عدنان عضيمة:
تعرضت الدورة المناخية للأرض في السنوات الماضية لتغيرات سريعة تنطوي على الكثير من الخطورة؛ وهي تُعد نتيجةً مباشرة لارتفاع درجة حرارة جو الأرض والمحيطات بتأثير تزايد مفعول البيت الأخضر لغاز ثاني أوكسيد الكربون أو ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري· وكل عام تظهر أعاصير جديدة لم تكن معروفة من قبل أو تتكرر أعاصير معروفة ولكن بقوة تدميرية غير معهودة، أو تتردد السيول والفصول الجافة على أماكن لم تزرْها من قبل·
وبناء على هذه الحقائق التي تحتل الآن حيزاً كبيراً من اهتمامات البيئيين وأصحاب القرار السياسي في العالم، يمكن القول أن إعصار ''جونو'' هو واحد من هذه الظواهر الجديدة، وربما يكون من تداعيات إعصار ''النينيو'' الذي يعد من من أخطر الظواهر المناخية التي أصبحت تتكرر على الأرض، وهو يتكرر بمعدل مرة كل 4 أو 7 سنوات·
ويفسر علماء المناخ سبب نشوء الأعاصير الاستوائية التي يصنّف ''جونو'' ضمنها، إلى تغيرات هامة في العلاقة الطبيعية بين نظام (محيط - جو)؛ وهي تؤدي إلى حدوث اضطرابات شاملة في الدورة المناخية لمناطق شاسعة من سطح الأرض، وخاصة منها تلك التي تجاور المحيطات·
وبالنسبة للأعاصير الاستوائية التي تتكرر على شرقي آسيا وقارة أستراليا وتمتد إلى الشواطئ الغربية للولايات المتحدة، يكون مصدرها البقع الحارة المنتشرة تحت قاع المحيط الهادي· وتؤدي هذه الاضطرابات الشاذة إلى عكس جهة حركة التيارات الهوائية الموسمية أو ما يعرف بالرياح التجارية· وهنا يكمن السبب المباشر في نشوئها·
وعندما يتعرّض النظام المناخي الطبيعي للتشوّش والاضطراب بفعل نشاطات البقع الأرضية الحارة التي تنتشر في وسط المحيط الهادي، تنشأ الظواهر المناخية الشاذة مثل أعاصير ''النينيو'' و''جونو'' وغيرها· ويحدث هذا عندما تنعكس جهة الرياح التجارية، مما يؤدي إلى تصاعد كميات هائلة من الرطوبة التي تسبب العواصف المطرية المندفعة بسرعة تصل إلى 250 كيلومتراً في الساعة في بعض الأحيان· وإعصار ''جونو'' نتيجة مباشرة لاندفاع هذه الكتل الهائلة من السحب المشبعة ببخار الماء والتي قدرت سرعتها بأكثر من 140 كيلومتراً في الساعة· وعادة ما يسقط بسببها من مياه الأمطار خلال بضع ساعات فقط ما يزيد عن معدل سقوطها خلال سنوات كاملة مثلما يحدث بين الحين والآخر في بنجلادش والهند· ولعل من أسوأ مظاهر هذه الأعاصير أنها تجلب الأمطار المدمرة لبعض مناطق الأرض فيما تؤدي في مناطق أخرى إلى فصول طويلة من الجفاف القاسي·
وكثيراً ما تتعرض أستراليا لمواسم الجفاف المتكررة التي تعود لهذه الظاهرة·
عدد اليوم
