الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات متعددة الجنسيات تقلص أعمالها في أوروبا

الشركات متعددة الجنسيات تقلص أعمالها في أوروبا
9 ديسمبر 2012
استثمرت الشركات العالمية متعددة الجنسيات بشدة لما يزيد على العقد في دول جنوب أوروبا عند بداية طرح اليورو الذي ساعد في دفع عجلة النمو الاقتصادي في المنطقة، إلا أن ذلك لم يعد سائداً في الوقت الراهن. وأعلنت شركة “كيمبرلي كلارك” الأميركية المتخصصة في صناعة حفاضات “هجيز” للأطفال، عن التخلي عن معظم عمليات التصنيع في أوروبا بعد سنوات من المعاناة الناتجة عن سياسات تحديد النسل وانخفاض الأسعار والمنافسة من قبل العلامات التجارية لشركات القطاع الخاص. كما تخطط كل من “ألكوا” الأميركية و”بي بي آر” الفرنسية للخروج النهائي من جنوب القارة، مع عدم التفكير في العودة في أي وقت لاحق. ويعتبر انسحاب الشركتين جزءاً من هجرة جماعية للشركات تهدد بامتصاص رؤوس الأموال والابتكارات والخبرات الإدارية، التي تحتاج إليها دول جنوب أوروبا بشدة لدعمها في مجابهة أزمة الديون والخروج من دائرة الركود. ويمثل التراجع الكبير في إنفاق المستهلك وبرامج التقشف الحكومية، الضلع الأكبر من المشكلة، حيث تعد شركة “بتزمايزر جي أم بي أتش” الألمانية خير مثال لذلك. وبعد عقد من الاستثمارات الثقيلة للشركة العاملة في صناعة مضخات الإسمنت، أرغم الضعف الاقتصادي في إيطاليا وانهيار قطاع العقارات في إسبانيا، الشركة على اتخاذ قرار بالتراجع. وقامت الشركة بإغلاق مصنع في إيطاليا وتقليص نشاط آخر في إسبانيا خلال السنوات الثلاث الماضية. وذكرت الشركة أنها ربما لن تعد إلى مستوى العمليات السابق في أوروبا. ويقول مدير الشركة التنفيذي نوربيرت سشوتس: “لا بد من توفر ثلاثة عوامل حتى يتمكن نشاطنا التجاري من النمو، زيادة عدد السكان وزيادة ثراء الدول، بالإضافة إلى امتلاك الحكومات لميزانيات سليمة، تلك العوامل التي لا يتوافر أي منها الآن وليس من المنتظر أن تكون الأوضاع أفضل خلال السنوات القليلة المقبلة”. كما سارت شركات أخرى على النهج نفسه، حيث قلصت شركة “ميرك كي جي أيه أيه” الألمانية للأدوية 20% من قوتها العاملة في إسبانيا، نظراً إلى خفض الحكومة للتعويض الضريبي الذي تقدمه لدعم الأدوية. ومن المؤكد أن مثل عمليات الإغلاق هذه، تهدد النشاطات التجارية المحلية والحكومات لسنوات عديدة مقبلة. ويرى ماركو ميوتينيلي، المتخصص في الاستثمارات الأجنبية في “جامعة بريشيا” الإيطالية، أنه بينما تشكل الشركات متعددة الجنسيات 10% من الوظائف في إيطاليا، فإنها تساهم كذلك بنحو 30% من إنفاق البلاد على عمليات البحث والتطوير. وربما يعود السبب في ذلك نسبياً، إلى أن شركات البلاد الصغيرة المملوكة للأسر ليست لها المقدرة على الإنفاق على مثل هذه العمليات. كما أن خطوات مثل تلك التي قامت بها شركة “سانوفي” للأدوية مؤخراً بإغلاق مركزها للبحوث في ميلان، ينتج عنها الكثير من الضرر، وذلك نسبة إلى أن حكومات دول جنوب أوروبا التي تفتقر إلى السيولة النقدية، ليست لديها الأموال الكافية لإعادة تدريب العاملين. وتكمن المخاطرة كما يراها المحللون، في مواجهة دول هذه المنطقة لتراجع طويل الأجل في معدل العمالة، شبيه بالذي شهده الجزء الشمالي من القارة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، عندما تعثر قطاع الفحم الذي تميز بقوته في الماضي. ويقول ماري دايرون، المحلل لدى مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” البحثية: “تميل الشركات الأجنبية للمزيد من الاستثمارات في مجال البحث والتطوير، الفجوة التي يصعب على الشركات المحلية جسرها، ما يعني إمكانية تراجع معدل النمو على المدى الطويل لهذه البلدان”. وليس من المرجح تحسن إنفاق المستهلك في المستقبل القريب، حيث تتوقع “ستاندرد آند بورز” تقلص الدخل المتاح في دول جنوب القارة خلال العام الحالي والمقبل. ويفسر ذلك بالمقارنة مع فترات الركود السابقة في أوروبا، السبب وراء رؤية العديد من الشركات لقرار إغلاق نشاطاتها بالنهائي. وخلصت “بتزمايزر جي أم بي أتش”، إلى نقل استثماراتها إلى الأسواق الناشئة مثل البرازيل وتركيا. وكانت الشركة التي استحوذت عليها “ساني للصناعات الثقيلة” الصينية هذا العام، تجني 60% من مبيعاتها قبل خمس سنوات في أوروبا، النسبة التي لا تتجاوز سوى 30% في الوقت الراهن. وذكر فيليب كينج، المتحدث باسم “فليتشر للبناء” النيوزلندية، أن الشركة انتعشت إبان فترة الطفرة العقارية التي امتدت لعقد من الزمان في إسبانيا. لكن انخفض معدل المساكن الجديدة بنحو 80% منذ 2006 بجانب الطلب، مما حدا بالشركة إغلاق مصنع الفورمايكا في مدينة بلباو، وليس من المرجح أن تعيد الشركة فتحه مرة أخرى. كما ذكرت شركة “هولسيم” السويسرية لصناعة الأسمنت والتي أغلقت أحد مصانعها وعمليات أخرى في إسبانيا قبل ثلاث سنوات، أنها بصدد تجميد العمل في مصنع لها في مدينة لوركا لمواكبة المزيد من الشح في الطلب والتراجع في سوق الأسمنت الذي ليس من المتوقع انتعاشه خلال السنوات المقبلة. ولاحظ المراقبون بوادر لضعف تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في دول جنوب القارة منذ بداية العام الحالي. وتجاوزت التدفقات النقدية لخارج إيطاليا خلال النصف الأول من 2012، حجم الأموال الداخلة إليها بنحو 1,6 مليار دولار. كما تراجعت هذه الاستثمارات في كل من البرتغال وإسبانيا واليونان وإيطاليا بنسبة قدرها 38% منذ ،2007 حيث عمد المستثمرون إلى تحويل أموالهم نحو الأسواق الناشئة، التي استوعبت خلال النصف الأول من هذا العام للمرة الأولى، نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية. وذكر المديرون الماليون لعدد من الشركات العالمية في تقرير صدر مؤخراً، أن الاستثمارات في اليونان محفوفة بمخاطر أكثر من سوريا وفي إسبانيا أكثر من مصر، بيد أنه لم تتوفر الكثير من الملاذات الاستثمارية الآمنة في أوروبا في الوقت الراهن. وحدَّت البيروقراطية السائدة في إيطاليا نسبياً من الاستثمارات الجديدة، حيث عدلت شركة ديكاثلون” الفرنسية للمعدات الرياضية عن خططها لبناء مقرها الرئيسي بالقرب من ميلان، خاصة أن محاولاتها التي امتدت ثماني سنوات، لم تفلح في الحصول على التصاريح اللازمة لبناء المصنع. وعطلت شركة “ألكوا” الأميركية نشاط أحد مصانع الألمنيوم التابع لها في إيطاليا، نظراً لتراجع أسعار الألمنيوم وارتفاع تكلفة العمالة والطاقة. ومما لا شك فيه، أن الإنتاجية والمنافسة الإيطالية تشكلان قضية غاية في الأهمية، لا سيما أن الأزمة سلطت المزيد من الضوء عليهما. نقلاً عن: «وول ستريت جورنال» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©