السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

جيفري ساكس: الإمارات تتحول إلى منصة إطلاق أنظمة الطاقة والتعليم الذكية في العالم

جيفري ساكس: الإمارات تتحول إلى منصة إطلاق أنظمة الطاقة والتعليم الذكية في العالم
19 ديسمبر 2013 21:44
حوار – مصطفى عبد العظيم: تتحول دولة الإمارات مع استضافة “إكسبو 2020” إلى مركز عالمي للتواصل وعصف الأفكار، ومنصة عالمية للابتكار وتصدير المعرفة الخاصة بأنظمة الحكومات والمدن الذكية، بحسب المفكر الاقتصادي العالمي جيفري ساكس مدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا. ويؤكد البروفيسور ساكس أن دولة الإمارات تمتلك الإمكانيات والقدرات على تحقيق طموحاتها وخططها الرامية إلى تسخير التكنولوجيا لبناء مستقبل قائم على المعرفة والإبداع. وأشار ساكس، الذي يشغل كذلك منصب مدير منظمة حلول شبكات التنمية المستدامة في الأمم المتحدة، ومستشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الخاص، إلى أن دولة الإمارات سبقت العديد من بلدان العالم في رسم مستقبلها بخطط وأفكار “ذكية”، مؤكداً أن الشعار الذي حددته لمعرض “إكسبو 2020”، يعكس عزمها على صنع مستقبل مزدهر. وتوقع ساكس، الذي يقوم بإعداد تقرير السعادة العالمي، أن تواصل الإمارات تقدمها على صعيد الرفاهية والازدهار، في ظل وجود قيادة قادرة على استشراف المستقبل وتتمتع بالرؤية وتدرك قيمة التخطيط، مشيرا إلى أن حكومة دولة الإمارات تخطو على مسار واضح استدامة التنمية. وأوضح البروفيسور ساكس في حوار مع “الاتحاد”، أن الاقتصاد الإماراتي في وضع جيد ويتمتع بمقومات ومرونة تعزز من استدامة نموه، خاصة مع تزايد تشابكه مع الاقتصادات ذات النمو المتواصل في آسيا وأفريقيا، الأمر الذي يجعل من الآثار المتوقعة نتيجة المخاطر، التي تحيق بالاقتصادات الرئيسية في أوربا وأميركا، أمراً جانبياً. ووصف المفكر الاقتصادي العالمي وضع الاقتصاد الدولي حالياً بـ “المشوش”، معللاً وصفه بوجود اقتصاد متباطئ في الولايات المتحدة، وآخر هشاً في منطقة اليورو، مع وجود انتعاش في مناطق أخرى من العالم، كالصين التي تواصل النمو بسرعة واليابان التي تتعافي بوتيرة متسارعة، الأمر الذي يشير إلى أن الاقتصاد العالمي مازال يعمل بسرعات متعددة. وقال إن “الدول النامية متوسطة الدخل تنمو بشكل جيد، ولكن هناك دولًا في أوربا، وكذلك الولايات المتحدة مازالت في نمط النمو الواهن، بما يشير إلى وجود جانب سلبي من المخاطر وآخر متعدد الاحتمالات، إذ يتركز الجانب السلبي للمخاطر في الولايات المتحدة وهو أمر سياسي، وفي أوربا مازال مالياً بشكل رئيسي، بسبب عيوب في مؤسسات منطقة اليورو، وهي التي يمكن معالجتها قريباً، لذا فإن الصورة تبدو معقدة مع استمرار هذه المخاطر. وفي معرض إجابته حول التأثير السلبي المحتمل لهذه المخاوف على اقتصادات دول الخليج بوجه عام والإمارات بشكل خاص، قال ساكس: “بوجه عام الوضع الاقتصاد العالمي جيد إلى حد ما بالنسبة لدول الخليج، فالنمو العالمي من المحتمل أن يتراوح بين 3,5% و 4% سنوياً للسنوات القليلة المقبلة، وأتوقع أن تبقى أسعار الطاقة العالمية مرتفعة، على الرغم من طفرة الغاز والنفط في الولايات المتحدة، وتوقعاتي تقوم على استمرار الأداء الاقتصادي الجيد في الصين، الذي يشكل بالتأكيد علامة استفهام، بسبب التباطؤ في وتيرة النمو مؤخراً، والذي يتطلب عملية إعادة تقييم شاملة لتأثيره على الاقتصاد العالمي، وكذلك بالنسبة للهند التي تعد مهمة للاقتصاد العالمي، حيث لا يعمل اقتصادها بنفس الوتيرة، لكن الآمال منعقدة على أن تسهم الانتخابات المقبلة في الهند في وجود سياسات اقتصادية أفضل للمستقبل. وأضاف أنه “من الواضح أن المشهد الاقتصادي العالمي يفرض تحديات عدة، لأن أسواق أوروبا والولايات المتحدة المهتزة تشكل أسواقاً مهمة لدولة الإمارات وأسعار النفط العالمية مهمة، ويتوقع أن تتجه أسعار الفائدة للارتفاع خلال العامين المقبلين، لكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كان النمو في الأسواق الآسيوية والإفريقية يمكن أن يبقى منتعشاً كما كان، لأن الانتعاش سيساعد الإمارات على أن تظل في وضع جيد، ما يعني أن النمو العالمي سيظل مستمراً نسبياً إلى حد ما، لهذا فإن معظم المخاطر في الجانب السفلى وليس في الجانب العلوي. الحكومات الذكية ومدن المستقبل ويرى ساكس أن تسخير التكنولوجيا الحديثة لأغراض استدامة التنمية، لم يحدث حتى الآن بالشكل المثالي، فالإمكانيات لجعل غالبية قطاعات الاقتصاد ذكية من خلال زيادة كفاءة المصادر، وإعادة تدوير المصادر، والارتقاء بجودة الحياة وجودة المنتجات، لافتاً إلى أن السبب في ذلك، ما نشعر به من أن ثورة تكنولوجيا المعلومات التي كان لديها تأثيرات غير مسبوقة على الإنتاجية لم نستفد منها بعد في العديد من القطاعات، فمحطات الكهرباء وأنظمة النقل الحالية ليست بالمستوى الذي يجب أن تكون عليه من ناحية الاستفادة بالنظم الذكية، وكذلك أنظمة الصحة التي يمكن أن تكون أكثر ذكاءً بالاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكذلك أنظمة التعليم على كل المستويات يمكن أن تتحسن أكثر بالاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأضاف: “هناك تحول هائل في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مقارنة مع أواخر الخمسينات من القرن الماضي، فالقدرة الفائقة على تخزين وتمرير ونقل البيانات الآن أكثر مليار مرة عما كانت عليه خلال تلك الحقبة، وهو ما نراه واضحاً عبر ثورات الموبايل والانترنت اللاسلكي، وفي عدد واسع من التطبيقات، لكن بالرغم من ذلك لم تستطع هذه التكنولوجيا حتى الآن إحداث تحول لافت في مجتمعاتنا، وهو الأمر الذي يتوقع أن نشهده خلال العقدين المقبلين. وقال: “وفي الحقيقية أنا سعيد للغاية بالطموحات والخطط التي تمتلكها حكومة الإمارات، والتي تركز على الاستفادة من التكنولوجيا، والتحول إلى حكومة ومدينة ذكية، فضلاً عن خططها لتعزيز كفاءة الطاقة بالأنظمة الذكية، والاتجاه نحو التوسع في مجال الطاقة المتجددة وكذلك التعليم الذكي. وأضاف: “أعتقد أن هناك فرصاً عظيمة يمكن أن تتولد في حال حققت الإمارات أهدافها بتحويل هذه القطاعات إلى أنظمة ذكية من خلال الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، ستمكن الإمارات من أن تصبح منصة لمشاركة ونقل هذه المعرفة إلى أماكن أخرى، لاسيما وأن الجميع يتطلع للقيام بذلك لكن الإمارات كان لها السبق”. وأشار إلى أن هناك تقدماً كبيراً في اتجاه تحقيق أهداف الألفية، في معظم المجالات الرئيسية من أهداف الألفية على المستوي العالمي، فمعدلات الفقر في البلدان النامية تراجعت بأكثر 50%، وهو ما يشير إلى تحقق الهدف الأول للألفية، خاصة بالنمو السريع في أسيا، وحتى في أفريقيا التي تأتي في مرتبة أقل، هناك تقدماً في تقليل مستويات الفقر وإن لم يكن كاملًا، لهذا أعتقد أن ذلك قد يعطى الأمل لحكومات العالم بأنه يجب مواصلة هذا المسار لإنجاز الأهداف. وقال لهذا هناك اتفاق عالمي تقريباً بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على ضرورة مواصلة جهود محاربة الفقر المدقع بعيداً عن إنجاز أهداف الألفية في العام 2015، من خلال وضع مجموعة أهداف جديدة لاستدامة جهود مكافحة الفقر المدقع، التي يتوقع أن تستغرق 15 عاماً أخرى تنتهي في عام 2030، الأمر الذي سيمنح ديناميكية إضافية للمهمة التاريخية للقضاء على الفقر المدقع. الإمارات تخطو ضمن مسار واضح لترسيخ التنمية المستدامة قال جيفري ساكس المفكر الاقتصادي العالمي، حول تقرير السعادة وتسخير التكنولوجيا لتعزيز السعادة، أنه “ما من شك في أن الإمارات تتمتع بانتشار واسع للتعليم والرعاية الصحية مع تركيز الحكومة على هذه القطاعات، ما يؤكد أن حكومة الإمارات تخطو ضمن مسار واضح لترسيخ التنمية طويلة المدى”، مشيراً إلى أن كل هذا يساعد على تفسير المرتبة المتقدمة التي تتبوأها الإمارات ضمن مؤشر السعادة العالمي، حيث جاءت في المرتبة 14 عالمياً، والأولى في المنطقة ضمن 156 دولة مشمولة في التقرير، مسجلة بذلك تحسناً بلغ 3 مراتب، مقارنة بتقرير العام الماضي. وأشار البروفيسور ساكس إلى أن العديد من زعماء العالم يتحدثون عن أهمية الرخاء للأفراد كمقياس رئيسي لسعادة الإنسان، لهذا فإن تقرير السعادة العالمي 2013 يقدم أدلة قيمة تؤكد بأن المنهجية الفعالة لقياس وتحليل السعادة تساعدنا للتعرف على طرق تحسين رفاهية الإنسان وتعزيز التنمية المستدامة. وأضاف أنه بالنظر إلى الخطط التي كشفت عنها حكومة الإمارات فيما يتعلق بالمجالات السابقة، فإنها تدفع جميعها باتجاه خلق مجتمع غني بالمعلومات ومنصة للحلول والاستدامة، ونحو التأكيد على أن الدولة في سبيلها أن تصبح مركزا عالمياً للتواصل والالتقاء، وعصف الأفكار والابتكار بما يجسد حقيقة شعار “إكسبو 2020”، متوقعاً أن تواصل الإمارات تحقيق العديد من الإنجازات على صعيد الرفاهية والازدهار. وقال ساكس أن تفاؤله بفوز دبي باستضافة “إكسبو 2020” كان عالياً للغاية، خاصة بعد أن استمع واطلع على الخطط الواعدة التي تسعى دبي وشركاتها لتنفيذها في كافة القطاعات، فمجموعة “طيران الإمارات” تخطط لأن تصبح أحد أبرز المحاور العالمية الرئيسية في قطاع النقل الجوي، بما يسهل عملية سفر ملايين الزوار الراغبين في الحضور إلى المعرض. «الرينمبي» المنافس الأبرز للدولار في المستقبل أكد جيفري ساكس المفكر الاقتصادي العالمي، فيما يتعلق بمستقبل الدولار الأميركي وقدرته على الصمود في مواجهة صعود عملات عالمية أخرى جديدة، أن عملية التحول باتجاه عملة عالمية لا تحدث بسرعة، مشيراً إلى أن النظام العالمي المعتمد على الدولار مازال راسخاً بشكل عميق، على الرغم من خسارة الولايات المتحدة تدريجياً لحصتها من الاقتصاد العالمي لصالح اقتصادات عالمية أخرى، متوقعاً أن تبدأ ملامح انعكاس هذا التراجع على الدولار بنهاية العقد الحالي، عندما نشهد تراجعاً في حصة الدولار من المعاملات والعقود الدولية وانخفاض حصته كعملة احتياط عالمية. وقال أن ذلك يذكرنا بما حدث في النصف الأول من القرن العشرين، عندما كان الجنيه الإسترليني هو المسيطر على التعاملات الدولية، لكنه فقد هذه الميزة عقب فترة الكساد الكبير، تاركاً المجال للدولار الأميركي للسيطرة على سوق المعاملات الدولية منذ ذلك الحين. وتوقع أن تشكل العملة الصينية “الرينمبي” المنافس الأبرز للدولار الأميركي في المستقبل، مع تزايد صعودها كعملة تعاملات دولية في الأشهر الأخيرة، مشيراً في هذا الإطار إلى أن الصين تعد المنافس الأبرز للولايات المتحدة على صعيد المعاملات النقدية، وهو ما يعكسه التحول في مركز الجاذبية الاقتصادية العالمية من الغرب باتجاه الشرق. وأوضح أن زيادة حصة الصين في الاقتصاد العالمي لتصل إلى 14 % حالياً، مقارنة مع نسبة 2,5% في ثمانيات القرن الماضي، يشير إلى إمكانية تفوقها على الاقتصاد الأميركي الذي بدأ ينحسر لصالح صعود قوى اقتصادية أخرى تتصدرها الصين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©