الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السوق الأميركية... وتحفيز تجارة المخدرات

22 ديسمبر 2011 00:30
انضم زعماء أميركا اللاتينية إلى بعضهم بعضاً للتنديد بالحكومة الأميركية على خلفية ازدياد عنف المخدرات في بلدانهم، حيث حمَّلوا سوق الولايات المتحدة مسؤولية تغول الكارتيلات العابرة للدول التي اغتنت وتقوت بفضل تهريب المخدرات شمالاً والأسلحة جنوباً. وإلى جانب التصريحات الرسمية، عبَّرت حكومات أميركا اللاتينية أيضاً عن امتعاض متزايد إزاء مستهلكي المخدرات الأميركيين -سواء المدمنين منهم أو المستعملين غير المدمنين الذين يستهلكونها في عطلة نهاية الأسبوع من أجل متعة عابرة غافلين عن البؤس والدمار وراء متعتهم. وفي هذا الإطار، قال رئيس جواتيمالا آلفارو كولوم في اجتماع لزعماء أميركا اللاتينية عقد الشهر الجاري بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس "إن منطقتنا تواجه تهديداً حقيقيّاً من قبل الجريمة المنظمة، ولكن البلدان المستهلكة للمخدرات لا تتحمل نصيبها من المسؤولية". وقال كولوم إن أميركا اللاتينية تدفع ثمن استهلاك المخدرات في الولايات المتحدة بـ"دمائنا، وخوفنا، وتضحيتنا البشرية". ونظراً لحقيقة أن بلدان العبور تواجه بعضاً من أعلى معدلات القتل في العالم، فإن مشاعر الإحباط كبيرة جدّاً إلى درجة أن الزعماء بدأوا يطالبون الولايات المتحدة وأوروبا ببحث إمكانية اتخاذ خطوات في اتجاه التقنين في حال لم تقوما بكبح شهيتهما للمخدرات. ففي قمة إقليمية عقدت في المكسيك هذا الشهر وحضرها زعماء 11 بلداً من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، أعلن مسؤولون أن "على السلطات في البلدان المستهلكة أن تدرس كل البدائل الممكنة للقضاء على أية أرباح قد يجنيها المجرمون، ومن ذلك ضرورة النظر في خيارات تنظيمية أو سوقية". وعبارة "الخيارات السوقية" في الواقع هي شفرة دبلوماسية في التعبير ويقصد بها عدم التجريم. والحال أن هذه الشكاوى ليست شيئاً جديداً تماماً ولكنها ملفتة على أية حال لكونها باتت ترد على كل لسان تقريباً في أميركا اللاتينية، حيث تأتي الانتقادات من رؤساء من اليسار واليمين على حد سواء، من معادين للولايات المتحدة مثل الرئيس هوجو تشافيز، ومن حلفاء لها مثل الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس، الذي تلقت بلاده قرابة 9 مليارات دولار من المساعدات لمحاربة كارتيلات المخدرات. وتدعم هذه الانتقادات شخصيات مؤثرة في المنطقة مثل الرؤساء السابقين للبرازيل وكولومبيا والمكسيك، الذين دعوا إلى تقنين الماريجوانا وإصلاح طريقة التفكير الأميركية حول حرب المخدرات التي بدأت قبل 40 عاماً وكلفت تريليون دولار حسب بعض التقديرات ولكنها لم تؤد إلى تقليص العرض والطلب. ويقول مسؤولون رفيعون في إدارة أوباما إن مشاعر الاستياء يمكن تفهمها بالنظر إلى أن بلدان الإنتاج والعبور تتحمل النصيب الأكبر من العنف، ولكنهم يرون أيضاً أن الهجمات الكلامية على الولايات المتحدة تخطئ هدفها. وفي هذا السياق، يقول ويليام براونفيلد، مساعد وزيرة الخارجية المكلف بمكتب المخدرات الدولية وشؤون فرض القانون "أرفض ما يدعيه البعض من أنه لم يتم إحراز أي تقدم" في جهود محاربة المخدرات واستهلاكها. ويقول براونفيلد "ليس ثمة موضوع واحد يحرك مشكلة المخدرات العالمية هذه"، مضيفاً "فالجميع يلعب دوراً، والجميع يتحمل جزءاً من المسؤولية". غير أنه إذا كان استعمال الكوكايين في الولايات المتحدة ربما تراجع خلال السنوات القليلة الماضية، فقد بدأ يرتفع في أوروبا وآسيا. وفي المقابل، تزداد في الولايات المتحدة كمية الميتامفيتامين والهرويين والمارجوانا التي يتم حجزها، كما وجدت أحدث الدراسات الصحية أن احتمال تدخين تلاميذ الصف العاشر الأميركيين للماريجوانا أكبر من احتمال تدخينهم للسجائر. ويقول آندرو سيلين مدير معهد المكسيك التابع لمركز وودرو ويلسون "إن أكبر تحدٍّ يواجهه العديد من بلدان أميركا اللاتينية هو تهديد الجريمة المنظمة المتزايد التي تموَّل عبر الاستهلاك الأميركي للمخدرات. هذه حقيقة لا غبار عليها!"، مضيفاً "غير أن المثير للسخرية هو أن عنف المخدرات في انخفاض بالولايات المتحدة، وبالتالي فإنه من الصعب بناء كتلة سياسية ترغب في القيام بالمزيد من أجل مساعدة أميركا اللاتينية". ويقول زعماء في أميركا اللاتينية والكاريبي، إن سوق الولايات المتحدة ليست مسؤولة فقط عن رواج الكوكايين والميتامفيتامين والهيرويين والماريجوانا التي تنتقل شمالاً، وإنما أيضاً عما هو أخطر بكثير من ذلك، ألا وهو الجزء الأكبر من الأرباح المالية والأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة التي تنتقل جنوباً. ومن أبرز منتقدي استهلاك المخدرات الأميركي الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون، الذي ينتمي إلى يمين الوسط ويعتبر حليفاً للولايات المتحدة في حرب مخدرات أسفرت عن مقتل 45 ألف شخص حتى الآن في المكسيك. وفي هذا الإطار، قال كالديرون خلال مأدبة عشاء رسمية أقامها على شرفه مجلس الأميركيتين في واشنطن في سبتمبر الماضي "إننا مجاورون لأكبر سوق مخدرات غير قانونية في العالم"، مضيفاً "إننا نعيش في البناية نفسها، وجارنا هو أكبر مستهلك للمخدرات في العالم والجميع يريد أن يبيعه المخدرات عبر بابنا ونافذتنا". غير أن الرؤساء من بوليفيا إلى المكسيك يقولون إن الحكومة الأميركية بدأت تفشل في السيطرة على تعطش البلاد للمخدرات، حتى في الوقت الذي لا يجد فيه السياسيون الأميركيون غضاضة في إلقاء الدروس والمحاضرات على دول أميركا اللاتينية حول كيفية معالجة مشاكلهم المتعلقة بالإفلات من العقاب، والفساد الرسمي، وضعف المؤسسات. ويليام بوث - مكسيكو سيتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©