الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كارثة «فوكوشيما»... نهاية المرحلة الحرجة

19 ديسمبر 2011 20:45
أعلنت الحكومـة اليابانيـة أن مجمـع فوكوشيما النووي الذي لحق به دمار كبير بعد كارثة التسونامي التي ضربت اليابان في 11 مارس الماضي، فيما اعتبر أسوأ كارثة نووية في العالم منذ حادثة تشرنوبل، قد تمت السيطرة عليه ولم يعد يشكل خطراً على السكان، ولكن ذلك لم يقطع الشكوك والأسئلة التي ما زالت تحيط بالمفاعل النووي، ولا سيما أن المسؤولين ما زالوا غير قادرين على التحقق من وضعية الوقود في المحطة النووية، فضلاً عن ظهور تقرير سري يفند ادعاءات الحكومة ويشكك في كفاءة جهود التنظيف التي قامت بها الشركات المتخصصة. فقد صرح رئيس الوزراء، "يوشيهيكو نودا"، في اجتماع حكومي حول الأزمة النووية بأن "المفاعل وصل مرحلة التبريد المطلوبة"، وقد أصبح اليوم -حسب ما نقلت عنه وكالة رويترز- "مستقراً". وأضاف رئيس الحكومة ومعه وزير البيئة المعني بالأزمة النووية أن مفاعل فوكوشيما بات تحت السيطرة، على رغم أن عمليات التنظيم قد تستمر لعقود. وكانت شركة كهرباء طوكيو، التي تشرف على عملية تنظيف المفاعل من الإشعاعات النووية المسؤولة عن تشغيل المحطة، قد أكدت أنها كانت تسعى إلى تبريد المفاعل قبل نهاية السنة الجارية وأنها تمكنت من ذلك بالفعل. وتعني مرحلة التبريد التي أعلنت الحكومة اليابانية عن وصولها إليها أن الماء المستخدم في تبريد قضبان الوقود النووي في المفاعل تدنت درجة حرارته إلى ما دون مستوى الغليان، وهو ما يحول دون ارتفاع درجة حرارة القضبان التي تطلق إشعاعات نووية حولها. وقد نقلت صحيفة "جابان تايمز" عن مسؤولين حكوميين قولهم إن درجة حرارة الحوض الذي يحوي القضبان النووية بلغت 38,9 درجة مئوية، وعلقت الصحيفة قائلة: "إذا كانت السلطات محقة والمفاعل النووي مستقرّاً بعدما انخفضت درجة حرارته، فسيكون ذلك حدثاً حاسماً في إسدال الستار على أسوأ كارثة نووية منذ حادثة تشرنوبل عام 1986". لكن الصحيفة تضيف أن المشككين يتخوفون من القراءات غير الدقيقة للمسؤولين، لاسيما إذا خرقت القضبان النووية جدار الحوض واستقرت في قعر الحاوية بالمفاعل النووي، كما أن شركة الكهرباء لم تستطع أخذ القياسات اللازمة بقعر الحاوية لأن المكان ما زال مشعّاً ويصعب الاقتراب منه لتأكيد الأرقام التي أفرج عنها المسؤولون الحكوميون، وحتى لو كان المفاعل تحت السيطرة ستستغرق عملية التنظيف داخل المفاعل ثلاثين عاماً، كما أن المشاكل ستظل قائمة حسب صحيفة "وول ستريت جورنال". والحقيقة أنه لا يمكن المجازفة بأرقام نهائية بشأن المفاعل النووي والجزم بأنه بات تحت السيطرة الكاملة، فالمفاعلات بالمحطة ما زالت واقعة تحت الركام، كما أن العديد من أنظمة الرقابة والقياس ما زالت معطلة، ناهيك عن مستويات الإشعاع المرتفعة، الأمر الذي يصعّب عملية أخذ القياسات والاقتراب كثيراً من المفاعل، بحيث يعتمد المهندسون والخبراء على برامج كمبيوتر تحاكي الموقع دون أن يدخلوه بأنفسهم، هذا بالإضافة إلى شكوك حقيقية تحيط بجهود التنظيف كما أوضح ذلك تقرير سري أنجزه صحفي مستقل عمل في الموقع رقم 1 بالمفاعل النووي لستة أشهر كاملة استطاع خلالها مراقبة عملية التنظيف والإجراءات المتبعة، حيث لاحظ سلسلة من الممارسات غير السليمة التي تفتقد إلى أبسط معايير الأمن يقوم بها العمال داخل المفاعل! ويخلص الصحفي إلى أن الجهود المبذولة لم تفضِ لأي تقدم ملموس. ويرى الصحفي الذي قام بالتحقيق أن "العمل في المفاعل النووي يضاهي إصدار أمر بالموت"، مشيراً إلى الحيل التي يلجأ إليها العمال الخاضعون لضغط كبير للتلاعب بأجهزة قياس الإشعاعات التي بحوزتهم حتى يتمكنوا من إنجاز عملهم، والعديد منهم يصطحبون معهم عداد الإشعاع إلى مهاجعهم، وهو أمر يخالف قواعد السلامة. ويضيف الصحفي أن الشركات التي تعمل في مجال تنظيف المفاعل النووي لا تركز على أخذ القياسات الضرورية لمعرفة مستوى الإشعاع، بل تكلف العمال بإنجاز مهام محددة ضمن جدول زمني صارم، وهو ما يدفع هؤلاء العمال إلى التساهل في معايير السلامة لإنجاز العمل. وأكثر من ذلك يشير الصحفي إلى ثقافة العمل السائدة بين الشركات اليابانية العاملة في مجال تنظيف مفاعل فوكوشيما التي تقوم على السرية والتنافس وعدم التنسيق والتعاون فيما بينها، حيث تصر كل شركة على إخفاء تكنولوجيتها الخاصة والإبقاء على السرية دون إطلاع الأخرى على ما يجري، لاسيما شركتي "توشيبا" و"هيتاشي" المسؤولتين عن التنظيف! وهذه الشكوك حول كفاءة الشركات العاملة في المفاعل النووي دفعت رئيس الحكومة السابق "يوكيو هاتوياما"، في مقال مشترك نشره بدورية علمية بريطانية إلى إعلان تولي الحكومة اليابانية بنفسها مسؤولية التنظيف وقطع الطريق على بعض الشركات عديمة الكفاءة. وانتقد رئيس الحكومة السابق شركة كهرباء طوكيو لعدم توفير المعلومات الكافية حول المفاعل النووي للحكومة، وتقديم معطيات تعوزها الدقة، وقد اقترح في هذا الإطار تأميم الشركة الخاصة لتوزيع الكهرباء حتى تصبح المعلومات شفافة ويعرف الجميع ما يجري في المفاعل النووي. ولم تقتصر الانتقادات على المسؤولين اليابانيين، بل امتدت إلى خبراء أجانب يراقبون الوضع النووي في المفاعل، ومنهم "روجر كاشمور"، رئيس هيئة الطاقة النووية البريطانية الذي حمل مسؤولية التضارب في المعطيات ليس فقط لشركة كهرباء طوكيو، بل للحكومة اليابانية نفسها لعدم شفافيتها وحجبها لبعض المعلومات عن الرأي العام في محاولة منها للانتهاء سريعاً من الأزمة النووية، وطي صفحتها وإعطاء الانطباع للعالم بأن الأمور باتت تحت السيطرة. آرثر برايت - اليابان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©