الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيلم «المقابلة».. الساخر المهلك!

28 ديسمبر 2014 22:48
يحمل فيلم «المقابلة» الكثير من المرح على الطريقة الساخرة وغير المتكلفة للمخرج والممثل الكندي سيث روجن. ورغم أنه يمكن الجدل بشأن مدى الكياسة في تناول موضوع اغتيال زعيم دولة حقيقي، فإن ذلك يمثل في بعض الأحيان وسيلة في غاية الذكاء ونفاذ البصيرة السياسية. وهذا هو السبب الذي جعل كوريا الشمالية ترد على الفيلم بطريقة عدوانية. لأنه إذا شاهد الفيلم جمهور من حول العالم وإذا تمت قرصنة نسخ منه ودخلت كوريا الشمالية فهذا يمثل تهديداً حقيقياً لشرعية النظام الحاكم هناك. وفي «المقابلة» يُدعى سيث روجن وجيمس فرانكو باعتبار كل منهما مذيعاً يجري مقابلات مع المشاهير ومعدّ أخبار طموح إلى إجراء مقابلة مع الزعيم الكوري الشمالي «كيم جونج أون» في بث تلفزيوني مباشر. ويسأل الإعلاميان بصراحة عما يجعل البلاد تنفق مليارات الدولارات على برنامج الأسلحة النووية، بينما هي تحتاج إلى 100 مليون دولار من مساعدات الأمم المتحدة سنوياً لإطعام شعبها. ويسخر الفيلم من القداسة المفتعلة حول «كيم جونج أون» بلا كلل، كما يعري بطريقة شديدة السخرية فكرة «البطل السوبر» صاحب العبقرية العسكرية والمتأنق بشكل مميز وصاحب القدرات الخاصة التي تتجاوز قدرات البشر العاديين. ويكشف الفيلم التصور المحلي للبلاد عن نفسها حيث يبدأ التقويم بميلاد «كيم إيل سونج» مؤسس البلاد. إنه تصور يوضح مدى انفصال البلاد عن باقي العالم. وهناك انتقالات درامية جادة يتطرق فيها الفيلم إلى معسكرات الأعمال الشاقة، والسجل المروع لانتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، وعقود المجاعات، ودعاية غسل العقول، والتصور الكاريكاتوري عن أهمية الذات. وعندما يتطرق «المقابلة» إلى هذا الواقع الاجتماعي السياسي، وبعد أن شاهد 45 مليون شخص حول العالم أحدث فيلمين لروجن، يصبح الفيلم مدمراً لحكومة «جونج أون». إن «المقابلة» قد يكون بمثابة كارثة تشيرنوبل العصر الرقمي. فتماماً كما فضحت الكارثة النووية للاتحاد السوفيتي، والجهود الخرقاء لإخفائها، القيادة في الكرملين باعتبارها زعامة غير ملائمة ومفلسة أخلاقياً تدير قوة عظمى تصدأ من الداخل، كذلك أيضاً يفعل «المقابلة»، فهو يزيل الأساطير والأباطيل التي أبقت أسرة كيم في السلطة. وبعد تهديدات أجادت كوريا الشمالية نشرها، أرجأت شركة «سوني بيكتشر» عرض الفيلم، لكنها بدأت عرضه في عدد من دور السينما المستقلة وعلى الإنترنت. وهذا هو الصواب لأن القضية أكبر من مجرد فيلم كوميدي عن السياسة. إنها فرصة لإلقاء الضوء على كوريا الشمالية، الخطيرة وغير المأمونة، ولتحفيز الجدل المتجدد عن الشعور بمسؤولية تجاه هذه البلاد. والواقع في كوريا الشمالية يقول إنها بلد طالما هدد العالم بالأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، والآن يضيف صيغة جديدة وخطيرة للحرب غير النظامية إلى ترسانته. وفضح الطبيعة القمعية الحقيقية لكوريا الشمالية التي رصدها تحقيق مفصل ومروع للأمم المتحدة في الآونة الأخيرة أمام الأميركيين بالإضافة إلى الضغط على صانعي السياسة الخارجية من أجل تحسين حياة غالبية الشعب الكوري الشمالي ستكون نتيجة جيدة للفيلم. والسخرية طريقة مشروعة لتحدي الأفكار. فقد جعلت أفلام مثل «بولوورث» و«ثري كينجز» و«دكتور سترينجلاف» و«بينج زير»، وقائمة طويلة من الأفلام الأخرى الناس يفكرون فيما يتجاوز شاشة الفيلم. وحتى لو كانت الطريقة غير مريحة فإن فضح الأفكار والواقع أمام جمهور أكبر بآلاف المرات وأكثر تنوعاً بكثير من جمهور أكثر مقالات الرأي أو تقارير حقوق الإنسان تمتعاً بالقراءة. والأسابيع القليلة الماضية وضعتنا أمام تهديد خطير جديد يجب أن يحث على بذل جهود متعددة الجنسيات لحل النزاعات والمشكلات في شبه الجزيرة الكورية. «المقابلة» به لحظات أكثر ذكاءً وجوهرية مما قد يتوقع معظم الناس. وعلى العالم أن يشاهده الآن ليرفع سوط العزلة على «كيم جونج أون» وحكومته وليس على صانعي هذا الفيلم المهلك في هزله. ريتش كلاين * *عضو مجلس الإدارة في إحدى شركات السينما والإعلام -واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©