السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: العمل والعبادة لا يفتـرقان ولا يتعارضان

العلماء: العمل والعبادة لا يفتـرقان ولا يتعارضان
24 مارس 2016 23:47
أحمد مراد (القاهرة) شدد العلماء على اهتمام الإسلام بتحقيق التوازن بين العمل والعبادة، مؤكدين أن العمل والعبادة في الإسلام لا يفترقان، ولا يتعارضان، مشيرين إلى أن الدين الحنيف جاء بمنهج شامل ومتوازن ومتكامل، تتكامل فيه العناية بالعبادة مع العناية بالعمل، فالعبادة تغذي الروح وتعمر القلب، والعمل يعمر الكون. وأوضح العلماء أن الإسلام عقيدة وشريعة، علم وعمل، عبادة ومعاملة، دعوة ودولة، دين ودنيا، حضارة وأمة، ولهذا يرفض أن ينقطع المسلم للعبادة ويترك عمله أو أن ينشغل بعمله ويتكاسل عن العبادة، فالتوازن بين العمل والعبادة مطلوب. الوسطية يؤكد الداعية الإسلامي د. سالم عبد الجليل، أن الدين الإسلامي الحنيف يوازن بين العمل والعبادة بشكل معجز، حيث يدعو أصحابه إلى التقرب إلى الله تعالى بالعبادات والطاعات المختلفة، وفي الوقت نفسه يحثهم على العمل وإتقانه، ولا يقتصر الأمر على هذا، بل إن الإسلام جعل عمارة الأرض بالعمل والإنتاج الغاية الثانية من خلق الإنسان بعد عبادة الله عز وجل. وأشار إلى أن الوسطية هي السمة الأساسية لشريعة الإسلام، ومن منطلق وسطية الدين الحنيف جاءت الدعوة إلى العبادة والعمل معاً، فالإسلام لا يأمر بالعبادة فحسب، وإنما يهتم بكل ما يعين الإنسان ويساعده في حياته اليومية، ومن هنا جاء الإسلام بمفهوم شامل ومتوازن ومتكامل، تتكامل فيه العناية بالعبادة مع العناية بالعمل، فضلاً عن عنايته بالثقافة، والرياضة، والفنون، والعلوم، فالعبادة تغذي الروح، والثقافة تغذي العقل، والرياضة تغذي الجسد، والفنون تغذي الوجدان، والعلوم تغذي الحياة، وهذا هو المفهوم الشامل والمتوازن للإسلام، كما أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. وقال د. عبد الجليل: الإسلام يدعو المسلم إلى العمل والإنتاج ليعمر الكون، ويدعوه إلى الطاعة والعبادة ليعمر قلبه ووجدانه، وبذلك يعيش المسلم في خير وسعادة، وجاء العديد من الآيات القرآنية التي تحث المسلم على أداء العمل على أكمل وجه، ومنها قول الله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، «سورة التوبة: الآية 105»، وفي هذا الشأن أيضاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده». وشدد على أن الإسلام لا يعرف الرهبنة وليس فيه دعوة إلى نكران المتع الحلال المباحة، وإنما هو دعوة صريحة للعبادة وللعمل الذي يتحقق به الإعمار الذي يعود بالخير على العالمين، موضحاً أن الإسلام منهج متكامل، فهو عقيدة وشريعة، علم وعمل، عبادة ومعاملة، ثقافة وأخلاق، حق وقوة، دعوة ودولة، دين ودنيا، حضارة وأمة، ولهذا يرفض الإسلام أن ينقطع المسلم للعبادة ويترك عمله أو أن ينشغل بعمله ويتكاسل عن العبادة، فالتوازن بينهما مطلوب، وهو قيمة إسلامية لا غنى عنها في المجتمعات الإسلامية. وأضاف د. عبد الجليل: وحتى تتوافق رسالة الدعاة مع توازن المنهج الإسلامي ووسطيته، يجب عليهم التركيز على جملة مبادئ أو معالم أو قواعد فكرية في فهمهم للإسلام وعرضهم لأصوله ومفاهيمه، وهي القواعد والمعالم التي عرف بها الدين الحنيف، وعرفت به، و نسبت إليه، وأصبحت معالم بارزة له، وأهم هذه القواعد والمعالم التوازن الذي يضعه الإسلام بين العمل والعبادة، وبهذا التوازن ينعم المسلم في دنياه وآخرته. الوجه الأمثل وأوضحت الباحثة الإسلامية د. خديجة النبراوي، أن الإسلام بقرآنه العظيم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ينوه بقيمة العمل، ويجعله قيمة سامية لا تقل شأناً عن العبادة، ويرفع الإسلام من قدر كل من يتقن عمله، ويؤديه على الوجه الأمثل. والعمل والعبادة في الإسلام لا يفترقان أبداً، ولا يتعارضان، بل إن كلاهما يستدعي الآخر ويتطلبه، لأن العبادة عمل والعمل عبادة، والعمل في لغة القرآن الكريم مقرون بالإيمان، فلا تكاد تجد آية قرآنية فيها عمل إلا مصحوبة بالإيمان، أو إيماناً إلا مصحوباً بالعمل، ومن ذلك قول الله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ...)، «سورة البقرة: الآية 25». وأضافت د. خديجة: وفي آية أخرى، جاءت الدعوة الإلهية إلى العمل بعد الانتهاء من تأدية العبادة، قال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة الجمعة: الآية 10»، وهذه الآية وغيرها من الآيات تؤكد أن للعمل في الإسلام مكانة عالية ومنزلة رفيعة، به ينال المسلم الأجر والثواب، وهو عبادة عظيمة لله وامتثال لأمره، فعن طريقه تقوم الحياة، وتعمر الأرض، وتزدهر الأوطان. ويحدث الاستقرار، بل إن الإسلام اعتبر العمل نوعاً من أنواع الجهاد في سبيل الله، فقد رأى بعض الصحابة شاباً قوياً يسرع إلى عمله، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله، فرد النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا هذا، فإنه إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان». الرزق.. والطاعة أكد د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الإسلام دين عمل وعبادة، وهو لا يقبل عبادة من دون عمل، ولا يقبل عملاً من دون عبادة، وإذا كان القرآن الكريم يتضمن عشرات الآيات التي تحث المسلم على العبادة والطاعة، فإن هناك عشرات الآيات تحث المسلم على العمل، مثل قول الله تعالى: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)، «سورة النبأ: الآية 11»، وقوله عز وجل: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، «سورة الملك: الآية 15»، مشيراً إلى أن هدف العمل في الإسلام ليس كسب المال فقط، ففضلاً عن معانيه التعبدية، فإن من غاياته تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس، وهذا يؤدي إلى التوازن النفسي على مستوى الفرد والجماعة. وشدد د. عمر هاشم على ضرورة أن ينزل المسلم في ميادين الحياة والعمل مكافحاً وعاملاً، ويسعى إلى أبواب الرزق ساعياً، ولكن قلبه معلق بالله وبعبادته وطاعته، وفكره لا يغيب عن مراقبة الله وخشيته، والالتزام بحدوده والتقيد بأوامره، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)، «سورة النور: الآية 37».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©