الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رجال في الخمسين يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء

رجال في الخمسين يحاولون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء
18 ديسمبر 2011 20:55
المراهقة المتأخرة مصطلح متداول اجتماعياً أكثر مما هو متعارف عليه علمياً، وفي علم النفس هناك ما يطابقه وهو أزمة منتصف العمر، وهذه الأزمة دائما ما تحدث في مرحلة ما بعد سن الأربعين من العمر عند الرجال، حيث يشير الكثير من علماء النفس إلى أنها حالة من حالات الرغبة في التغيير بالمظهر العام والملبس، لكن الأشد خطورة حين تتحول إلى تغيير العلاقات الزوجية وهنا الطامة الكبرى، فالمراهقة المتأخرة دائماً ما تخلق مشاكل بين الزوج وزوجته قد تؤدي للطلاق، وهذا بدوره يؤدي إلى التفكك الأسري. يحاول بعض الرجال من الذين تنطبق عليهم مقولة «مراهق في الخميسن»، أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، سعياً لمحاكاة تصرفات الشباب في مرحلة المراهقة الأولى بكل مظاهرها كالاهتمام بالأناقة أو إقامة علاقات عاطفية متعددة، خاصة مع صغيرات السن أو الزواج بهن، لكن هل من الممكن أن نعتبر تلك التصرفات ظاهرة عامة يعيشها الرجل؟ وهل تستدعى مراهقة الخمسين أن تعلن المرأة حالة الطوارئ لحماية مملكتها من الانهيار والتفكك الأسري؟، أم علينا إدانة هذا النوع من الرجال وبقوة لعدم وعيه ونضجه واعتباره مسؤولاً عن التصرف؟. نغمة شبابية عن ذلك، تقول باسمة جابر إنها لم تدرك أنه بعد 20 عاماً من زواجها، ستنقلب حياتها رأسا على عقب، حيث أصبح زوجها يتذمر من تصرفاتها ويعلق على ملابسها ومكياجها بطريقة ساخرة، وعندما تناقشه في أي موضوع يحاول أن يتجنب الحديث معها، كما بات لا يطيق البقاء في المنزل ويتهرب منها دائماً . وتتابع، أصبح يهتم بنفسه أكثر مما سبق، حيث يشتري الملابس التي لا تليق به عمراً أو بمكانته الاجتماعية، حتى الشعيرات البيضاء تحولت إلى سوداء بفعل الصبغة التي يستعملها، كما باتت أحاديثه تتمحور حول شبابه الضائع، وأنه طيلة العشرين عاماً الماضية أضاع عمره في تفاصيل العمل والحياة دون أن يلتفت إلى شبابه وسعادته، وأن الوقت أصبح ملائماً كي يعيش هذا الشباب المهدور، وفجأة أصبحت نغمة هاتفه المتحرك شبابية بالدرجة الأولى، فحينما يرن غالباً ما أسمع رنة المطربة إليسا أو نانسي عجرم. وبلهجة غالبها الحزن أشارت باسمة إلى أنه قد تكون هذه المرحلة التي يمر بها زوجها مؤقتة، وأن كل ما تتمناه أن تنتهي بسرعة، قبل أن تصل إلى مرحلة أسوأ، خاصة أن الوضع أصبح لا يطاق. غرف الشات أما مياسة رمضان، 48 عاماً، فالوضع معها لا يختلف كثيرا عن باسمة، فما يمر به زوجها وهو في الخمسين من عمره يعتبر وضعاً محرجاً، تقول عنه “لقد تغيرت تصرفات زوجي وأفعاله، فبدأ يميل إلى صبغ شعره وبدا عليه الاهتمام الزائد بأناقته، بالإضافة إلى مشاهدة المواقع الإباحية، إلى جانب تصرفاته الطائشة، حيث لا يتوانى في إطلاق المعاكسات على الفتيات وحتى أنا برفقته، مبرراً ذلك بأنه يرى خارج البيت ما لا يراه داخله، وأنه بحاجة إلى الحب والدلال، بل كثيراً ما كان يهددني بالزواج بأخرى. وأشارت إلى أن الذي شكل لها صدمة قوية، هو دخوله إلى «غرف الشات»، لمحادثة الفتيات، حيث كان يجلس ساعات طويلة قد تصل إلى الليل بكامله، وقد اعتقدت في بداية الأمر أنها حالة مؤقتة يمر بها الرجال في هذا العمر، لكنها اكتشفت مع الوقت أن زوجها يقضي أوقاتاً طويلة مع مراهقات، مما استدعى تخزينها بعض المكالمات، التي فوجئت حين سماعها بأن زوجها يصفها فيها بأنها زوجة لا تعرف الأناقة أو اللباقة، ولا تهتم بمتطلبات حياته الزوجية، وأنه لم يشعر بأيام الزواج، بل إن زواجه بها كان قراراً خاطئاً يجب تصحيحه. مراهقة متأخرة في المقابل، الوضع مع صفوان غنام 50 عاما مختلف على الرغم من أنه لم يمر كما يقول بهذه المرحلة، ويرفض أن يعيشها بالشكل الذي يظهره وكأنه شاب طائش يفتقر للوعي ويتجرد من المسؤولية. وأضاف، كثير من الرجال في هذه المرحلة يشعرون بالمراهقة المتأخرة، ويتخلون عن واجباتهم الزوجية والأسرية من أجل غرائزهم ولقضاء الوقت مع فتيات صغيرات السن، قد يغرم أحدهم بهن أو يتزوج إحداهن، مشيراً إلى أنه ليس ضد أن يقيم الرجل علاقات صداقة مع الجنس الآخر، شريطة توافر الوعي والاحترام بما يتناسب مع المرحلة العمرية التي يعيشها، وقال إنه عموماً ضد التصرفات الصبيانية الطائشة وغير الأخلاقية حتى في مرحلة الشباب، لذلك لا يقبلها في مرحلة متقدمة من عمره. من جانبه، يعتقد خميس السعدي، موظف أن شعور الرجل بالمراهقة المتأخرة يرجع لعدة أسباب، منها رغبته في لفت انتباه الآخرين له، فيحاول أن يقدم على أفعال تخيل له أنه في حالة من الشباب الدائم،‏ أو قد تكون شريكة حياته لا توليه الاهتمام الكافي بسبب انشغالها طوال الوقت بالأولاد والأعمال المنزلية، فيضطر إلى اللجوء إلى أخرى تعوضه ما يفتقده. وأكد أن الرجل في هذه السن يعاني كثرة أوقات الفراغ، ويجد أن الحل للخروج من هذا الفراغ، هو الدخول في مغامرة عاطفية مع امرأة أخرى، وربما يرجع السبب في تلك المراهقة أيضا إلى أن الزوجين ارتبطا من دون حب، وعندما وجدا نفسيهما مسؤولين عن أسرة ضطرا إلى الصبر والعيش تحت سقف واحد، لكي تسير الحياة من أجل الأبناء، لكن بعد الاطمئنان عليهم قررا الانفصال لتبدأ حياتهما من جديد ولو كانت متأخرة.‏ دوافع غريزية بدورها، تجد عائشة خلفان «تربوية» أن ما يحدث للرجل في سن الخمسين أو الستين من مراهقة متأخرة هو نوع من النكوص «الارتداد أو التقهقر في النشاط النفسي الى مرحلة سابقة»، فالرجال في هذه السن المتأخرة يشعرون بأن الاهتمام قل بهم من قبل الزوجة أو المجتمع بحكم أنهم أصبحوا كباراً في السن، وقد يكون السبب أن هؤلاء لم يعيشوا فترة المراهقة بكل ما تحمله من اندفاع ومغامرات، كما قد يكون السبب شعورهم بعدم القدرة على الأداء، خاصة فيما يتعلق بالدوافع الغريزية فيحدث النكوص هنا، حيث يتحول الرجل المسن إلى فترة المراهقة، فهو يريد أن يستعيد فترة الشباب والمراهقة بكل قوتها. وأوضحت أن المرأة التي تريد أن تحافظ على ممتلكاتها الخاصة وزوجها المصون، تحاول بشتى الطرق أن تبجله وتحبه أكثر، ففي هذه المرحلة يحتاج الرجل إلى الاهتمام أكثر مما سبق وهي مرحلة قد يمر بها الكثير من الرجال، وقد تستمر فترة طويلة وقد تكون مؤقتة عند البعض. مؤثرات خارجية اختلفت وجهات النظر في هذا الموضوع، فالبعض يرى أن هذه الحالات تشهد تزايداً ملحوظاً في عصرنا الحالي مقارنة بالماضي نتيجة مفرزات العولمة، فنتيجة لكثرة الفضائيات التي تركز على الجمال والأناقة في حياتنا وضرورة البقاء في مرحلة الشباب مهما كلف الأمر، ما يعني أن الرجل اليوم أصبح أكثر تمسكاً بكل المظاهر الشبابية التي تثبت أن عروق الصبا ما زالت تنبض فيه، رغم المشيب وتجاعيد الزمن الواضحة على محياه ورغم كل الاعتبارات الاجتماعية، ازدادت متطلباته أيضاً من زوجته لتكون أكثر جمالاً وشباباً وحيوية وقدرة على تلبية حاجاته العاطفية والجنسية. إلى ذلك، يقول الدكتور أحمد عمّوش عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية جامعة الشارقة، نتيجة لكل هذه المؤثرات تبدأ الأزمة الحقيقية التي تسمى اجتماعياً «المراهقة المتأخرة أو الثانية»، وفي علم النفس «أزمة منتصف العمر»، حيث يحتاج الرجل دائماً في كل مراحل حياته إلى امرأة حقيقية تفهمه وتحاوره وتعطيه باستمرار دافعاً للحياة والعمل، وتزداد هذه الحاجة بشكل أكبر عندما لا تقوم الزوجة بهذا الدور أو عندما يدخل الملل والروتين إلى العلاقة العاطفية بين الشريكين، وفي هذه الحالة قد يجد الرجل امرأة خارج المنزل توفر له هذه الحاجات، لكن بالمقابل يجب عليه أن يحافظ على أسرته ويحميها من التفكك. وأضاف، هناك بعض الرجال يعودون إلى مرحلة المراهقة الحقيقية بمعناها الذي يتضمن الطيش والتهور وبشكل واضح ومؤذ للنفس والأسرة، خاصة عندما يقيمون علاقات عاطفية مشبوهة ومتعددة مع نساء صغيرات وذلك لافتقادهم الإشباع العاطفي والجنسي، أو عندما يهجرون بيوتهم ويتحررون من كل مسؤولياتهم العائلية، وباعتقادي هذه الحالات مرضية بالتأكيد وتستلزم العلاج النفسي قبل فوات الأوان. وأكد عموش في نهاية حديثه أن المراهقة في سن متأخرة هي ظاهرة مألوفة في كل مكان، وليست حكرا على المجتمعات العربية فهي موجودة أيضا في الغرب، ولكن تكاد تكون محصورة بين الرجال أكثر من النساء بسبب عادات وتقاليد المجتمع.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©