الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

توتر في العلاقات الألمانية - الإسرائيلية

8 ديسمبر 2012
مايكل ستينينجر برلين نظراً لتوتر العلاقات الألمانية- الإسرائيلية على نحو غير معتاد، سعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل جاهدة لطمأنة إسرائيل بأن البلدين مازالا صديقين كالعادة. ويذكر هنا أنه عندما امتنعت ألمانيا عن التصويت الأسبوع الماضي حول رفع وضع السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة إلى دولة مراقب غير عضو، بدلاً من التصويت ضدها، استاءت إسرائيل من هذا الموقف حيث اشتكى رئيس الوزراء الإسرائيلي من «افتقار (ألمانيا) إلى الانسجام في مواقفها» تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط، بل وذهب إلى حد انتقاد ميركل شخصياً إذ قال لصحيفة «دي فيلت» الألمانية: «لقد خاب ظني فيها» قبل أن يذهب للقاء المستشارة على طاولة العشاء يوم الأربعاء الماضي. ولكن ميركل قالت يوم الخميس: «إن أمن إسرائيل هو جزء من سبب وجود ألمانيا». ومن المعروف أن تحمل مسؤولية «الهولوكوست» حوَّل ألمانيا إلى واحد من أقوى حلفاء إسرائيل، إلى جانب الولايات المتحدة. ولكن الجمهور الألماني يبدو أنه أخذ يقول إنه ليس واثقاً من أنه يريد دعم إسرائيل بدون شروط مثلما كان يفعل في الماضي. ومن المعروف أيضاً أي انتقاد، مقصود أو متخيل، من ألمانيا هو موضوع مهم، نظراً لأن ألمانيا دعمت إسرائيل بقوة خلال العقود الأخيرة، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى التساؤل حول ما إن كان ذلك الدعم قد بدأ يتغير اليوم. ورغم أنه لم يتم تأكيد ذلك رسمياً، إلا أن تصويت ألمانيا في الأمم المتحدة ينظر إليه على نطاق واسع هنا في العاصمة الألمانية برلين على أنه رد فعل على إعلان إسرائيل الأخير بشأن استئناف الاستيطان، الذي علم به الألمان مبكراً. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الحكومة ستيفن سيبرت عن المخططات الاستيطانية: «لقد أضعفت إسرائيل الثقة في استعدادها للتفاوض»، مضيفاً أنها أدت إلى«تقليص أكبر للفضاء الجغرافي للدولة الفلسطينية المقبلة التي ينبغي أن تكون الشرط الأساسي لحل الدولتين». غير أنه لدى خروجهما من المباحثات الحكومية الألمانية- إسرائيلية يوم الخميس الماضي، وهو اجتماع دوري بين الحكومتين، حرص كل من ميركل ونتنياهو على التشديد على الوضع الجيد للعلاقات على كل المستويات بين البلدين. فقد قال نتنياهو: «شكراً أنجيلا على الترحيب الحار». ومن جانبها، قالت ميركل: «يا لها من سعادة أن نتواصل بهذه الطريقة اليوم، بالنظر إلى تاريخنا». وموضوع الاستيطان؟ لقد تم المرور عليه مرور الكرام أمام الصحفيين: «لقد اتفقنا على أن نختلف». والواقع أن ألمانيا ليست واحدة من أهم شركاء إسرائيل التجاريين فحسب، وإنما تزودها بالأسلحة والمعدات العسكرية بشروط جداً سخية، ومن ذلك غواصات طُورت خصيصاً للبحرية الإسرائيلية وقادرة على إطلاق صواريخ محملة برؤوس نووية. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول «آفي بريمور»، السفير الإسرائيلي إلى ألمانيا بين 1993 و1999: «لقد اعتادت إسرائيل على دعم غير مشروط من ألمانيا. ولذلك، فإنها فوجئت وجرحت بالانتقادات الرسمية». غير أن الانسجام والتفاهم بين ميركل ونتنياهو تدهور خلال الأشهر الماضية، يقول بريمور، وميركل في حاجة إلى إعادة النظر في دعمها لإسرائيل على خلفية الرأي العام الألماني المنتقد تجاه دور إسرائيل في الشرق الأوسط. ويقول «بريمور» في هذا الصدد: «أعتقد أن صبر الألمان بدأ ينفد بشأن سياساتنا الاستيطانية ومعاملتنا للفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وهو عامل لا تستطيع الحكومة الألمانية تجاهله». ولكن ذلك لن يترجم إلى تغير فوري في السياسة على الجانب الألماني، يقول بريمور. غير أنه إذا استمرت الحكومة الجديدة التي ستفرزها الانتخابات الإسرائيلية في يناير المقبل في مسار تصادمي تجاه الفلسطينيين، فهناك إمكانية في الواقع لانضمام ألمانيا إلى الأصوات المنتقدة لإسرائيل بقوة داخل الاتحاد الأوروبي. وكان مركز «فورسا» الألماني لاستطلاعات الرأي قد نشر في وقت سابق من هذا العام دراسة أظهرت أن 70 في المئة من الألمان يرون أن إسرائيل تتصرف بتهور، ومن دون أخذ مصالح جيرانها في عين الاعتبار، وأن 59 في المئة وصفوا إسرائيل بـ«العدوانية». ويمثل هذان الرقمان ارتفاعاً بنحو 10 نقاط مئوية مقارنة مع دراسة مماثلة أجريت في 2009. بعض المراقبون مثل مارتن كلوك، المتخصص في العلاقات الألمانية الإسرائيلية من برلين ومؤلف كتاب «إسرائيل واليسار الألماني – تاريخ علاقة صعب» ، يرون أن أسباب هذا التطور لا توجد في سياسة إسرائيل بقدر ما توجد في رغبة ألمانية في إعادة كتابة التاريخ إذ يقول: «ظاهرياً، الأمر يتعلق بالجهل في كثير من الأحيان»، مضيفاً «فالناس يرون صور غزة وهي تحوَّل إلى أنقاض من قبل رشاشات المروحيات الإسرائيلية، وينحازون إلى من يعتبرونه الطرف الأضعف والمقهور في هذا القتال غير المتكافئ». غير أن كلوك يرى أن تغطية الحرب تخون أصلاً انحيازاً في وسائل الإعلام الألمانية، التي بالكاد غطت أسبوعاً من الهجمات الصاروخية من قبل حماس على مدن وبلدات إسرائيلية. وذلك الانحياز هو انعكاس لشعور في المجتمع الألماني الأوسع، يقول كلوك. ذلك أن «كل فلسطيني يُقتل بالقصف الإسرائيلي يقلل من الذنب الألماني. والاحتجاج الألماني على سوء معاملة الفلسطينيين لا يتعلق بالفلسطينيين في الواقع بقدر ما يتعلق بإظهار أن الإسرائيليين ليسوا مختلفين جداً عن أجدادنا النازيين». والواقع أن الحكومة والنخب السياسية في ألمانيا تدرك جيداً الخطر المتمثل في أن أي انتقاد لإسرائيل يمكن أن يساء استعماله. ولهذا فإن مثل هذه الانتقادات من المسؤولين نادرة جداً، يقول كلوك. «إلا أن الإسرائيليين يجعلون الأمر صعباً على ميركل أحياناً». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©