الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الملتقى الربيعي يتابع فعالياته المدهشة في جزيرة السمالية

الملتقى الربيعي يتابع فعالياته المدهشة في جزيرة السمالية
21 ديسمبر 2011 10:58
يواصل ملتقى السمالية الربيعي الذي يقيمه نادي تراث الإمارات في جزيرة السمالية، فعالياته المدهشة بنجاح، حيث امتلأت الجزيرة بروادها من الطلبة وهم حرصوا على تحويل عطلتهم المدرسية إلى فرصة للاستفادة من الكم المتنوع من المهارات التي يقترحها الملتقى عبر فعالياته المختلفة، وقد تنوع البرنامج بين الترفيه والتثقيف، وبين أنشطة أخرى تحفز الطالب على امتلاك أسرارها بوصفها دربا مختصرة نحو عالم الكبار وشجونه المختلفة. كرة القدم حاضرة دائماً، وهي تجد عشاقاً لها في كل الأمكنة، لعب الطلاب بذهنية محترفة، وتخطوا مرحلة الهواية حتى لم تبد عليهم أي رغبة في التساهل بشأن تطبيق قواعد اللعبة وقوانينها، ساعدهم على ذلك أن الملعب الذي يستخدمونه يتمتع بشروط نظامية من حيث المساحة وطبيعة التربة، التحكيم أيضاً كان من النوع الأصلي، حيث لا تساهل ولا تغاض عن صغائر، إنه الترفيه المقونن الذي لا يعترف بالعبث، ولعله كذلك محاولة للاستفادة من نظامية المكان سعياً وراء احترافية منشودة. على ظهور الإبل الإبل أيضاً لها مكانها بين الأنشطة، تتنوع المقاربات هنا تبعاً لخلفية المشاركين في النشاط، بعضهم سبق له أن تعامل مع هذه الكائنات المدهشة، لذلك هو بدا أقل تحفظاً حيالها، تحرر من حذر المبتدئين، وحاول جاهداً مجاراة أصحاب الباع الطويل، كان بالإمكان التنبه إلى بعض التهيب الذي يخالج حركات هؤلاء، لكن كثيرين منهم نجحوا في إخفاء إرباكهم المضمر وتمكنوا من اجتياز المرحلة بكثير من الثقة التي لم يضرها أنها كانت مصطنعة في بعض أجزائها، ما يثير الإعجاب هنا أن الإبل نفسها تبدو كما لو أنها تقدر مدى احترافية المتعاملين معها، فتراها تنصاع للواثقين بينهم، فيما تظهر قدراً من الممانعة حيال آخرين يشي سلوكهم ببعض الارتباك.. من عالم الكبار وشجونه المثيرة للاهتمام كان الطلبة على موعد مع فن الرماية، بثقة واضحة قبضت الأنامل الفتية على البنادق المذخرة، ارتمت الأجساد الغضة على فرش اسفنجية، واتخذت وضعية الرمي المتقنة، قليل من التركيز ثم تروح الطلقات تنهال على الهدف، الأيدي تحرص على ثبات غير متوقع من فتية في مقتبل التجربة، لا يصعب على المراقب هنا رصد ما للتدريب المدروس من نتائج فائقة الأثر على النفوس البشرية، حتى لو لم تكن قد استهلكت حقها المشروع من التجارب.. وللمحار مكانته في الواجهة البحرية تحلق الطلاب حول المدرب التراثي حثبور الرميثي يتعلمون منه تقنية فلق المحار التي مارسها أجدادهم طويلاً، واعتمدوا عليها في تحصيل الرزق الذي لم يسلس قياده بسهولة في أيام خلت، كان المدرب فائق البراعة في ممارسة هذه التقنية التي لا تخلو من صعوبة، ثمة محاذير يتعين على الشخص المعني اتخاذها حتى يكون بوسعه الاستفادة مما بداخل المحارة التي يكون قد بذل جهداً في الحصول عليها أيضاً، على ملامح المتحلقين كان ثمة ما يشي أن النظرية أسهل من التطبيق، وأن اتقان العملية يحتاج إلى قدر من التمرس، حتى تغدو المحارة مطواعة في أيديهم كما في أيدي الوالد حبثور. أمثولة الأسلاف في الساحة المخصصة لمجموعة الأنشطة التراثية كانت الورش تتجاور وتتنافس في استقطاب الاهتمام: واحدة خصصت لتلقين الفتية قواعد السلوك وفقاً لتراث الأجداد ومناقبيتهم.. تحدث المدرب محمد المنصوري من وحي روح الاتحاد عما كانت تشهده الحياة الماضية في هذه الربوع من تراحم وتماسك، ومشاق أيضاً، خاطب الفتية المتيقظين بثبات وجرأة، أوضح لهم أن بلادهم التي تحتل اليوم مرتبة متقدمة على مستوى دول العالم من حيث الرفاه والرغد وسعة العيش، لم تكن على هذه الحال منذ بدايتها، بل هي شهدت مخاضات عسيرة، استدعت من بُناتها بذل الكثير من الأعباء والجهود المضنية، مما يحتم على أبناء جيل اليوم أن يحافظوا على انجازات الأولين، وأن يسعوا لأن يضيفوا لها ما يضع الإمارات دوماً في مسار متواصل من الازدهار والتقدم. كان واضحاً أن الطلاب قد تلقوا الرسالة جيداً، ولعل السوية العالية من الإصغاء التي تحلوا بها شكلت دليلاً حيوياً على استيعابهم لجوهر الأمثولة التي تتلى على مسامعهم. على مقربة من الخيمة المخصصة لتلقين قواعد السلوك، كانت مجموعة من الطلاب تمارس دورها في تعلم تقنية الطهي، حيث الوليمة المعدة تعتمد على أكلة «المجبوس»، وهي من أساسيات المائدة الإماراتية التقليدية، كما يوضح لنا مدير مركز الوثبة في نادي تراث الإمارات، محمد سهيل المنصوري، الذي كان أحد المشرفين على إعداد الوليمة. يوضح المنصوري أن الهدف من التدريب على هذا النوع من فنون الطعام هو محاكاة سيرة الأولين الذين كانوا يعتمدون في معيشتهم على القنص بصورة أساسية. ويضيف: كان الرجال يذهبون إلى القنص في الصباح الباكر، وقبيل الظهر كانوا يستعدون لطبخ طعامهم فيشعلون النار بواسطة الحطب، ويجهزون الطرائد المقتنصة، ثم يأتون بالماء، ويهيئون العيش، أو الرز، لتكون طبختهم جاهزة في فترة لا تتجاوز الساعتين، عندها يجلسون لتناول الطعام، لينطلقوا بعده نحو متابعة رحلة القنص. عن الهدف من استعادة التجربة يقول المنصوري: نريد لأبنائنا أن يفهموا تجارب أسلافهم بدقة ووضوح، وأن يحاكوا يومياتهم بدقة لأن في ذلك وسيلة لاستيعاب حقيقي لجذورهم، وتحقيق الانسجام بين الماضي والحاضر، من دون هذا الأمر ستكون الأجيال الجديدة عرضة للتأثر بمعايير سلوكية غريبة عن ماضيهم، وعن حقيقتهم، الأمر الذي لا بد أن يؤثر سلباً على صدق انتمائهم.. غضب الصقور أيضاً في الخيمة المجاورة كان مدرب الصقارة سالم سويد المنصوري يدرب مجموعة من الطلاب على أساليب التعامل مع الصقور، وكيفية استيعاب سلوكها المثير للدهشة، كان الطلاب يصغون بكثير من الاهتمام إلى كلام المدرب الذي بدا وثيق الصلة بالصقور وتفاصيلها المتعددة. تحدث المنصوري عن أوليات رئيسية تتصل بكيفية التعامل مع الصقر، فاحتضانه لا بد أن يكون باليد اليسرى، وهذا شرط يستعصي تفسيره وإن كان لا بد من الالتزام به، كذلك شرح المدرب أنواع الصقور ومسمياتها: «تبع شاهين»، «جير شاهين»، «فرخ»، «قرناص»... وأذ شدد على كون الطيور صديقة للإنسان ولا يجدر به أن يخاف منها، أوضح أنه بالوسع معرفة عمر الطير اعتماداً على لون ريشه، كذلك يمكن تقدير مستوى قوته وفقاً للمقياس ذاته، فالصقر ذو اللون الفضي مثلاً أسرع من الآخر ذي اللون الأبيض مثلاً. استفاض مدرب الصقار في الشرح، وهو فعل ذلك بعدما حاصره الطلاب المتحلقون حوله بأسئلة كثيرة تتصل بسلوك الطيور، إذ بدا على الطلاب حرص واضح على معرفة الكثير عن هذه الكائنات الغامضة التي تمثل ركناً أساسياً من الموروث الإماراتي، شرح المنصوري تقنية التكويخ أي الكمين الذي ينصبه الصياد للفريسة عبر الصقور، وتوسع في الحديث عن الآلية الواجب اعتمادها لتربية صقر ماهر في القنص، مشيراً إلى أهمية أن لا يقوم القناص بنزع الطريدة من براثن الصقر بطريقة عنيفة لأن من شأن ذلك أن يجعل الشاهين يشعر بالغضب، وقد يؤدي به إلى الامتناع عن القنص، إذ أن مزاجه ليس سهل الانقياد دوماً. تجربة عملية بعد الانتهاء من الدرس النظري كان الحضور على موعد مع تجربة عملية في القنص، إذ وضع طير من طيور الحبارى في الساحة، وجرى إطلاق أحد الصقور الذي سرعان ما انقض على الطير، وعمل فيه تمزيقاً بمخالبه الحادة، لم يكن بوسع الحباري أن يقاوم، فاستسلم حيث سارع أحد المدربين لذبحه ليتحول طبقاً شهياً من الأكل الحلال.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©