الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما بعد «كيم» ...حالة «عدم يقين» دبلوماسي

ما بعد «كيم» ...حالة «عدم يقين» دبلوماسي
22 ديسمبر 2011 00:30
ظلت الولايات المتحدة لشهور عدة تعمل في هدوء من أجل استئناف المباحثات مع كوريا الشمالية حول طموحاتها النووية. وخلال تلك الفترة، واصل الدبلوماسيون الأميركيون الضغط على الكوريين الشماليين من أجل تعليق نشاط بلادهم، في تخصيب اليورانيوم، مقابل التزام الولايات المتحدة باستئناف إرسال المواد الغذائية وغيرها من المساعدات الإنسانية لدولتهم التي تجاهد من أجل توفير الطعام لشعبها. ولكن يبدو أن الوفاة الفجائية لـ"كيم يونج إيل" قد أبطأت مؤقتاً من ذلك الزخم الدبلوماسي المتقطع، وهو ما يرجع لأن الدبلوماسيين الأميركيين الذين اعتادوا دوماً التعامل مع"كيم"، الذي كان يمسك بكافة خيوط القيادة في يده، باتوا غير متيقنين الآن بشأن من الذي يصدر الأوامر في سلسلة القيادة الكورية الشمالية غير الشفافة. وقد تبدّى عدم التيقن هذا في أجلى مظاهره يوم الاثنين الماضي، عندما وقفت الدبلوماسية الأميركية حائرة بشأن كيفية الاستجابة الرسمية لوفاة "كيم"، وعندما حزمت أمرها، اختارت عدم إصدار بيان تعزية رسمي لقائد مشهور بقيادته لدولة بوليسية وحشية. اكتفت وزيرة الخارجية الأميركية في تصريح لها عقب اجتماعها مع نظيرها الياباني بالحث على"إجراء فترة انتقالية مستقرة وسلمية"، وقالت أيضاً إن الولايات المتحدة، واليابان "يعربان عن أملهما في تحسين العلاقات مع شعب كوريا الشمالية ويؤكدان اهتمامهما برفاهيته". وقال مسؤولو وزارتها إنه قد تقرر تأجيل إرسال شحنة المواد الغذائية المتوقعة، والمكونة من 250 ألف طن من مواد المساعدات الإنسانية لكوريا الشمالية، التي يعتقد أن ثلاثة ملايين على الأقل من سكانها يعانون سوء التغذية. التحدي الأهم الذي يواجه واشنطن في الوقت الراهن هو كيفية كبح جماح برنامج النظام السلطوي لتطوير وإنتاج الرؤوس الحربية، بالإضافة لمراقبة ترسانته المتنامية من الصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى. يشار في هذا الصدد إلى أن الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية الأميركية أظهرت أن كوريا الشمالية تمضي قدماً في تطوير برنامجها النووي، وأنها قد أنشأت مفاعل للماء الخفيف في"يونج بيون" التي تعتبر مركزاً لهذا البرنامج. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن "كيم جونج أون" الذي تولى قيادة البلاد خلفاً لوالده سيواصل السير قدماً في البرنامج المذكور، ويقولون إنه لا يزال من المبكر الحكم على إذا ما كان الوريث الذي لم يختبر لحد كبير حتى الآن، قادرا على إجراء إصلاح سياسي، والانفتاح على الغرب. في هذا الشأن حاول"جاي كارني" المتحدث باسم البيت الأبيض التملص من سؤال وجه إليه في مؤتمر صحفي، عما إذا ما كانت وفاة "كيم"، توفر فرصة لتحسين العلاقات بين كوريا الشمالية والمجتمع الدولي؟ فقال "إن كوريا الشمالية تمر الآن بفترة حداد... والمرحلة الانتقالية بدأت تواً والمهم هنا ليس الشخصيات وإنما أفعال الحكومة وتصرفاتها". وأضاف" كارني" في معرض إجابته عن سؤال آخر حول إذا كانت هناك هموم جديدة تنتاب الولايات المتحدة بشأن المخزون النووي لكوريا الشمالية عقب وفاة "كيم" وتولي ابنه الحكم "لا اعتقد أن لدينا أي هموم إضافية غير تلك التي كانت لدينا لفترة طويلة بشأن مقاربة كوريا الشمالية للموضوعات النووية، وسنواصل الضغط عليهم حتى يمتثلوا للوفاء بالتزاماتهم وتعهداتهم الدولية في هذا الشأن". في الوقت الراهن، وإلى أن تنتهي فترة الحداد الطويلة في كوريا الشمالية على الأقل، باتت جميع المبادرات، التي كانت تتم مع نظام بيونج يانج معلقة انتظاراً لانجلاء حقيقة الأوضاع في البلاد بعد وفاة "كيم"، بما في ذلك الصفقة التي تم التوصل إليها لتعليق برنامج كوريا الشمالية، الذي اطلع عدد من العلماء الدوليين على تفاصيله العام الماضي، مقابل استئناف الولايات المتحدة لبرنامج إرسال المساعدات الغذائية الذي عُلق عام 2009، وكذلك المبادرة الخاصة باستئناف التعاون بين الجانبين من أجل إعادة رفات الجنود الأميركيين الذين قتلوا إبان الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي، والتي كانت تهدف لزرع قدر من الثقة وحسن النية في العلاقات بين البلدين. وقال مسؤولون عسكريون أميركيون إنهم لم يرصدوا أي تحركات غير مألوفة للقوات الكورية، ولا يوجد تغيير في درجة الاستعداد العسكري منذ موت كيم، ولم يتم بالتالي رفع مستوى الإنذار لدى القوات الأميركية المتمركزة في شبه الجزيرة الكورية، والتي يبلغ عديد أفرادها 30 ألف جندي. وقال الجنرال "مارتين دمبسي" رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة في تصريح صحفي إن البنتاجون "لم ترصد أي تغيير في سلوك كوريا الشمالية يمكن أن يخيفنا" وقلل دمبسي من شأن، قيام كوريا الشمالية بإطلاق صاروخين متوسطي المدى يوم الاثنين الماضي قائلا إن هذا الإطلاق كان مخططاً له قبل وفاة كيم. وعندما سئل عما إذا كان تعيين كيم جونج أون 27 عاماً خلفاً لوالده سوف يكون عامل استقرار، رد دمبسي بالقول "كل ما يمكنني قوله في هذه النقطة إنه لا يزال صغير السن على تولي أعباء مسؤولية مثل هذه". ولكن بعض المراقبين الخارجيين يقولون إن وفاة كيم لن تعني مجرد إجراء تغييرات على الشخصيات الموجودة على قمة الحكم، وإنما قد تعني تغييراً يمكن أن يوفر فرصة تاريخية لتخفيف حدة الصراع فوق شبه الجزيرة الكورية. ولكن خبراء آخرين يقولون إن اللحظة الحالية هي اللحظة التي سيتم فيها تقرير مصير أسرة"كيم"، وأن ما سيحدث تالياً اعتباراً من هذا اللحظة سوف يكون أكثر أهمية بكثير من معرفة ما إذا كان البرنامج النووي لكوريا الشمالية سيكتسب قوة زخم أم لا. بول ريتشتر - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.سي.تي انترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©