الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضائل وبركات فصل الشتاء

فضائل وبركات فصل الشتاء
19 ديسمبر 2013 21:12
نعيش هذه الأيام في فصل الشتاء، فصل الغيث والخير، الذي يترك ظلاله والحمد لله على جميع مناحي الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والزراعية، والثروة الحيوانية، ونسبة عذوبة المياه، والنظافة وغير ذلك (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ)، «سورة الملك، آية 30». لذلك يذكرنا الله تعالى بهذه النعمة العظيمة في قوله: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ* لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ)، «سورة الواقعة، الآيات 68 - 70». لقد أنعم الله علينا وعلى البشرية بنعم كثيرة لا تُعَدّ ولا تُحصى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)، «سورة النحل، الآية 18»، ومن هذه النعم نعمة الماء والغيث كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)، «سورة الأنبياء، الآية 30». فالواجب على الإنسان أن ينظر إلى نعم الله عليه فيتأملها، ويشكر الله على نعمه، وأن يعرف أن وراء هذه النعم مُنعم وخالق ورزاق هو الله عز وجل، فالفلاح يحرث الأرض، ويبذر الحب، وهو معتمد على ربه، متوكل عليه، فإذا بالحبة تنمو بقدرة الله سبحانه وتعالى فتصبح شجرة لها جذور، وساق، وسنابل، من الذي جعل الحبة حبات؟ إنه الله رب الأرض والسماوات. ومن المعلوم أن المسلمين يسعدون كثيراً حين يكرمهم الله سبحانه وتعالى بنزول الغيث، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلّمنا ما يُقال إذا أمطرت، كما جاء في الحديث الذي روته عائشة - رضي الله عنها-: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى المطر قال: «اللهم صَيِّباً نافعاً»، (أخرجه البخاري). أما إذا اشتد المطر، فقد جاء في الحديث الصحيح عن أنس - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام (الروابي)، والظراب (الجبال الصغيرة)، والأودية ومنابت الشجر»، (أخرجه البخاري). وإذا عصفت الريح سُنّ للمسلم أن يقول ما حدثت به عَائِشَةُ - رضي الله عنها-: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتْ الرِّيحُ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»، (أخرجه مسلم). وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع الرعد والصواعق، قال: «اللَّهُمَّ لا تَقْتُلْنَا بغَضَبكَ، وَلا تُهْلِكْنَا بعَذَابكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ»، (أخرجه الترمذي والحاكم). ومن هديه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتعرض للمطر ببدنه، كما جاء في الحديث الشريف، قال أنسٌ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ برَبِّهِ عز وجل»، (أخرجه مسلم). كما وبَيّن - صلى الله عليه وسلم - أن وقت نزول المطر من مواطن إجابة الدعاء، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «اثِنْتَانِ لا تُرَدَّانِ أو قال قلَّّ ما تردان: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، أو عند البأس حين يُلحِم بعضهم بعضاً»، وفي رواية عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «وَتَحْتَ الْمَطَرِ»، (أخرجه الحاكم). ولفصل الشتاء فضائل وبركات عديدة منها: - الحث على إسباغ الوضوء في شدة البرد حيث إن ذلك من أفضل الأعمال، لما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «ألا أدلكم على ما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: «إسباغُ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط»، (أخرجه مسلم). جاء في كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم في شرح الحديث السابق: «حقاً حُفّت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات، وكلما شقت العبادة وتحملت النفس في سبيلها الصعاب عظم الأجر، من هنا يجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً من الطاعات، في كل منها مشقة وجهاد، إسباغ الوضوء بالماء البارد في الشتاء، وكثرة المشي إلى المسجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، بهذه الثلاث يمحو الله الخطايا ويرفع الدرجات، وإذا كان هذا الأجر العظيم عن وسائل العبادات، فما بالنا بالأجر عن الغايات؟ لا ريب أنه فضل كبير»، (فتح المنعم شرح صحيح مسلم 2/156). - الحث على مساعدة الفقراء والمحتاجين، فمن المعلوم أنَّ الصدقات ليست سبباً في قلة المال، كما جاء في الحديث «ما نقص مالٌ من صدقة». ومن أشكال الصدقات والبرِّ خصوصاً في مثل هذه الأيام، مساعدة الفقراء والمعوزين والضعفاء والفقراء واليتامى والثكالى والأرامل، مساعدتهم بشراء الملابس الشتوية لهم، وإدخال السرور على قلوبهم، ورسم البسمة على وجوههم، بما أفاء الله عليك من النِّعم، فإنَّ منع الزّكاة سبب مباشر لغضب الله، فقد جاء في الحديث: «ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمْطروا»، (أخرجه ابن ماجه). - التذكير بزمهرير جهنم والعياذ بالله منها، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «اشتكت النار إلى ربها فقالت: ربِّ أكل بعضي بعضاً، فَأَذِنَ لها بنَفَسَيْن: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فأشدُّ ما تجدون من الحرّ، وأشدُّ ما تجدون من الزمهرير»، (أخرجه البخاري). يجب على المسلمين أن يشكروا الله سبحانه وتعالي على ما أولانا من فضله وإنعامه، تقديراً لهذه الخيرات المحيطة بنا، واعترافاً بفضله وكرمه سبحانه وتعالى، وطلباً للمزيد من برّه وخيره، فقد وعد الشاكرين على شكرهم. وقد بين رسولنا محمد - عليه الصلاة والسلام - فضل شكر الله على نعمه، وأثر الإنفاق في البركة وفي تنزل الرحمات حيث يقول - صلى الله عليه وسلم-: «بَيْنَمَا رَجُلٌ بفَلاةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَانْتَهَى إِلَى الْحَرَّةِ، فَإِذَا هُوَ فِي أَذْنَابِ شِرَاجٍ، وَإِذَا شَرَاجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَبعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلانٌ. بالاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ سَأَلْتَنِي عَنِ اسْمِي؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ باسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَا إِذَا قُلْتَ هَذَا؛ فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثَهُ، وَأَرُدُّ ثُلُثَهُ»، (أخرجه مسلم). ‎خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©