الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مفسدات الـ «فلاش باك»

مفسدات الـ «فلاش باك»
21 ديسمبر 2011 22:08
رحلة حياة. مليئة بالدروب الصعبة والاختيارات المؤلمة. الفرح نسمة شحيحة يتنفسها الجميع وسط لهيب الخوف والحرمان والقسوة. قد تبدو تفاصيل الفيلم السينمائي “كف القمر” للمخرج خالد يوسف بسيطة، ومباشرة لكنها تحمل الكثير من المعاني التي تتيح لكل مشاهد قراءة خاصة به تعكس مستواه الثقاقي والفكري وقدراته على تأمل الصورة والتقاط الرسائل التي تبعث بها شخصيات الفيلم فالمخرج صاحب خط واضح وأفلامه دائما تعبر عن رؤيته السياسية. يأتي عرض فيلم “كف القمر” بعد نحو عام من انتهاء تصويره عن قصة وسيناريو وحوار ناصر عبدالرحمن وبطولة خالد صالح ووفاء عامر وجومانه مراد وغادة عبدالرازق وصبري فواز وحسن الرداد وهيثم احمد زكي وياسر المصري وحورية فرغلي. ويتناول حياة امرأة من صعيد مصر هي “قمر” التي تجسدها وفاء عامر يقتل زوجها وتتولى تربية الأبناء الخمسة وتشعر بالخوف فتدفع بهم الى الحياة بعيدا عنها وتضع مسؤوليتهم على الشقيق الأكبر “ذكري” (خالد صالح) وتطلب منه حمايتهم والدفاع عنهم وتطالبهم بالسعي للحصول على الرزق والعودة بما يكفي لإعادة بناء البيت الذي عاشوا جميعا فيه. وتزرع في كل منهم قيم الحب والوفاء وينطلق الأبناء بكل ما حملوه من أحزان وانكسارات وبإيقاع سريع متلاحق نتابع رحلة حياة كل من الأشقاء الخمسة “ذكري” الابن الأكبر خالد صالح يقع في حب “جميلة” غادة عبدالرازق من عائلة بالقرية تناصبهم العداء وعندما يتقدم لخطبتها ترفض أسرتها ويصر أشقاؤها على إيداعها مستشفى للأمراض العقلية بعد أن عرفوا بقصة حبها لذكري. أما الاشقاء الأربعة فهم “ضاحي” (ياسر المصري) الذي علمته والدته ضرب الفأس فأصبح يعشق الفلاحة ويرتبط بها ولذلك يعمل أجيرا في أراضي الآخرين والثالث “جودة” صبري فواز الذي ظل يبحث عن طريق ولم يجد سوى المخدرات ليتحول من موزع صغير الى تاجر ومعلم له صبيانه. ويبدو الشقيق الرابع “بكر” حسن الرداد مسالما وحالما ويقبل العمل في احد محال العصير وينجذب الاخ الاصغر “يس” (هيثم أحمد زكي) الى إحدى الراقصات “صافي” (حورية فرغلي) ويترك عمله في أحد المقاهي ليصبح أحد راقصي التنورة في فرقة “صافي”. ويحاول الشقيق الأكبر “ذكري” فرض سطوته وآرائه على أشقائه ويتحمل عبء حمايتهم وإنقاذهم لكنه يفاجأ بتمردهم ورفضهم القيود التي يفرضها عليهم فهو ليس بالشخص المثالي وسلوكياته ليست فوق مستوى الشبهات واختار العمل في تجارة السلاح الى جانب أعمال المقاولات وبعد أن تزوج بحبيبته “جميلة” ونجح في إخراجها من مستشفى الأمراض العقلية يفاجأ بأن أفراد عائلة “جميلة” اختطفوا والدته “قمر” كرهينة لديهم ويضطر الى اصطحاب زوجته ليسلمها بنفسه الى أهلها ويحرر “قمر” وفي الطريق تعترف له “جميلة” بأنها تحمل بين أحشائها طفلة. انه الاختيار الصعب والانكسار الذي يصيب الشقيق الأكبر بالهزيمة ويدفعه لفرض المزيد من التسلط والسيطرة على أشقائه رغم تورطه في العديد من الأخطاء ويبدو ان المخرج أراد ان يحمل قدرا من التفاؤل وسط تلك الأحداث الميلودرامية لتجد “قمر” على فراش الموت بعد ان يتركها وترسل في طلب الأبناء الخمسة والذين لا يجمعهم سوى الموت حيث يكون مشهد النهاية هو الأمل في وحدتهم من جديد وهم يبنون معا بيت العيلة الذي تهدم وعلى كلمات فؤاد حداد طوبة حمرا وطوبة خضرا يتجمع الأشقاء. اعتمد المخرج خالد يوسف على “الفلاش باك” لسرد الأحداث وبنسبة كبيرة ربما أفقدت المشاهد متعة التسلسل والاندماج في كثير من المواقف. ورغم الجمل الحوارية الواضحة والمعاني المتكررة ظهرت لمسات خالد يوسف ورغبته في فك الرموز. وتبسيطها لتصل الرسائل الى كل المستويات الثقافية مما أصاب الشريط السينمائي بالتكرار وكأنه لا يثق بذكاء المشاهد ولم ينس مغازلة الشباك ببعض التوابل التجارية. وجاء اداء خالد صالح مميزا كعادته ورغم الجهد الذي بذلته وفاء عامر في تجسيد شخصية “قمر” خاصة وهي في مراحل عمرية متقدمة فقد أفقدها المكياج بعض المصداقية أما ياسر المصري فقد كان اداؤه المتوازن لشخصية “ضاحي” أحد عناصر المتعة وهي أول مشاركة له في السينما المصرية وظهر هيثم أحمد زكي في أفضل أدواره على الإطلاق. ويحسب لغادة عبدالرازق أداؤها البسيط التلقائي لدور صغير لا تزيد مساحته على مشاهد محدودة. وأضاف مدير التصوير رمسيس مرزوق بعدا دراميا مؤثرا من خلال توظيفه للإضاءة والظلال. وأظهر مهندس الديكور عادل المغربي براعته في العناية بتفاصيل الحياة الفقيرة التي تعيشها “قمر” وأبناؤها في بداية رحلتهم بالقاهرة. ورغم محاولات المونتيرة غادة عز الدين الحفاظ على الإيقاع المتلاحق والسريع فإن الإفراط في “الفلاش باك” كان بمثابة جرعة زائدة. وتبقى كلمات الأغاني لفؤاد حداد وجمال بخيت وألحان أحمد سعد وخالد نبيل هي قطرات الندى والوهج الذي صاحب الأحداث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©