومخصصة للمحلات والمطاعم والمقاهي وأماكن التجمع، ويرتبط بمركز وافي وفندق رافلز دبي· ويقع الخان في مستويين تحت الأرض، ويضم محلات تعرض مستوى رفيعاً من المشغولات والأعمال الفنية· وباكتمال السوق، سوف يكون بوسع أفضل فناني العالم استغلال محلاتها لصياغة وتصميم وإنتاج تحفهم الفنية من الأعمال الزجاجية والسجاد الفارسي، والأواني الفخارية أمام الجمهور مباشرة· قطعة من الماضي يعمل في ''خان مرجان'' فريق متخصص من الخبراء يحرصون على متابعة كل التفاصيل من المنظور التاريخي بغاية الدقة والصرامة، وتحديد الفروق بين ما هو أصيل وغير أصيل، ورفض أي فكرة لا تتوافق مع منهجية العمل التراثي، والتأكد من أن كل شيء يتماشى مع السوق الأصلي· وبين هؤلاء الخبراء تشكيلة واسعة من الفنانين من جنسيات عديدة (ليبيا، تونس، لبنان، سوريا، المغرب، تركيا، عمان، وأفغانستان) وذلك ليخرج المشروع بالشكل الذي يحاكي واحدة من أهم الفترات التاريخية الإسلامية· ولتحقيق هذا الهدف قام فريق العمل بأكثر من 20 زيارة إلى كل من مصر وتركيا والمغرب وسوريا، كما قام بزيارات إلى أهم الأسواق في العالم الإسلامي لإحضار أكثر الفنيين خبرة وإلماماً بفنيات العمل للعمل في خان مرجان وبيع أعمالهم الفنية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©