الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الروسي.. والإنقاذ الصيني!

27 ديسمبر 2014 22:15
شكراً للصين لأن مسؤولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصندوق الآسيوي للتنمية، لم يتبقِّ أمامهم الكثير من العمل المضني للتكفل بالأمر وتقديم المساعدة لإنقاذ الاقتصاد الروسي. ويدل هذا التحرّك الصيني الذي أعقب تنفيذ حملة أخرى لمساعدة كل من فنزويلا والأرجنتين، على نهاية «نظام الغابة البريطانية» Bretton Woods System الذي يعود لفترة ما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والذي كان يرمي إلى إدارة المشاكل المالية والتجارية للدول الصناعية. كما يعدّ هذا التحرك مؤشراً لبداية نهاية الدور الأميركي الفعّال في معالجة مشاكل الاقتصاد العالمي، ونهاية عصر التأثير الياباني في اقتصاد آسيا. فماذا يمكن للاستثمارات الصينية في مشاريع البنى التحتية الآسيوية أن تعني غير إطلاق رصاصة الرحمة على البنك الآسيوي للتنمية ADB؟ وإذا أعرضت اليابان التي تعد الأهم الأكبر في ذلك البنك عن المشاركة في رئاسة هيئته الإدارية مع نظيراتها من الدول الآسيوية الكبرى، فإن بكين لن تتردد في مدّ يديها إلى جيوبها العامرة لإنقاذه. ويضاف إلى ذلك أن المؤسسات المصرفية العالمية المذكورة تتطلع بدورها إلى مستقبل تتكفل فيه بكين قبل واشنطن بالتعامل مع الحكومات الغريقة التي تئن تحت وطأة مشاكلها وأزماتها المالية. ولازالت الصين تعمل بجدّ لتفعيل دورها كمقرض عالمي. وبالطبع، ليست حكومة الرئيس الصيني «زي جينبينج» مهتمة إلى حد كبير بتطوير وترقية اقتصادات الدول والحكومات الأخرى، ولا بالصحة والعافية الاقتصادية للأنظمة المالية العالمية الكبرى مثل أنظمة الضرائب والخزائن البنكية. ويمكن القول بمعنى أوضح إن الصين لا تهتم إلا بالولاء لها وتأييد سياساتها. وقد يثير هذا الطرح بعض الغموض وضبابية الرؤى. فإذا كان صحيحاً أن روسيا والأرجنتين وفنزويلا ليست في حالة وئام مع الولايات المتحدة وحلفائها، فماذا عن أوروبا؟ لقد فضلت دول منطقة «اليورو» اللجوء إلى بكين في عامي 2011 و2012 من أجل إنقاذ أسواقها للسندات والأصول المالية المدفوعة باليورو عبر المشتريات الضخمة منها. ويمكن للمرء أن يتوقع حدوث الكثير من مثل هذا التوجّه في عام 2015. فما الذي سيحدث لو أن اقتصادات وحكومات دول نامية تمتد من الهند حتى إندونيسيا اتجهت هي أيضاً إلى طلب المساعدة من الصين؟ ولماذا يفترض في دول مثل كمبوديا ولاوس وفيتنام أن توافق على الشروط المجحفة لصندوق النقد الدولي في وقت تجد فيه الصين وهي تهرع لتقديم «شيكات ضخمة» من دون شروط تذكر؟ لاشك أن برنامج الإنقاذ الصيني لروسيا بمبلغ 24 مليار دولار هو مؤشر لأمور يمكننا أن ننتظر حدوثها. وكثيراً ما رددت روسيا مقولتها الشهيرة بأن الرهان على فشلها خاسر على الدوام. والشيء ذاته ينطبق على الأرجنتين التي حصلت على 2,3 مليار دولار من الصين، فيما حصلت فنزويلا على 4 مليارات دولار. ويمكننا أن نستخلص من هذا السخاء أن سلبية السلوك السياسي هي التي تحظى بالمكافآت وحسن التقدير في العصر الصيني الجديد. وإذا كانت هناك لحظة مناسبة للرئيس أوباما حتى يسارع إلى تنفيذ مشروع «المحور الآسيوي» فهي اللحظة التي نعيشها الآن. وهناك الكثير مما يدفعنا إلى الخوف من ذلك السخاء في الأموال التي تغدقها الصين على دول مثل السودان وزمبابوي. وإذا كان مفهوم واشنطن للسياسات الاقتصادية الفعالة يفتقر إلى الدقة والحكمة، فهل يُعدّ النموذج الصيني لرأسمالية الدولة هو الخيار الأفضل؟ ومع تحول الصين إلى لعب دور «الطرف الذي يحضر الحلوى»، فإن دولاً مثل ميانمار ستتجنب تبني العملية المعقدة لبناء مؤسسات الدولة العصرية وتطوير الاقتصاد. وهنا يكمن خطأ الرهان على المساعدات الصينية. وليام بيسيك * * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©