الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عقد الأمية .. والتعليم المفتوح

18 ديسمبر 2011 21:01
أعداد الأميين في العالم العربي تدعو للاستغراب بقدر ما تدعو للحزن. وتفاوت التقديرات بين مائة مليون وستين مليون لايغير من هذا الشعور شيئاً. وكثافة الأمية بين الأعمار فوق 15 سنة في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، عقد التنمية، من شأنه تطوير الاستغراب إلى دهشة وزيادة الحزن إلى كآبة مستدامة بقدر استدامة هذه القضية المزمنة. وتأتي البيانات السنوية الصادرة بهذا الشأن عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لتضع الملح على الجرح، حيث «تصادف» في الغالب مناسبة الاحتفال باليوم العربي لمحو الأمية، وتحديداً خلال سنوات «عقد التعليم من أجل التنمية المستدامة»(2005- 2014). وفي عام 2007 أكدت المنظمة أن عدد الأميين في الوطن العربي لايزال في ارتفاع حيث بلغ 70 مليون أمي سنة 2005، بعد أن كان 50 مليوناً سنة 1970. وفي عام 2009 تحدثت تقارير أن الرقم تجاوز المائة مليون. ورغم أنني أرى مبالغة في هذا الرقم، وأحاول أن أعلل النفس بأنه مبني على تقديرات أكثر مما هو على إحصاءات دقيقة، إلا أن مجرد قول المنظمة في العام 2008 أن عدد الأميين لدى الفئات العمرية التي تزيد على 15 عاماً بلغ قرابة 99,5 مليون من شأنه أن يقطع الشك باليقين بأن كل بيانات التحذير من المخاطر المحدقة بنا في المستقبل ذهبت خلال السنوات الماضية في مهب الريح، وستبقى كذلك حتى يتحول هذا العقد إلى عقد للأمية على الأقل في الدول ذات الكثافة الأمية. الأسباب التقليدية التي تساق عادة وراء هذه القضية تتحدث عن عدم توافر الحلول البديلة لمجابهة العزوف عن الدراسة والأساليب التقليدية في برامج محو الأمية واقتصارها على التعليم الأبجدي وبعض العمليات الحسابية. يحدث هذا في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، في العالم المفتوح وفي عصر ازدهار التعليم الإلكتروني والرقمي، وانتشار مئات آلاف الوسائل والقنوات الجديدة التي من شأنها ليس فقط القضاء على الأمية، بل تخريج ملايين الاختصاصيين وحملة الشهادات العليا والمهنيين والعلماء والباحثين والكتاب والمفكرين والتربويين بمن فيهم الخبراء والمدربون على نشر التعليم في أوساط الأميين وتطوير كفاءاتهم ومواهبهم وإدماجهم في الفضاء المفتوح واستخدامات العالم الرقمي. وثمة عوامل موضوعية تلعب دوراً في استشراء الأمية «اجتماعية واقتصادية وأحيانا سياسية مثل الحروب الأهلية». وطبعاً ليست الأمية مشكلة العالم العربي لوحده. لكن هذا العصر لم يعد يبرر لأحد القصور في التعليم وفي الانتهاء من الأمية. أميركا اللاتينية تعاني أيضاً من مشكلة خمسين مليون أمي، لكن نشأت فيها مبادرات خاصة متواضعة الكلفة للغاية وتؤدي إلى نتائج باهرة وقائمة على أدوات معدودة مثل «أم بي 3» نجحت في توطين التعليم الإلكتروني من أجل أطفال المناطق الريفية، حيث تعتبر عمالة الأطفال ركناً أساسياً لموارد الأسرة. لعل السبب الرئيس في فشل برامج محو الأمية العربية هو أنها لا تزال متمسكة بالمناهج، التي كان لها بشكل أو آخر يد في نشر الأمية، وترفض هي نفسها الاندماج في العصر. وكل الخشية هو أن تبقى الرؤية السائدة لهذه القضية وأسبابها وسبل معالجتها كما هي منذ سنوات عندها فعلاً سنكون على عتبة عقد من الأمية. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©