الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

دستويفسكي وتولستوي.. كلّ يروي على طريقته

دستويفسكي وتولستوي.. كلّ يروي على طريقته
27 ديسمبر 2014 23:15
حسّونة المصباحي ترى أيّة علاقة بين عملاقي الرواية الروسيّة فيدور كستويفسكي (1821-1881) وليون تولستوي(1828-1910)؟ عن هذا السؤال أجاب العديد من مؤرخي الأدب من الروس، ومن غير الروس. والبريطاني جورج شتاينار، واحد من أبرز هؤلاء. وفي كتابه الذي حمل عنوان: ”تولستوي ودستويفسكي كتب: ”الخيار بين دستويفسكي وتولستوي يستيق ما يسمّيه الوجودويّون بـ «الالتزام». وكان دستويسفكي يكبر تولستوي يثمانية أعوام. غير أن العملاقين عاشا، وكتبا في نفس العصر تقريبا، وأصدرا أعمالهما الأكثر أهميّة في نفس الفترة تقريبا، أي بين 1840 و1880. وقد تميّزت هذه الفترة بتحوّلات عميقة في روسيا ،وببروز أدباء وشعراء قدّموا للإنسانيّة قاطبة أعمالا عظيمة لم يسبق لها مثيل في تاريخ بلادهم». ويؤكد المؤرخون أن الأديبين الكبيرين،أي دستويفسكي، وتولستوي، لم يلتقيا ولو مرّة واحدة في حياتيهما المتّسمتين بالاضطرابات، والتقلّبات، والأزمات العنيفة. ويمكن القول بأنهما كانا على طرفي نقيض. فقد كان الكونت تولستوي ينتسب الى عائلة ارستقراطيّة. وفي فترة شبابه عاش متنقّلا بين الحفلات التي كانت تنتظم في القصور الفخمة. أما في فترة الكهولة، فقد اختار لنفسه حياة زاهدة، متقشّفة، منتقدا بحدّة الارستقراطية، ومدافعا بقوة عن أفكاره المناهضة للعنف والظلم. وأمّا دستويفسكي فقد بدأ حياته طالبا فقيرا، يتردّد على الأحياء الشعبيّة البائسة.وتحت تأثير ألأفكار الاشتراكية التي كانت قد بدأت تشهد انتشارا واسعا في تلك الفترة، انضم دستويفسكي الى احدى المنظّمات الثورية التي كانت تعمل سرّا ضدّ النظام القيصري، وسرعان ما تمّ القبض عليه ليمضي سنوات طويلة في معسكرات سيبيريا .ومن وحي تجربته المريرة تلك،كتب رائعته:”ذكريات بيت الموتى». وقد جاءت أعماله مختلفة كلّيا عن أعمال معاصره تولستوي.وريما يعود ذلك الى الحياة الصعبة والشقيّة التي عاشها من البداية حتى النهاية حيث عانى متاعب مادّية رهيبة أجبرته على الفرار من الدائنين. ولكي يضمن القوت لنفسه وعائلته،كان يكتب من دون توقف. أما تولستوي فقد كان يعيش حياة مترفهة ومستقرّة.لذا كان يكتب أعماله وهو مرتاح البال ، والشيء المؤكد هو أن دستويفسكي كان قاسيا في أحكامه على تولستوي. فعندما أصدر هذا الأخير روايته الشهيرة :”أنا كارانينا»، كتب صاحب»الجريمة والعقاب « يقول:”نحن هنا أمام نفس القصّة،أمام نفس الحكاية التاريخيّة عن العائلة الارستقراطيّة.لا جديد منذ «الحرب والسلم». وقد نسى دستويفسكي، أو أنه تناسى ،أن رواية «أنا كارانينيا» تعالج قضايا المجتمع الروسي من زاوية مختلفة عن الزوايا التي عالج هو من خلالها مثل تلك القضايا.ولمّا توفي دستويفسكي رثاه تولستوي قائلا:”عندما مات ،أدركت انني بحاجة اليه،وأنه عزيز عليّ كثيرا،وأنه قريب منّي.أبدا لم أفكّر في أن أكون مثيلا له، وأن أقيس نفسي به!” لكن ماذا ترى سيقول دستويفسكي لو رثى تولستوي؟ المؤكد أنه سيكون رحيما به ذلك أن نهاية صاحب «الحرب والسّلم» بعد أن فرّ من البيت العائلي الفخم ليجده الناس في محطة قطار في ضواحي موسكو وهو يرجف من البرد تبدو شبية الى حدّ بعيد بنهاية أبطال رواياته الشهيرة،خصوصا “الأبله”!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©