الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أبوظبي وتحديات الطاقة

أبوظبي وتحديات الطاقة
5 ديسمبر 2012
? ارتفعت مستويات المعيشة على مدار القرن الماضي، وواكب ذلك زيادة في استخدام الطاقة، وتشير الدلائل كافة إلى استمرار هذا الاتجاه على مدار المائة عام المقبلة، بيد أن حجم التحديات التي تواجه صناعة الطاقة آخذٌ في الازدياد أيضاً. وفي ظل نضوب مكامن النفط والغاز، بدأت تكلفة الطاقة في الارتفاع، وأصبح حدود تلوث الهواء أكثر صرامة، وبات الحفاظ على الطاقة أمراً أكثر تعقيداً، وفي الوقت نفسه يشهد الطلب على الطاقة تزايداً مطرداً، في ظل افتقار ما يقرب من 1,3 مليار شخص في جميع أنحاء العالم إلى الكهرباء. تمتلك أبوظبي، وبحمد الله، ما يوازي 8% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، غير أننا لسنا بمعزل عن تحديات الطاقة السائدة في العالم، فنحن نواجه عدداً من التحديات لنظام الطاقة كذلك، ويتطلب التصدي لتلك التحديات المزيد من الابتكار والمشاريع الكبرى في السنوات المقبلة. ومن أهم تلك التحديات مواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء، حيث تضاعف الاستهلاك خلال السنوات العشر الماضية، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الاستهلاك مرة أخرى قبل نهاية هذا العقد؛ ولذا تقوم شركة أبوظبي الوطنية للطاقة “طاقة” بتدشين محطة كهرباء جديدة كل 18 شهراً. ويكمن التحدي الآخر الذي لا يقل أهمية، في جعل نظام الطاقة أكثر استدامة، ومن هنا أتت الرؤية السامية لقيادتنا الرشيدة بضرورة تنويع مصادر الطاقة، وإيجاد حلول بديلة من خلال الأساليب العلمية المتطورة، وقد بدأنا نرى نتائج هذه الرؤية ملموسة على الأرض مثل إطلاق برنامج الطاقة النووية المدنية، والذي تم تدشينه أوائل هذا العام، وسيكون له مساهمةً كبيرةً في تنويع مصادر الطاقة بالبلاد، وسيقلل في الوقت نفسه من البصمة البيئية. كما ستفتتح شركة “مصدر” قريباً أول مشروع واسع النطاق للطاقة الشمسية في الإمارة، بينما تعمل “طاقة” على تطوير محطة لتحويل النفايات إلى طاقة، إذ لا يقتصر تحويل النفايات إلى طاقة على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة بطريقة فعالة من حيث التكلفة فحسب، لكنه سوف يقف حائلاً أمام طمر مئات آلاف الأطنان من النفايات في الصحراء كل عام. إن احتياطيات النفط في أبوظبي كما أسلفنا كبيرة، مما يتيح استمرار إنتاجها وفق المعدلات الحالية لمدة 100 عام أو أكثر، ولكننا في حاجة دائمة إلى إجراء التحليلات السيزمية المتقدمة لفهم هذه الاحتياطيات بصورة أفضل، هذا إلى جانب القيام باستثمارات كبرى، وفي تقنيات مبتكرة للحصول على أعلى قيمة ممكنة من هذه الأصول، الأمر يجعلنا بحاجة إلى أعداد متزايدة من المهندسين والجيولوجيين الإماراتيين المهرة القادرين على التصدّي لهذه التحديات. فعلى سبيل المثال، فقد ابتكرت الصناعة في الولايات المتحدة أساليب لضخ المياه تحت ضغط عالٍ في مكامن النفط والغاز، للوصول للاحتياطيات التي يصعب الوصول إليها، وقد فتحت تقنية التكسير الهيدروليكي، التي باتت معروفة في الآونة الحالية، وتقنيات أخرى مثل المسح الجيولوجي ثلاثي الأبعاد والحفر الأفقي باب النقاش حول خيارات الطاقة التي يواجهها العالم، وأسهمت أيضاً في تحول مشهد الطاقة على المستوى العالمي. وقد بلغ إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية أعلى مستوى له منذ 14 عاماً، ومن المتوقع أن تحقق هذا البلاد، التي كانت تعد المستورد الأكبر للنفط في العالم، اكتفاءها الذاتي من الطاقة بحلول عام 2030، وأدى ذلك إلى تغيير موازين أسواق الطاقة العالمية، ومن المتوقع أن تصبح أميركا الشمالية مُصدراً رئيساً للغاز الطبيعي، وقد يذهب الجزء الأكثر من صادراتها إلى آسيا في شكل غاز مسال. ونعد في “طاقة” جزءاً من هذا التوجه العالمي الرئيسي من خلال عمليات النفط والغاز التي نجريها في المملكة المتحدة وكندا كشركة وطنية من أبوظبي، ويحتاج هذا النوع من المشاركة توجهاً مؤسسياً خاصاً، فهو يتطلب استثمارات استراتيجية متوسطة وطويلة المدى، بالإضافة قدرات علمية وفنية عالية، وقد قطعنا شوطا مهما كشركة رائدة من أبوظبي في هذا المجال، وكشريك استراتيجي للدول والشركاء في جميع أنحاء العالم لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة عن طريق توفير المياه النظيفة والطاقة المستمرة لمجتمعاتها السكانية المتزايدة. ففي هولندا على سبيل المثال، أصبحت أبوظبي شريكاً مهماً للحكومة في مجال الطاقة مع اقترابها من نهاية عصرها كمُصدّر للنفط والغاز، وقد دشنت “طاقة” خلال الأسبوع الماضي العمل على تحويل مكمن غاز ناضب إلى أكبر موقع مفتوح لتخزين الغاز في شمال أوروبا، وسيسهم هذا المشروع العملاق في تعزيز أمن الطاقة لأوروبا، إذ سيعمل بمثابة حاجز استراتيجي لأي انقطاع في واردات الغاز من النرويج وروسيا. وفي تركيا، تمت دعوة شركة “طاقة” لتقديم عرض لتطوير مجموعةٍ من مكامن الوقود الطبيعية، لتعزيز أمن الطاقة في تركيا والحد من اعتمادها على الغاز المستورد، وإذا ما تم المضي قدماً في هذا المشروع، فمن المتوقع أن يدوم بقاء هذا المشروع لأكثر من عقد من الزمن، وسيكلف أكثر من 10 مليارات دولار، غير أنه سيضيف بدوره بعداً تجارياً كبيراً لعلاقة إمارة أبوظبي الإستراتيجية مع تركيا. أما في إقليم كردستان العراقي، فتقوم “طاقة” حالياً بترسيخ علاقات دبلوماسية قوية، لتكون بمثابة شريك متكامل في مجال الطاقة، التنقيب عن النفط والغاز وتوفير الطاقة المُلحّة. كما يسهم هذا النمو في خلق فرص لأبناء الوطن، فإدارة هذه الأصول العالمية يخلق الحاجة إلى الإدارة ذات المهارات العالية في أبوظبي، وبمناسبة اليوم الوطني الذي ستشهده البلاد خلال شهر ديسمبر، ستشُدّ “طاقة” رحالها إلى مقرها الجديد في مربعة الصوة في أبوظبي، الذي سيستوعب 150 من المتخصصين لإدارة عمليات الشركة الممتدة عبر 11 بلداً في العالم. وفي ظل هذا التوجه العالمي، تعمل “طاقة” على خلق ثقافة متماسكة موحدة لشركة “طاقة” في جميع أنحاء العالم، ويساندها في ذلك قوة عمل متنوعة تشمل أبناء الوطن لمنحهم الفرصة للتنافس في تحديات الطاقة في المستقبل الدكتور سيف صالح الصيعري الرئيس التنفيذي لقطاع حلول الطاقة بشركة طاقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©