الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اغتيال العربية «بفعل فاعل»

اغتيال العربية «بفعل فاعل»
28 فبراير 2010 20:39
.. ماذا تفعل لو أردت أن تعبر للطبيب المعالج عن آلامك -لا قدر الله- وأوجاعك، وطبيعة مرضك، ولم تستطع لأنه يجهل لغتك، وتجهل أنت أيضاً لغته؟ .. كيف تتصرف إن اصطحبت مريضاً في حالة طارئة وعاجلة إلى مستشفى أو مركز صحي، ولم تجد من يتفاهم معك بلغتك أو من يفهم شكوى مريضك؟ .. ما السر في أن تصطدم في كثير من الجهات الخدمية بلوحات إرشادية بالإنجليزية واحدة باللغة العربية؟ هل جميع المستفيدين من هذه الخدمة من الأجانب؟ أليس لأبناء الدار اعتبار أو أهمية أو قيمة؟ .. هل أصبحت لغة أهل الدار”منتهية الصلاحية”؟ .. لماذا باتت العربية “غريبة”وغير مرغوب فيها في بيتها؟ إذا كنت إماراتياً أو عربياً، وتعشمت أن تنجز عملاً أو تستفسر هاتفياً عن خدمة مصرفية أو طبية أو تعليمية أو خدمية معينة، أو حتى إن أردت أن تسدد فاتورة أو أن تبعث برسالة بريدية عاجلة، ماذا تفعل إن وجدت الردود مبرمجة على الاتصال الآلي”الأنسر ماشين” بالإنجليزية التي لا تجيدها؟ .. هل بإمكانك أن تحتفظ بعقلك إن تصادف وأردت أن تطمئن على أحد من ذويك في دار للمسنين وتتفاجأ بأن موظف الاستعلامات على الهاتف بنجالي، ويطلب منك أن تتحدث إليه “بالبنجالي”؟ صدق أو لا تصدق .. إحدى المواطنات ظلّت تُعاني وتعالج من “جلطة” دموية في الساق بأدوية مسيلة للدم لفترة طويلة، ثم تعرضت ذات يوم لنزيف مفاجئ وتورم في مفصل الركبة، وتم نقلها إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات الخاصة حيث تم استدعاء استشاري جراحة العظام، وتصادف أن كان من إحدى الجنسيات الأجنبية ولا يجيد التعامل باللغة العربية. ومن ثم حاولت المريضة أن تشرح له بأنها تعاني من جلطة في الساق، ولم تستطع لأنها لا تجيد الإنجليزية، وتحت وطأة الآلام الحادة التي تعاني منها، هداها تفكيرها لأن تقول له “هارت أتاك .. هير” وتشير إلى ساقها، فوقف الاستشاري مذهولاً ويسأل نفسه: “هل هناك أزمة قلبية في ساقها؟”، واضطر إلى استدعاء مترجماً ليفهم شكوى المريضة التي تئن من الآلام المبرحة، وبالطبع استغرق ذلك وقتاً طويلاً حتى جاء المترجم، ومن ثم التعامل مع الحالة. مصائب عدم التواصل حالة أخرى من مصائب عدم التواصل، أن دخلت الممرضة - من إحدى الجنسيات الأجنبية ولا تجيد العربية - على مريضها الذي يعالج في القسم الداخلي بأحد المستشفيات الحكومية، لإجراء المتابعة اليومية الروتينية وتسجيل الملاحظة السريرية اليومية من درجة الحرارة وقياس الضغط.. إلخ، ولا يعرف صاحبنا المريض لماذا سألته بالإنجليزية: “? Are you contipation” أي: “هل تعاني من الإمساك؟”، ولم يفهم بالضبط ماذا تقول، أو عمّا تسأل، لكنه أحس بالحرج، وأجابها بنعم، ومن ثم أعطت له علاجاً للإمساك، وفي اليوم التالي سألته نفس السؤال وأجابها بنفس الإجابة “نعم”، وبالتالي كررت له نفس العلاج، وربما بجرعة أكبر، ومن ثم بدأ صديقنا يُعاني من المغص والإسهال الشديدين والرغبة الملحة في القيء، وعندما اطلع الطبيب المعالج في اليوم التالي على الملف، وكانت المفاجأة الغريبة والطريفة فيما قرأ، وعرف حقيقة القصة من مريضه، وأنه لم يعان من الإمساك قط، وإنما اضطر للإجابة بنعم لعدم فهمه ما تسأل، وعلى الفور أوقف الطبيب علاج الإمساك قبل أن تتدهور حالة المريض لا لسبب سوى فقدان التواصل! دخلت الممرضة - من إحدى الجنسيات الأجنبية ولا تجيد العربية - على مريضها الذي يعالج في القسم الداخلي بأحد المستشفيات الحكومية، لإجراء المتابعة اليومية الروتينية وتسجيل الملاحظة السريرية اليومية من درجة الحرارة وقياس الضغط.. إلخ، ولا يعرف صاحبنا المريض لماذا سألته بالإنجليزية: “? Are you contipation” أي: “هل تعاني من الإمساك؟”، ولم يفهم بالضبط ماذا تقول، أو عمّا تسأل، لكنه أحس بالحرج، وأجابها بنعم، ومن ثم أعطت له علاجاً للإمساك، وفي اليوم التالي سألته نفس السؤال وأجابها بنفس الإجابة “نعم”، وبالتالي كررت له نفس العلاج، وربما بجرعة أكبر، ومن ثم بدأ صديقنا يُعاني من المغص والإسهال الشديدين والرغبة الملحة في القيء، وعندما اطلع الطبيب المعالج في اليوم التالي على الملف، وكانت المفاجأة الغريبة والطريفة فيما قرأ، وعرف حقيقة القصة من مريضه، وأنه لم يعان من الإمساك قط، وإنما اضطر للإجابة بنعم لعدم فهمه ما تسأل، وعلى الفور أوقف الطبيب علاج الإمساك قبل أن تتدهور حالة المريض لا لسبب سوى فقدان التواصل! صور مغايرة ..يشير أحمد محمد الحمادي “موظف”- تمت مقابلته خلال مراجعته العيادة الخارجية بدار الشفاء في أبوظبي - إلى أهمية وجود موظفين يجيدون اللغة العربية ضمن الكوادر العاملة في المستشفيات والمراكز الطبية، ولاسيما في أقسام الاستقبال والعيادات الخارجية، وأطقم التمريض، مما يسهل على المرضى المراجعين التفاهم الصحيح معهم وإسعافهم، لأن عدم وجود عناصر لا تتفاهم ولا تتواصل مع المريض بلغته أمر صعب ومعيب، وهناك الكثير من المواطنين والمقيمين الذين يتواجدون في الدولة لا يجيدون اللغة الإنجليزية، ومن ثم فإن لم يوجد ممن يتفهم مرضهم أو شكواهم يصبح الأمر مشكلة. .. وتكمل إيمان عوض “موظفة استقبال” بنفس المستشفى: “لا شك أن وجود موظف أو موظفة استقبال تجيد اللغة العربية أمر ضروري في أي مستشفى أو مركز طبي، فإن كنت أجيد الإنجليزية، إلا أن تواصلي مع المواطنين والمقيمين العرب يكون أجدى باللغة العربية لأنها لغتنا الأم، ومن الطبيعي أن تتواجد عناصر تجيد التعامل باللغتين العربية والإنجليزية حتى نتمكن من تقديم الخدمة العاجلة لأي مريض، ونحن نراعي أن يكون هناك موظف أو موظفة استقبال “عربية” في كل مناوبة على مدار الساعة الى جانب عنصر آخر للتعامل مع المرضى من غير الناطقين بالعربية”. ..كما تؤكد إيمان أحمد “ضابط إداري” بدار الشفاء: “أن إدارة المستشفى حريصة كل الحرص على توزيع الكوادر الناطقة باللغة العربي في كافة التخصصات والمجالات كالاستقبال والتمريض والعيادة الخارجية على مدار الساعة بحيث يسهل التعامل مع المرضى الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية، ونراعي هذا التوزيع على امتداد مناوبات العمل اليومي، لأن ذلك يسهل تقديم الخدمات المميزة للجمهور، ومن شأنه أيضاً أن يكسب الجمهور عندما يشعر أن هناك خدمة طبية وفندقية متميزة بالمستشفى، الى جانب الحرص على وجود مترجمين من والى اللغة العربية ويتم الاستعانة بهم إذا كان الطبيب من إحدى الجنسيات غير العربية، الناطقة بالإنجليزية مثلاً، وذلك لضمان ترجمة شكوى المريض من جانب، وترجمة تعليمات الطبيب من جانب آخر سوى للمريض أو لأسرته أو مرافقيه، ونحن نتأكد تماماً من ذلك حتى لا يحدث أي نوع من الأخطاء الطبية التي لا يحمد عقباها”. حقوق المريض ..تؤكد سلامة الرميثي “موظفة في شؤون الرئاسة - اصطحبت ولدها محمد سالم للعلاج حق المريض في التواصل باللغة العربية لدى مراجعته أي مستشفى أو مركز طبي للعلاج وتقول: “نحن دولة عربية، ولغتنا الرسمية هي العربية، ومع الاحترام والتقدير الكبيرين لكافة الجنسيات والجاليات الأجنبية الأخرى، فيفترض أن تكون لغة التعامل والتواصل في كافة المؤسسات والهيئات والمصالح الحكومية بالعربية وتوفير مترجمين للإنجليزية أو غيرها إن دعت الحاجة، وهناك قرار سابق لرئاسة مجلس الوزراء يحتم ذلك، لكن لا أعرف لماذا نتجاهله؟”. ..وتضيف الرميثي: “إن الأمر يتعدى ذلك ليصبح حقاً أصيلاً من حقوق المرضى الذين يراجعون المستشفيات والمراكز العلاجية، ومن المؤكد أن هناك كثيرين لا يجيدون الإنجليزية سواء من المواطنين أو المقيمين على حد سواء، والجهل باللغة مع عدم توافر مترجم جيد وكفء يعرض المريض وعلاجه للخطر بدءاً من مرحلة الاستقبال والتشخيص حتى المتابعة العلاجية اللاحقة، وبالتالي من حق المريض أن يجد موظفاً للاستقبال يجيد العربية، أو يوجد من يترجم شكواه الطبية الى الطبيب المعالج والى أطقم التمريض بلغته التي يجيدها، ومن حقه أن يجد من يتواصل معهم بلغته طيلة مراحل العلاج، وإن لم يجد فمن حقه أن يتقدم بالشكوى الى الجهات المختصة “وزارة الصحة” دون إهمال أو تراخٍ، لأن ذلك حق أصيل من حقوقه كمريض”. استهتار واستهانة جانب آخر تتجلى فيه أهمية احترام مفهوم حقوق وحماية المستهلك، وهو الجانب التجاري والدعاية الترويجية أو الإعلانية لأي منتج استهلاكي، ولا سيما الأجهزة الإلكترونية والوسائط التعليمية، أو الأجهزة الرقمية الدقيقة، فنجد أن السوق الإماراتي يغرق بآلاف الأنواع والأصناف متعددة المصادر والمنابع وجهات الصنع، ومن المؤكد أن لكل منتج أو جهاز أو وسيلة يحتوي على نشرة تتضمن مواصفات هذا الجهاز أو ذاك، فضلاً عن مميزاته وكفاءته وطريقة تشغيله وصيانته والإشارة الى تعليمات التشغيل أو تحذيرات ضرورية للمستهلك إن وجدت، وغير ذلك من إرشادات الاستعمال أو الصيانة، لكن يلاحظ أن رغم أن هذا المنتج أو ذاك يستورد ليباع في السوق الإماراتي، فنجد أن نشرة المستهلك الإرشادية المرفقة قد تكون بأكثر من لغة “إنجليزية، فرنسية، إيطالية، إسبانية، صينية، يابانية”، دون “العربية”، ورغم أن المستهلك عربي. ورغم أن السلعة يتم استيرادها خصيصاً للإمارات فأغلب الشركات المنتجة المصدرة لا تهتم بهذا الجانب، بل يزداد الأمر صعوبة أن نجد إعلانات الترويج في مجال هذه الأجهزة باللغة الإنجليزية، دون وجود أي تنويه أو توضيح يمكن أن يفيد المستهلك العربي، وإن أراد المستهلك العربي الذي لا يجيد الإنجليزية أن يستوضح أو يسأل أو يستفسر عن مواصفات هذا الجهاز أو ذاك - وهي عادة تساؤلات في غاية الأهمية - لا يجد موظفاً أو بائعاً يستطيع أن يفيده أو يرشده أو يجد لديه حلاً شافياً لتساؤلاته العديدة باللغة العربية. .. يقول ماجد الكعبي “طالب”: “أردت أن أشتري جهاز حاسوب “لاب توب”، وقصدت هذا المكان - أحد التوكيلات المتخصصة - وبالطبع وجدت أصنافاً وأنواعاً كثيرة معروضة، وجميعها تحمل مواصفات عديدة، وقد يكون في ذهني مواصفات معينة، وقد لا أجيد فهم أو تشغيل الجهاز جيداً، أو حتى تعليمات التشغيل والصيانة، وكل ما وجدته هنا إعلانات إرشادية موزعة باللغة الإنجليزية فقط، دون كلمة واحدة باللغة العربية، وعندما أردت أن استفسر من البائع، كانت الصدمة، الكبرى أنني وجدت البائعين من الكاميرون، وجنوب أفريقيا، والهند، ومع احترامي البالغ لجنسيتهم، إلا أنني فشلت في استيضاح ما أريد”. ويضيف عيسى حمد الهلي “موظف”: “نفس المشكلة واجهتني وأنا أشتري “كاميرا”، ووجدت صعوبة في فهم أمور عديدة رغم أنني أجيد الإنجليزية الى حد ما، لماذا لا تكتب النشرات التجارية بالعربية، إن سوق الإمارات والسوق الخليجي كبير جداً، وتعد الأسواق العربية منفذاً تسويقياً واستهلاكياً كبيراً للمنتجات الإلكترونية الدقيقة، فلماذا لا يطلب من المنتج تضمين شهادات المنشأ ونشرات الترويج والدعاية، أو تعليمات التشغيل والصيانة المرفقة باللغة العربية حتى يسهل على المستهلك العربي استخدامها؟ .. ويؤكد خالد المري “موظف”: “أن عدم وجود نشرة أو تعليمات تشغيل باللغة العربية للمنتجات الاستهلاكية الإلكترونية أو الأجهزة المنزلية المعمرة، أو الأدوات والأجهزة الكهربائية أو الوسائط الرقمية الدقيقة، أفهمه على أنه استهانة بالمستهلك العربي، فإذا كان المستهلك العربي يمثل قيمة أو قوة شرائية مؤثرة لدى المنتج الأصلي، للحرص على ذلك، وهذا نلاحظه في منتجات كثيرة من الشركات العالمية المحترمة ذات السمعة الجيدة، لكن كثيرا من هذه الشركات لا تهتم لأننا كمستهلكين لا نطلب ذلك، ولا نهتم، ومن ثم يقابل عدم الاهتمام بأبسط حقوق المستهلك الى عدم اهتمام مقابل، ونحن الذين يفرطون في حقوقهم”. ويطالب المري كافة الشركات والتوكيلات التجارية بضرورة التمسك بوجود نشرات تجارية مترجمة الى العربية من بلدان المنشأ للسلع والأدوات الإلكترونية الدقيقة أو المعمرة. ألسنا عربا؟ جانب آخر من جوانب “الاستهتار” باللغة العربية، نجده في إعلان كبير الحجم باللغة الإنجليزية يتصدر مدخل قسم البريد المسمى “إمبوست” التابع لبريد أبوظبي يتضمن تعليمات إرشادية لقاصدي الخدمة، وأمام هذا الإعلان الإرشادي، وقفت مواطنتان تحاولان أن تفهما ما جاء به..! ..وتقول أحدهما “أم عبد الرحمن”: “لا أعرف لماذا تكتب لوحة إرشادية هنا باللغة الإنجليزية، ألسنا في بلد عربي، وسكانه عرب؟ إذا كان هُناك أجانب يقيمون في الإمارات، لا يمنع أن يكون بجانب اللغة الإنجليزية ترجمة بالعربية، بل الأصل يفترض أن يكون بالعربية، وبجانبه ترجمة بالإنجليزية حتى يستطيع كل مراجع أن يفهم المقصود”. .. وتضيف “أم أحمد”: “إمسبوت” خدمة بريدية لجميع من يعيشون في الإمارات، وشيء جميل أن يكتب الإعلان بالإنجليزية، لكن عدم ترجمته بالعربية استهانة واستهتار باللغة العربية والناطقين بها، وكأن ليس لهم وجود، ويجب أن تجرب كافة الدوائر الحكومية، وكافة الجهات التي تتعامل مع الجمهور باللغة العربية لأنها لغة البلد، ومن يعيش بها عليه أن يتعلم لغتها، وليس العكس”. وتضيف: “أنا أفهم ذلك أنه عدم تقدير للعرب وللغتهم العربية، ففي كل بلاد الدنيا نجد أهلها يتحدثون بلغتهم، ويستعينون بمترجمين عند الحاجة”. البدالات والعقود .. يشارك محمود شهاب “صاحب شركة مقاولات” في الإدلاء برأيه، ويقول: “مما لا شك فيه أن هناك كثيرا من المواطنين والمقيمين يعانون من مسألة اللغة، وسيادة اللغة الأجنبية “الإنجليزية”على حساب “العربية” وفي كثير من مجالات واحتياجات العمل لا نجد ضرورة للتحدث بالإنجليزية، ولا أعرف لماذا الإصرار عليها، فعندما تتصل ببدالة الاتصالات في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تجد أن من يرد عليك موظفاً يتحدث بالإنجليزية، وأنا شخصياً تعرضت لهذا الموقف، وسألته: “هل أنت تعمل في وزارة العمل البريطانية أم الإماراتية؟”، فماذا يفعل المواطن أو المقيم إن كان لا يجيد الإنجليزية؟ ويكمل شهاب: “إنني أتعجب من الدوائر والشركات العقارية الكبيرة الموجودة في الإمارات أن تجعل كافة تعاقداتها مع الجمهور بالإنجليزية، ونجد أن عقود الشراء والاستئجار وجميع جوانب التعامل التجاري والعقاري بالإنجليزية، دون وجود كلمة واحدة بالعربية، هل هذا معقول في بلد لغته الأصلية هي اللغة العربية؟”. وضع مؤسف ..تضيف مريم سعيد “موظفة”: حقيقة أن الوضع مؤسف، ولا أجد له أي تبرير مقبول، فإذا كنا عربا، ونعيش في أرض دولة عربية، وهويتنا عربية، ولغتنا لغة القرآن التي نفخر بها، ونعتز بالانتساب إليها، لماذا نتجاهل لغتنا إذن؟ ماذا تفعل سيدة مريضة، أو عميلة في بنك إن اتصلت بالهاتف لإنجاز معاملة سريعة أو أرادت أن تستفسر عن شيء عاجل وكان الطرف الثاني لا يتحدث إلا بالإنجليزية، وفي أحيان كثيرة تكون بلهجة آسيوية لا يفهمها حتى الناطقين بالإنجليزية؟ أليس هُناك موظفون عرب ممن يجيدون التحدث باللغتين، ولماذا التعامل بالإنجليزية في الأصل إن كان ذلك ممكناً بلغة البلد الأصلية الأم وهي العربية؟ إن تساؤلات هذه أوجهها إلى المسؤولين وإلى الجهات المعنية، وأسألهم لماذا لا يطبقون قرار رئاسة مجلس الوزراء في أن يكون التعامل الرسمي باللغة العربية؟ طلاسم يقول ثروت أحمد محجوب “من قناة إنفينيتي”:” إذا أردنا الدليل على أن اللغة العربية في خطر، سنجده في الأخطاء الساذجة والصريحة والمتكررة في اللوحات الإرشادية في الشوارع والأماكن العامة بصورة تدعو إلى الضحك والغرابة، أو عند التحدث مع أي شاب أو شابة من شباب الأمة العربية كلها ونكتشف أن مفردات اللغة العربية أصبحت “طلاسم” في عقول الجيل الجديد، وهذه مصيبة كبيرة، فاللغة العربية ليست مجرد لغة تفاهم كسائر اللغات الأخرى، بل هي وسيلة تحفظ حياتنا بشكل صحيح وسليم، إن كثيرا جداً من الشباب في هذه الأيام لا يستطيع شرح معنى أفكاره إلا بالإنجليزية، ويعجز عن شرحها باللغة العربية، والسبب هو أننا وضعنا الإنجليزية على طريق “مصلحة” الشباب، على اعتبار أن أفضل وسيلة لتعليم الناس هو أن تعلمهم عن طريق “مصلحتهم”، ثم نفيق فجأة ونصرخ على لغتنا التي تتوارى شيئا فشيئا! ولنبدأ الإصلاح من المدرسة والجامعة ومراكز الأعمال والمصالح ، ونجعل من العربية مفتاحاً مباشراً لفهم الواقع والحياة”. صور مشرقة إن الأمر لا يخلو بطبيعة الحال من صور مشرقة تتمثل في مبادرات إدارية إيجابية عديدة، ومنها ما نراه في قطاع الاتصالات، وهو قطاع يقدم خدمة كبيرة وفائقة الجودة لجميع المواطنين والمقيمين باختلاف جنسياتهم وتعددها، بدءاً بخدمة العملاء الهاتفية التي تتيح حرية الاختيار أمام المتحدث طالب الخدمة باللغتين العربية والإنجليزية، والحرص على طباعة كافة نماذج طلبات الخدمة أمام الجمهور باللغتين العربية والإنجليزية مراعاة لوجود عدد كبير من العملاء من الناطقين بغير العربية. .. ويقول عارف الزعابي “مسؤول خدمة العلماء”: “نحن نفتخر بأننا قطاع خدمة إماراتي يقدم خدماته في عالم الاتصال لكافة المواطنين والمقيمين على أرض الدولة باختلاف جنسياتهم وفق معايير ومقاييس جودة عالمية، ونحن نتيح للمشترك أو طالب الخدمة حرية التعامل باللغة التي يجيدها في جميع مراحل التعامل، ونحرص على تلبية أي شكوى أو حل أي عائق أمامه بشكل فوري، وما من شك أننا نحرص على امتداد ساعات اليوم أن يتواجد عناصر تجيد التعامل بالعربية والإنجليزية سواء في التعامل المباشر أو من خلال الاتصال الهاتفي، أو عبر مواقع شبكة الإنترنت”. ..ويضيف عبدالله سيف الحبسي: “موظف بقسم المبيعات”: “أن التعامل مع المراجعين من قاصدي الخدمة بلغتهم الأم يريح الطرفين، ويقلل المشاكل ويختصر الوقت، فنحن نتعامل مع المواطنين والإخوة العرب بلغتنا العربية، ونتلقى شكواهم أو طلباتهم بالعربية، وهناك فريق آخر يتعامل مع غير الناطقين بالعربية على حد سواء”. ..ويشيد عصام توفيق حمدان “موظف” - ممن تصادف وجوده “إن “اتصالات” تقدم وتتيح خدمة رائعة ومميزة لجمهور المشتركين من العرب والأجانب على حد سواء، ومن الطبيعي أن التعامل المباشر باللغة العربية يسهل كثيراً ويوفر الوقت والجهد معاً، وأعتقد أنه لا حاجة أن يكون التعامل بالإنجليزية على حساب اللغة الأم، فلماذا نتعلم لونخاطب ونتواصل بلغة غير لغتنا إذا كان الطرفان عرباً؟”. قالوا عن أزمة اللغة العربية إن اللغة العربية تواجه أزمة خطيرة في العالم العربي في ظل تراجع الاهتمام بها على حساب اللغات الأجنبية وزحف اللهجات المحلية ودعوات إحلالها محل الفصحى وطرق التدريس الصعبة لها والتي تقلل من الإقبال على تعلمها ودراستها، فضلا عن تحديات العولمة وما يصاحبها من ظواهر تصب في إبعاد اللغة العربية تدريجيا عن الساحة لتحل محلها لغات أخرى. إن هناك العديد من الجوانب الأخرى التي لا بد من الالتفات إليها في أي استراتيجية فاعلة لتدعيم اللغة العربية وتمكينها من مواجهة التحدي المفروض عليها وفي مقدمتها ما يتعلق بطرق تدريس اللغة وأسلوب التعامل معها في وسائل الإعلام ومدى الاهتمام بجعلها متوائمة مع العصر الحديث ومخترعاته. وأن في أي استراتيجية إحيائية للغة العربية لا بد من البحث في تطوير طرق تدريسها لجعلها سهلة التعلم، والعمل على دعم اللغة الفصحى في وسائل الإعلام لمواجهة سيطرة اللهجات العامية عليها، إضافة إلى الاهتمام من قبل مجامع اللغة العربية باستنباط المفردات القادرة على التعامل مع المخترعات الحديثة في المجالات المختلفة وتعميمها ونشرها على نطاق واسع.(من نشرة ‘’أخبار الساعة’’/ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية) ? الأمة المأزومة بدون شك تكون لغتها في أزمة، وما من شك في أن أمة تعيش في أحضان التجزئة والتفتيت تكون بخير، فالأمة العربية التي يختلف واقعها عن جوهرها، أمة مصابة بداء العجز، وهذا الداء يقف في طريق الوحدة والتقدم، حيث لا تقدم ولا تنمية في ظل التجزئة، ولا أمن ولا أمان مع الكيانات القطرية المبعثرة في كل شيء . فلا يمكن لأمة أن تتقدم بدون أن تعمل على بيئة العلم، من خلال نقل العلوم والمعارف بلغتها الوطنية، عن طريق التعليم والترجمة في الاتجاهين منها واليها، واللغة العربية تملك الأدوات التي تجعل منها لغة علم وحضارة، فمن استوعب لغة الخالق، يستطيع أن يستوعب لغة المخلوق، والإرث الحضاري للأمة لا مثيل له في إنجازات الأمم الأخرى . (د.غالب الفريجات) ? “لغة الإنسان هي هويته وهي تفكيره، وكل شعوب العالم تهتم بلغاتها ولا تسمح بطمسها، بل أصبحت الأقليات التي ليست لها لغات معتمدة تعمل على تقوية لغاتها.. لكننا نحن العرب نتمسك بكل ما هو متخلف في حياتنا ونهمل عزنا وأصلنا وهويتنا المتمثلة باللغة العربية. ننسلخ من لغتنا لنبدي أننا متقدمون، ونتقمص لغة الآخرين لنظهر أننا غير متخلفين حتى في أبسط الأمور، في البلاد العربية يعيش كثير من الناطقين بلغات أعجمية، ويعرفون العربية لكنهم حينما يخاطبوننا يتحدثون بلغاتهم ويرغموننا على التحدث بلغاتهم .. لماذا؟! ذلك لأنهم يعتزون بلغاتهم ويعتزون بهوياتهم ، بينما العربي ينسى كلما يتصل بالعرب والعروبة منذ خروجه من مطار بلده، وأصبح العرب يتسابقون على إرضاع أطفالهم اللغات الأعجمية منذ الميلاد بدلا عن العربية، فظهر جيل متذبذب الهوية لا هو عربي ولا هو أجنبي، ضعيف الانتماء لعروبته”(د. سعاد سالم السبع). ? إن اللغة العربية التي ينطق بها مئات الملايين تحتل المرتبة العاشرة في العالم من حيث الاستخدام، وذلك في مؤشر على ضعفها بسبب “الضعف التي تعيشه الأمة العربية”. واللغة العربية تعيش أزمة هي أزمة الأمة علما أن اللغة كائن متطور لديه قدرة إيجاد الحلول، ولكنها في أزمة قوية الآن، و”المشكلة أنها أزمة أصبحت تخص الهوية وليس فقط الأدب والعلم، وضعف العربية يرجع إلى أن الأمة العربية ضعيفة الآن عكس اللغة الإنجليزية التي هي الأولى في العالم”. وهناك الآن في العالم العربي من يأنف استخدام العربية ويفضل تكلم الإنجليزية والفرنسية وذلك كنوع من الافتخار”، مشيرا إلى أن “اللغة العربية التي عدد كلماتها 500 مليون كلمة ويتكلمها مئات الملايين هي في المرتبة العاشرة في العالم مثل الإيطالية”.(الباحث عدنان عيدان/برنامج إضاءات) * “شيء ملفت يجعلني أضحك وأغضب في آن واحد.. عندما يكون هناك طفل صغير يبلغ من العمر عامين أو ثلاث و يسأل أمه “ إيه ده يا ماما؟” تجيبه :”دا كوفي”، (قهوة) أو “دا سبون” (ملعقة) أو “دا تشاير” (كرسي) .. و نرى الأم تقول لإبنها أو بنتها: “لا.. كدا أنت ولد نوتي” (مشاغب) .. و “كدا نو” .. “ أنتي جيرل.. وهو بوي ..” ! ولا أعرف سبباً لكل هذا.. هل هذه هي الحضارة؟ هل عندما نتحدث باللغة الأجنبية نصبح أكثر تحضراً مثلاً ؟ هل تعلم الطفل لغته العربية على أساس قوي وسليم سيقلل من مستواه في دراسة اللغة الأجنبية لاحقاً ؟ هل تخجل الأم من لغتها العربية ولا ترجو لأولادها أن يتعلموها؟” ريم. مشاركة بالرأى” .
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©