الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمارات تتبنى مشروعاً متكاملاً ينفض غبار الإهمال عن «الضاد»

الإمارات تتبنى مشروعاً متكاملاً ينفض غبار الإهمال عن «الضاد»
17 ديسمبر 2013 01:08
يمثل الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية أهمية كبيرة بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية، لما للغة الضاد من مكانة عالية لدى أهلها، رغم تعرضها للإهمال والتهجين في مضمار خلط مفرداتها مع اللغات الأخرى خاصة على ألسنة طلبة الجامعات العرب. ويصادف الاحتفال بها في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وذلك بعد أن اعتمده المجلس التنفيذي لليونيسكو في الدورة الـ195، التي عقدت في أكتوبر من العام الماضي، إثر اقتراح تقدمت به كل من المملكتين العربية السعودية والمغربية. أشرف جمعة (أبوظبي) - على الرغم من إدراك اليونيسكو لأهمية اللغة العربية كونها واحدة من أقدم اللغات الحية التي كانت في يوم من الأيام لغة الحضارة؛ إلا أن هناك بعض الدول التي تبذل العديد من الجهود من أجل أن تعود العربية لحيويتها السابقة وتدفقها وجريانها على ألسنة أهل العربية بما يليق بهذه اللغة، وعلى رأس هذه الدول الإمارات العربية المتحدة، التي انطلقت من أرضها المبادرات اللماحة، والتي من المنتظر أن تحقق إنجازات رفيعة المستوى في المستقبل القريب خاصة أنها تضع أولوية خاصة في جعل الضاد لغة حياة، وضرورة تعبيرية يجب اكتسابها في مراحل التعليم المختلفة. تدابير عالية المستوى حول الخطوات، التي اتخذتها دولة الإمارات لتوسيع نطاق لغة الضاد، بالتزامن مع احتفالات اليوم العالمي للغة العربية، يقول أستاذ تدريس اللغة العربية في جامعة الحصن، وعضو لجان تطوير وتعليم اللغة العربية في الإمارات ودول الخليج الدكتور صالح نصيرات «اللغة العربية في الإمارات تحتاج إلى مزيد من الجهود من أجل تأسيس ثقافة القراءة، لكن المؤشرات التي تدل على أن الدولة اتخذت تدابير عالية المستوى في هذا الإطار، خاصة أن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله يولي اهتماماً كبيراً باللغة العربية، وكذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عبر مبادرة تطوير اللغة العربية، وما أفرزته لجنة تحديث اللغة المعنية بإصدار التوصيات، والتي تضم علماء وكتاباً ومفكرين من أجل الوصول إلى صيغ تناسب مستوى تعلمها، لذلك سمي التقرير «بالعربية لغة حياة»، بالإضافة إلى مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لدعم اللغة العربية بأساليب ذكية بهدف تعزيز العربية والتعليم من خلال أحدث الوسائل العصرية، وتهيئة المناخ المدرسي للإبداع اللغوي، فضلاً عن أنه بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية ينطلق مؤتمر تعليم العربية لغير العرب، وهو ما يسهم بجدية في إتاحة فرصة حقيقة لانتشار هذه اللغة الشهيرة في مختلف أرجاء العالم. ويذكر نصيرات أن مثل هذه المؤتمرات تصب في مصلحة اللغة العربية، وتساعد على تحديثها وتطوير طرق تعلمها في ظل التحديات التي تواجهها. ويؤكد أن الجهود الحثيثة التي تبذل على المستويات كافة في الإمارات تهيئ الطلاب إلى اكتساب مفرداتها في المراحل التعليمية الأولى، ومن ثم التحدث بها نطقاً وكتابة وفهماً وتعبيراً في المرحلة الجامعية، وصولاً إلى إدراك الطالب إلى أن لغته ترتبط بالهوية، فالعربية ترسخ مفاهيم الولاء والانتماء في حياة الأمم والشعوب، ولما كانت الإمارات من الدول التي تتبنى مشروعاً متكاملاً للارتقاء بهذه اللغة على المستويات كافة، فإن المستقبل الموعود يحمل الخير الكثير. ويلفت نصيرات إلى أن هناك تنافساً كبيراً بين الجامعات في الدولة والمؤسسات المعنية بالتعليم من أجل أن تستعيد لغة الضاد تألقها لوجود بعض اللغات المهيمنة، ولا يزال القائمون عليها يبذلون جهوداً حقيقية وواقعية في آن من أجل تيسير وتسهيل تعلم العربية من خلال تدريب المعلمين بأسلوب مشوق حتى ينقل المعلم خبراته إلى الطلاب ويربطهم بفنون ومهارات هذه اللغة، وحتى يتسنى أن يكون لهم أساليب قوية يستطيعون بها أن يشكلوا ملامح لغتهم في ظل وجود معامل الترجمة، وبنوك المصطلحات، وحركة الترجمة النشطة التي تتبناها مؤسسات التراث والثقافة بالدولة. دور الأسرة حول دور الأسرة في دعم استخدام اللغة العربية، يؤكد نصيرات أن الأسرة لها دور كبير في بناء جسور قوية للغة العربية داخل البيوت؛ فالمؤسسات الرسمية وحدها لا تمتلك كل مقومات ترسيخ هذه اللغة في نفوس النشء، لذا فالدور الأسري محوري وفاعل في هذه المنظومة؛ وذلك من خلال إنشاء المكتبات داخل البيوت؛ ومن ثم توفير بيئة تساعد على تقبل الأبناء لمعالم لغتهم الوطنية التي حين يكتسبونها بطريقة صحيحة يسهل عليهم بعد ذلك امتلاك أي لغة أخرى، مضيفاً «من الضروري أن تحفز الأسر أولادها على تعلم اللغة عبر أنشطة جذابة، ومنحهم الجوائز التي تخلق فيهم روح التنافس، ما له أعظم الأثر في نفوسهم، فأغلب شعب الإمارات متعلم، ما يوفر بيئة ثقافية مؤثرة لاكتساب مهارات اللغة العربية بين أفراد الأسرة الواحدة بمنتهى السهولة». وبالنسبة لآليات تنفيذ تعلم الضاد، وضرورة استثمار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في إطار تفاعلي، يوضح نصيرات أن القيادة الكريمة جعلت اللغة العربية اللغة الرسمية في البلاد، لذا فهي تستخدم في الهيئات كافة، وجميع المؤسسات وبكل الوسائل وهو ما يهيئ دورات تدريبية للموظفين من أجل اكتساب بعض المهارات الضرورية في الكتابة، وتلافي الأخطاء النحوية، ومن ثم التحدث بها بطلاقة وسلاسة، وهو ما يجعل صورتنا أمام الآخرين مشرقة لكوننا نجيد «لغتنا الأم» ونعرف كيف نستخدمها في جميع المواقف، وفي لغة المراسلات ومن الممكن أن يقدم مثل هذه الدورات التي ترتقي بالموظفين في مجلس أبوظبي للتعليم، وجمعية حماية اللغة العربية، ومعهد جامعة زايد المتخصص في تعليمها، وغيرها من المؤسسات والهيئات، التي من الممكن أن تحدث زخماً محبباً في هذا الأمر. ويلفت نصيرات إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية من الممكن أن يحمل دعوات طيبة، مثل «حدّث طفلك في المنزل باللغة العربية»، أو عبر تعليق لافتات في الشوارع والميادين تذكر الناس بهذا اليوم، ومن ثم تحثهم على الاهتمام بهذه اللغة القومية المهمة، وكذلك عمل مسابقات بين طلاب المدارس الذين يمتلكون مواهب في كتابة الشعر والقصة والمقال وأنماط الأدب العربي كافة، وكل ذلك من شأنه أن يساعد في خلق جو عام يجعل المجتمع بشرائحه كافة يقبل على استعادة الوجه المضيء للغة العربية. مبادرات كبرى يجزم الناقد والأستاذ الأدب المقارن الدكتور معن الطائي بأن اللغة العربية تواجه تحديات كبيرة في هذا العصر، ما يجعل الأمتين العربية والإسلامية في سباق مع الزمن، خاصة أن الأجيال الجديدة أصبحت صلتها بلغتها الأم ضعيفة جداً، نظراً للاهتمام بتعليم لغات أخرى، توهماًِ بأن سوق العمل يفضل دائماً الذين يمتلكون الإنجليزية والفرنسية على سبيل المثال. ويقول «اختارت منظمة اليونيسكو يوم الثامن عشر من ديسمبر كل عام يوماً عالمياً للغة العربية لأنه التاريخ، الذي قررت فيه المنظمة اعتبار العربية لغة من اللغات الرسمية لليونسيكو عام 1973، خلال الدورة الـ 28 للجمعية العامة للمنظمة الدولية، لافتا إلى أن الإمارات من الدولة التي أدركت الفراغ الكبير الذي تعيشه الأجيال الحالية، والتي نأت عن اللغة الأم، واتجهت إلى تلقي العلم بلغات أخرى، وهو ما يشكل خطراً كبير على لغة الضاد، فخرجت من رحمها المبادرات الكبرى، والتي انطلقت من جعبة القيادة الرشيدة بالدولة، وعلى مستويات عدة لكي يتم وضع العربية في إطارها الحقيقي. ويتابع الطائي «نحن في حاجة ملحة لاستغلال مثل هذه المبادرات بكل ما نملك من طاقات مادية وكوادر مؤهلة، مع الالتفات إلى تطوير منظومة تعليم اللغة العربية فالتحرر من الجمود الفكري، وإطلاق روح الابتكار لطرح أساليب تعليمية تتوافق مع طبيعة العصر الرقمي من الأهمية بمكان، فضلاً عن أن اللغة العربية واسعة الجذور ولديها بريقاً خاصاً وحضور كبير في حياة الإنسان العربي، لكن المشكلة الرئيسة التي تواجه المتلقي تتمثل في أن بعض مناهج اللغة في العديد من المؤسسات التعليمية لا ترقى لطموحات الدراسين، لكن في ظل التوصيات التي صدرت عن الاجتماعات الخاصة بمبادرات اللغة العربية كفيلة فور تنفيذها بإحداث طفرة هائلة في مستوى تطوير المناهج واستحداث أساليب جذابة من الممكن أن تسهم بقوة في تغيير منظومة التعليم، وهو ما ينعكس بالإيجاب على كل المؤسسات التعليمية المعنية بتعليم لغة الضاد. وحول كيفية استثمار هذا اليوم، يلفت الطائي إلى أنه من الضروري أن يتم استغلال الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، بعد أن أصبح يستند إلى صيغة دولية بإقامة ورشات خاصة بالقراءة الحرة، وعمل ندوات في المحيط الثقافي، وتوزيع منشورات تحس على إتقان هذه اللغة التي برع فيها الأوائل ووصلوا فيها إلى درجة العلم في إبان العصر الجاهلي وارتقى بها عصر صدر الإسلامي إلى أن بلغت أوج ازدهارها في القرون الثلاثة الأولى الهجرية، إذ إنه كان لزاماً على من يريد التحضر وينهل من معين العلم والمعرفة آنذاك أن يتعلم اللغة العربية هذه اللغة التي أظهرت براعة منقطعة النظير لشعراء وكتاب من جنسيات غير عربية، لكنهم بعد أن تعلموها وأتقنوها أصبحوا علامات بارزة في مسيرة الفكر الإنساني بما قدموا من مؤلفات كتبت بها. فرصة حقيقية يرى الكاتب والمخرج المسرحي صلاح كرامة، أن اليوم العالمي للغة العربية الذي يتزامن مع الثامن عشر من الشهر الجاري فرصة حقيقية لكي «نفكر بجدية في استعادة وجه الضاد الجميل على ألسنة الإنسان العربي والمسلم في كل مكان، وأن نبدأ من المراحل الأولى التي تتسع خلالها الذاكرة الإنسانية إلى استقبال هذه اللغة الجميلة، وأن نمرن أبناءنا على حفظ القصائد الشعرية وتمثلها، ونعيد لإلقاء الشعر مكانته السابقة في المدارس ونعود إلى المشغل الحقيقي الذي من خلاله يتعلم الأبناء الخطابة، ولن يحدث ذلك إلا من خلال تضافر الجميع وعلى المستويات كافة وخاصة المشهد الإعلامي الذي يتآزر معه المشهد الثقافي بقوة. إلى ذلك، يوضح «الإمارات تقف بقوة من أجل أن تتسع دائرة اللغة العربية ليس في محيطنا فقط ولكن في الأقطار كافة من خلال معاهد اللغة العربية والجوائز العالمية في الشعر والرواية، وهو ما يجعل الطريق معبدة من أجل يدرك الآباء والأبناء والمعلمون أن اللغة العربية تصلح لكل زمان ومكان، وأنه من الواجب أن نحميها ونحافظ على مفرداتها من الاندثار، وقد أخذت على عاتقي أن أؤثر في الشارع عبر مسرحياتي الفصيحة التي تعتمد على الأسلوب السهل الممتنع». مهمة الإعلام تبدي مقدمة البرامج بتلفزيون أبوظبي رحاب عبدالله سعادتها بالاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، وتأمل في ظل الطفرة الكبيرة التي يشهدها الإعلام المرئي في الدولة بأن تتسع رقعة البرامج التي من الممكن أن يتم من خلالها استضافة خبراء اللغة الذين بدورهم يقدمون وجبات توعوية في كيفية تعلم لغة الضاد. وترى رحاب أنه من الطبيعي أن يتقن الإعلامي لغته الأم لكون هذه اللغة هي ميراث الأجداد، والتي تحافظ على الهوية ومهمة الإعلام الذي يدخل إلى كل البيوت في أن يؤثر في نفوس أبناء هذا الجيل، ومن ثم ربطهم بكل السبل بلغتهم الوطنية التي تتمتع بجماليات لا حصر لها. جامعة الشارقة تخرج الدفعة الأولى من طلبة مركز اللغة العربية للناطقين بغيرها الشارقة (الاتحاد) - استغلت جامعة الشارقة مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف غداً، لتخريج دفعتها الأولى من طلبة مركز «اللغة العربية للناطقين بغيرها». في هذا الإطار، أكد الدكتور محمود ياقوت، رئيس قسم اللغة العربية في الجامعة، أن الاحتفال باللغة العربية لا يقتصر على يوم بعينه؛ لأن «احتفالنا بها يكون يومياً، ويتمثل في المحافظة عليها، والحرص على استعمالها، خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي، والابتعاد عن اللحن والخطأ»، موضحاً أن المحافظة عليها لا يعني عدم تعلم اللغات الأجنبية. من جهته، أوضح الأستاذ الدكتور أحمد فلاح العموش، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، أهمية مركز «اللغة العربية للناطقين بغيرها» في استقطاب الطلبة من جميع الجنسيات لتعلم اللغة العربية، مشيرا إلى أن احتفال الكلية مستمر، بالتعاون مع «المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج»؛ إذ يشارك الدكتور ياقوت بمحاضرة، بعنوان «هل أسهم الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعية في إعادة الشباب العربي إلى لغته؟». وفي ختام حفل التخريج، تم افتتاح معرض الاحتفال باللغة العربية، والذي تضمن كتباً وملصقات عن علماء اللغة والنحو والآداب والأشعار والحكم، إلى جانب لوحات لفن الخط العربي. مادة حياة لا يجد الكاتب والمخرج المسرحي صلاح كرامة غضاضة من أن يحاول الكتاب العرب أن يكتبوا مسرحيات ومسلسلات باللغة العربية، وأن يتجه المسرح إلى هذا اللون من الكتابة، وكذلك الدراما العربية حتى تنشط هذه اللغة العظيمة بين أهلها وتستعيد تألقها القديم، وتصبح بالفعل مادة حياة. ويقول كرامة «إننا نعيش غربة حقيقة في أوطاننا، حيث أصبح العديد من شاب اليوم يضربون مثلاً صارخاً على التهاون في أهم اللغات التي عرفها التاريخ الإنساني، فهي لغة أهل الجنة، والتي نزل بها أكرم الكلام القرآن الكريم، فضلاً عن السنة النبوية التي تفيض أنهاراً من البلاغة، ومروراً بالأدب العربي المشع في كل تجلياته شعراً ونثراً على مر العصور».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©