السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشيلي... ومشكلة المهاجرين

18 ديسمبر 2013 23:37
أليس أونيل سانتياجو - تشيلي جاءت «ألسيرا آرو» بصحبة ابنها إلى تشيلي، قبل سبع سنوات، بحثاً عن عمل. وكافحت «آرو»، بعد أن غادرت وطنها بيرو الذي عملت فيها سكرتيرة ثم بائعة في الشارع، كي توفر كل ما تستطيع من المال كي يتعلم ابنها في الجامعة. وقالت آرو، وهي أم بلا زوج، بينما كانت تتناول الغداء بالقرب من مكان تعمل فيه في تنظيف المنازل في حي للطبقة المتوسطة العليا في سانتياجو «اتيت إلى تشيلي لأوفر الاستقرار لابني... كان لا بد لي أن أجعله مهنياً وحققت هذا». فقد أصبح ابنها الآن مهندساً صناعياً. و«آرو» واحدة من بين الكثير من المهاجرين الذين جاءوا إلى تشيلي على مدار العقد الماضي الذي تضاعف فيه تقريباً عدد المهاجرين في البلاد. والآن مع إعادة انتخاب الرئيسة التشيلية ميشيل باشيليه في الآونة الأخيرة وبحث تشريع جديد بشأن الهجرة فقد يتغير قريباً الواقع الذي يواجهه الطامحون إلى الهجرة إلى تشيلي. ويشير «دايلمر أوفاريل» الاقتصادي الذي درس موضوع الهجرة إلى شيلي بينما كان يعمل في مركز «فلاكسو» البحثي الأميركي اللاتيني إلى أن تشيلي أصبحت منطقة جاذبة للمهاجرين بسبب استقرارها الاقتصادي وقوانينها المرنة التي تسمح بالتقدم للحصول على تأشيرات عمل وإقامة دائمة. ويأتي أشخاص من بوليفيا والإكوادور وفنزويلا والأرجنتين إلى تشيلي بسبب الرواتب الأفضل وانخفاض مستوى الجريمة والاستقرار الاقتصادي. لكن المعارضين الذين يرددون الخطاب المناهض للمهاجرين حول العالم يقولون إن الوافدين الجدد ينتزعون منهم الوظائف مما يقلص الرواتب ويتسبب في ارتفاع معدل الجريمة. وفي استطلاع رأي أجرته جامعة «سانتو توماس»، شمل خمس مدن في شمال تشيلي، قال 59 في المئة من الذي اُستطلع رأيهم إن الهجرة تؤثر سلباً على البلاد ويريد 76.4 في المئة تشديد قوانين الهجرة. وتضمنت المدن التي أجري استطلاع الرأي فيها مدينة «انتوفاجاستا»، التي شهدت معارك في الشوارع بسبب كرة القدم بين مهاجرين كولومبيين وشيليين في هذا الخريف، مما أدى إلى مسيرات مناهضة للمهاجرين هناك. وأشارت «باشيليه» إلى أنها تعتزم طرح تشريع يحول التركيز من «الأمن والتحكم في العمالة المهاجرة» إلى «الاحتواء والتكامل الإقليمي والحقوق». وتتبنى خصمتها «إيفلين ماثي»، التي حصدت 38 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية نهجاً أكثر تشدداً. وفي كلمة في انتوفاجاستا في أكتوبر الماضي، قالت «ماثي» إنه يجب أن يُطلب من المهاجرين الحصول على تأشيرة عمل قبل دخول البلاد من أجل «معرفة سجلهم الجنائي». وطالبت بطرد المهاجرين الذين ارتكبوا جرائم في شيلي وعدم السماح لهم بالعودة أبداً. ويصف «أوفاريل» القول بأن المهاجرين يساهمون في البطالة وارتفاع مستوى الجريمة بأنها مزاعم واهية بل على العكس، يلبي المهاجرون «حاجات تشيلي» لأن هرم شيلي السكاني عجوز ومعدل المواليد فيها منخفض. ففي عام 2012، سجلت البلاد ميلاد 14.28 طفل لكل ألف شخص نزولاً من 17 طفلاً عام 2000، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 19.15 طفل. فقوة العمل في البلاد تتقلص والوافدون الجدد يسدون الثغرات. وتشير بيانات لمنظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية» إلى أن المهاجرين من بيرو وبوليفيا والإكوادور يعملون في الأساس في متاجر البيع بالتجزئة والرعاية الصحية والأعمال المنزلية، بينما يعمل المهاجرون القادمون من الأرجنتين وإسبانيا كمهنيين أو مهندسين في قطاع التعدين في البلاد. وجاءت «آرو» إلى تشيلي بتأشيرة سياحة فحسب لتجد عملاً فور وصولها مما ساعدها على التقدم بطلب الحصول على تأشيرة عمل مؤقتة. وفي عام 2007، حصلت على تأشيرة دائمة عندما أعلنت باشيليه عفواً عاماً عن الأجانب المقيمين في البلاد. ومنحت باشيليه العفو لوقف انتهاكات أصحاب العمل ضد العمال غير الشرعيين ولتحسين العلاقات مع الدول المجاورة التي ضغطت حكوماتها على تشيلي كي تقنن وضع مهاجريها. واستفاد من العفو 50 ألف شخص بينهم 32 ألفاً من بيرو. ويصف «خورخيه فيجورواكروث» رئيس لجنة تشيلي للدفاع عن السيادة الوطنية الإجراء بأنه «عفو كبير»، أدى إلى أجور أقل والمزيد من تجارة المخدرات في تشيلي. ويستهدف مشروع قانون مطروح حالياً أمام البرلمان تعديل قانون الهجرة الذي يعود لعام 1975. ويركز مشروع القانون على الحاجة إلى عمال في قطاعات معينة: فسيعترف بالمزيد من الشهادات العلمية الأجنبية ويطالب الأجانب بالحصول على تأشيرة عمل قبل الوصول ويضيف فئة تأشيرة جديدة خاصة بالعمال المؤقتين. ويقول «انديلسو بورتولوتو» نائب رئيس معهد الهجرة الكاثوليكي التشيلي إن شرط حصول الأجانب على تأشيرة عمل قبل الدخول مستمد من قوانين الهجرة الكندية والأسترالية وهو تغيير يحظى بتأييد كبير خاصة في الشمال. لكن «بورتولوتو» أضاف «تشيلي ليست مثل كندا أو أستراليا، حيث لها حدود طويلة، وأياً كان التشريع، فسوف يدخل الناس البلاد ودون وثائق... من الأفضل اتباع تشريع يناسب السياق الإقليمي». وحذر «رودولفو نورييجا» مؤسس ورئيس «لجنة لاجئي بيرو في تشيلي» من أن برنامج العمال المؤقتين سيؤدي إلى زيادة عدد المهاجرين من دون وثائق. وأضاف «عندما يقرر المرء أن يهاجر وأن يقطع تلك العلاقات القوية بالأسرة والعادات فهو قطع واضح ولفترة طويلة». وتوقع «نورييجا» أن يأتي المهاجرون بتأشيرات مؤقتة ثم يبقون دون تصريح. وتؤكد «آرو» إنها جاءت لتبقى، وهي تدخر الآن المال لتشتري منزلاً وهو هدف «واجب التحقيق من زمن بعيد»، فبعد سبع سنوات تشعر أن تشيلي وطنها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©