الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: العودة إلى تعاليم الإسلام تنقذ المجتمع من الجرائم الأسرية

العلماء: العودة إلى تعاليم الإسلام تنقذ المجتمع من الجرائم الأسرية
19 ديسمبر 2013 21:11
حسام محمد (القاهرة) - لا يمر يوم دون أن تنشر وسائل الإعلام خبر مقتل طفل على يد أبيه أو زوجة على يد زوجها أو العكس، فماذا حدث لمجتمعاتنا الإسلامية وماذا يحدث داخل الأسرة المسلمة؟.. يقول الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الفقه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، إن الله سبحانه وتعالى شرع الزواج ليكون سكناً للرجل والمرأة ثم الأبناء من بعد، ولكي يعيش كل فرد من أفراد الأسرة آمناً مطمئناً هادئ النفس مرتاح البال ومن أجل هذا رغبنا الإسلام في حسن اختيار الزوج كما رغب في حسن اختيار الزوج، لأن حسن الاختيار أساس المودة والمحبة بين الزوجين وهذا لن يتحقق إلا بالسكون النفسي. يشير الدكتور محمد الدسوقي، قائلاً: معلوم أن كل حق يقابله واجب، والإسلام أوجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأبنائه وأن يُحسن عشرتهم وأن يراقب ربه في تعامله معهم وألا يجرح مشاعرهم وألا يسيء إليهم خاصة الزوجة لأن المرأة إما أن تكون أماً أو بنتاً أو زوجة أو أختاً، فالزوجة هنا لها ميزة خاصة على الأم والبنت والأخت لأن ما يحدث بين الزوجين لا يمكن أن يحدث مع طرف آخر، ولكن المؤسف أن هناك من الزوجات من تسيء إلى زوجها ولا تحسن عشرته ولا تقابل الإحسان بالإحسان، لأنها متمردة لا ترضى باليسير ولا تقنع بالقليل وإنما هي متطلعة إلى غيرها، وسيدنا رسول الله قال: «انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم»، وكذلك هناك أزواج لا يراعون الله في معاملتهم لزوجاتهم ومن هنا يظهر العنف الأسري الذي ينعكس بالسلب على الأسرة كلها وبالتالي على المجتمع بأسره. مواجهة العنف الأسري ويقول د. الدسوقي: إحدى أهم وسائل مواجهة ظاهرة العنف الأسري هو الوعظ والإرشاد الديني بوصفه الدواء الفعال والمهم لحماية المجتمع من مشاكل العنف الأسري إذ إن تعاليم الدين الإسلامي توضح أهمية التراحم والترابط الأسري ويجب على المؤسسات التربوية والإعلامية أن تراعي ذلك الأمر، بحيث تؤكد من خلال برامجها أن إشاعة الود والعطف بين أفراد الأسرة الواحدة له أثر بالغ في تكوين أفرادها تكوينا سليما فإذا لم يراع الآباء ذلك فإن أبناءهم يصابون بعقد نفسية تسبب لهم كثيراً من المشاكل في حياتهم ولا تثمر وسائل النصح والإرشاد التي يسدونها لأبنائهم مالم تكن هناك مودة صادقة بين أفراد الأسرة. وقد ثبت في علم النفس أن أشد العقد خطورة وأكثرها تمهيداً للاضطرابات الشخصية هي التي تتكون في مرحلة الطفولة الباكرة خاصة من صلة الطفل بوالديه. كما أن تفاهم الأسرة وشيوع المودة فيما بينها يساعد على نموه الفكري وازدهار شخصيته، ويجب أن يعلم كل مسلم ومسلمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديثه الصحيح: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» ومن هذا المنطلق يجب أن تعمل مؤسسات المجتمع كافة على تثقيف الأباء والأمهات بحيث يدرك كل زوج وزوجة ضرورة أن يجنبوا أبناءهم أجواء المشاحنات والمشاكل وحتي يجنب الآباء والأمهات الأبناء مثل تلك الأجواء والبيئات الموبوءة فعليهما التنازل عن بعض المطالب والتفاهم والابتعاد عن الأطفال أثناء المناقشة، كما يجب الابتعاد وتجنب الأسباب التي قد تؤدي بهما إلى الخصام والمشاحنات ومن ثم مد اليد والعنف، وليعلم الزوج والزوجة أنهما في هذه الحياة امتداد للجنس البشري لهما رسالة في الحياة ستنتهي بنهايتهما وسيحملها غيرهما من بعدهما فليتركا لهما ذكرى حسنة وحميدة. الحب بين الزوجين ويؤكد الدكتور محمد كمال إمام، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن هناك أمرا لو حرص عليه كل زوج وزوجة فإن الحياة ستستقيم في أفضل صورها وسيخلو المجتمع من كل مظاهر العنف الأسري، وهذا الأمر هو أن يحب الزوج زوجته وأن تحب الزوجة زوجها فمحبة الأزواج للزوجات والعكس من الأمور التي لا لوم على المحب فيها بل هي من كماله، والله تعالى يقول في كتابه الحكيم: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» أي أنه ومن دلائل قدرة الله تعالى الدالة على عظمته وكمال قدرته أن جعل للإنسان أزواجا من بني جنسه ولم يجعلها من جنس آخر كي يحصل بهذا الزواج السكن وهو حب الرجل لامرأته والمودة وهو خوفه عليها ألا يصيبها مكروه فجعل المرأة سكنا للرجل يسكن قلبه إليها وجعل بينهما خالص الحب وهو المودة المقترنة بالرحمة ولو أحب الرجل زوجته بهذا الشكل فلن يمارس أي نوع من العنف ضدها وستحرص هي على عدم إيذائه ولو باللفظ وسينشأ الأطفال على هذه الحقيقة، وبالتالي ستكون الطاعة هي أسلوبهم وهكذا ينشأ جو أسري حميم. ويجب أن يتذكر كل رجل أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان نعم الزوج لكل نسائه بل كان يعينهن في أعمال المنزل وكان يحنو عليهن وليس أدل على ذلك من أنه في خطبة الوداع وصى المسلمين بالنساء فقال – صلى الله عليه وسلم – «استوصوا بالنساء خيرا» فعلى كل مسلم أن يعمل بوصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أزواجنا وأهلينا وبذلك نبلغ الخيرية التي عناها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خيركم خيركم لأهله. الجهل والتقاليد البالية ويشير الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الشريعة بجامعة القاهرة، إلى أن الجهل والعادات والتقاليد البالية هي أهم أسباب انتشار العنف الأسري حيث يتخيل الرجل أن ضرب الزوجة هو جزء من رجولته وواجبه نحو أسرته فلا يراعي كون الزوجة إنسان مثله وبالتالي فإن تلك الزوجة تمارس العنف نحو أبنائها من دون أن تدرك تداعيات ذلك عليهم ليصبح البيت كله عبارة عن حلبة للصراع بدلاً من كونه مقر للسكن والألفة والحميمية. وأضاف: إذا كنا نريد مواجهة تلك الظاهرة فعلينا بدعم دور المسجد من جديد بحيث يعود الخطباء وعلماء الدين لممارسة دورهم في الدعوة إلى الهداية والطريق المستقيم لسعادة الدنيا والآخرة والعمل على خلق مجتمع إنساني آمن مستقر تسوده الأخوة والمحبة والتعاون على البر والتقوى كذلك الدعوة للسلوك الأمثل في علاقة الإنسان بأخيه الإنسان بعامة وعلاقة الزوجين والأطفال خاصة لأن صلاح الكليات لا يكون إلا بصلاح الجزئيات فعلى الدعاة بكل أسمائهم ومسمياتهم أن يعلموا هذه الحقيقة والمكانة الخطيرة لهم فهم المسؤولون عنها أمام الله وعباده وعليهم أن ينهضوا بهذه المسؤولية بكل أمانة وصدق ووضوح وثبات وأن يزيلوا ما علق من شوائب في أذهان الناس وقلوبهم من مفاهيم ومعان مخالفة لرسالات السماء واحترام عقل الإنسان الذي خلقه الله نعمة لسعادة هذا الإنسان والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الشريف: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». الالتزام بتعاليم الإسلام يضيف الدكتور محمد كمال إمام: أهم الحلول لمواجهة تلك الظاهرة المؤسفة تكمن في الالتزام بتعاليم الإسلام وتطبيقها في الحياة الأسرية، سواء كان ذلك على صعيد اختيار الزوجين، أو تسمية الأبناء، أو تربيتهم والتعامل معهم، أو احترام الأبوين، وجعل الإسلام هو دين للحياة وليس للعبادات فقط، مع ضرورة وتوضيح مقصد الشرع من الآيات والأحاديث التي ورد فيها ذكر الضرب حتى لا تستغل باسم الإسلام، ويجب على تلك المؤسسات العمل على تثقيف المسلمين بحيث يدرك المسلم أهمية حسن التخلق مع من يكونون تحت الولاية من النساء والأطفال والخدم لأن الأخلاق من مبادئ الإسلام، ومكملة لأمور الدين، فقد يكون الإنسان مصلياً ومؤمناً وليس عنده من حسن الخلق شيء، وقد وصف الله تعالي نبيه مثنيا على أخلاقه بقوله «وإنك لعلي خلق عظيم»، «ولأهمية الخلق يقول الرسول صلى الله عليه وسلم» إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه...» ولم يقل دينه فقط، ويقول صلى الله عيه وسلم «من يحرم الرفق يحرم الخير كله»، كذلك على جميع أفراد المجتمع بمجاهدة النفس للوصول إلى حسن الخلق وحسن المعاملة مع الناس، لأن ترسيخ الأخلاق هو الترجمة العملية للدين على أرض الواقع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©