الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعليمات شرطة أبوظبي حدت من الفوضى والسلبيات خلال احتفالات اليوم الوطني

تعليمات شرطة أبوظبي حدت من الفوضى والسلبيات خلال احتفالات اليوم الوطني
8 ديسمبر 2012
قبل انطلاق فعاليات احتفالات اليوم الوطني الـ 41 بحوالي عشرة أيام، بادرت مديرية المرور والدوريات بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي، بالإعلان عن حزمة من التعليمات والعقوبات التي تصل إلى حد الغرامة 2000 درهم، وحجز المركبة لمدة شهر، وتسجيل 12 نقطة سوداء على المخالفين للاشتراطات التي حددت لتزيين السيارات خلال الاحتفالات باليوم الوطني 41، خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 3 ديسمبر الجاري. وما من شك أن هذا الإعلان قد حقق جدواه لدرجة ما ـ وهو ما سنحاول الكشف عنه في هذا الاستطلاع من خلال ردود أفعال الجماهير التي شاركت في الاحتفالات ـ ومحاولة الوقوف عند تأثيراته الإيجابية في الحد من الفوضى والمظاهر السلوكية السلبية لدى بعض الصبية والمراهقين خلال الاحتفالات. يؤكد كثيرون ممن شاركوا بفعالية في احتفالات اليوم الوطني الـ 41 أن التعبير عن الفرحة ما هو إلا تعبير عفوي وطبيعي ومتنوع، بشرط أن يكون مقبولاً ومنضبطاً. وتقترن الفعاليات الاحتفالية لدى بعض الصبية والمراهقين والشباب بمظاهر وتصرفات سلوكية سلبية غير مسؤولة، يمكن وصفها بأنها”صبيانية” أو “فوضوية”، تشوه الفرحة، وجمال المشهد الاحتفالي المتحضر، لما قد تسببه في كثير من الأحيان من أضرار وأذى وإزعاج وفوضى، بل قد تعرض حياة الآخرين للخطر في كثير من الأحيان. نحن أمام حالة متميزة من حالات تفعيل وتنفيذ القانون والتعليمات المنظمة لحركة وانضباط الناس وسلوكياتهم اليومية العامة، وتحقيق مفهوم الأمن باعتباره حالة اطمئنان إلى عدم توقع مكروه أياً كان شكله و مصدره، ومن ثم تصبح وظيفة القانون إكساب الأفراد وتعويدهم على أساليب سلوكية ودوافع وقيم واتجاهات متحضرة، يرضى عنها المجتمع، لتتناغم والجهود التنموية المبذولة من قبل الدولة. مباغتة أثناء توقف حركة السير على كورنيش أبوظبي خلال الاحتفالات لفترات طويلة نسبياً، باغتني أحد الصبية الذي نزل كغيره من سياراتهم، ولم أره إلا وهو يصوب فوهة علبة “الإسبري” الملون من نافذة السيارة وأغرقني بالألوان وانصرف راكضاً إلى سيارة أخري، فقررت النزول وسألته: لا تخف.. لما قمت بمثل هذا التصرف؟ وما الفائدة منه؟ أجابني: إنه احتفال وفرحة، وهذا “الإسبري” لا يضر! فقلت له لكنه ممنوع وتعليمات المرور منعت استخدامه. أجابني:” لو كان ممنوعاً ما تركوه مطروحاً في الأسواق في كل مكان”. يعلق خالد سهيل النيادي “أحد الشباب الذين استمعوا للصبي، ويقول: “هذا منطق معقول، فإذا كانت تعليمات المرور تمنع استعمال هذا “الإسبري” الرشاش، ولو كان لا يسبب ضرراً ملموساً وإن كنت أظن أن له ضرراً على البيئة، فلماذا لا يمنع طرحه وتداوله من قبل معظم محلات البقالة ولعب الأطفال؟ أتمنى أن يمنع ليريحونا منه، فإذا كان يقترن بالفرحة والاحتفالات، فإنه يزعج الناس، ولا يمكن منع الأطفال من استعمالاته بشكل نهائي إلا بمراقبه الأسرة واتخاذها موقفاً صارماً منه”. تأثير العقوبات تقول جواهر حمد الهولي “موظفة بأحد البنوك”:” ما من شك في أن التعليمات المرورية ساهمت كثيراً في الحد من التصرفات السلبية الرعناء التي كان يقوم بها بعض الصبية والمراهقين، وإن لم تقض عليها نهائياً، لكن يمكن تلمس تأثيرها الإيجابي، وتفعيل مراقبتها، والجدية في تطبيق القانون من شأنها أن تعلم هؤلاء السلوكيات المنضبطة التي تتفق والأخلاق العامة، وجلال وجمال الاحتفالات، لأنني لا أرى مبرراً لتعمد إغلاق الشوارع أو تعطيل حركة السير أو خروج الأطفال والصبية من الفتحات الجانبية أو العلوية للسيارات، والقيام بحركات استعراضية غير مقبولة، بل في بعض الأحيان التحرش بالمارة، وتعمد التجاوزات الأخلاقية المسيئة. فالتعبير عن الفرحة لايكون بالتهور والرعونة، وإلحاق الأذى بالآخرين ، هناك إيجابية بأنني لم أشاهد في الاحتفالات “التفحيط”، وهذا أول مكسب حقيقي يجنب الصبية تخريب السيارات، فالخوف من العقوبات أدى مفعولاً مباشراً في هذا الجانب”. المزيد من الرقابة يضيف عبد الله سالم جنيدي “موظف”:” لقد استمتعنا هذا العام بأجواء الاحتفالات من دون ضجيج أو فوضى أو استهتار من قبل البعض كما كان في السابق، ربما اختفت السلبيات بصورة ملموسة، لكنه ليست بشكل تام، حيث نلمس انضباطاً تشوهه أحياناً بعض التصرفات السلبية من قلة من الصبية والمراهقين، فقد قلت الأصوات المزعجة، واختفى “التفحيط” تقريباً، وهناك التزام بتزيين السيارات، خوفاً وتجنباً للعقوبات، لكن بقيت بعض التصرفات المشينة مثل الرش بالملوثات “الإسبري” الملون، ورمي المخلفات والعلب في الشوارع، وإصرار البعض على تعمد تلويث البيئة بأكثر من وسيلة، ومحاولات إثارة الذعر، والخروج من نوافذ وأبواب أو فتحات سقف السيارات، والنزول من المركبات على الطرق العامة، والوقوف على الطرق الفرعية والرئيسية ومواقف الحافلات وسيارات الأجرة في كثير من الأحيان. وحسناً فعلت إدارة المرور حين أصدرت اشتراطات تحدد عدم تعتيم أو تلوين الزجاج الأمامي أو زجاج السائق، وعدم طمس الأرقام الأمامية أو الخلفية للمركبات، وعدم تزويد السيارات بمواد الضجيج”. وتكمل بثينة الراوي “ربة منزل”:” هناك فروق واضحة على انضباط الناس وتصرفات كثير من الصبية والمراهقين والشباب التي كانت تشوه جمال الاحتفالات، فمعظم الناس يحرصون على الخروج للمشاركة في الفرحة في هذا اليوم من مواطنين ومقيمين من الجنسيات كافة. والمخالفات التي ما زالت موجودة تحتاج مزيداً من الوعي والجدية في تطبيق القانون، فالصبي الذي يتعمد رش “الإسبري” على الزجاج الأمامي لسيارات الغير، يمنع من مواصلة السير ويعرض الآخرين للخطر، ويجبرهم على الانتظار حتى إزالة الضرر ليتمكنوا من الرؤية مجدداً، وهذا يستغرق بعض الوقت، ويعطل سير السيارات، أعتقد أن منع تداول هذا المنتج سيكون أفضل، ويجنب الناس كثيراً من الضرر، فكلنا نشاهد اختفاء مظاهر “التفحيط” وحرق “الكاوتشوك”، ولكن لماذا لا نجنب المحتفلين بقية الضرر؟ أتمنى ذلك في المستقبل”. ويرى زوجها منذر التميمي “مهندس” أن منع القيام بالمسيرات العشوائية ساهم في الحد من الفوضى المرورية إلى حد كبير، كذلك اختفاء الفوضى والمضايقات التي كانت تسبب إزعاجاً للآخرين مثل القيادة بتهور واستعراض يشكّل خطورة بالغة ويتسبب في وقوع الحوادث المرورية الجسيمة التي ينتج عنها وفيات وإصابات بالغة. ويقول أيضاً:” لاحظت أن عناصر المرور موجودون على مختلف الطرق لرصد أي تجاوزات أو تصرفات غير مسؤولة يمكن أن يقوم بها بعض قائدي المركبات، بسبب إصرارهم على عدم الالتزام بالقانون ومخالفة الضوابط التي وضعتها مديرية المرور ونشرتها وسائل الإعلام كافة، لكن في مثل هذه المناسبات قد يتهاون رجال الشرطة في تطبيق العقوبات على المتهورين الذين يقومون بتلك التصرفات مثل القيادة بطيش وتهور والمبالغة في تلوين المركبة، بما يعيق الرؤية، وقيادة المركبة عكس اتجاه السير، والتسبب في الإزعاج بالنزول من المركبات، وتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، والدخول عكس السير، وغيرها من مخالفات، يتم ارتكابها تحت ستار الفرحة والاحتفالات”. الوظيفة الأخلاقية والسلوكية للقانون يرى العميد الدكتور عبد الله الشيخ، أستاذ القانون بكلية الشرطة، أن هناك أهدافاً مباشرة للقوانين، بفروعها كافة، فهي تهدف إلى وضع ضوابط على السلوك الاجتماعي للأفراد، وذلك بضمان عدم تعريض حقوق ومصالح ومشاعر الآخرين للإيذاء أو الضرر. والفارق بين القانون والأخلاق، هو أن مخالفة القانون تتضمن توقيع جزاء مادي على المخالف من جانب الدولة أو السلطة، في حين أن مخالفة قواعد الأخلاق تستند إلى جزاء معنوي في شكل ازدراء المجتمع مع ما يترتب عليه من شعور بالخزي والعار لدى الفاعل إزاء نفسه، وفي مواجهة أفراد المجتمع. فالتعليمات المرورية المقصودة هنا، وسيلة قانونية تساهم إلى حد كبير في ضبط التصرفات العامة أو السلوكيات السلبية التي تظهر أو ترافق الاحتفالات، وتعرض حياة الآخرين للخطر أحياناً كثيرة، ومن الأخلاق أن يحترم الناس ما يصدر من الجهة المعنية من تعليمات منظمة، وتصبح تعبيراً عن احترامهم للقانون والقيم السائدة في المجتمع، وما استقر عليه الضمير العام من عادات وتقاليد. فالأخلاق تتعلق بكل ما يصدر عن الفرد من تصرفات أو حتى أحاسيس. وموقف الأخلاق تجاه مثل هذه المخالفات، هو اختلاف دور القانون عن دور الأخلاق في المجتمع. فالهدف من القانون هو تحقيق مصلحة المجتمع مع احترام خصوصية الحياة الداخلية للأفراد وحرياتهم الشخصية. أما الأخلاق فإنها لا تقتصر على تحقيق المصالح الاجتماعية ولكنها تسعى إلى الارتقاء بالفرد وسلوكياته، وإذا كان مجال القانون يتلاقى مع مجال الأخلاق في العديد من مظاهر السلوك الاجتماعي، فإن للقانون مجالات أُخرى مهمة في المجتمع لا تعرفها الأخلاق. فالقانون يضع قواعد المرور بالسير على اليمين لتنظيم عملية المرور من دون أن يمكن القول إن السير على اليمين أكثر أخلاقية من السير على اليسار، وغير ذلك من قوانين منظمة أخرى، ولا غنى لأي مجتمع سليم عن القانون والأخلاق معاً، وليس أحدهما بديلاً عن الآخر، كما لا يمكن الاستغناء عن أيهما.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©