فقد الوسط الثقافي السوداني في الأيام الأخيرة، الروائي والقاص والشاعر محمد حسين بهنس (41 عاماً) الذي وُجد ميتاً من شدة الجوع والبرد تحت تمثال إبراهيم باشا بوسط العاصمة المصرية، حسب ما أكدته بعض المصادر الثقافية في القاهرة والخرطوم.
وتناقلت العديد من المواقع على الإنترنت صورة للكاتب الشاب وهو يتجول في شوارع القاهرة، وقد بدا في حالة صحية مزرية. وكانت صحيفة اجتماعية تصدر في الخرطوم نشرت تقريراً عن حالته قبل فترة من رحيله، جاء فيه أن صاحب رواية «راحيل»، «يعيش منذ قدومه إلى مصر داخل بنطلون وقميص واحد، ينام في شوارع القاهرة بجوار مطعم الخرطوم وتمثال إبراهيم باشا ليلاً ونهاراً، وأصبح شعره طويلاً ومبعثراً وهيئته لا تطاق..»، ودعت الصحيفة المؤسسات إلى الالتفات إلى حالة الفنان الذي عُرف مصوراً ورساماً وملحناً ومسرحياً وشاعراً غنائياً.
ظهر بهنس في الوسط الثقافي السوداني أواخر ثمانينيات القرن الماضي، ونشط عبر العديد من المنابر المحلية والغربية في تشكيل صورة الإبداع السوداني في تلك المرحلة التي شهدت العديد من التحولات على خلفية القبضة السياسية المتشددة التي فرضها نظام الإنقاذ الذي استولى على الحكم عن طريق انقلاب في يونيو 1989. وبحسب بعض المصادر، فإن الكاتب الراحل كان يعيش مع زوجته الفرنسية في باريس، ولكنه انفصل عنها بعد أن عاشا معاً خمس سنوات، وعاد إلى الخرطوم ليعلم أن والدته توفيت منذ حين؛ ففجع واهتزت نفسيته وانقطع عن الناس ودخل في حالة حزن استمرت ثلاث سنوات، وسرعان ما تفاقم وضعه النفسي إلى أن انتقل إلى القاهرة، وبقي متشرداً في شوارعها وجائعاً، ورحل منذ أسبوعين متأثراً بموجة البرد التي تعرضت لها بعض المناطق في مصر، وعثر على جثة الكاتب أخيراً في ثلاجة للموتى مجهولي الهوية، على ما ذكرت العديد من المنابر الإلكترونية السودانية.
وتذكر قصة موت بهنس بقصص عديدة لشباب سودانيين علقوا في القاهرة منذ أواسط التسعينيات، وظلوا إما متشردين في شوارعها أو موتى على أرصفتها من شدة الجوع والمرض، بعد أن فشلت خططهم في الهجرة إلى أوروبا فراراً من ضراوة الحياة الاقتصادية في الخرطوم وسعياً وراء الرزق.. والحرية!
عدد اليوم
