الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حركة «جولين»... وصراع «الإسلاميين» في تركيا

18 ديسمبر 2013 23:38
ألكسندر كريستي ميلر- إسطنبول اعتقلت الشرطة التركية يوم الثلاثاء الماضي خمسين شخصاً، بمن فيهم أبناء ثلاثة وزراء في الحكومة على خلفية التحقيق في مزاعم فساد تصل خيوطها إلى قلب الحكومة التركية. ويرى المحللون أن الاعتقالات الأخيرة تندرج في إطار محاولات استهداف رئيس الوزراء، رجب طيب أردوجان، وإدارته من قبل شبكة إسلامية كانت في السابق حليفة له، لكنها تتمتع بنفوذ معتبر داخل جهازي الشرطة والقضاء، وجاءت عمليات الدهم التي اعتُقل على أساسها الأشخاص المشتبه فيهم في أنقرة وإسطنبول بعد سنة كاملة من المراقبة والتتبع التي قامت بها الأجهزة المختصة للتحري في تهم الفساد والرشوة المرتبطة بإرساء صفقات حكومية وتخصيص أرض للتطوير العقاري، بالإضافة إلى تهم أخرى مرتبطة بتهريب الذهب. وتهدد هذه المزاعم التي نقلتها الصحف التركية بضرب استقرار حكومة أردوجان وإلحاق ضرر فادح بحزب «العدالة والتنمية»، لا سيما وهو مقبل على الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في شهر مارس القادم. ومع أن «أردوجان» لم يأتِ على ذكر التحقيق وتفاصيله خلال حديثه أمام حشد من مؤيديه بمدينة «كونا»، إلا أن تصريحاته فُهم منها أن ما يجري هو جزء من مؤامرة ضد البلد، حيث قال «تركيا ليست جمهورية موز، أو بلداً من الدرجة الثالثة...لا أحد سواء داخل البلد، أو خارجه يستطيع إثارة القلاقل، أو نصب شرك لتركيا». وبالإضافة إلى أنجال الوزراء في الحكومة تم اعتقال أيضاً عمدة حي الفاتح بإسطنبول، مصطفى ديمير، ومعه المدير العام لبنك «هالكبانك»، أحد أكبر مؤسسات التمويل العقاري في البلاد، فضلاً عن اعتقال عدد من المسؤولين الحكوميين، وقد أكد المدعي العام لمدينة إسطنبول، توران كولاكادي، للإعلام التركي إشراف مكتبه على التحقيقات الجارية بخصوص مزاعم الفساد، مستنكفاً عن الخوض في التفاصيل لأن التحقيق ما زال جارياً، وفي تفسيره للاعتقالات أرجع معظم المراقبين السياسيين التطورات الأخيرة إلى الصراع المتنامي بين أردوجان وحركة «جولين» التي تعتبر منظمة إسلامية قوية يعيش زعيمها، فتح الله جولين، في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا الأميركية، لكن الحركة التي تتبنى أجندة إسلامية معتدلة وتمتلك شبكة من الشركات والمؤسسات الإعلامية كانت في السابق إحدى الحلفاء المقربين من أردوجان، غير أن الصراع اندلع بعد تراجع نفوذ عدوهم المشترك المتمثل في النخبة العلمانية ليتعمق الخلاف، وتزداد مشاعر عدم الثقة بين الطرفين، حيث عبر جولين في الفترة الأخيرة عن استيائه من ميول أردوجان السلطوية، مصدراً إحالات مبطنة بأنه «الفرعون»، هذا الصراع حدا بالحكومة في الشهر الماضي إلى إعلان خطتها إغلاق شبكة من المدارس الخاصة المرتبطة بالحركة، وهو ما رد عليه يوم الإثنين الماضي أحد أعضاء البرلمان عن حزب «العدالة والتنمية»، لكنه مقرب من حركة جولين، بالاستقالة احتجاجاً على قرار الحكومة. وفي تصريحات مثيرة قال لاعب كرة القدم السابق وأحد الوجوه البارزة في حزب «العدالة والتنمية» والمقرب أيضاً من حركة «جولين»، حكان سوكور، «إن التعامل مع أشخاص ساندوا الحكومة في كل القضايا على أنهم أعداء هو نوع من الجحود وعدم الاعتراف بالجميل»، أما المحللة السياسية «أتيلا ياسيلادا»، فقد اعتبرت أن الصراع بين الطرفين الإسلاميين «وصل مرحلة اللاعودة، حيث راكما قدراً كبيراً من عدم الثقة المتبادلة إلى درجة أنهما يخوضان حرباً مفتوحة ضد بعضهما البعض، ولا يستطيع «أردوجان» السماح بإمبراطورية «جولين» التحرك بحرية»، وتضيف «ياسيلادا» أن التحقيق الجاري حالياً في تهم الفساد قد يضر بالحكومة ويقلص قاعدتها الانتخابية قبل الاستحقاقات المقبلة سواء المحلية، أو الرئاسية التي ستجري نهاية الصيف المقبل، مؤكدة أن أنصار «جولين» لديهم القدرة على التأثير في الرأي العام بسبب تواجدهم القوي في وسائل الإعلام، لكن المحللة السياسية ترى أيضاً أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي، بل ستمارس ضغوطاً لنقل المدعين العامين المشرفين على التحقيق في القضية، وربما الدفع لإغلاق الملف وطيه نهائياً، ثم أنها قد تطلق حملة تطهير للمسؤولين الحكوميين والموظفين المرتبطين بحركة «جولين». لكن استهداف شبكة جولين بامتداداتها في عالم الأعمال والشركات ومصالحها المتفرعة قد يلحق الضرر بالاقتصاد التركي، كما سيؤدي إلى تقسيم الكتلة الانتخابية المحافظة التي حملت «أردوجان» إلى السلطة في ثلاثة انتخابات سابقة. ووفقاً لصحيفة «توداي زمان» ذات الصلة بحركة «جولين»، تنصب التحقيقات مع المسؤولين الحكوميين في جزء منها على مزاعم الفساد في وزارة البيئة والتعمير ومساعي تطوير أراضي محمية، لا سيما في محيط حي الفاتح التاريخي، وكان أول من أطلق هذه المزاعم التقرير الذي أعده البرلماني المعارض، «أيكوت إردوجدو»، كجزء من لجنة تحقيق برلمانية، تتهم إدارة الإسكان الشعبي بأنها وراء صفقات غامضة مقابل الحصول على عقود حكومية، لكن التقرير لم يحظَ بتغطية إعلامية في تركيا، واضطر مدير إدارة الإسكان الذي اعترف في تصريحات للصحافة بوجود تجاوزات إلى سحبها، وأرجع البرلماني المعارض تجاهل الإعلام التركي للتقرير إلى أن أغلب الصحف والمنافذ الإعلامية مملوكة لشركات كبرى تربطها مصالح مع الحكومة، وهي لا تريد تعريض تلك المصالح للخطر، وبالتالي تتخوف من استعداء حزب «العدالة والتنمية»، هذا وتعود آخر فضيحة فساد تم التحقيق فيها بتركيا إلى 2008 حيث تورطت جمعية خيرية تابعة لحزب «العدالة والتنمية» في عمليات اختلاس للأموال بألمانيا، لكن الشركة التي غطت وسائل إعلامها الفضيحة أدت ضريبة باهظة وصلت إلى 2.5 مليار دولار فيما اعتبره البعض عقاباً لها من قبل حكومة «العدالة والتنمية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©