الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

العمالة السائبة.. أيادٍ رخيصة غير ماهرة بحاجة إلى تقنين أوضاعها

العمالة السائبة.. أيادٍ رخيصة غير ماهرة بحاجة إلى تقنين أوضاعها
9 ديسمبر 2012
يهب عمال بأزياء متباينة ويتدافعون باتجاه أي سيارة تتمهل، عارضين خدماتهم بلغة عربية ركيكة، في مشهد بات مألوفاً في شوارع معينة من أبوظبي وسط تساؤلات عن قانونية وجودهم ودور الجهات الأمنية والعمالية والتنظيمية في الدولة. ويتركز هؤلاء العمال في شارع هزاع بن زايد الأول (الدفاع) ومدينة زايد داخل العاصمة، وبعض الشوارع الداخلية في منطقة المصفح، وتتباين خدماتهم بين النقل والشحن وأعمال الصيانة بمختلف أنواعها. ويلجأ كثيرون إلى هذا الصنف من العمالة توفيراً لعناء البحث عن شركات متخصصة ورخص تكلفة هؤلاء العمال، في حين يبتعد آخرون عنهم لأسباب تتعلق بالمهارات والإتقان، فضلاً عن المساءلة القانونية والمشاكل الأمنية والاجتماعية. وفي جولة ميدانية على أماكن تجمع هؤلاء العمال، يلاحظ أن أغلبهم متواجد في الدولة منذ ثلاث إلى خمس سنوات، ومعظمهم لا ينتمون لأي شركة، ويبدأ المقابل لخدماتهم من 30 درهماً فما فوق. أما أوقات عملهم، فتكون في الصباح الباكر والظهيرة، إلا أن بعضهم يعمل ليلاً. ورفض معظم العمال الإفصاح عن مشروعية إقامتهم في الدولة، إلا أن بعضهم لاذ بالفرار لحظة ترجل شاب بالزي الإماراتي من سيارته، خشية أن يكون من “التحريات”. الداخلية حريصة أكد اللواء ناصر العُوضي المنهالي وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والإقامة والمنافذ في وزارة الداخلية حرص الوزارة على متابعة المخالفين لقانون الإقامة، والعمالة التي تعمل بدون ترخيص، وأنه بالنسبة للعمالة الموجودين بالأسواق يتم رصدهم ورصد مواقع تجمعهم، من بعدها يتم عمل حملات تفتيشية للتأكد من أوراقهم الثبوتية. وبين المنهالي أنه يتم القبض على المخالفين عند إبلاغ أي مصدر للإدارة عن وجود عمالة متجمعة في أماكن لا تتناسب مع طبيعة عملهم. ولفت إلى أن من يتم ضبطهم، تتنوع مخالفة إقاماتهم فمنها الهروب من الكفيل، والعمل لدى الغير، والعمل خلافاً للتأشيرة، وبقاء المخالف بالدولة بصورة غير شرعية. وذكر المنهالي أن وجود تجمعات العمال والتي تكون أغلبيتهم من الجنسيات الآسيوية في مكان ما يكون في بعض الأحيان بغرض التنزه. “فمشهد تجمع قرابة المائة عامل في مكان ما أيام العطلات وفي نهاية الأسبوع، يوحي بأنهم عمالة سائبة، لكنهم في الحقيقة يكونون عمالا لا يعرفون كيف يخططون للعطلة وبالتالي يقومون بالتجمع مع بعضهم بعضاً”. بدأت بالتلاشي وأضاف المنهالي أن ظاهرة العمالة السائبة بدأت بالتلاشي شيئاً فشيئاً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بسبب الحملات التي تنظمها أقسام متابعة المخالفين والأجانب على مستوى الدولة، وزيادة وعي أفراد المجتمع بخطورة هذه العمالة، التي غالباً ما تكون مخالفة لقوانين الإقامة. وأشاد المنهالي بالجهود التي تقوم بها الإدارة العامة للإقامة، لإنجاح هذه الحملات، والتي تقوم بعملها يوميا لضبط المخالفين، ومراقبة العمال عند تواجدهم في أماكن لا تتبع طبيعة أعمالهم، مؤكداً اتخاذ الإدارة الإجراءات القانونية بحق هؤلاء المخالفين وتحويل للجهات المختصة. وأعرب المنهالي عن اهتمام الإدارة بالمؤشر العام الذي يثبت عدد التأشيرات والإقامات، وعدد التأشيرات المنتهية والتي يعتبر بعدها العامل مخالفاً، وعلى ضوء هذه المعلومة تتم متابعة الشخص والسؤال عن وجوده أو هروبه والتواصل مع كفيله. وأضاف المنهالي أن الوزارة تهتم بتوعية الأفراد من مواطنين ومقيمين ومخالفين بأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذا الأمر، وأن الوزارة أطلقت في وقت سابق من هذه السنة حملة توعية إعلامية مجتمعية تحت شعار “لا للمخالفين” والتي كان هدفها زيادة الوعي بأهمية مكافحة ظاهرة مخالفي الإقامة، وضرورة الإبلاغ عنهم، ما نتج عنها مراجعة عدد كبير من المخالفين لإدارة الجوازات وتعديل أوضاعهم والقيام بالإجراءات المطلوبة منهم. حملات توعية وأعلن المنهالي عن إطلاق حملات أخرى، هدفها تنبيه الأفراد بخطورة المخالفين، وأنه على كل شخص مقيم على أرض الدولة أن يكون حريصاً، وأن يحترم القوانين والأنظمة ويلتزم بالإجراءات. ودعا المنهالي المواطنين والمقيمين وأرباب الأعمال إلى عدم إيواء وتشغيل المخالفين، مناشداً إياهم التعاون والإبلاغ عنهم في الاتصال بخدمة “ساهم” (80080)، التي تتيح للجمهور الإبلاغ والإدلاء بالمعلومات التي لديهم من دون الكشف عن هويتهم، ويتم التعامل مع المعلومات بكفاءة عالية، للتمكن من الوصول لهذه الفئة والقبض عليها. كما أن الوزارة أنشأت مركزاً في دبي يتلقى جميع الاستفسارات والبلاغات التي تخص الإقامة وما شابه ذلك. وأضاف المنهالي أن المواطنين والمقيمين يعتبرون مصدر دعم للوزارة في التصدي لهذه الظواهر السلبية، وأن على الجميع مسؤولية وطنية في الإبلاغ عنهم. وقال إن تعاون أفراد المجتمع مهم جداً، وأنه كما عاهدناكم سابقاً بالمساعدة والتواصل، وسنقوم بالتعاون وتلبية متطلبات المجتمع، والقضاء على أي ظاهرة سلبية يراها أفراد المجتمع. من جهته، أكد العميد مكتوم الشريفي مدير مديرية شرطة العاصمة تصدي المديرية للعمالة السائبة على مدار الساعة من خلال عناصر الدوريات التي تقوم بهذا العمل، مضيفاً أنه في حال ضبط مثل هذه العمالة فإنه يتم تحويلها إلى الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها. وقال إن تلك العمالة تقوم ببعض الأعمال غير المشروعة مثل خدمة غسيل السيارات وتسويق بطاقات الهاتف وتقديم خدمات أو التسويق لسلع أخرى. ودعا المواطنين والمقيمين على عدم التردد في الإبلاغ عن أي حالات للعمالة السائبة، وحثهم على الاتصال بخدمة أمان على الهاتف المجاني 8002626 أو الرقم 999، مؤكداً أهمية تعاون الأفراد في مكافحة الظاهرة والمساهمة في ضبطها. ولم يتسن لـ”الاتحاد” الحصول على إحصائية توضح عدد العمال المخالفين الذين تم القبض عليهم أو عدد الجرائم التي تورطت فيها العمالة السائبة، سواء على مستوى إمارة أبوظبي أو على مستوى الدولة. تعزيز الشراكات أكدت وزارة العمل “حرصها على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية ذات العلاقة لضبط وتنظيم سوق العمل وذلك تجسيداً لمبدأ تكامل الأدوار بين مختلف الجهات المعنية”. وأوضح محسن علي النسي مدير إدارة التفتيش بوزارة العمل في أبوظبي أن إدارة تفتيش العمل تقوم بحملات تفتيشية مشتركة مع الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب للتأكد من قانونية العمالة، وقال: “إنه في حال تم ضبط أي عامل مخالف تتم إحالته إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق صاحب العمل الذي قام بتشغيله وصاحب العمل الذي قام بتركه يعمل لدى الغير، وتصل العقوبات إلى مبلغ 50 ألف درهم حسب المادة (181) من قانون العمل”. وأشار النسي إلى دور بلدية أبوظبي في تنظيم عمل المنشآت القائمة في الإمارة والأنشطة الهامشية حيث قامت في الفترة الأخيرة بإعادة تنظيم عدد من هذه الأنشطة ونقلها إلى خارج مدينة أبوظبي، وذلك يسهم في تقليل أعداد العمالة المخالفة التي كانت تتجمع على الطرقات والأماكن العامة لممارسة بعض الأعمال بشكل غير قانوني. وأشار إلى ضرورة تضافر جهود جميع الجهات للحد من الممارسات الخاطئة. كما أكد مدير إدارة التفتيش في أبوظبي أهمية الثقافة المجتمعية ودور أفراد المجتمع في المساهمة بالتصدي لكل ما يتعلق باستخدام وتشغيل المخالفين وذلك من خلال عدم التعامل مع أي عامل مخالف الأمر الذي ينعكس بالإيجاب على المجتمع وأمنه. وعلى الرغم من أن كثيرين يلجأون إلى هؤلاء العمال، إلا أن آخرين عبروا عن استيائهم من انتشار هذه الظاهرة، على الرغم من وجود قوانين واضحة وصارمة للحد منها، واتفقوا جميعاً على مسؤولية جميع الجهات من أفراد ومؤسسات للتوعية بخطورة هذه الظاهرة، وضرورة التعاون من الأفراد للإبلاغ عن هؤلاء العمالة تحت شعار “الأمن مسؤولية الجميع”. وقال أحد سكان أبوظبي فضل أن يشار إلى اسمه بـ(س.ع) إنه يستعين بهؤلاء العمال في أداء بعض المهام التي لا تحتاج إلى مهارة، خصوصاً أن الشركات والمحال المتخصصة تطلب مبالغ كبيرة نظير نفس الخدمة التي يقدمها هذا العامل. وعبر (س.ع) عن اعتقاده بأن مسألة الخبرة والمهارة يتساوى فيها العامل المنظم بالعامل غير المنظم. وتابع: “بالنسبة للخبرة أنا وقعت في مشاكل مع عمال نظاميين، فمعظمهم يستقدمون إلى الدولة دون خبرة، ولا يخضعون لاختبارات قياس مستوى الأداء”. بيد أن (س.ع) انتقد تجمعهم على جوانب الطرق وفي الأحياء، بما قد يتسبب بمشاكل أمنية أو صحية لهم، إضافة إلى الإضرار بالمنظر العام للمدينة. وأوضح (أ.ج) أحد الزبائن الذين تواجدوا في أماكن تجمع العمال، أنه لأول مرة يتعامل مع هؤلاء العمال لاضطراره لنقل أثاث منزله القديم للجديد، وأن تكلفة النقل لجميع الأثاث بلغت 400 درهم لخمسة عمال مقارنةً بالشركات المتخصصة بنقل الأثاث التي تصل تكلفة النقل إلى الآلاف. لكن (أ.ج) رأى أن منظر العمال المتكدسة غير حضاري بالنسبة لمدينة مثل أبوظبي. وعبر (ع. القبيسي) عن قلقه من هؤلاء العمال حيث إنهم يشكلون خطراً كبيراً على ساكني المناطق لمعرفتهم قاطني المناطق وبناياتها، وقد يقومون بسرقتها في وقت لاحق، وأنه لن يتمكن من العثور عليهم لعدم وجود مقر ثابت لهم. وطالب القبيسي الجهات المعنية بالدولة بالقيام بحملات تفتيشية ومراقبة هذه العمالة، إضافة إلى تنظيم برامج توعوية للمواطنين والمقيمين، بهدف وقف التعامل مع هذه العمالة ومساعدتهم بالتخلص منهم وعدم التستر عليهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©