الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

قوات حفظ السلام في أفريقيا جزء من الأزمة وليست حلاً

4 يونيو 2007 00:37
القاهرة- محمد عزالعرب: تخرج الدول الأفريقية من صراع لتدخل آخر، مما أسفر عن خراب ودمار وتفجر بؤر نزاع جديدة داخل أو بين هذه الدول، الأمر الذي يتطلب تواجد قوات عسكرية وشرطية ومدنية لحفظ السلام، سواء تابعة للأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي· وفي ''المنتدي القاري الأول لعمليات حفظ السلام في أفريقيا'' الذي نظمه المعهد الدبلوماسي في الخارجية المصرية بالتعاون مع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال د· عبدالمنعم سعيد إن مهام حفظ السلام في القارة الافريقية، شهدت تطورا في مفهومها وأبعادها، فالمهمة الأساسية للقوات هي مراقبة وقف إطلاق النار والفصل بين الأطراف المتنازعة، في حين تتمثل المهام الجديدة في المساعدة في إجراء الانتخابات والتحقق من نزاهتها والإشراف على إجراء استفتاءات واستعادة حكم القانون ومراقبة أوضاع حقوق الإنسان وإعادة توطين اللاجئين وتدريب قوات الشرطة وتأمين وصول الإمدادات الغذائية والمساعدات الإنسانية· إن القارة الافريقية والشرق الأوسط من أكثر المناطق صراعاً ودموية على مستوى العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويرى د· عبدالمنعم أن من أبرز الصراعات الإقليمية في افريقيا الصراع الإثيوبي الصومالي والتشادي السوداني والإثيوبي الاريتري مع تصاعد الحروب الأهلية والصراعات الاثنية والتوترات العرقية والتي اقتربت من الإبادة الجماعية، وهو ما يجعل عمليات حفظ السلام أكثر تعقيدا، لأن إعادة التأهيل والإعمار لا تتطلب تواجدا عسكريا وإنما تحتاج إلى موارد تحول دون تجدد الصراع· وقال د· محمد عبدالسلام -رئيس برنامج الأمن الإقليمي بمركز الأهرام- إن حدة الصراعات تتقلص مع الوقت في أقاليم العالم المختلفة، وبدأت الأوضاع السياسية والاقتصادية في التطور بشكل ايجابي لكن صراعات افريقيا تسير في طريقها المعتاد فتبعا لأرقام ،2006 يشهد العالم 35 حالة صراعية تتراوح بين أزمات عنيفة وحروب فعلية بينها 16 حالة في افريقيا، يتعلق بعضها بصراعات مسلحة بين الدول لكن الغالبية العظمى منها تمثل صراعات بين قوى داخلية· وذكر أن عدد عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مناطق العالم المختلفة بلغت 46 عملية، بينها 17 عملية حفظ سلام في افريقيا إضافة إلى بعثات صنع السلام· مشكلة رئيسية ويرى د· عبدالسلام أن إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه عمليات حفظ السلام في افريقيا عدم بلورة تفاهمات مشتركة بين قواتها، وانعدام التنسيق بينها حيث تم تجميعها من دول كثيرة تختلف من حيث اللغات والعادات والعقائد العسكرية، وحتى الخبرات القتالية· ونظام حفظ السلام المعمول به في الأمم المتحدة يقوم على إسناد قيادة قوات حفظ السلام إلى العسكريين من الدول الصغيرة أو المتوسطة في مقومات القوة الشاملة، ولا يتوفر لهؤلاء العسكريين خبرة كبيرة في السيطرة على قوات ضخمة تنتشر على مساحات شاسعة من الأرض ولا خبرة كافية في إجراء المناورات العسكرية التي تمثل التمهيد للاشتراك الفعلي· وأشار د· أحمد إبراهيم محمود -الخبير بمركز الأهرام- إلى أن الاهتمام المصري بالمشاركة في عمليات حفظ السلام ازداد في فترة ما بعد الحرب الباردة، حيث شهدت الساحة الدولية عموما والافريقية خصوصا تحولا في طبيعة الصراعات المسلحة التي أصبحت داخلية أكثر مما هي خارجية، بل شهدت مستويات مروعة من العنف والوحشية· · وقد شكلت قوات حفظ السلام المصرية في الصومال المشاركة الأبرز في هذه العمليات حيث وصلت القوات المصرية فيها إلى 1666 فردا، وكانت المشاركة المصرية محاولة لسد الفراغ الناشئ عن انسحاب القوات الاميركية· أعباء مالية أما الدكتور أحمد الرشيدي -أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة- فيقول انه بالرغم من أن ما تنفقه دول العالم على حفظ السلام اقل بكثير من الحرب، فإن الأبعاد المالية لمشكلات قوات حفظ السلام هي المحدد الأساسي لزيادتها أو تخفيضها في الفترة المقبلة، لأن ميزانية عمليات حفظ السلام تفوق الميزانية العامة السنوية للأمم المتحدة، وتتضاعف نفقاتها بمرور الوقت، والأمم المتحدة تعاني أزمة مالية حادة ولا تستطيع سداد مستحقات الدول التي تشارك في عمليات حفظ السلام، وارتفعت مديونية الأمم المتحدة لهذه الدول مما جعل هذه الدول تلوح بعدم الاستمرار في عمليات حفظ السلام· وأشار إلى أن إحدى الإشكاليات الرئيسية التي تواجه عمل قوات حفظ السلام في أفريقيا هي الأوضاع القانونية لتواجدها، وهو ما يتمثل في رضا الدول المتنازعة أو الأطراف المتحاربة داخل الدولة عن تواجد عمليات حفظ السلام، إلا انه في حالات انهيار النظام وسلطة الدول لم يكن هناك محل لإرادة الطرف الآخر، لان مهمة هذه العمليات هي إعادة سلطة الدولة وإقامة النظام فيها· كما أوضح أن التطور الذي شهدته عمليات حفظ السلام أسفر عن مشكلات جديدة، حيث تحولت مهمتها من تقديم الدعم والمساندة إلى ممارسة السيطرة المباشرة على الأراضي، وهو ما أثار إشكالية الانتقائية في عمليات حفظ السلام في افريقيا، وتصاعد المعارضة للتدخل في الشؤون الداخلية والسيادة الوطنية والوحدة الترابية، وهناك حالات محددة ترغب القوى الدولية الكبرى وخاصة الولايات المتحدة التدخل فيها رغم أن الحياد هو أحد الشروط المهمة في عمليات حفظ السلام· وأوضح اللواء عادل سليمان -المدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية- أن المهمة الأساسية لقوات حفظ السلام هي تثبيت وقف إطلاق النار، والتوصل إلى تسوية بين أطراف النزاع، وهو ما يتطلب أعباء مالية وإدارية للتعامل مع هذه القوات· والجهات التي يناط بها تنفيذ عمليات حفظ السلام تكون عسكرية في الشق الأكبر منها، هي قوات غير متحاربة، لكن العناصر المدنية تبدو مؤدية لدور أهم وهو ما يصدق على المهام المتعلقة بتنفيذ تسويات شاملة ومعقدة· فساد القوات وأشار د· إبراهيم نصر الدين -أستاذ الدراسات الافريقية بجامعة القاهرة- إلى أن إحدى مشكلات قوات حفظ السلام الدولية في إفريقيا هي فساد هذه القوات، خاصة فيما يتعلق بالتعاملات المالية والإنسانية حيث برزت ظاهرة الاعتداء والتحرش الجنسي بالنساء في عدد من الدول الأفريقية مثل جنوب السودان وليبيريا وسيراليون وبوروندي والكونغو الديمقراطية وهناك أيضا ظاهرة ضبط بعض العاملين في هذه القوات في أعمال فساد متعلقة بنفقات أمن مزورة ومعظمها تركزت في الكونغو وسيراليون وإثيوبيا واريتريا· وسلط نصر الدين الضوء على تفاقم المشكلات الصحية التي يمكن أن تتعرض لها قوات حفظ السلام بسبب الإصابة بالأمراض الناجمة عن المعاشرة الجنسية، لاسيما وان افريقيا تمثل مصدرا للإيدز والملاريا على مستوى العالم، وهناك أيضا الخلاف حول تبعية قوات حفظ السلام في افريقيا فلا يمكن للأمم المتحدة أن تضطلع بدور حفظ السلام تجاه كل مشكلة تحدث في العالم حيث لا توجد مؤسسة عسكرية أو جيش دولي تابع لها، وهو ما يثير التساؤل حول تبعية القوات المتعددة الجنسيات التي تقوم بعمليات حفظ السلام· ويرى الخبير العسكري د· محمد قدري سعيد أن قوات حفظ السلام صارت هدفا للعدوان في بؤر التوتر ولم تستطع في بعض الأحيان حماية نفسها وهو ما ينطبق على كل عمليات حفظ السلام في البوسنة وكمبوديا والصومال، · وأكد أن كل العمليات السابقة أبرزت أن قوات حفظ السلام عندما تستمر في أداء مهمتها لفترة طويلة، تصبح طرفا فاعلا في السياسات الداخلية للدول التي تتمركز فيها· وفي بعض الأحيان تسفر تطورات الصراع في هذه الدول عن تورط قوات حفظ السلام في أعمال القتال، بشكل يجعلها جزءا من الأزمة بدلا من أن تكون حلا لها· أشار السفير السوداني بالقاهرة عبدالمنعم مبروك إلى المشاكل التي تواجه قوات بعثة الاتحاد الافريقي في دارفور ومنها انعدام معدات وأجهزة الاتصال الفعال مما يعيق عمل البعثة، إذ لا يتمكن الموظفون من تبادل المعلومات في الوقت المناسب وانعدام وسائل الحركة، وتعرض البعثة للهجوم من الحركات المسلحة ومقتل عدد من أفرادها، أضف إلى ذلك حاجز اللغة الذي يمثل عقبة أخرى، إذ يتطلب الأمر توظيف أفراد يعرفون لغة المواطنين في المنطقة لتسهيل التخاطب مع موظفي البعثة، علاوة على العوائق الطبيعية مثل الأمطار والجبال والرمال التي تجعل الحركة صعبة· وأوضح أن بعثة الاتحاد الافريقي في دارفور تعتبر تجربة جديرة بالاهتمام باعتبارها تؤرخ لدخول الاتحاد الافريقي عمليات حفظ السلام في مناطق النزاعات بالقارة لاحتواء مضاعفاتها الأمنية في إطار افريقي بعيدا عن مخاطر التدويل، لاسيما أنها تتعلق بإدارة العملية السياسية وتأمين انسياب الإغاثة· وأكد أن عجز الدول الإفريقية عن توفير التمويل اللازم لقوات الاتحاد الافريقي في دارفور يطرح إشكالية تلازم كل عمليات حفظ السلام التي يمكن أن يضطلع بها الاتحاد الافريقي مستقبلا مما يتطلب إيجاد آليات مستقرة لتوفير التمويل المطلوب إذ أن اعتماد قوات الاتحاد الافريقي على التمويل الخارجي يجعلها عرضة للضغوط ومحاولات الاستقطاب والتسييس لخدمة أغراض ليست في مصلحة الدول الافريقية· وفي هذا أشار د إبراهيم نوار -خبير الأمم المتحدة السابق في العراق- الى أن اشتراك الولايات المتحدة في عمليات حفظ السلام في افريقيا يضر أكثر ما ينفع لأنه يضفي على القوات والعمليات الشرعية الاميركية وينزع عنها الشرعية الدولية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©