الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مطالب بقيود على «الأموال الساخنة» في البورصة المصرية

مطالب بقيود على «الأموال الساخنة» في البورصة المصرية
10 ديسمبر 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - واصلت البورصة المصرية تصويتها السلبي على الأوضاع السياسية بالبلاد، عبر تداولات خاسرة للأسبوع الثاني على التوالي، بعدما تكبد رأسمالها السوقي نحو 54 مليار جنيه خلال نوفمبر الماضي. ودعا اقتصاديون وماليون إلى أهمية تدخل الجهات التنظيمية والرقابية من خلال إجراءات استثنائية للحد من المضاربات وعمليات البيع التي تقوم بها الأموال الساخنة التي تزيد من تفاقم الأوضاع. وتجاوزت معدلات الخسائر كافة توقعات المراقبين، واستمر أداء السوق متأرجحاً على وقع التطورات السياسية، وسيطرت التراجعات على مؤشرات السوق، واضطرت هيئة الرقابة المالية للتدخل المؤقت، بخفض نسبة تحرك أسعار الأسهم صعوداً وهبوطاً خلال الجلسة الواحدة من 10 إلى 5%. وفشلت جهود مؤسسات مالية محلية وإقليمية، في مقدمتها أكثر من عشرة صناديق استثمار، تابعة للبنوك العامة، في وقف تدهور المؤشرات، عبر التدخل بالشراء، خلال جلسات الهبوط الكبير، حيث لم تصمد عمليات الشراء الانتقائي للأسهم أمام موجات بيع كاسحة قادها مستثمرون أجانب، وتبعهم آلاف المستثمرين الأفراد. وتكبدت الأسهم القيادية والقطاعات الرئيسية في السوق، خسائر تاريخية أعادتها إلى مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، حيث هوى المؤشر الرئيسي للسوق “إيجي إكس 30” الأكثر تعبيراً عن حركة الأسهم، دون 5000 نقطة ليدور حول 4835 نقطة كمتوسط خلال الأسبوع الأخير. وهبط المؤشر من أعلى مستوياته قبل أسابيع قليلة، عندما اقترب من 6000 نقطة، وهو ما يشير إلى حدة التراجع الذي لحق بالبورصة المصرية، منذ تفاقم الأزمة السياسية. وتشير توقعات الخبراء والمتعاملين في البورصة المصرية، إلي استمرار موجة التراجعات خلال المدى القصير، متأثرة بغموض الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد، خصوصاً بعد صدور تصريحات من مسؤولي صندوق النقد الدولي، بإمكانية تأثر اتفاقية القرض المزمع تقديمه إلى مصر البالغ 4,8 مليار دولار، بتغيير التوقعات الاقتصادية في البلاد خلال الاثني عشر شهراً القادمة. ودفع هذا الموقف الدولي، الحكومة المصرية، إلى الإسراع بتنفيذ جانب من الإجراءات التقشفية التي اتفقت عليها مع البعثة الفنية للصندوق التي زارت مصر مؤخراً، وهي الإجراءات التي تعد جزءاً من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تعهدت به الحكومة للصندوق. وتشمل هذه الإجراءات، رفع أسعار الكهرباء الموجهة للاستهلاك المنزلي 12% والبدء في توزيع المحروقات بنظام الكوبونات اعتباراً من مطلع أبريل القادم، وغيرها من الإجراءات الهادفة إلى خفض عجز الموازنة. وتستند توقعات خبراء البورصة، إلى إمكانية استمرار تدهور أوضاعها في المدى المنظور، إلى مجموعة من العوامل المتعلقة ببنية الاقتصاد المصري، وفي مقدمتها التقارير الصادرة من جهات حكومية موثوقة، منها الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، ومركز معلومات مجلس الوزراء، والخاصة باستمرار ارتفاع معدلات التضخم والبطالة. وتشير التقارير أيضاً، إلى استمرار موجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية عالمياً، وكذلك بداية موجة صعود جديدة لأسعار النفط، الأمر الذي يمثل أعباء جديدة على الاقتصاد الكلي، ويؤثر سلباً على هوامش أرباح الشركات المسجلة والمتداولة في بورصة القاهرة. ويضاف إلى هذه العوامل، استمرار ضعف وتآكل قيمة الجنيه أمام العملات الرئيسية خلال الأيام الماضية، ما رفع أسعار المواد الخام الواردة من الخارج، وكذلك السلع تامة الصنع والموجهة إلى الاستهلاك المحلي مباشرة، ما ضاعف أعباء الشركات والمستهلكين على حد سواء. وعلى الرغم من أن قوة الاستهلاك المحلي في سوق قوامها 90 مليون مواطن، لا تزال تشكل الرافعة الرئيسية للاقتصاد المصري، فإن انخفاض معدلات الأجور، وغياب اليقين وعدم القدرة على التنبؤ المستقبلي، تحول دون دور فاعل لهذه القوى الاستهلاكية، الأمر الذي من شأنه أن يدفع قطاعات اقتصادية عديدة إلى دائرة الركود. ويؤكد خبراء سوق المال، ضرورة سرعة اتخاذ العديد من التدابير العاجلة، لوقف انهيار المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، والحيلولة دون هبوط مؤشر “إيجي إكس 30” إلى أقل من 4500 نقطة التي تمثل نقطة المقاومة الرئيسية، ذلك أن الهبوط أكثر من هذه النقطة، سوف يستلزم أشهراً طويلة من جانب المستثمرين لتعويض خسائرهم. وتشمل هذه الإجراءات خلق قوى شرائية واستثمارية جديدة في البورصة المصرية، عبر الدفع بمؤسسات حكومية لديها قدر من السيولة المالية لدخول السوق، وفي مقدمة هذه المؤسسات، هيئة التأمينات الاجتماعية وبنك الاستثمار القومي. كما تشمل هذه الإجراءات فرض ضريبة على الأموال الساخنة، التي تمثل الأداة الرئيسية للمضاربة، خصوصاً من جانب بعض صناديق “الأوف شور” المسجلة في جزر المحيط الهادي التي لعبت دوراً ملموساً في تراجع الأسعار خلال الأزمة الأخيرة للبورصة. وشكل الخروج السريع لهذه الصناديق ضغطاً على موارد النقد الأجنبي بالبلاد، عبر قيامها بتحويل صافي مبيعاتها في السوق بالدولار من خلال الجهاز المصرفي خلال فترة وجيزة، وبأرقام كبيرة تجاوزت نصف مليار دولار خلال شهر نوفمبر الماضي. ويؤكد الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد المصري الأسبق، ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية من جانب الحكومة، تجاه سوق المال خلال الفترة القادمة، حتى لا تتحول بورصة القاهرة إلى أداة ضغط على الاقتصاد المصري، بدلاً من أن تكون أداة مساندة، وذلك من خلال قيام المستثمرين الأجانب في البورصة، بتحويل أموالهم إلى الخارج. وأضاف أن هذه الإجراءات الاحترازية اتخذتها العديد من البلدان والسلطات الرقابية بها خلال أوقات الأزمات، باعتبارها نوعاً من التدخل الاستثنائي، يهدف لحماية السوق والمستثمرين، والدفاع عن مصالح الاقتصاد الوطني، وهو أمر مشروع. وقال إن هذه الإجراءات يجب أن تشمل إجراءات إدارية، مثل عدم السماح بهبوط الأسهم خلال الجلسة الواحدة عن حد معين، وكذلك إجراءات مالية، سواء بفرض ضريبة على الأرباح الناتجة عن مضاربات أو وضع مدى زمني فاصل بين تاريخ دخول الأموال الساخنة إلى السوق، وتاريخ خروجها، حيث لا تقل هذه المدة عن شهر كامل كحد أدنى. واتفق ياسر المصري نائب رئيس شركة العربي الأفريقي الدولي للأوراق المالية مع أبوعلي في أهمية حماية السوق في الأوقات الاستثنائية، خصوصاً إذا ظهر للجميع أن تراجع المؤشرات وبصورة حادة مثلما حدث في بورصة القاهرة في الأيام الماضية، يعود لأسباب سياسية بحتة، لا دخل لأداء الشركات أو مراكزها المالية فيه. وتوقع استمرار موجة التدهور في البورصة المصرية لمدى زمني طويل، إذا تواصلت لعبة الصراع السياسي بالبلاد، وحدث التراجع فيما يتعلق بعمليات الاقتراض من الخارج، لأسباب سياسية، سواء كان هذا الاقتراض من صندوق النقد أو غيره من المؤسسات المالية الدولية، ما يحتم وضع رؤية جديدة للتعامل مع مثل هذه الانهيارات المفاجئة في البورصة، حتى لا يدفع الاقتصاد الكلي ثمناً فادحاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©