السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

استخراج الغاز الصخري في أوروبا يصطدم بارتفاع التكلفة

استخراج الغاز الصخري في أوروبا يصطدم بارتفاع التكلفة
16 ديسمبر 2011 22:34
غّير الغاز الصخري سوق الطاقة الأميركية تغييراً شاملاً. إذ زاد إنتاجه اثنا عشر ضعفا منذ عام 2000 إلى 4,9 تريليون قدم مكعبة أو ربع إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من الغاز. وبحلول عام 2035 قد تصل هذه النسبة إلى النصف. ومع ضخامة انتشار الغاز الصخري تهاوت أسعاره. ومنذ وقت ليس بالطويل، كانت الولايات المتحدة تعتمد على واردات الغاز الطبيعي المسال. أما الآن فمن المرجح أن تصير مصدراً له، وهو الأمر الذي أثار اهتمام أوروبا. لدى أوروبا غاز صخري قابل للاستخراج بكميات لا تقل كثيراً عن الموجود منه في الولايات المتحدة، حيث تبلغ احتياطيات أوروبا من الغاز الصخري 639 تريليون قدم مكعبة فيما تبلغ الاحتياطيات الأميركية منه 862 تريليون قدم مكعبة، بحسب الوكالة الأميركية لمعلومات الطاقة. غير أن الغاز القابل للاستخراج فنياً لا يعني أنه مجز اقتصادياً، بحسب بيتر هيوز الخبير في مؤسسة ريكاردو ستراتيجيك الاستشارية. ذلك أن التكلفة أعلى في أوروبا لعدة أسباب، أولاً صعوبة أوروبا الجيولوجية، حيث إن معظم ترسيبات الغاز الصخري أكثر عمقاً في باطن الأرض وأكثر صعوبة من حيث الاستخراج. ثانياً، لدى الولايات المتحدة خبرة طويلة بعمليات حفر آبار النفط والغاز الصخري، وهو ما أنشأ صناعة خدمات بترولية ضخمة واقتصادية التكلفة تتميز بمعدات تخصصية، ومعرفة وخبرة كبيرة، هذا في الوقت الذي تكاد أوروبا تفتقر إلى كل ذلك. ارتفاع التكلفة ففي عام 2008 في ذروة ازدهار الغاز الصخري في الولايات المتحدة، كان هناك 1600 حفار نفط وغاز صخري تعمل في الولايات المتحدة، أما في أوروبا فلا يوجد الآن سوى 100 حفار فقط. ونظراً للمنافسة الشديدة بالولايات المتحدة، فإن أسعار الغاز تنخفض، حيث يتكلف تطوير بئر غاز واحدة في أوروبا نحو 14 مليون دولار، ما يساوي ثلاثة أمثال ونصف التكلفة الأميركية، بحسب تقديرات دويتش بنك. ثالثاً، تواجه صناعة الغاز الأميركية قوانين أقل صرامة من قوانين أوروبا. ورابعاً توجد شبكة عنكبوتية من خطوط الأنابيب في الولايات المتحدة، الأمر الذي يسهل لشركات الحفل ضخ إنتاجها مباشرة في السوق وهو ما لا يتوفر في أوروبا. تتطلع بعض الدول الأوروبية إلى تحقيق ما حققته أميركا من نجاح في مجال الغاز الصخري. وأصدرت بولندا التي لديها على الأرجح أكبر حقول غاز صخري في أوروبا، تراخيص استكشاف لأكثر من 20 شركة. وتم بالفعل حفر آبار استكشافية، غير أن رئيس الوزراء البولندي صرح بأن الإنتاج التجاري لن يبدأ إلا في عام 2014. أما الدول الأوروبية الأخرى فهي أقل حماساً في شأن الغاز الصخري لأسباب أهمها الاعتبارات البيئية. فلدى فرنسا احتياطيات غاز صخري وفيرة، غير أنها فرضت حظراً مؤقتاً على عمليات التفتيت الهيدروليكي التي تستخرج الغاز من الصخور الجوفية انتظاراً لنتائج تقييم المخاطر التي تشمل إمكانية تلويث المياه الجوفية بالمواد الكيماوية الموجودة في سوائل التفتيت وتسرب غاز الميثان الذي يفاقم من مشكلة رفع درجات حرارة العالم. وهناك خطر آخر يتمثل في أن عمليات التفتيت قد تتسبب في زلازل أرضية، ذلك أنه تم مؤخراً رصد أنشطة زلزالية قريباً من بئر استكشافية في بريطانيا. إن هذه المخاوف حقيقية ومنتشرة، ففي شهر أغسطس حذت جنوب أفريقيا حذو فرنسا وفرضت حظراً على عمليات التفتيت الصخري. ويقتضي الأمر مزيداً من الدراسات والتجارب قبل أن يطمئن جميع المعنيين على سلامة هذا النشاط. كما يخشى الأميركيون أيضاً من تأثيرات عمليات التفتيت الهيدروليكي على البيئة. ولكن خشية الأوروبيين أكبر لأسباب عدة منها أن غرب أوروبا أكثر كثافة سكانية من أميركا بفارق كبير، ذلك أن استخلاص الغاز الصخري أكثر ضرراً من استخلاص النفط والغاز التقليديين، حيث إنه لا بد من حفر عدد من الآبار أكثر كثيراً من عدد الآبار اللازم لإنتاج نفس كمية الغاز التقليدي. كما أن عمليات التفتيت الهيدروليكي تحتاج إلى كميات هائلة من المياه توردها أساطيل من الصهاريج الضارة أيضاً بالبيئة، وسيكون السكان القاطنون قريباً من موقع حفر أوروبي أكثر كثيراً من السكان القاطنين قريباً من موقع أميركي، ولذلك ستكون الاعتراضات على تصاريح الحفر أكثر حدة. كما أن الإطار القانوني مختلف أيضاً، ففي أميركا تعود حقوق حفر المناجم إلى صاحب الأرض، أما في أوروبا فهي عادة تعود إلى الدولة. ولذلك فحين يرى أصحاب الأرض الأميركيون الحفارات، فإنهم يرون فيها مكاسب مالية، أما أصحاب الأرض الأوروبيون فلا يرون سوى حفارات ضارة (ويختلف الوضع في أميركا لو أن الغاز يقع في أرض فيدرالية، وفي هذه الحالة لا يكون من السهل استخراج تصاريح الحفر). من المعتاد أن تلزم العقود الأميركية شركات الغاز بالاستمرار في إنتاج الغاز بصرف النظر عن أحوال السوق. ولذا يظل الغاز متدفقاً سواء ارتفعت أسعاره أو انخفضت (كما هي في الوقت الراهن). ويظل يحصل أصحاب الأراضي على رسوم حق الاستغلال سواء كانت الشركة تربح أو تخسر. أما في أوروبا فالعقود لا تنص عادة على أحكام من هذا القبيل. في أميركا هناك إجماع على الاستفادة من صناعة الغاز الصخري حسب بول ستيفنس الخبير في مركز تشاثام الاستشاري، أما في أوروبا فإن معظم التوجهات تميل إلى العكس باستثناء البعض. ذلك أن الأوروبيين ربما يكونون حريصين على الحفاظ على البيئة ولكنهم حريصون أيضاً على تأمين موارد الطاقة وبأسعار معقولة. الاستيراد من الخارج يشتري عديد من الدول الأوروبية الغاز من روسيا وهي دولة تستخدم النفط والغاز كسلاح للضغط على جيرانها، وربما يكون ذلك هو السبب وراء إسراع بولندا إلى التوجه نحو الغاز الصخري، فهي لا تطمئن لنزوات روسيا. كما أن أوكرانيا وهي دولة قلقة أخرى أرست مؤخراً تراخيص استكشاف على إكسون موبل وشل وشركتي الطاقة الغربيتين. تبلغ أسعار الغاز الأوروبي نحو ضعف أسعار الغاز في الولايات المتحدة، ما يعد حافزاً كبيراً لشركات استخراجه. ففي أوروبا يرتبط سعر الغاز التقليدي إلى حد كبير بأسعار النفط ويورد الغاز في عقود طويلة الأجل تنص على حد أدنى من الأحجام بصرف النظر عن أحوال السوق. وهذا يجعل الغاز الصخري المنتج محلياً المورد بشروط مرنة أكثر جذباً. كثيراً ما تقلل جاز بروم (شركة الغاز الروسية العملاقة المملوكة للدولة) من شأن استخراج الغاز الصخري، وهو ما يشير إلى استشعار تنفيذيي جاز بروم بعدم القلق في الوقت الراهن بالنظر إلى ما لدى الشركة من احتياطيات ضخمة من الغاز التقليدي. يذكر أن ثورة الغاز الأميركية بدأت منذ 20 سنة مضت، ولكن آثارها لم تستشعر إلا منذ خمس سنوات فقط. وقد يستغرق ذلك من أوروبا نفس الفترة، حسب ستيفنسن، ولكن حين تبدأ عمليات التفتيت الهيدروليكي بجد ربما تتغير سوق الطاقة الأوروبية أيضاً تغيراً كلياً. نقلاً عن: «ايكونوميست» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©