الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفنان الإماراتي أثبت موهبته وشغفه بتطوير أدواته

الفنان الإماراتي أثبت موهبته وشغفه بتطوير أدواته
7 ديسمبر 2012
حققت إغراء المتابعة البصرية، وأجبرت المتلقي على قراءة تفاصيلها صعودا ونزولا والوقوف مليا أمامها مستمتعا بانعكاس الضوء من المرآة المثبتة في الخلف، لتتيح للمشاهد مساحة لقراءة اللوحة، التي رسمتها الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، وشاركت بها في معرض فن أبوظبي 2012، واختارت لها عنوان “فتوشوبد”، لتفتح باب تفسيرها بأكثر من طريقة، واضعة اللوحة في إطار مستوحى من العالم الرقمي، تعليقا على التدخلات الإرادية في اللوحات أو الصور من أجل تعديلها وتطعيمها بإضافات جمالية غير عفوية، في إشارة لما يجري اليوم من انتهاك لحرمة الإبداع واختراق له، وهو هم تحمله الفنانة الإماراتية، حيث حاولت اقتسام شجونها مع جمهور فن أبوظبي 2012 العريض، إذ اختارت المشاركة بلوحة من الواقع أبطالها أشخاص حقيقيون تكن لهم مشاعر خاصة. تموضعت لوحة الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان في عمق معرض فن أبوظبي 2012، الذي عرف حضور آلاف الزوار من عشاق الفن من مختلف أنحاء العالم، والذي اختتم مؤخرا في منارة السعديات، واستطاعت لوحتها “فوتوشوبد”، التي وضعت في إطار تصميم مبتكر، أن تثير نقاشا حول اللوحة والإطار الذي وضعت فيهما، وحرضت مجموعة من الأسئلة التي أجابت عنها بكل أريحية. مصدر الوحي حول لوحتها التي شاركت في المعرض، قالت الشيخة شيخة، التي تتابع دراستها العليا في مجال الرسم، وتشارك في معرض “فن أبوظبي” للمرة الثالثة على التوالي، إن أعمالها مستوحاة من أسرتها وبيئتها. وأضافت “أرسم طوال حياتي، ولكن على مدار السنوات الست الماضية درست بجدية وقمت بأعمال فنية، وقد عرضت أعمالي في العديد من المعارض في الإمارات، وتعتبر هذه هي السنة الثالثة التي أعرض فيها في فن أبوظبي، ولقد رسمت اللوحة المشاركة باستعمال الألوان الزيتية، وهي وسيلة استخدمتها في المقام الأول في لوحاتها”. وأردفت الشيخة شيخة أن العنوان، الذي اختارته هو التعليق على عالم التحرير الذي نعيشه، حيت يتم تغيير الصور والتدخل فيها من خلال الإضافات والتلاعب فيها ما يجردها من جماليتها وعفويتها. وأضافت “أصبحنا محاطين بالإعلانات التي يتم التلاعب رقميا بها لبيع المنتجات، لذلك لم نعد نثق كثيرا بهذه الصور”. واعتبرت أن هذا التلاعب ليس وافدا جديدا على الساحة الفنية، بل وسيلة استعملها الفنانون القدامى، مضيفة “التلاعب في التحرير ليس جديدا، فالفنانون في الماضي أقاموا بيئتهم من خلال صور الحياة آنذاك بطرق معينة، وباستخدام وسائل مختلفة في الرسم من خلال الصور أو عمل إضافات عليها في الجوهر، وعلى العموم فالإبداع يحتاج من الفنان رسم العالم من حوله لإظهار نسخة من هذا العالم إلى المشاهد، والآن أصبحنا نستعمل تقنية الفوتوشوب، وهو أداة سهلة ومتوافرة على نطاق واسع للتحرير رقميا، وهذا البرنامج يعطي للفرد أدوات لتغيير الصور وجعلها تحاكي الواقع، وفي هذه القطعة قمت باستخدام أدوات هذا البرنامج للرسم لتحاكي مثيلاتها في الماضي، وذلك لإظهار كيف يمكن للمرء الرسم بطريقة تقليدية باستخدام الأدوات الحديثة”. تصميم الفكرة وضعت لوحة الشيخة شيخة، التي استغرق العمل عليها ثلاثة أسابيع، في إطار واسع احتضن ما تعكسه للمتلقي، كما اختارت مكان وضعها في فن أبوظبي لتشكل واجهة تشد المتلقي إليها. إلى ذلك، قالت الشيخة شيخة “استخدمت الصباغة الزيتية ومرآة حقيقية عاكسة تضيء اللوحة وتختلف من زاوية لأخرى، وهذه القطعة الفنية تعطي المشاهد فرصة ليصبح “محررا” للصورة، فعندما يخطو أمام المرآة التي تم وضعتها على الطاولة، صورتهم تصبح الآن جزءا من تكوينها، وهذه الصورة المستقطبة للضوء “بولارويد” تعدل من جديد من اللوحة وتطبع بصماتها الشخصية على ذلك”. وعن المدارس الفنية التي تنتمي لها الفنانة الشيخة شيخة، قالت إنها تدرس الفن التشكيلي وتاريخه في الجامعة، موضحة أنها مستمتعة بدراسة الفنانين القدماء والتعلم منهم. وأضافت “الفترة الفنية المفضلة لدي هي فترة عصر النهضة وفترة “الباروك”، وهناك الكثير لنتعلمه من هذه الفترة في التاريخ”. مؤكدة أن العمل الفني مهم جدا في حياتها. وأضافت “إنه وسيلة بالنسبة لي للتعبير عن نفسي وتكريم الناس الذين أحبهم”. وحول الحركة الفنية في أبوظبي، قالت الشيخة شيخة إن الفنان الإماراتي أثبت عشقه للفن وشغفه بتطوير أدواته، فالفن في نهاية المطاف موهبة رغم كل ما تحتاج إليه من صقل، لهذا فحين توجد لابد أن يوجد معها الكثير من الأدوات أولا والفرص ثانيا لتتوسط المشهد الفني العالمي، وحين نتحدث عن الفرص يكفي أن نستحضر أسماء المعارض التي تشهدها الدولة محاولة منها لتشجيع الحركة الفنية ودفعها إلى الصفوف الأولى”. وبالنسبة لفكرة اللوحة وتأثير البيئة في تشكيلها، قالت الشيخة شيخة “لا يمكن لي أن أفصل العمل الذي أقوم به عن البيئة التي أعيش فيها، فكلانا واحد، وكلانا يحمل التأثيرات نفسها، والمؤثرات على الآخر، لهذا يخال لي في كثير من الأحيان أن اللون يجري من تلقاء نفسه على الخامة البيضاء التي سرعان ما تلبي حاجته إلى التحول إلى شكل أو صورة”. ومن يقف أمام لوحتها قد يحول الألوان التي اختارتها إلى حكاية، في هذا الإطار، قالت “تعمدت ممارسة التحريض العاطفي والنفسي على من يرى اللوحة، فبإمكان الناظر أن يسرح بخياله ويحرر مادة تتحدث عن تلك القطعة الفنية، التأليف لا يمكن أن يأتي من فراغ، والتحريض في اللوحة جاهز ليسكب في المخيلة حروفا وحكاية ما، لهذا أنا من أشد المؤمنات بأن اللوحات تقبل أكثر من تفسير، وهذه التفسيرات هي من مهمة الناظر إلى اللوحة أكثر من الذي رسمها”. العلاقة بالأشياء قبل أن يكتمل نمو أصابعها، تحسست دواخلها فوجدتها تفيض انجذابا للألوان، وعن علاقتها بالفن أكدت الشيخة شيخة أن علاقتها مع الأشياء بدأت باكرا. وأضافت “بدأت تلمس الأشياء وأنا طفلة مستشعرة تأثيرها على حواسي، ومتأملة ذلك التأثير الذي سرعان ما يتحول إلى خربشة بألوان، كنت أتأمل اللون من بدايته إلى نهايته، فأجده شكلا وانعكاسا لشيء ما يلفت انتباهي،فالملاحظة كانت تنمو لتصبح رد فعل تحمله أقرب ورقة تصل يدي”. وأوضحت “صاحب الموهبة هو أول من يكتشفها، وإن عجز في وقتها عن قراءة ما يرى، فلكل منا طريقته ليقول “أنا موجود”، ولعل هذا اليقين هو بداية اكتشافنا لما نمتلكه من ميول سواء في الرسم أو الكتابة أو الموسيقى، ومع ذلك لا يمكن أن نعتم على دور الأهل في الأخذ بيد مشاريعنا الصغيرة من العتمة إلى الضوء، مشاريعنا في تلك الفترة قد تبقى أوهاما لو لم نجد يدا حانية تأخذ بها، وحين نذكر تلك الأيادي تأتي على بالنا ومباشرة أسماء أهالينا”، ورغم ضغوطات الدراسة فإن المساحة كانت متوافرة دائمة لتحقيق هذا الشغف. في هذا الصدد، قالت الشيخة شيخة “أثبت الفن أن كفته هي الراجحة، فالفن يملك قدرة كبيرة على التربع على منصة البطولة وحين كنت طالبة بالمدرسة، كنت لا أعجز عن إيجاد وقت له، حبي للرسم كان يدفعني لأقصده لأزور عوالمه وأتشربه من منابعه، حين يخال لي أن اللون صوت يناديني لنحوله إلى حقيقة، وحين تتشكل عند الهاوي قناعة بأنه آن الأوان لتخرج موهبته من وراء الكواليس يستعجل عندها بالعمل على وضع تلك الموهبة في مكانها الصحيح، فلطالما رسمت، ولطالما عرفت أن ما أصنعه من رسومات يستحق الانتباه”. وتختزن ذاكرة الشيخة شيخة مساحة واسعة لوالدها، الذي لا يعيش في ماضيها فحسب، بل هو حاضر في كل حركاتها وسكناتها، تستحضره في جميع المواقف، مما جعلها تنسج من قوة لوحتها تواجده، بل كان بطلها إلى جانب أولادها، ما جعل اللوحة تحمل أبطالا يجسدون رؤية الفنانة. إلى ذلك، قالت “من غير الممكن أن أرسم بمنأى عن عالمي الداخلي والخارجي، لهذا اخترت من أبنائي ليكونا بطلي اللوحة، واخترت أن تضم اللوحة والدي رحمه الله الذي يشكل بالنسبة لي قيمة معنوية كبيرة جدا، وبالطبع لم يأت حضوره في اللوحة عن طريق المصادفة فالماضي والحاضر هما وجهان لعملة واحدة، اسمها اللحظة، فما من لحظة تمر دون أن يكون والدي موجودا بيننا، وحين رسمت ولدي كان لابد أن يكون والدي حاضرا فالجذر هو أساس الثمر، وما من ثمر إلا من جذور آبائنا”. وشاركت الشيخة شيخة بلوحة واحدة في فن أبوظبي، موضحة أنها فكرة لمنح هذه اللوحة حقها من الانتباه لما فيها من محصلة لمشاعر يمتلكها أبناؤها ووالدها إذ حاولت أن تختصرها بألوان من الأمل والتفاؤل والنظرة إلى المستقبل. جوائز ومشاركات حول إسهاماتها الفنية وعلاقتها بالمعارض التي تقوم بدولة الإمارات، قالت الشيخة شيخة، التي حصلت على المركز الأول لأفضل عمل فني في الإمارات في مجال الرسم في إطار جـائزة العويس للدراسات والابتكار العلمي “مشـاركاتي في المعارض الفـنية تثريني وتدفعني إلى التسـابق مع نفســي أولا، فمن غير الممكن صرف النظر عن الدوافع التي تضعنا بها تلك المعارض، خاصة أنها تجسد أعمالنا في المشهد الثقافي الفني سواء في دولة الإمارات أو في العالم بشكل عام، لهذا أتوق كل سنة لأكون حاضرة بلوحة من أعمالي، فهي بمثابة المرور من أمام الذائقة العامة التي أريد نيل إعجابها”. وهي لا تنظر للأشياء على أنها تشكيلات فقط، بل تستمد منها أفكاراً وعناوين لأعمال قادمة من أجل ذلك أكدت أنها ترسم لأنها محاطة بكل محرضات الفن، وقالت “الصحراء كانت بمثابة الحرف الأول في أبجدية لا تريد أن تصل إلى آخرها، ناهيك عن البحر وما يرسله لنا من رسائل عبر مياهه، تلك التي تفتح مدارك المخيلة، وتضخ بها دم الإبداع بشكل أو بآخر، لهذا فألوان الرمل والبحر والسماء تأسرني وتدفعني إلى العوم في عوالمها لاشتقاق ألوان جديدة تصلح لتكون عنوان لوحات مقبلة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©