الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة الأفكار

12 مارس 2008 02:31
مما يثير الانتباه بشكل خاص، غياب حوار جاد في حملة الانتخابات التمهيدية الرئاسية الأميركية، حول كيفية تطبيق استراتيجية فاعلة بعيدة الأمد لحماية الولايات المتحدة من أعمال إرهابية مستقبلية، اعتنق العديد من الزعماء في الماضي الفوز في ''معركة الأفكار'' ضد المتطرفين المسلمين على أنها أهم مكونات أي استراتيجية، إلا أن هذه الكارثة كلية الوجود تنبع من إطار خاطئ الفائدة لفهم متطرفين مثل أسامة ''بن لادن''، يفترض هذا الإطار، أن مجموعات مثل القاعدة تملك تفسيراً متماسكاً وكاسحاً للإسلام، يتوجب على الولايات المتحدة أن تجابه بموجبه المسلمين لمنع تبنيه، ويجب استبدال هذا الفهم الخاطئ بتوجه له فارق دقيق يرتكز على الطبيعة الحقيقية للتهديد الإرهابي· يعتبر توجه ''معركة الأفكار'' ذا نتيجة عكسية لسببين مهمين، أولاً: فهو يشجع مفهوم الكفاح الديني الثنائي المستعر بين وجهتي نظر عالميتين متعارضتين تتمتعان بنفس القوة، الأمر الذي يؤدي إلى إضفاء الشرعية فعلياً على فهم المتطرفين للكفاح، وثانياً: أنه يبالغ في درجة تشكيل وجهة نظر ''بن لادن'' للعالم بديلاً دينياً قادراً على البقاء بالنسبة إلى 3،1 مليار مسلم في العالم، وجهات النظر الدينية المتطرفة هذه ليست غريبة على معظم المسلمين الموجودين اليوم، ولكنها كذلك استحقت مكاناً على أطراف تاريخ الفكر الإسلامي· يتوجب على الولايات المتحدة، من أجل استراتيجية فاعلة، أن تتخذ ثلاث خطوات مهمة: الأولى فصل الإسلام عن الإرهاب؛ ينّص تقرير لجنة الحادي عشر من سبتمبر على أنه ''ليس العدو فقط هو ''الإرهاب'' وإنما الخطر الذي يشكله الإسلام الإرهابي''، ورغم أنه صحيح أن أميركا تواجه تهديداً كبيراً من أناس يعرّفون أنفسهم بالمسلمين ويغطون شكاواهم وتظلماتهم بثوب من التعابير الدينية، إلا أن ذلك لا يعني أن أناساً كهؤلاء هم مرتكبو ''الإرهاب الإسلامي''، تعني العبارة ضمنياً، أن الإسلام يجيز الإرهاب، وأن المسلمين أكثر احتمالاً لأن يرتكبوا أعمالاً إرهابية، ''الإرهاب باسم الإسلام'' هو تعبير أكثر دقة· تتطلب الخطوة الثانية، الاعتراف بأن معظم التظلمات التي يعبر عنها المتطرفون أمثال ''بن لادن'' هي علمانية وسياسية بطبيعتها، وهم غاضبون مما يرونه استغلالاً للمسلمين على أيدي الولايات المتحدة، وهم يستمتعون بالتعاطف من قبل المسلمين الذين يرون الولايات المتحدة، والغرب بشكل عام، على أنهم يمددون من النظام الاقتصادي السياسي العالمي غير العادل، وكما لاحظ الكثيرون: استهدفت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، المجتمعات المالية والعسكرية الأميركية وليس الرموز الدينية الغربية، ومع أنه يتوجب على الولايات المتحدة ألا تقبل شرعية تظلمات القاعدة على قيمتها السطحية، إلا أننا لا نستطيع أن نمنع حدوث الأعمال الإرهابية بشكل فاعل في غياب فهم أفضل لجذورها الدنيوية في نهاية المطاف· تنطوي الخطوة الثالثة، على ضمان أن تعمل الولايات المتحدة بنشاط باتجاه تشجيع الكرامة الإنسانية، إذ يتوجب على صانعي السياسة الأميركيين بذل جهود مكثفة لفهم ظروف دول العالم الإسلامي التي تتسبب بنوع من الحرمان والإهانة والإذلال بين شعوبها، حيث أن هذه العوامل تساهم في التعاطف مع الأهداف السياسية للقاعدة، تصر حكمة واشنطن التقليدية على أن المسلمين بحاجة للإيمان برؤية بديلة لمستقبلهم السياسي والاقتصادي، رغم أن الغالبية الكبرى من المسلمين لا يحتاجون الإقناع بأن الازدهار الاقتصادي والحرية السياسية هما أمران جيدان· يتشارك المسلمون بنفس رؤى البشر في كل مكان: مستقبل آمن لأطفالهم وحياة تحددها الكرامة والحرية، لذا يتوجب على صانعي السياسة أن يتوجهوا نحو المسلمين كشركاء على الطريق نحو تحسين موارد رزقهم في المجتمعات المسلمة، وإذا استمرت الولايات المتحدة في التورط في التخلّف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الكثير من دول العالم الإسلامي، فإن القاعدة ستستمر في تحقيق المزيد من الأنصار والتابعين المصابين بالعمى عن كل شيء، إلا النتائج المدمرة المنظورة لهيمنة الولايات المتحدة· في نهاية المطاف، يحجب التركيز على الفوز ''بمعركة الأفكار'' منظورنا عما يجب عمله لمنع هجمات إرهابية مستقبلية، إذ يتوجب على الولايات المتحدة أن تدرك الطبيعة الحقيقية للتهديد الإرهابي، وأن تمدد جذور أسبابه وأن تتشارك مع المسلمين للقضاء عليه· عائشة شودري وأندرو ماسلوسكي باحثان في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكنجز ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©