الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

دعوة للصلح الأيديولوجي مع أميركا

3 يونيو 2007 01:37
الاتحاد - خاص: ''تابعوا دبيب اللوبي اليهودي في الأروقة والردهات الحسّاسة في واشنطن'' صحيح أن الإدارة ''تتفهّم'' أن الأكثريّة الساحقة من العرب تقف بقوّة ضدّ الإرهاب (وتدعو للتعاطي مع جذوره)، غير أن هناك من يرسم الخط الايديولوجي للولايات المتحدة ويقدم العرب - دوماً- على أنهم الخطر الآتي من كوكب آخر، من حضارة أخرى· والنتيجة وضع العرب في الزنزانة، فلماذا لا يُعقد مؤتمر للصلح بين الطرفين، أي العرب والأميركيين· المقصود صلح إيديولوجي - ربما- طالما أن الصلح الاستراتيجي قائم؟ مؤشّرات كثيرة تدلّ على أنّ المستشرق البريطاني ''برنارد لويس'' الذي طالما اقترب من العرب، قبل أن يبدأ حملة شرسة عليهم، دخل في مرحلة متقدّمة من الهذيان· سأل ما إذا كان هناك خطة مبيتة لاختراق أميركا بواسطة··· الإسلام· تحدّث عن محاولات عبر ''نقاط الضعف''، أي عبر المجموعات الزنجيّة، متوقفاً عند ظاهرة ''محمد علي كلاي''، وظاهرة ''فاراخان''، ولكن جرى رصد هذه المحاولات بدقة وفاعليّة إلى أن اضمحلت تدريجاً، لأنّ الذين تولّوا تسويق أفكارهم ومعتقداتهم لم يكونوا على دراية تامّة بـ''روح'' المجتمع الأميركي· باستطاعة ''لويس'' أن يقول كل شيء الآن، فالتداعيات الناجمة عن أحداث 11 سبتمبر،2001 جعلت كل ما يُقال عن الإسلام يصدَّق، دون أن يبقى سرا أنّ هناك منظمات أو هيئات عملت على ترويج كتيبات قيل إنها صادرة عن مراجع دينية في الشرق الأوسط (وبعضها يحمل أسماء أشخاص باكستانيين)، تطرح مسألة علاقة الإسلام بالعالم بطريقة ساذجة، وكاريكاتيرية· أحد الكتيبات ينقل كلاماً ملفقاً لشخصيّات عربيّة أو إسلاميّة حول ضرورة غزو أميركا وإخضاعها، كشرط إلهي، لظهور يوم القيامة· محاولات الحاخامات اللافت أن يكون هناك مَن يصدّق تلك الأضاليل، فالذين يعتنقون البوذية في الولايات المتحدة - بدافع التوتر السيكولوجي الذي لا بد أن ينشأ في مجتمع شاسع وفسيفسائي ويكرّس أيديولوجيا القوّة - أكثر من الذين يعتنقون الإسلام، ناهيك عن اعتراضات أساقفة كاثوليك، وبصورة شبه مستمرة، على محاولات الحاخامات ''ابتلاع المسيحية في أميركا''، حتى أن هناك هيئات تطوّعت لتوزيع العهد الجديد مجاناً، بعدما تمّ التركيز على التوراة، وعلى التلمود، على أنهما الأساس، فيما المسيحية، حسب ادعاء الحاخامات، ليست سوى أحد تفرعات اليهودية من الناحية اللاهوتية وأيضا من الناحية العقائدية· الواقع أنّ هناك جماعات يهوديّة أو مسيحيّة صهيونيّة لعبت دوراً شديد الأهمّية في تشويه صورة العرب (والمسلمين) الذين أدانت أكثريتهم الساحقة الاعتداءات التي حصلت في نيويورك وواشنطن، ناهيك عن مدن أوروبية وآسيوية وافريقية· صحيح أن هناك مجتمعات عربيّة وإسلاميّة تعيش حالة من القهر، لكن أحداً لم يفكر بقتل الأبرياء بتلك الصورة المخيفة·· قنبلة نووية في نيويورك ذات يوم، وبعدما أطلق الرئيس ''رونالد ريجان'' برنامج ''حرب النجوم''، فكرت الاستخبارات السوفيتية (ك·ج·ب) في تهريب قنبلة نووية إلى نيويورك للضغط من أجل وقف ذلك المشروع الذي يلحظ إقامة منصّات فضائيّة مزوّدة بمدفعيّة لأشعة ليزر وجزيئيات الكترونية من شأنها تدمير أي صاروخ عابر للقارات خلال 7 أو 8 ثوان من إطلاقه، ولكن صُرِفَ النظر عن تلك الخطة الجهنمية التي قيل انه كان من شأنها أن تشعل الحرب العالمية الثالثة· الذي حدث في 11 سبتمبر جعل رجلاً مثل ''جيمس شليسنجر''، وهو وزير سابق للدفاع وعضو في مجلس سياسات الدفاع الذي كان يرأسه ''ريتشارد بيرل''، يقول ''إن شيئاً ما يشبه الصاعقة النووية سقط على نيويورك''· وكما هو معروف، فإنّ الرئيس ''وودرو ويلسون'' خاض الحرب العالمية الأولى خارج الأرض الأميركية، وكذلك فعل الرئيس ''فرنكلين روزفلت'' في الحرب العالمية الثانية الذي حدث حرب داخل أميركا· العرب ذهلوا الأميركيون ذهلوا أكثر·· هل حقاً أن تلك الواقعة هي التي حملت الرئيس ''جورج دبليو بوش'' على الانقلاب على أبيه؟، فعندما انتخب رئيساً، كان العرب مقتنعين بعودة نجوم مدريد، ولم يدر العرب ماذا يعني إبعاد ''جيمس بيكر'' و''برنت سكوكرفت''، وهما من ألمع رجال الأب، عن الإدارة الجديدة، فيما أحاط بالرئيس فريق عقائدي يضم ''ديفيد فروم'' و''وليم كريستول'' و''ريتشارد بيرل'' و''اليوت ابرامز'' و''دوجلاس فايث'' و''بول وولفوويتز'' و''كارل روف''· الكهوف وناطحات السحاب ربما كان تأثير هؤلاء أقلّ لو لم يحدث ما حدث في برجَي مبنى منظمة التجارة العالميّة والبنتاجون· المواقف التي صدرت عن جماعات متشدّدة أوحت بأنها الحرب، مع أن الجانب الاستعراضي والسيكولوجي من العملية كان واضحاً جداً· كتب ''وليام سافاير'' عن الصراع بين كهوف ''تورا بورا'' وناطحات السحاب· لكن تورا بورا في أفغانستان، لا تعكس على الإطلاق المفهوم العربي في المواجهة· العرب عاتبون بل ومستاؤون، وهم يتساءلون: ''أين أميركا؟''، لا بل إن الطريق الذي سلكته خريطة الطريق، مع استحداث اللجنة الرباعيّة الدوليّة، أظهر أنّ العرب يعامَلون كحلفاء من الدرجة الثانية أو الثالثة، فيما تتحدّث ''جين كيركباتريك''، وهي تشكّل إحدى زعامات المحافظين الجدد، عن ''العلاقات الإلهية'' بين أميركا وإسرائيل! الانجليز فعلوا بالعرب ما فعلوه بعدما وضعت الحرب العالمية أوزارها، الأميركيون فعلوا بالعرب ما فعلوه بعدما توقفت رياح الحرب الباردة، تاركين المحيط بترسّباته الجيوبوليتيكيّة والامبراطوريّة ينتفخ وصولاً إلى إثيوبيا، حتى أنه أنيطت بهذه الأخيرة التي استولت على إقليم أوجادين الصومالي ''تحرير'' الصومال من حكم المحاكم الإسلامية، فيما جامعة الدول العربية تتفرّج، والبلد يزداد تمزقاً، مع تسجيل حالات أخرى في بلدان عربية أخرى، ودائماً مع ترك المحيط أكثر حرية في المنطقة· حتى أن وزير الخارجية الفرنسي الأسبق ''كلود شيسون'' سأل، في يوم من الأيام: ''مَن يضع العرب في الزنزانة؟''· أرض الميعاد وأرض العودة بعيداً عن دول عربية حققت ازدهاراً مثيراً، مع عيش مجتمعاتها في أمن وأمان، فإن وضع أكثرية العرب ليست كذلك· يقول الأمين العام لجامعة الدول العربية ''عمرو موسى'' إننا على خط القلق''· في أحيان كثيرة، يكون القلق، ضرورياً، وخلاقاً، في مسيرة الأمم· هنا يشلّ كل شيء تقريباً· بطبيعة الحال، إن عدم حلّ المشكلات المزمنة، والمحورية، جراحياً يفضي إلى استشراء التطرّف· هل الملف الفلسطيني معقّد إلى هذا الحد لا عودة، ولكن لا أحد يرى كيف يقتلع اليهود الهنود من أمكنتهم ويُنقلون إلى إسرائيل حيث أرض الميعاد بالنسبة إلى الفلسطينيين يفترض أن تسقط أرض العودة·· العرب المعتدلون هم أكثرية العرب· هذا واضح· الحروب أرهقت كل شيء، السياسة، الاقتصاد، الثقافة· العرب خسروا الكثير من أعصابهم، ومن أزمنتهم، ولكن أين السلام؟ ربما كانت الإجابة ذات بُعد درامي: سلام على السلام! البعض يقترح مؤتمرا للصلح الايديولوجي مع أميركا نقول كل شيء ويقولون كل شيء ونتفق· هل نحن مختلفون فعلاً؟ الجواب في تلك الحرائق ومَن يضرمها·· إذاً، تابعوا دبيب اللوبي اليهودي في الأروقة، والردهات، الحسّاسة! أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©