كوريا الشمالية... تدخل عهد «أون»

مات الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج إيل. هذا ما أعلنته مذيعة كورية شمالية، وهي تجهش بالبكاء وترتدي لباساً تقليديّاً أسود، على التلفزيون الكوري الشمالي يوم أمس الاثنين، وذلك بعد يومين على إصابته بنوبة قلبية أثناء رحلة على متن قطار. وتترك وفاة "إيل" في سن التاسعة والستين فراغاً كبيراً في السلطة بكوريا الشمالية على رغم أنه سعى خلال السنوات الثلاث الماضية إلى إعداد وتقديم ابنه الثالث، "كيم يونج أون" الذي تلقى تعليمه في سويسرا وهو في أواخر العشرينات من عمره، لخلافته على الحكم. وقد تم إرسال إشارات واضحة على صعود "كيم يونج أون" يوم أمس الاثنين من خلال الإعلان أنه سيكون مكلفاً بالترتيبات الجنائزية الخاصة بوالده، الذي كان معروفاً بلقب "الزعيم المحبوب". ومن المرتقب أن تنتهي فترة الحداد الأولى في 29 ديسمبر الجاري، وبعد ذلك من المحتمل أن تدخل كوريا الشمالية في صراع على السلطة في الكواليس لا يعرف أحد نتيجته. وفي هذا الإطار، قال ديفيد ستروب، الرئيس السابق لمكتب كوريا بوزارة الخارجية الأميركية "إن الأنظمة لا تسمح بعمليات تكيف سهلة في وضع مثل ذلك". غير أن "ستروب" يلفت إلى أن عملية انتقال السلطة يمكن أن تكون سلسة بالنظر إلى تأثير ونفوذ دائرة داخلية، تضم أرملة كيم يونج إيل وشقيقته وصهره، باعتبارهم لاعبين أساسيين إلى جانب مجموعة من الجنرالات الذين قد يشكلون زمرة حاكمة وراء العرش الذي يجلس عليه "كيم يونج أون". وقد توفي كيم يونج إيل في لحظة حاسمة في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية كان يروج فيها الحديث على نطاق واسع عن كون الولايات المتحدة على وشك الإعلان عن إرسال 250 ألف طن من المساعدات الغذائية إلى ذلك البلد لأول مرة منذ ثلاث سنوات، في حين أشارت تقارير إلى أن كوريا الشمالية كانت هي أيضاً على وشك الإعلان عن تعليق للاختبارات الصاروخية والنووية. غير أن هذه الصفقة التي كان مخططاً لها باتت غير مؤكدة اليوم. وكانت كوريا الشمالية قد بدت خلال الآونة الأخيرة كما لو أنها عمدت إلى تليين وتخفيف نبرة خطابها أثناء استعدادها لما كان سيكون عيد ميلاد "كيم" السبعين في فبراير القادم، واحتفالات أخرى ضخمة تحيط بالذكرى المئة لميلاد والده "كيم إيل سونج" الذي حكم البلاد طويلاً وتوفي في عام 1994. ومن الجدير بالذكـر في هـذا الإطـار أن كوريا الشمالية كانت قد أجرت اختبارين نوويين سريين في أكتوبر 2006 ومايو 2009. غير أنها قررت على ما يبدو تعليق إجراء اختبار ثالث في وقت كانت تطلب فيه مساعدات غذائية من الولايات المتحدة وكوريـا الجنوبية، التي عمد رئيسها المحافظ "لي ميانج باك" إلى قطـع مثل تلك المساعدات بعد تنصيبـه في فبراير 2008. هذا وقد عقد الرئيس الكوري الجنوبي اجتماعاً طارئاً لحكومته يوم أمس الاثنين في وقت أعلن فيه عن حالة استنفار تام في صفوف القوات المسلحة الكورية الجنوبية. وكان مبعوث الولايات المتحدة لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية، روبرت كينج، قد التقى مؤخراً مع مسؤول كوري شمالي رفيع في العاصمة الصينية بكين من أجل الحديث حول المساعدات الغذائية. وعن ذلك يقول ستروب: "اليوم لدينا وضع جديد حيث يتعين على المسؤولين الأميركيين والكوريين الجنوبيين أن يقرروا بشكل سريع مواقفهم بما يتجاوز البيانات العامة"، مضيفاً "كما سيتعين عليهم أن يلتقوا ويراجعوا موضوع المساعدات الغذائية". ومنذ التقارير الأولى حول إصابة كيم يونج إيل بسكتة دماغية في 2008، سعى المسؤولون الكوريون الشماليون جاهدين إلى إثبات قوة الرجل الذي فرض على البلد حكماً فرديّاً وقاسيّاً تماماً مثلما كان حكم والده. غير أن حالته الصحية بدأت تتدهور كثيراً بعد أن استضاف الرئيس الكوري الجنوبي الراحل "رو مو هيان" في قمة عقدت في بيونج يانج في أكتوبر 2007. والجدير بالذكر هنا أن "رو" اتبع سياسة الشمس المشرقة الرامية للمصالحة بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، التي كان قد بدأها الراحل "كيم داي يونج" حين ذهب إلى بيونج يانج من أجل المشاركة في أول قمة بين الكوريتين في يونيو 2000. وكان "كيم" قد توارى عن الأنظار طيلة ستة أشهر، غير أنه سرعان ما عاد ليظهر عبر وسائل الإعلام في بلده. وخلال العامين الماضيين بدا "كيم" نشطاً جدّاً حيث انخرط في عدد من الجولات التفقدية عبر أرجاء البلاد، وأدى ثلاث زيارات إلى الصين المجاورة التي تعتبر أقوى حليف لبلاده. وقد أفادت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية "كي. سي. إن. إيه" بأن كيم "أصيب بحالة حادة ومتقدمة من احتشاء العضلة القلبية… على قطار في السابع عشر من ديسمبر". وقال التقرير إن "كيم" كان "مرهقاً ذهنيّاً وبدنيّاً نتيجة جولاته التوجيهية الميدانية المستمرة من أجل بناء دولة مزدهرة". دونالد كيرك - سيئول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»