الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

جونو يكشف قصور التخطيط

12 يونيو 2007 01:19
ياسين سالم: يعتبر توظيف الأموال بالشكل الصحيح من أهم مقومات نجاح أعمال التنمية خاصة في الأمور المتعلقة بالبنية التحتية والمرافق الأساسية وتشير الأرقام الى أن الدولة تصرف أكثر من 3 مليارات درهم سنوياً على قطاع الاسكان الخاص بالمواطنين بالاضافة الى مئات الملايين التي تذهب الى مشاريع الطرق· والحقيقة المرة التي وضحت للعيان أثناء وبعد إعصار ''جونو'' والذي ضرب سواحل المنطقة الشرقية خلال الأيام القليلة الماضية أن هناك عيوبا خطيرة في عمليات التخطيط واختيار مواقع انشاء المشاريع· وتجلى ذلك بشكل أوضح في منطقة سهيلة بكلباء والتي غمرتها المياه وأحاطت بها من كل جانب والغريب في الأمر أن سهيلة من المناطق الجديدة وتوجد بها مساكن لا يتجاوز عمرها 9 سنوات وهي ليست مواجهة للساحل مباشرة، إذن ماذا حصل خاصة وأن قوة الإعصار لم تكن بتلك الشدة التي ضربت الأشقاء بسلطنة عمان· السبب الرئيسي لغرق سهيلة يرجع الى أنها تقع في مكان منخفض جداً وهي تتعرض لدخول المياه حتى في أوقات المد العادي!! والسؤال كيف غاب هذا الأمر على جهابذة التخطيط وكتيبة المهندسين؟ والحقيقة أن سوء التخطيط والاختيار غير الصحيح لا يتمثل في منطقة سهيلة فقط بل هناك مناطق ومدن بكاملها وقعت في نفس الإشكال، فالاختيار السيء لمواقع انشاء المشاريع يكلف الدولة والحكومة الاتحادية والمحلية مبالغ طائلة ويضاعف من قيمة الخسائر ويساهم في تبديد الأموال وهدر الميزانية مع ضعف في المردود المتوقع في أعمال التنمية· وهذا التخطيط الحاصل في التخطيط لا يقتصر على مشاريع الاسكان وحدها بل على مشاريع الطرق والتي ينفق على صيانتها الملايين كل عام نتيجة لسوء التنفيذ والتخطيط وكذلك مباني الخدمات الأخرى من مراكز صحية ومدارس الى آخره· كما أن الإعصار أظهر حقيقة مرة أخرى وهي عدم اعطاء هذا الخطر تلك الأهمية منذ البداية والتقليل من خطورة هذا الإعصار ولولا لطف الله بعباده لوقعت كارثة لا يعلم أبعادها وأضرارها إلا الله· علينا أن نخرج من هذه الأزمات بالدروس والعبر حتى نتلافى حدوثها في المستقبل·· ومن أهم هذه الدروس هو إعادة النظر في كافة أعمال التخطيط وأن يتم وضع خطط جديدة على أسس علمية تأخذ في الاعتبار كافة الاحتمالات، وهذا يعني أنه عندما نخطط لإقامة مشروع جديد لابد وأن نضع احتمالات سقوط الأمطار وجريان الأودية وهبوب الرياح واشتداد الموج ومدى تأثير كل ذلك على المشروع وعندما تكون لديه منطقة مخفضة نقوم بأعمال ردم أولاً حتى تكون هذه المنطقة أعلى بدرجات عن سطح الماء لتلافي غمرها بالماء كما حصل بسهيلة· أما مشاريع الطرق فيجب أن نوكل أمر تنفيذها للشركات ذات الكفاءة العالية على أن تقام هذه الطرق في الأماكن المناسبة، وليس في المناطق ذات الأرضية الرخوة أو الهشة التي سرعان ما تظهر فيها التشققات والأخاديد كما هو حاصل بمعظم طرق الإمارات الشمالية· وأن الحرص بشكل جدي على سلامة البنية التحتية للدولة تبدأ من اختيار الموقع الأنسب والتخطيط السليم· أما فيما يتعلق بالتوعية فهناك فرق كبير بين زرع الرعب والقلق في قلوب الناس وبين تحذير البشر للاستعداد لوضع ما وأخذ الحيطة والحذر لمواجهة حالة طارئة قد تسبب كوارث اذا لم يتم الاستعداد لها بشكل جيد ومنظم وواع· لذلك فمن الواجب في المستقبل أن يتم التعامل مع هذه الظروف بكامل الوعي واعطاء الرأي العام الحقيقة الكاملة حتى لا تكون هناك مفاجأة غير محسوبة، فالاستعداد للشيء في مثل هذه الظروف أمر مطلوب بل في غاية الأهمية والضرورة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©