الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة أميركا اللاتينية··· الرابحون والخاسرون

أزمة أميركا اللاتينية··· الرابحون والخاسرون
12 مارس 2008 02:31
بابتعاد الزعماء في منطقة الانديز عن شفير الحرب ليأخذوا بعضهم بعضاً بالأحضان ويتبادلوا كلمات الود، كانت أميركا اللاتينية تحاول تحديد الرابحين والخاسرين في أسوأ أزمة دبلوماسية تعرفها المنطقة منذ سنوات، فبعد يوم على حل الأزمة في مؤتمر قمة بجمهورية الدومينيكان يوم الجمعة، بدا واضحاً أن جميع اللاعبين خسروا شيئاً تقريباً، فقد تبادل زعماء كولومبيا والإكوادور وفنزويلا الاتهامات التي لطخت كل واحد منهم، في حين وجدت كولومبيا وحليفتها الولايات المتحدة، نفسيهما معزولتين في المنطقة، أما أكثر مجموعة متمردة في أميركا اللاتينية، ''القوات المسلحة الثورية الكولومبية'' أو''فارك''، فقد فقدت قائدين كبيرين في ظرف أسبوع، في ضربة تعد الأحدث ضمن سلسلة من الهزائم التكتيكية والاستراتيجية، أما الرابح الأكبر، فبدا أنه هو المنطقة نفسها التي تمكنت من حل نزاعها دون مساعدة خارجية ودون عنف· بدأت الأزمة عندما قتلت قوات الأمن الكولومبية ''راؤول رييس'' -القائد الثاني لـ''فارك''- و23 آخرين في غارة نهاية الأسبوع الماضي على معسكر المنظمة في الإكوادور، وعلى إثر ذلك، انتقدت فنزويلا والإكوادور كولومبيا واتهمتاها بانتهاك سيادة الإكوادور، وقطعتا علاقاتهما الدبلوماسية معها، وأرسلتا قواتهما إلى الحدود الكولومبية في استعراض للقوة، مدافعتين بذلك فعلياً عن نشاط ''فارك'' في بلديهما· ذلك أنه إذا كانت كولومبيا تؤكد حقها في مهاجمة أعدائها، فإن الرد العسكري لجيرانها -هدد الرئيس الفنزولي ''هوجو شافيز'' بالحرب في حال واصلت كولومبيا قتالها مع ''فارك'' داخل الأراضي الفنزويلية- يمكن أن يسمح لـ''فارك'' بالتحرك بحرية أكبر خارج كولومبيا، غير أن هذا الانتصار لا يمثل ربما سوى مواساة صغيرة لـ''فارك''، التي يعكس وجودها أصلاً في البلدان المجاورة تراجع قوتها داخل كولومبيا، وذلك على اعتبار أن جهود محاربة التمرد أفلحت في طردها من الأراضي التي كانت تسيطر عليها في وقت من الأوقات· علاوةً على ذلك، فقد أفادت تقارير جديدة يوم الجمعة، بمقتل قائد كبير آخر لـ''فارك''، هذه المرة، لم تحدث أي غارة عابرة للحدود، وما حدث هو أن منشقاً عن المنظمة أتى باليد اليمنى لقيادي بارز ليثبت مقتل قائده، والواقع أن مقتل ''مانــويــــل خيســــــــوس مونــــــــوز'' -المعروف باسمه الحركي إيفان ريوس- يعد منعطفاً مهماً في تاريخ الحرب التي بدأت قبل أربعة عقود، وكان ''مونوز'' -عضو السكرتارية الموجهة لـ''فارك''- القيادي الخامس ضمن مجموعة قُتلت العام الماضي، كما تقول الحكومة الكولومبية إن أعضاء ''فارك'' تراجعوا من 16 ألف عضو في بداية العقد -عندما تقدم المتمردون وباتوا قريبين من العاصمة بوغوتا- إلى ما بين 6 آلاف و8 آلاف عضو اليوم· كانت النتائج بالنسبة لكولومبيا مختلطة أيضاً، حيث وجدت ''بوغوتا'' نفسها معزولة دبلوماسياً في المنطقة، وأثارت تكتيكاتها الانتقادات، ووجد الرئيس ''ألفارو أوريبي'' نفسه محاصراً ومتهماً بأنه حليف خانع للولايات المتحدة، وكانت الغارة واحدةً من أكثر الفقرات إثارةً للجدل ضمن ''مخطط كولومبيا''، البرنامج الأميركي الذي صرف أكثر من 5 مليارات دولار من المساعدات لكولومبيا منذ التسعينيات، وبتنفيذ العملية دون الحصول على إذن الإكوادور مسبقاً، يكون ''أوريبي'' قد سار على نهج إدارة ''بوش''، ذلك أن العملية تحمل أوجه شبه عديدة مع عملية نفذتها الولايات المتحدة في باكستان أواخر يناير، حين استعملت ''وكالة الاستخبارات المركزية'' طائرة ''بريدتور'' لإسقاط صواريخ، وقتلت ''أبا ليث الليبي'' العضو القيادي في ''القاعدة'' الذي كان مختبئاً عن المسؤولين الأميركيين منذ سنوات، فكلتا العمليتين سخرتا وشاةً محليين لتعقب الرجلين، نُفذتا في بلدان أجنبية دون الحصول على إذن مسبق، وشكلتا انتصارين تكتيكيين على اعتبار أنهما نجحتا في قتل أعداء يصنفون في خانة الإرهابيين· غير أن ''أوريبي'' بقتله ''رييس'' في الإكوادور، ربما أساء تقدير ردود الفعل التي تلت ذلك، إذ انهال سيل من الانتقادات على كولومبيا، التي يُنظر إليها على نحو متزايد باعتبارها حصناً موالياً للولايات المتحدة في منطقة مستاءة من نفوذ ''واشنطن''، وفي هذا السياق، يقول ''غريج جراندي'' -أستاذ تاريخ أميركا اللاتينية بجامعة نيويورك-:''إن عقيدة بوش ترفض صراحة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو أمر يتناقض مع مبدأ السيادة الذي يُعد غالياً ومقدساً في أميركا اللاتينية''؛ وبالتالي، يصعب تقبل الطرق التي استعملها ''أوريبي''، الذي يُعتقد أن والده قتل من قبل المليشيات أوائل الثمانينيات، في منطقة شهد معظمها زوال الحركات المتمردة التي تعود إلى زمن الحرب الباردة· فقد انضمت ''نيكاراغوا'' إلى النزاع، حيث وقفت إلى صف فنزويلا والإكوادور، غير أن غضب جيران كولومبيا ثمن يبدو أن ''أوريبي'' مستعد لدفعه· في حربهم الكلامية، اتهم ''أوريبي'' نظيريه الإكوادوري والفنزويلي بأن لهما علاقات مالية بـ''فارك''، وهي منظمة تشبه شبكة إجرامية تُلبس نشاطها ثوباً يسارياً، وبالمقابل، ذكَّر الرئيسان الإكوادوري والفنزويلي أميركا اللاتينيـــة بالعلاقــــات بين العديد من كبار أنصار ''أوريبي'' في كولومبيا وفرق الموت شبه العسكرية التي تحولت إلى منظمات إجرامية تتاجر في الكوكايين· وفي نهاية المطاف، تمكنت أميركا اللاتينية من حل أزمتها، بيد أن السلوك الاحتفالي لقادتها بجمهورية الدومينيكان يتباين مع التوتر الذي مازال مستمراً حول حرب دون نهاية، فكون ''فارك'' تعرضت لضربات قوية وأُضعفت لا يعني زوالها! سايمون روميرو محرر الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©